< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرواية السابعة خمس علامات قبل قيام القائم

من الروايات التي اسُتدل بها على حرمة القيام قبل قيام القائم# ما رواه الكلينيJ عن محمد بن يحيى عن أحمد عن علي بن الحكم عن أبي أيوب الخزاز عن عمر بن حنظلة قال سمعت أبا عبد الله× يقول: >خمس علامات قبل قيام القائم الصيحة والسفياني والخسف وقتل النفس الزكية واليماني فقلت جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه قال لا<([1] ).

الباب الثالث عشر من أبواب جهاد العدو وما يناسبه، الباب الثالث عشر باب حكم خروج بالسيف قبل قيام القائم$ الحديث السابع تقريب الاستدلال بهذه الرواية، نهى الإمام× عن الخروج مع من يخرج قبل هذه العلامات الخمس الحتمية، وقد اختلف العلماء في عدد العلامات الحتمية لظهور الإمام المهدي # والقدر المتيقن منها هو العلامتان الأوليتان وهما الصيحة والسفياني، وهناك من ذهب إلى أن العلامات الحتمية لظهور الإمام الحجة $ عددها خمسة وهي ما دلت عليه هذه الرواية الصيحة والسفياني والخسف وقتل النفس الزكية واليماني، إذاً هذه الرواية قد يستدل بها على حرمة الخروج والخروج مع من خرج قبل قيام القائم#.

والتحقيق: إن هذه الرواية تبحث من ناحية السند أوّلاً والدلالة ثانياً أما السند فالسند معتبر إلى أن يصل إلى عمر بن حنظلة فلم يثبت توثيقه، نعم هناك بعض الروايات المادحة له كما جاء في الرواية جاءنا عمر بن حنظلة بخبر عنكم قال× >إذاً لا يكذب علينا<، ولكن يلزم من قبول هذه الرواية الدور لوقوع عمر بن حنظلة في سندها وتفصيل الكلام يرجع فيه إلى محله فيمكن مراجعة كتاب معجم رجال الحديث للسيد الخوئيî فقد فصل في ذلك، إذاً هذه الرواية ليست معتبرة فهي مخدوشة بعمر بن حنظلة.

وأما الدلالة فهي لا تدل على حرمة الخروج قبل قيام القائم$ فقد ذكرت الرواية خمس علامات، الأولى منها هي الصيحة والمراد بها النداء السماوي الذي يسمعه جميع الناس وجميع البشر فينادي جبرئيل× في السماء >ألا إن علياً وشيعته هم الفائزون< إلا أن إبليس ينادي في آخر النهار >ألا أن عثمان وشيعته هم الفائزون<، وقد دل على ذلك بعض الروايات منها ما في خبر الحلبي عن أبي عبد اللهj قال: >وينادي مناد من السماء أول النهار ألا أن علياً وشيعته هم الفائزون قال وينادي مناد في آخر النهار ألا أن عثمان وشيعته هم الفائزون<([2] ).

وأما المراد بالخسف وهو العلامة الثانية فهو خسف جيش السفياني بالبيداء وهي الصحراء التي تلي المدينة المنورة على طريق مكة فالإمام المنتظر# يظهر في مكة ثم يخرج إلى المدينة فيعلم به السفياني فيحرّك جيشه من الشام إلى المدينة لقتل الإمام المهدي$ فيخرج الإمام المهدي× من المدينة قاصداً مكة فيلحقه جيش السفياني لقتله وما أن يخرج من المدينة ويصل إلى الصحراء القريبة من المدينة ويلحقه جيش السفياني فإن الأرض تخسف بجيش السفياني فلا يبقى منه إلا اثنان يرجعان إلى السفياني لإخباره بما جرى كما في الروايات.

وأما قتل النفس الزكية فهو محمد ذو النفس الزكية من نسل الإمام الحسن× وهو يقتل في بيت الله بين الركن والمقام.

وأما العلامة الرابعة فهي اليماني وهو رجل صالح يخرج من اليمن ورايته أهدى الرايات لأنها راية مناصرة إذ أنه يدخل المعركة وينصر الإمام المهدي # كما أن اليماني يتلقى الأوامر من الإمام المهدي مباشرة.

وأما السفياني فهو عثمان بن عنبسة من نسل بني أمية ويخرج من ذات الأدرع بالشام وهي الآن درعا في سوريا على الحدود الأردنية، وعندنا في الروايات إن الشام يحكمها الأصهب وهي اسم من أسماء الأسد فيقوم عليه الأقرع أو الأشهم فيقتتلان مدة طويلة ولا يغلب أحدهما الآخر فيخرج السفياني ويقتلهما معاً ويحكم الشام، ويخرج السفيانيs قبل ظهور الإمام الحجة بستة شهور ويحكم تسعة شهور فمدة خروج السفيانيf إلى حكمه خمسة عشرة شهراً ويحكم حمل امرأة في الروايات يعني تسعة شهور ويقتله الإمام الحجة× في بحيرة طبريا الموجودة الآن في فلسطين المحتلة مما يطل على الأراضي اللبنانية في جنوب لبنان بالقرب من مزارع شبعا المحتلة حالياً.

ومن الملاحظ أن هذه العلامات الخمس هي علامات سنة الظهور كلها تكون في سنة ظهور الإمام الحجة# فالسفياني واليماني يظهران في سنة ظهور الإمام الحجة كما أن الصيحة وقتل النفس الزكية يكونا في سنة ظهور الإمام الحجة وكذلك الخسف بالبيداء بعد ظهور الإمام الحجة، فعلامات الظهور تقسم فهناك علامات ما قبل الظهور وهناك علامات سنة الظهور وهناك علامات يوم الظهور وهناك علامات ما بعد الظهور، فهذه العلامات كلها تقع في سنة الظهور والبحث ليس في علامات ظهور الإمام الحجة$ فله محل آخر، إلا أنه من الواضح أن هذه الرواية ناظرة إلى من يخرج ويدعي المهدوية فقد ذكرت علامات ظهور الإمام الحجة# ثم عمر بن حنظلة يسأل الإمام الصادق× جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال >لا<، وإن شكك أحد في ظهور هذه الرواية فيمن يدعي المهدوية فلا أقل إن القدر المتيقن منها هو من يخرج من أهل البيتl ولا تشمل من يخرج من غير أهل البيت ولا يقال هنا بالأولوية فموضوع هذه الرواية من يخرج من أهل البيت^، وإن قيل إن نهت عن الخروج مع من يخرج من أهل البيت¥ فمن باب أولى هي تشمل من يخرج من غير أهل البيت^.

قلنا إن المراد بالخروج هنا هو الدعاية للإمامة فلا تشمل من يخرج لكي يسلم الراية إلى الإمام الحق، إذاً هذه الرواية أجنبية عن مورد بحثنا وهو حرمة الخروج قبل قيام القائم×، هذه الرواية تنهى عن الخروج مع من يدعي الإمامة أو يدعي المهدوية أو يدعو لنفسه قبل قيام القائم# ولا تشمل من يخرج بدعوة حق داعياً إلى أئمة الهدى وإذا انتصر يسلم الراية إلى إمام الحق، إذاً الرواية السابعة مخدوشة سنداً ودلالة فلا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم¤.

الرواية الثامنة: ما أنا لهؤلاء بإمام

ما رواه محمد بن يعقوب الكليني عن حميد بن زياد عن عبيد الله بن أحمد الدهقان عن علي بن الحسن الطئطري عن محمد بن زياد عن أبان عن صباح بن سيالة عن المعلى بن خميس قال ذهبت بكتاب عبد السلام بن نعيم وسدير وكُتب غير واحد إلى أبي عبد الله× حين ظهر المسودة قبل أن يظهر ولد العباس بأنا قدرنا أن يؤل هذا الأمر إليك فما ترى قال فضرب بالكتب الأرض قال: >أوفٍ أوفٍ ما أنا لهؤلاء بإمام أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني<([3] ).

هذه الرواية الشريفة قد تطرقنا إليها وذكرناها كشاهد ثالث على الرواية الثالثة وفصلنا الحديث هناك وقلنا إن المراد بالمسودة جيش أبي مسلم الخراساني الذي كان يلبس السواد وكانت ألويته سوداء واستعان به أبو العباس السفاح في معركة الزاب الكبير التي هزم فيها أبو العباس السفاح جيش آخر خلفاء بني أمية وهو مروان بن محمد الحمار وكانت الغلبة بمعونة جيش أبي مسلم الخراساني وقد ظهر الخراساني قبل أن يظهر العباسيون بشكل ظاهر وعام وكان يرفع شعار الرضا من آل محمد إرضاء للعلويين لكي يستميلوهم في قتالهم ضد بني أمية، وقوله× >ما أنا لهؤلاء بإمام< فيه إشارة إلى أن المسودة وجيش أبي مسلم الخراساني لا يعتقدون بإمامة الإمام الصادق×، إذاً هذه الرواية ناظرة إلى واقعة خارجية في ذلك الوقت وقولهj أما يعلمون أنه إنما يقتل السفياني فيه إشارة إلى أن من يخرج مدعياً المهدوية فإن من علامته الحتمية أنه يقتل السفياني، فالإمام الحجة يظهر بعد ظهور السفياني الذي يحكم الشام فالرواية ناظرة إلى حركة قد خرجت في زمن الإمام الصادق× وهي حركة المسودة ووضح أن هذه المسودة لا تعتقد بإمامة الإمام الصادق وأئمة أهل البيت^.

والرواية تشير إلى أن بعض هؤلاء الشيعة الذين كاتبوا الإمام الصادق× قالوا قد رأينا أن يؤول الأمر إليك والإمام الصادق أخبر إخباراً غيبياً من أن الأمر لا يؤول إلى أي أحد من الأئمة إلى الإمام الحجة$، إذاً الرواية الثامنة غير تامة الدلالة على حرمة القيام قبل قيام القائم#.

الرواية التاسعة: ما رواه الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه

ما رواه الشيخ الصدوق في آخر كتاب من لا يحضره الفقيه، محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن حماد بن عمر وأنس بن محمد عن أبيه عن جعفر بن محمد عن آبائه^ في وصية النبي| لعلي× قال: >يا علي إن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك لم تنقضي أيامه<([4] )، والحديث طويل وقد قطعه صاحب الوسائل فذكر قطعة منه في الحديث الثالث من الباب الأوّل من أبواب السفر وذكر قطعة منه هنا وهو الحديث التاسع من الباب الثالث عشر من أبواب جهاد العدو وما يناسبه([5] ).

وتقريب الاستدلال إن هذه الرواية تشير إلى أن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة الملك الذي لم تنقضي أيامه فالخروج لإزالة هذا الملك الذي لم تنقضي أيامه انتحار وتهلكة ولا يجوز إلقاء النفس في التهلكة فتكون النتيجة إن الخروج لإزالة ملك لم تنقضي أيامه حرام.

والتحقيق: إن هذه الرواية يوصي فيها رسول الله| أمير المؤمنين بوصايا ويوضح فيها حقيقة وهي أن كل ملك له أيام محددة ومعدودة عند الله¨ فإذا لم تنقض هذه الأيام لا يزول ذلك الملك، وهذا لا يعني أن المسلم والمؤمن لا يعمل بتكليفه الشرعي فلو حملنا هذه الرواية على حرمة الخروج مطلقاً لشملت خروج الحسين× مع علمه بعدم انقطاع حكم بني أمية إذ مر في الروايات السابقة أن رسول الله| رأى بني أمية ينزون على منبره وقد أُخبر أن ملكهم ألف سنة فكيف يخرج الحسين× وكيف يقاتل أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان وكيف ينهض الحسن بالقتال بعد أمير المؤمنين¤ فعمل الإمام بتكليفه الشرعي وعمل المسلم بتكليفه الشرعي متوقف على توفر الشروط من توفر العدد والعدة فتوفر الشروط والقيام شيء وانقضاء الملك وعدم انقضائه شيء آخر، فهذه الرواية لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم# وإنما تدل على أن كل ملك وحكم له أمد معين فإذا انقضى الأمد يزول ذلك الملك ولو لم يحصل قيام مسلح، إذاً الرواية التاسعة غير تامة الدلالة على حرمة القيام قبل قيام القائم$.

الرواية العاشرة: ما رواه الصدوق في علل الشرائع

ما رواه الشيخ الصدوق في علل الشرائع عن محمد بن علي ماجيلويه عن علي أبن إبراهيم عن أبيه عن يحيى بن عمران الهمداني ومحمد بن إسماعيل بن بزيع جميعاً عن يونس أبن عبد الرحمن عن العيس بن القاسم قال سمعت أبا عبد الله× يقول >اتقوا الله وانظروا لأنفسكم فإن أحق من نظر لها أنتم لو كان لأحدكم نفسان فقدم إحداهما وجرب بها استقبل التوبة بالأخرى كان ولكنها نفس واحدة إذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة إن أتاكم منّا آتٍ ليدعوكم من الرضا منّا فنحن نشهدكم إنا لا نرضى إنه لا يطيعنا اليوم وهو وحده وكيف يطيعنا إذا ارتفعت الرايات والأعلام<([6] ).

وقد مضى الكلام في هذه الرواية وهي مقطع من الرواية الأولى التي ذكرناها، الرواية الأولى من الباب نقلناها عن الكافي وهذه منقولة عن الفقيه وطريقة صاحب الوسائل أنه أوّلا يبدأ بالكافي ثم الفقيه ثم التهذيب والاستبصار ثم بقية الكتب التي أضافها على الكتب الأربعة وقد نقل مما يزيد على سبعين كتاباً، وهذه الرواية رواية العلل أصرح وأوضح من الرواية الأولى رواية الكافي فهي أصرح في أنها ناظرة إلى خصوص من يخرج يدعي الأحقية ويدعي الإمامة وقد قلنا في شرحنا للرواية الأولى أن الخروج على قسمين، خروج حق وخروج باطل، وخروج الحق هو خروج إمام الحق أو من يخرج بإذن الإمام الحق ويسلم الراية إلى الإمام الحق وأما الخروج الباطل فهو خروج من لا تتوفر فيه الشرائط ويدعي الإمام لنفسه، فهذه الرواية ناظرة إلى الخروج الباطل وهي مختصة بخصوص من يخرج من أهل البيت ويدعي الإمامة لنفسه والقرينة على ذلك ما في هذه الرواية بل هذه الرواية أصرح من الرواية الأولى في أنها ناظرة إلى واقعة خارجية كما استظهرنا في الرواية الأولى وهي خروج محمد بن عبد الله المحض الذي ادعى المهدوية وادعى الإمامة، فالقرينة في هذه الرواية هي قوله× >إن أتاكم منا آت ليدعوكم إلى الرضا منّا< ([7] ) إذاً واضح أنها خاصة بخصوص من يخرج من أهل البيت ويدعو إلى الرضا من أهل البيت، الإمام يرد يقول >فنحن نشهدكم إنا لا نرضى< ([8] ) ثم الآن المقطع الآتي واضح في أنها ناظرة إلى قضية خارجية وهي قضية خروج وثورة محمد وإبراهيم ابني عبد الله المحض يقول× >إنه لا يطيعنا اليوم وهو وحده<، محمد بن عبد الله المحض هو اليوم لوحده لا يرى أحدا ما يطاوعنا، وكيف يطيعنا إذا ارتفعت الرايات والأعلام يعني إذا زحفت معه الرايات والأعلام واشتد عدده فكيف يطيعنا، إذاً هذه الرواية أجنبية عن بحثنا فهي ناظرة إلى قضية خارجية ولو رفعنا اليد عن كونها قضية خارجية وقلنا إنها قضية حقيقة فهي ناظرة إلى من يخرج من أهل البيت^ يدعي أنه الإمام الحق فهذا لا يجوز الخروج معه.

الرواية الحادية عشر: ما رواه الصدوق عن ابن يحيى

ما رواه الشيخ الصدوق([9] ) عن أحمد بن يحيى المكتب عن محمد بن يحيى الصولي عن محمد بن زيد النحوي عن ابن أبي عبدون عن أبيه عن الرضا×، هذه أوّل رواية عن الإمام الرضاj، كل الروايات المتقدمة عن الإمام الصادق والباقر وزين العابدين^ فكلها قبل ثورة الحسين بن علي شهيد فخ، هذه الرواية بعد ثورة فخ الإمام الرضا له رواية تامة رواية الباب رواية إحدى عشر ورواية أربعة عشر، الرواية أربعة عشر هي عن الرضا يسأل عن رواية للإمام الصادق× فتصير هذه الرواية الوحيدة عن الإمام الرضا¤.

عن الرضا× في حديث أنه قال للمأمون >لا تقس أخي زيداً إلى زيد بن علي فإنه كان من علماء آل محمد| غضب لله فجاهد أعدائه حتى قتل في سبيله ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر أنه سمع أباه جعفر بن محمد‘ يقول رحم الله عمي زيداً إنه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفا بما دعا إليه، لقد استشارني في خروجه فقلت أن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك إلى أن قال فقال الرضا× أن زيد بن علي لم يدعي ما ليس له بحق وإنه كان اتقى لله من ذلك إنه قال أدعوكم إلى الرضا من آل محمد|<.

هذه الرواية قد تطرقنا إليها فيما سبق حينما تطرقنا إلى الرواية الأولى التي ذكر فيها زيد الشهيد وهذه الرواية تدل على عكس المدعى فهي تدل على جواز الخروج وصحته، فإذا تمسكنا بكلام الإمام الرضا× أو بكلام الإمام الصادق× فإن هذه الرواية لا ينبغي أن تدرج في الباب الثالث عشر حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم يعني عدم الجواز بل هي تدل على الجواز.

أما ما ورد في كلام الإمام الصادق× يقول >رحم الله عمي زيداً أنه دعا إلى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفا بما دعا إليه لقد استشارني في خروجه فقلت إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك<([10] )، إن رضيت يعني أنت مخير لك أن تقوم ولك أن تقعد هناك إذن من الإمام× وما دام قد أخذ الإذن من الإمام× جاز له القيام.

وأما إن تمسكنا بالمقطع الوارد عن الإمام الرضا× إن زيد بن علي لم يدعي ما ليس له بحق وإنه كان اتقى لله من ذلك إنه قال أدعوكم إلى الرضا من آل محمد|، فهذا المقطع يدل على جواز الخروج فزيد لم يدعي ما ليس له بحق وقد دعا إلى الرضا من آل محمد، فيجوز لمن لا يدعي أن له حق ويدعو إلى الإمام المعصوم وإلى الرضا من آل محمد يجوز له القيام والخروج، إذاً هذه الرواية لا تدل على حرمة القيام قبل قيام القائم× بل هي تدل على الجواز.

الرواية الثانية عشر: ما رواه ابن إدريس في آخر السرائر

ما رواه محمد بن إدريس في آخر السرائر نقلاً من كتاب أبي عبد الله السيَّاري عن رجل قال: >ذكر بين يدي أبي عبد الله× من خرج من آل محمد|، فقال: لا زال أنا وشيعتي بخير ما خرج الخارجي من آل محمد، ولوددت أن الخارجي من آل محمد خرج وعليَّ نفقةُ عياله< ([11] ).

والتحقيق: إن هذه الرواية أوّلاً هي مرسلة من مراسيل السرائر، وثانياً لو غضضنا النظر عن إرسالها فإنها ضعيفة فقد ذكر النجاشي إن السيَّاري ضعيف فاسد المذهب مجفو الرواية وعن ابن الغضائري إنه ضعيف متهالك غالٍ منحرف، نعم رام المحدث النوري في المستدرك إثبات وثاقته بإكثار الكليني وغيره عن السيَّاري إلا أن إكثار الكليني لو بنينا على أن إكثاره أمارة الوثاقة وهو ما نبني عليه من أن إكثار الجليل من شخص أمارة وثاقته عنده إلا أن توثيق الكليني يتعارض مع تضعيف النجاشي وابن الغضائري([12] )، إذاً الرواية ضعيفة من ناحية الإرسال ومن ناحية السيَّاري.

وأما من ناحية الدلالة فهذه الرواية تدل على أن الإمام الصادق× يكون بخير وشيعته إذا خرج الخارجي من آل محمد لنزاع السلطة فتشتغل السلطة به فيكون هذا من باب اللهم اشغل الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين غانمين لذلك يقول الإمام الصادق× >ولوددت أن الخارجي من آل محمد خرج وعلي نفقة عياله<([13] )، أنا أكفي مؤنة عياله حتى يكفيني ويكفي شيعتي شر الظلمة فيشتغل الظالم به، ولو لم يفهم هذا من الرواية واقتصرنا على القدر المتيقن من نصها فإنها خاصة بخصوص الخارجي من آل محمد، فالإمام يقول >لا أزال أنا وشيعتي بخير ما خرج الخارجي من آل محمد< ([14] ) فهي دالة على خروج الخارجي من آل محمد فإذا خرج الخارجي من آل محمد من دون إذن الإمامj فهو خروج باطل فهي تدل على خروج من يدعي الإمامة.

 


[1] () الكافي، ج8، ص310، الحديث 483، وسائل الشيعة، ج15، ص52.
[2] () الكافي، ج8، ص310، الحديث 484.
[3] () روضة الكافي، ج8، ص331، الحديث 509؛ وسائل الشيعة، ج15، ص52، الرواية الثامنة من روايات الباب13 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه.
[4] () من لا يحضره الفقيه، ج4، ص254، الحديث 821.
[5] () مستدرك الوسائل، ج15 ص53.
[6] () علل الشرائع، ص577، الحديث 2، مستدرك الوسائل، ج15، ص53، الحديث 10 من الباب13 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه.
[7] () نفس المصدر.
[8] () علل الشرائع، ص577، الحديث 2.
[9] () عيون أخبار الرضا، ج1، ص248، الحديث 1.
[10] () عيون أخبار الرضا، ج1، ص248، الحديث 1.
[11] () وسائل الشيعة، ج15، ص54، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو وما يناسبه، ص54.
[12] () تنقيح المقال في علم الرجال، ج1، ص87.
[13] () وسائل الشيعة، ج15، كتاب الجهاد، أبواب جهاد العدو وما يناسبه، ص54.
[14] () نفس المصدر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo