< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/05/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرواية الرابعة: هلك المحاضير

من الباب الثالث عشر من أبواب جهاد العدو وما يناسبه، باب حكم الخروج بالسيف قبل قيام القائم×([1] )، وسند الحديث هكذا محمد بن يعقوب الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن حفص بن عاصم عن سيف التمار السند إلى هنا صحيح، عن أبي المرهف هنا تقع المشكلة، عن أبي جعفر× قال: >الغبرة على من أثارها هلك المحاصير قلت جعلت فداك وما المحاصير قال المستعجلون أما إنهم لن يردوا الأمر يعرض لهم إلى أن قال يا أبا المرهف أترى قوماً حبسوا أنفسهم على الله لا يجعل الله لهم فرجاً بلا والله ليجعلن الله لهم فرجاً< ([2] ).

هذه الرواية قد تطرق لها الشيخ المنتظري&([3] )، الغبرة أو الغُبَرَة بالضم وبفتحتين الغبار والمحضار والمحضير من الخيل وغيرها بكسر الميم هو الشديد الركض والمُجحفة بضم الميم وتقديم الجيم الداهية، فالرواية تقول >هلك المحاضير< والمراد بالمحضار الشديد الركض فيكون المقصود المستعجل وكثير العجلة، >أما إنهم لم يريدوكم بمجحفة< يعني كلما كانوا أكثر دهاء ومكروا وجاءوا بدهاء فإنهم لن ينالوا منكم.

تقريب الاستدلال بهذه الرواية، هذه الرواية تنهى عن الاستعجال لأن من يستعجل ترتد الغبرة عليه فالرواية تقول >الغبرة على من أثارها< وقد نبهت هذه الرواية إلى عاقبة المستعجل وهو الهلاك ومن الواضح عدم جواز إلقاء النفس في التهلكة فيكون الاستعجال والتحرك وإثارة الغبرة حرام شرعاً، وأما من لا يستعجل ولا يثير الغبرة فلن يناله شيء كما جاء في الرواية الشريفة، هذا تمام الكلام في تقريب الاستدلال بالرواية الرابعة من الباب.

والتحقيق: أما من ناحية السند فهذه الرواية صحيحة السند إلى ما قبل أبي المرهف ويقع الإشكال في أبي المرهف فقد عده الشيخ الطوسي+ في الكنى عده من أصحاب الإمام الباقر×([4] )، وقال المحقق المامقاني&([5] )، من فصل الكنى لم أعرف اسمه ولا حاله، إذاً الراوي المباشر لهذه الرواية مجهول فتكون الرواية ضعيفة السند، هذا تمام الكلام من ناحية سند الرواية.

وأما من ناحية الدلالة فمن الواضح أن هذه الرواية تتحدث عن واقعة خارجية وهي خروج قوم على السلطة آنذاك في زمن الإمام الباقر× ومن الواضح من خلال الرواية أن السلطة آنذاك كانت تتعقب الخارجين عليها وقد تخوف أبو المرهف من أن تناله يد السلطة وأن تتعقبه السلطات آنذاك فأراد الإمام الباقر× تقوية خاطره ورفع خوفه ببيان أن الغُبَرَة على من أثارها وأن من لم يثر الغبرة فإن السلطة لا تتعقبه وإنما يهلك من يستعجل بإثارة الغَبَرَة فمن يتحرك لأحاسيسه وعواطفه وردات فعله واستعجاله ويقدم على القيام فإنه يهلك، وأما من لم يحرك ساكناً ولم يثر الغبار فإنه لا تناله يد السلطة الغاشمة آنذاك، إذاً هذه الرواية لا تنهى عن القيام في عصر الغيبة إلى قيام القائم# بل إن أخبار التقية أيضاً لا تنهى عن القيام ولا تردع عن القيام وإنما أخبار التقية هي في مقام بيان وجوب حفظ النفس قدر الإمكان مع الاشتغال بالوظيفة الدفاعية، لذلك ورد >إن التقية جُنة المؤمن<([6] )، وورد أيضاً >التقية تُرس المؤمن<([7] )، ومن الواضح أن الجُنة يعني الوقاية والتُرس الدرع تستعمل في ميدان الحرب والجهاد مع العدو ولا تستعمل حين مبيت المؤمن في بيته كما أن العقل يحكم بوجوب حفظ النفس مع الإمكان حتى في حالة الحرب والجهاد الابتدائي أو الدفاعي.

نذكر الرواية بهذا التقريب كيف تكون واضحة، خبر أبي المرهف عن أبي جعفر× قال: >الغَبرة على من أثارها يعني من أثار الغبرة تنعكس عليه تداعياتها، هلك المحاضير يعني هلك شديد الركض قلت جعلت فداك وما المحاضير قال المستعجلون، أما أنهم لن يريدوا إلا من يعرض لهم، إنهم هذا الضمير يعود إلى من؟ هل يعود على السلطة الغاشمة آنذاك أو تعود على المحاضير؟ من الواضح أنها تعود على السلطة، أما إنهم يعني السلطة الظالمة آنذاك، لن يريدوا يعني لن يقصدوا، إلا من يعرض لهم يعني إلا من يثير الغبار ويعترض عليهم، ثم قال يا أبا المرهف أما إنهم يعني السلطة الغاشمة، لن يريدوكم بمجحفة يعني لن يقصدوكم يا أبي المرهف وأتباع أهل البيت الذين يمتثلون قول الإمام الباقر× بعدم إثارة الغبار في ذلك الوقت وعدم الحركة، إلا عرض الله® لهم بشاغل ولا يمسكم سوء، ثم نكت أبو جعفر× في الأرض ثم قال يا أبا المرهف قلت لبيك قال أترى قوماً حبسوا أنفسهم على الله© والمراد بهم هنا أئمة أهل البيت^ لا يجعل الله لهم فرجا بلا والله ليجعلن الله لهم فرجا<، إذاً بهذا التقريب تصبح الرواية أجنبية تماماً عن المدعى فالخبر ليس في مقام المنع عن القيام قبل قيام القائم#، إذاً الرواية الرابعة غير تامة الدلالة على حرمة القيام قبل قيام القائم$ فهي مخدوشة سنداً ودلالة.

 


[1] () مستدرك الوسائل، ج15، 51، باب ما يكتسب به؛ وهي أيضاً رواها ثقة الإسلام الكليني، ج8، روضة الكافي، ص273، الحديث 411.
[2] () وسائل الشيعة، ج15، ص51.
[3] () دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، ج1، ص233.
[4] () رجال الطوسي، ص142.
[5] () تنقيح المقال في علم الرجال، ج3، ص34.
[6] () مستدرك الوسائل، ج11، ص460، الباب24 من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهما، الحديث 4.
[7] () نفس المصدر، الحديث 6.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo