< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/05/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الشرط الثاني: البلوغ

من شروط ولي الأمر هو البلوغ ومن المعلوم أن التكليف مشروط بشروط ثلاثة وهي العقل والبلوغ والقدرة فهذه هي الشروط الثلاثة الأُول في ولي أمر المسلمين في عصر الغيبة الكبرى وبالتالي يمكن اختزال الشروط الثلاثة الأُول بشرط واحد وهو شرط التكليف وهو ما أشار إليه العلّامة الحلي& في التذكرة حينما ذكر خمسة عشر شرطاً من شروط الإمامة وأوّل شرط ذكره هو التكليف إذ قال في فصل قتال أهل البغي من التذكرة يشترط في الإمام أمور أن يكون مكلفاً فإن غيره مُوَلىً عليه في خاصة نفسه فكيف يلي أمر الأمة.

إذاً أي مكلف من المكلفين لابد أن يكون بالغاً عاقلاً قادراً وقد تطرقنا في الشرط الأوّل إلى العقل ونتطرق في الشرط الثاني إلى البلوغ وأدلة البلوغ ولا داعي إلى التفصيل كثيراً في هذا المبحث إذ أنه مبحث عام سيال في جميع التكاليف الشرعية لذلك سنقتصر على بعض الأدلة التي قد تقام كأدلة أو شواهد على اشتراط البلوغ في ولي الأمر.

الدليل الأوّل: قوله® ﴿وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾[1] .

تقريب الاستدلال، إذا كان تصرف اليتيم وهو غير البالغ الذي فقد أباه في أمواله الخاصة وولاية اليتيم على أمواله الخاصة مقيدة بالبلوغ فتصرف اليتيم غير البالغ في أموال الغير وولايته على أموال الغير أولى بالتقييد ولا خصوصية لليتيم هنا بل الحكم عام لكل من لم يبلغ الحلم إلا أن هذه الآية خاصة بخصوص الأموال والولاية على الأموال الخاصة لكن قد يستدل بها على اشتراط البلوغ في أثبات الولاية على الأموال العامة بل على مطلق شؤون الولاية من باب الأولوية القطعية أو الالتزام بعدم الفصل بهذا البيان وهو أنه إذا كانت ولاية اليتيم على أمواله الخاصة مقيدة بالبلوغ فمن باب أولى قطعاً اشتراط ولاية اليتيم على الأموال العامة أو مطلق الشؤون العامة للمسلمين بالبلوغ، هذا تمام الكلام في الدليل الأوّل عن اشتراط البلوغ.

الدليل الثاني: التمسك بحديث رفع القلم الذي تطرقنا إليه حينما تطرقنا إلى اشتراط العقل وقد روي بعدة صيغ نذكر هذه الصيغة التي أوردها الشيخ الصدوق&([2] )، وقد أوردها الشيخ الحر العاملي+([3] )، الصدوق عن الحسن بن محمد السكوني عن الحضرمي عن إبراهيم بن أبي معاوية عن أبيه عن الأعمش عن ابن ضبيان قال: أُتِيَ عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها، فقال عليj: >أما علمت أن القلم يرفع عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ< ([4] ).

تقريب الاستدلال أن الصبي قد رفع عنه قلم الحساب والكتاب والتكليف حتى يحتلم ويبلغ فقبل البلوغ لا حساب عليه ولا كتاب فكيف يكلف بشأن عظيم وهو التصدي لشؤون المسلمين العامة.

الدليل الثالث: على اشتراط البلوغ التمسك بالحديث الثاني طبعاً هذا الباب الرابع من الوسائل هكذا عنونه المحدث الحر العاملي باب اشتراط التكليف بالوجوب والتحريم بالاحتلام أو الإنبات مطلقاً أو بلوغ الذكر خمسة عشر سنة والأنثى تسعة سنين واستحباب تمرين الأطفال على العبادة قبل ذلك وذكر الحر العاملي& اثني عشر رواية.

نحن نذكر روايتين من هذه الروايات الاثني عشر رواية ثالثة ذكرناها وهي رواية الصدوق في الخصال رقم 11 نذكر روايتين وهي الرواية الثانية والرواية السادسة فتكون الدليل الثالث هو الرواية الثالثة والدليل الرابع الرواية السادسة.

الدليل الثالث الرواية الثانية محمد بن يعقوب الكليني عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن حمزة بن حمران عن حمران قال: سألت أبا جعفر× قلت له متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة وتقام عليه ويؤخذ بها قال: >إذا خرج عنه اليتم وأدرك قلت فلذلك حَدٌ يعرف به فقال إذا احتلم أو بلغ خمس عشرة سنة أو أشعر أو أنبت قبل ذلك أقيمت عليه الحدود التامة وأُخذ بها وأُخذت له، قلت فالجارية متى تجب عليها الحدود التامة وتؤخذ بها ويؤخذ لها قال إن الجارية ليست مثل الغلام إن الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ودُفع إليها مالها وجاز أمرها في الشراء والبيع وأقيمت عليها الحدود التامة وأُخذ لها بها قال والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمسة عشر سنة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك<([5] ).

تقريب الاستدلال بهذه الرواية، إن الصبي والغلام يتيم لا يدرك على حد تعبير الرواية ولا يخرج عن اليتم ولا يقوى إدراكه حتى يبلغ خمسة عشر سنة وإذا تمسكنا بما ورد في ذيل الرواية والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع الخاصين به فمن باب أولى لا يجوز أمر الغلام في شؤون المسلمين العامة ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمسة عشر سنة، فمن لم يخرج من اليتم كيف يتكفل بأيتام آل محمد|، نعم خصوص النبي والإمام المعصوم لا يشترط فيه البلوغ لدليل خاص فقد ولد النبي عيسى× نبياً وقد تولى الإمام الجوادj الإمامة وهو في السنة الثامنة من عمره كما أن الإمام الحجة قد تولى الإمامة وهو في السنة الخامسة من عمره فأصغر الأئمة سناً حينما تولى الإمامة الإمام المهدي بن الحسن # ولكن لدليل خاص وأما إمامة وقيادة ولي أمر المسلمين فمشروطة بالبلوغ، هذا تمام الكلام في الدليل الثالث.

الدليل الرابع: الرواية السادسة من نفس الباب الرابع من أبواب مقدمة العبادات باب اشتراط التكليف بالبلوغ، عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر، قال سألته عن اليتيم متى ينقطع يتمه قال >إذا احتلم وعرف الأخذ والعطاء<([6] ).

تقريب الاستدلال الإمام× علق انقطاع اليتم بما إذا احتلم الصبي وعرف الأخذ والعطاء أي أنه قبل الاحتلام لا يعرف الصبي الأخذ والعطاء فإذا كان غير البالغ لا يعرف الأخذ والعطاء في شؤونه الخاصة فكيف يعرف الأخذ والعطاء في شؤون المسلمين العامة.

طبعاً نحن لم نناقش في الأسانيد لوضوح اشتراط البلوغ وإلا هذه الرواية قد يناقش في سندها بجاهلة عبد الله بن الحسن ولكن يمكن مراجعة روايات الباب الاثني عشر وغيرها فهذا من الواضحات الذي لا داعي إلى إطالة البحث فيه.

الدليل الخامس: ما جاء في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين× قال: >فعند ذلك يكون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير الخصيان<([7] ).

تقريب الاستدلال، الإمام علي× في هذا المقطع في مقام الذم وذكر ثلاث أمارات للذم وهي كون السلطان بمشورة النساء وإمارة الصبيان وتدبير وإدارة الخصيان وموطن الشاهد إمارة الصبيان فإن إمارة الصبيان وغير البالغين من الأمور المنقودة في الإسلام، نكتفي بهذه الأدلة أو الشواهد الخمسة ومن أراد المزيد يمكنه الرجوع إلى ما ذكره الفقهاء في شروط القاضي وقد ذكروا إن من شروط القاضي أن يكون بالغاً ونفس الأدلة التي ذكرت في اشتراط البلوغ في القاضي يمكن الاستفادة من أكثرها في اشتراط البلوغ في ولي الأمر هذه أدلة أو شواهد خمسة نكتفي بها على اشتراط البلوغ في ولي أمر المسلمين في عصر الغيبة الكبرى.

الشرط الثالث: القدرة

لابد أن يكون ولي الأمر قادراً مستطيعاً على القيام بالشؤون التي أوكلت إليه ويستدل على ذلك بعدة أدلة لا نطيل فيها الدليل الأوّل قوله P {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلَّا مَا آتَاهَا}([8] ).

والدليل الثاني قوله® {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا}([9] ) فهاتان الآيتان تدلان على اشتراط القدرة على الإتيان بالشيء في التكليف بالشيء وتدل الآية الثانية على اشتراط سعة النفس وقدرة النفس على الإتيان بالشيء في وجوب الإتيان بالشيء.

الدليل الثالث التمسك بقاعدة استحالة التكليف بغير المقدور وقد بحث بشكل مفصل وموسع في كتب علم الأصول فيمكن مراجعة مباحث الدليل العقلي من كفاية الأصول للآخوند الخراسانيî والحواشي على الكفاية وأبحاث الأعلام فيما يتعلق بقاعدة استحالة التكليف بغير المقدور كما يمكن مراجعة تقريرات أعلام العصر الثلاثة السيد الإمام الخمينيJ في تهذيب الأصول والسيد الخوئي+ في محاضرات في علم الأصول والسيد الشهيد الصدرâ في بحوث في علم الأصول تقريرات السيد محمود الهاشمي، فإذا رجعنا إلى هذه التقريرات الثلاثة أو حلقات الشهيد الصدر دروس في علم الأصول بحث الدليل العقلي نبحث استحالة التكليف بغير المقدور يتضح أن جميع التكاليف بشكل عام مشروطة بالقدرة على الإتيان بها.

الدليل الرابع التمسك بالملازمة ومفادها إن وجوب العدل من لوازم الولاية العامة غير القابل للانفكاك عنها وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم فإذا انتفت القدرة على تحقيق العدل انتفى الملزوم وهو ثبوت الولاية، إذاً وجوب العدل من لوازم الولاية فإذا انتفى وجوب العدل بعدم القدرة على تحقيقه وهو اللازم انتفى الملزوم وهو ثبوت الولاية العامة لغير القادر.

هذه أدلة أربعة ويوجد غيرها من النصوص والأدلة التي قد تقام على اشتراط القدرة في التكليف بشكل عام وفي ولي أمر المسلمين بشكل خاص ولا داعي لإطالة البحث فيها، إلى هنا انتهينا من بيان الأدلة على شروط التكليف العامة الثلاثة وهي البلوغ والعقل والقدرة، يقع الكلام في الشرط الرابع أو الشرط الثاني بناء على اعتبار هذه الشروط الثلاثة شرطاً واحداً وهو التكليف.

الشرط الرابع: الرشد وكمال العقل وعدم السفه

هذا الشرط يختلف عن الشرط الأوّل إذ أن المراد بالشرط الأوّل هو أصل وجود العقل الذي هو شرط في أصل ثبوت التكاليف بينما المراد بالشرط الثاني هو الرشد وكمال العقل والمراد بالرشد النضج العقلي الذي يتيح لصاحبه التصرف وفقاً للمصلحة المعروفة لدى العقلاء فكما أن من أنيط له الولاية على المال يشترط أن تكون لديه القدرة على إصلاح المال فهذا رشده المالي فكذلك الرشد المطلوب في الولاية العامة هو القدرة على إصلاح أمر الناس وتمييز ما فيه مصالحه وما فيه مفاسدهم، إذاً الرشد المطلوب في الولي أشد من الرشد المطلوب في المال بشكل خاص.

وقد يقام على اشتراط الرشد وكمال العقل وعدم السفه عدة أدلة منها:

الدليل الأوّل التمسك بالآية قال® {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}([10] ).

تقريب الاستدلال، هذه الآية وإن كان موردها هو خصوص اليتيم غير البالغ إلا أن فيها حيثية تعليلية وهي الأنس برشدهم وقد علقت جواز دفع أموال اليتيم إليه بحصول الرشد فيكون الاستدلال بهذه الآية على اشتراط الرشد بالبيان التالي، إذا كان تصرف اليتيم في أمواله الخاصة وولايته عليها قد اشترط بالرشد فمن باب أولى تصرف اليتيم غير البالغ غير الراشد في الشؤون المالية العامة للمسلمين بل في مطلق الشؤون العامة للمسلمين مشروطة بتحقق الرشد، هذا تمام الكلام في الاستدلال على الرشد بالدليل الأوّل الآية الأولى.

الدليل الثاني التمسك بقوله P {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَاماً}([11] ).

وتقريب الاستدلال بها على اشتراط الرشد في ولي الأمر كتقريب الاستدلال بها على اشتراط العقل في ولي الأمر فالعقل له مراتب فقد ينتفي بالكامل كما في المجنون وقد تنتفي بعض مراتب العقل كما في السفيه الذي لا يحسن التصرف المالي فإذا نهت الآية الكريمة عن التصرفات المالية للسفيه فمن باب أولى يوجد نهي عن التصرفات العامة للسفيه وإذا لم يجز للسفيه أن يتصرف التصرفات المالية فهو محجور عليه فمن باب أولى لا يجوز للسفيه أن يتصدى للشؤون المالية العامة بل مطلق شؤون المسلمين العامة فهو محجور عليه فيمكن أن نتمسك بهذه الآية الكريمة ونعممها لغيرها بالأولوية القطعية.

الدليل الثالث التمسك بما ورد في كتاب أمير المؤمنين× إلى مالك الأشتر إذ جاء فيه على ما في نهج البلاغة ضمن كتاب كتبه إلى أهل مصر مع مالك الأشتر حين ولاه إمارتها قال× >وإني من ضلالهم الذي هم فيه والهدى الذي أنا عليه لعلى بصيرة من نفسي ويقين من ربي وإني إلى لقاء الله لمشتاق وحسن ثوابه لمنتظر راج ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهائها وفجارها فيتخذوا مال الله دولا وعباده خولا والصالحين حربا والفاسقين حزبا فإن منهم الذي قد شرب فيكم الحرام وجلد حداً في الإسلام<([12] ).

تقريب الاستدلال، يأسف ويأسى أمير المؤمنين على تولي السفهاء شؤون الأمة ويذكر أن النتيجة ستؤول إلى اللعب ببيت المال وأن يكون متداولاً بين السفهاء والفجار وأن يتلاعب الحكّام بعباد الله P بحيث يحاربون الصالحين ويتخذون الفاسقين حزبا، ولكن قد يناقش الاستدلال بهذا الكتاب الشريف بأن المراد بالسفهاء هنا ليس من لا يحسن التصرف بل المراد به من ليس بدين بقرينة عطفه على الفجار وبقرينة تعليله بقوله× >فإن منهم الذي قد شرب فيكم الحرام وجُلد حداً في الإسلام< إلا أن الإنصاف أن عنوان السفيه عام ويمكن التمسك بالإطلاق اللفظي لهذه الرواية فهي كما تشمل الفاجر الذي ليس بدين تشمل أيضاً المسلم الذي لا يحسن التصرف ولا يحسن وضع الأمور في مواضعها.

هذا تمام الكلام في الدليل الثالث أو الشاهد الثالث لأنه قد يناقش بضعف السند والإرسال هنا.

ولكن نحن لا نطيل في هذه الأدلة لوضوح المدعى الذي لا يحتاج إلى دليل بنظرنا.

الدليل الرابع التمسك بالارتكاز العقلائي الممضى من الأئمة^ فإن المرتكز لدى العقلاء اشتراط الرشد وكمال العقل فيمن يتصدى للشؤون العامة للمسلمين بل يلزم من تصدي السفيه نقض الغرض إذ أن الغرض من زعامة المسلمين والولاية عليهم هو تشخيص مصلحتهم واتخاذ القرار الأنسب لهم وهذا لا يحصل من السفيه غير العارف بالمصالح والمفاسد.

الدليل الرابع التمسك بالأدلة الدالة على اعتبار العلم أو الأعلمية وقد مضى هذا الدليل وأيضا الارتكاز في الأدلة التي اشترطت في الشرط الأوّل العام، الدليل السادس والأخير التمسك بتقوم مفهوم الولاية بكمال العقل فلا يتحقق معنى لولاية الناس العامة بدون توفر كمال ورجحان العقل والرشد والنضج الفكري والعقلي لولي الأمر، فهناك لازم وملزوم فالولاية ملزوم والنضج العقلي والفكري لازم لها ومن دون وجود النضج العقلي لا معنى للولاية وقد مضى هذا الكلام عندما اشترطنا العقل الشرط الأوّل، نعم نذكر ملاحظتين:

الملاحظة الأولى بالنسبة إلى الشرط الأوّل وهو العقل يمكن التمسك باشتراطه بأدلة رفع القلم ولكن لا يمكن التمسك بأدلة رفع القلم على اشتراط كمال العقل وتحقق الرشد إذ أن العاقل غير الكامل وغير الراشد لا يرفع عنه القلم.

النقطة الثانية يمكن الرجوع إلى الباب الثالث من وسائل الشيعة إذ أن الحر العاملي& في الجزء الأوّل من وسائله بل في مستهل وسائل الشيعة ذكر الباب الثالث من أبواب مقدمة العبادات عنونه بهذا العنوان باب اشتراط العقل في تعلق التكليف فيمكن الرجوع إلى هذا الباب الذي ذكر فيه صاحب الوسائل تسع روايات وأيضا صاحب المستدرك& ذكر فيه أحد عشر رواية، هذه الروايات أكثرها يستفاد منه اشتراط أصل العقل فالرواية التي ذكرناها >إن أوّل ما خلق الله العقل فقال له أقبل فأقبل ثم أدبر فأدبر< موجود عدة روايات بهذا المضمون وبعض هذه الروايات يستفاد منها كمال العقل والرشد وأن الله P إنما يؤاخذ الناس على قدر عقولهم مثل الرواية الثالثة الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن علي بن يقطين عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفر× قال: >إنما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا<([13] )، الرواية الثالثة من باب اشتراط العقل في تعلّق التكليف الباب الثالث من أبواب مقدمة العبادات الشاهد هنا >إنما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا< ([14] ) فكلما ارتقى عقل الإنسان كلما اشتد حسابه وفقاً لذلك المقدار، هذا تمام الكلام في بيان الشروط الأربعة الأول لولي أمر المسلمين في عصر الغيبة الكبرى وهي العقل والبلوغ والقدرة والرشد وكمال العقل.

 


[2] () الخصال، ص119، الباب الثالث الحديث الأربعين.
[3] () وسائل الشيعة، ج1، ص50، الباب4 من أبواب مقدمة العبادات، باب اشتراط التكليف بالبلوغ، حديث 11.
[4] () الخصال، ص93.
[5] () فروع الكافي، ج7، ص197، الحديث الأوّل.
[6] () قرب الإسناد، ص284، حديث 1125.
[7] () نهج البلاغة، ج3، ص173، الحكمة 102.
[9] () نفس السورة.
[11] () نفس السورة، الآية 5.
[12] () نهج البلاغة، ص452، الكتاب62.
[13] () الكافي، ج1، ص11، الحديث 7.
[14] () وسائل الشيعة، ج1، ص22، من أبواب مقدمة العبادات، باب اشتراط العقل في تعلّق التكليف، حديث 3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo