< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرواية الثانية: التي استدل بها على ولاية عدول المؤمنين صحيحة علي ابن رئاب

الرواية الثانية: التي استدل بها على ولاية عدول المؤمنين صحيحة علي ابن رئاب: رجل مات وبيني وبينه قرابة وترك أولاداً صغاراً أو مماليك وجواري ولم يوصي فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية ويتخذها أم ولد وما ترى في بيعهم، قال×: (إن كان لهم ولي يقوم بأمرهم باع عليهم ونظر لهم وكان مأجوراً فيهم قلت فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية ويتخذها أم ولد فقال لا بأس بذلك إذا باع عليهم القيم بأمرهم الناظر فيما يصلحهم وليس لهم أن يرجعوا فيما فعله القيم بأمرهم الناظر فيما يصلحهم) [1]

تقريب الاستدلال قد يقال إن هذه الرواية تدل على كفاية الوثاقة والأمانة فهي تشير إلى أن المهم هو رعاية مصلحة اليتيم وملاحظة غبطة اليتيم في صحة الولاية والتصرف في أموال الصغير، فقد يقال إنه بمقتضى هذه الرواية لا نشترط العدالة بوجه وعلى هذه الرواية وعلى العدالة حمل الشيخ الأنصاري+ هذه الرواية والرواية السابقة وهي صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع فكما ذهب إلى أن المراد بالمماثلة في صحيحة محمد بن إسماعيل إنما هو المماثلة في العدالة ذهب في كتابه المكاسب إلى أن المراد في هذه الرواية هو اشتراط العدالة، هذا تمام الكلام في تقريب الاستدلال بالرواية الثانية وهي صحيحة علي بن رئاب على ولاية عدول المؤمنين.

وفيه: أوّلاً، لا يخفى إن الرواية ليست بصدد بيان الأوصاف المعتبرة في القيم فالرواية ليست ناظرة إلى الأوساط والشروط المعتبرة في القيم على أموال اليتيم والصغير وإنما هي في مقام بيان جواز الشراء منه فيما إذا باع فالرواية قد فرغت عن مشروعية قيمومة الولي على أموال ولي يقوم بأمرهم باع عليهم يعني نظر لهم وكان مأجوراً فيهم فالإمام× قد فرغ عن مشروعية ولاية الولي على أموال الصغير، ثم توجه السائل بسؤال آخر فقال قلت فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية ويتخذها أم ولد فقال لا بأس بذلك إذا باع عليهم القيم بأمرهم الناظر فيما يصلحهم وليس لهم أن يرجعوا فيما فعله القيم بأمرهم الناظر فيما يصلحهم، فالرواية لا يمكن الأخذ بإطلاقها وليست ناظرة إلى أوصاف القيم على أموال الصغير واليتيم كما أن هذه الرواية تشترط رعاية المصلحة في التصرف في أموال اليتيم فلم تشترط الرواية الوثاقة أو العدالة وإنما اشترطت الأمانة وأن المدار في الأمانة هنا إنما هي رعاية غبطة اليتيم والمصلحة في التصرف في مال اليتيم فيما يرجع إليه وإلى صلاحه.

وثانياً هذه الرواية مطلقة من حيث اعتبار تعذر الوصول إلى الإمام المعصوم× فضلاً عن الفقيه الجامع للشرائط بل حكم الإمام× في الرواية بجواز تولي آحاد المسلمين على نحو الإطلاق سواء كان ذلك في زمن الإمام أو زمن الفقيه الجامع للشرائط سواء تمكن المكلف من الوصول إلى المعصوم× أو لم يتمكن وسواء تمكن من الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط أم لم يتمكن.

إذاً هذه الرواية لا تدل على ولاية عدول المؤمنين لأن المراد بولاية عدول المؤمنين ثبوت السلطنة لعدول المؤمنين في حالة تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط، وأما جعل الولاية أو جواز التصرف للمؤمن مطلقاً سواء تمكن من الوصول إلى الإمام أو الفقيه أو لم يتمكن فهذا شيء آخر وإنما هو يثبت حكماً شرعياً وهو جواز تصرف المؤمن فيما تقتضيه مصلحة مال الصبي واليتيم إذا الرواية الثانية وهي صحيحة علي بن رئاب ولا تدل على ولاية عموم المؤمنين.

الرواية الثالثة موثقة زرعة عن سماعة في رجل مات وله بنون وبنات صغار وكبار من غير وصية وله خدم ومماليك كيف يصنع الورثة لقسمة ذلك قال×: إن قام رجل ثقة قاسمهم ذلك كله فلا بأس [2]

تقريب الاستدلال قد يستدل بهذه الرواية على ولاية الثقة فضلاً عن ولاية عدول المؤمنين فالإمام× نص على مشروعية قسمة الثقة لأموال الورثة الذين فيهم صغار وكبار.

وفيه: إن المراد بالثقة هنا ليس الثقة المذكورة في كتب الرجال فالثقة في كتب الرجاليين يراد بها عدم تعمد الراوي للكذب وإن لم يكن من الشيعة الإمامية فالوثاقة في علم الرجال درجتها أدنى من العدالة إلا أن الوثاقة في الرواية هنا درجتها أعلى من العدالة فتقول الله ثقتي أي معتمدي فالمراد بالوثاقة هنا الاعتماد والاتكاء على الشخص والاطمئنان إليه في دينه وأخلاقه وأفعاله ومن هنا يقال ثقة الإسلام الكليني فقد لقب الشيخ محمد ابن يعقوب الكليني صاحب الكافي بثقة الإسلام نظراً للإيمان به في جميع أفعاله وأقواله ودينه وأخلاقه فالوثاقة في هذه الرواية يراد بها درجة أعلى من العدالة ولا يراد بها الدرجة الأدنى من العدالة التي اصطلح عليها مؤخراً في كتب الرجال هذا أوّلاً.

وثانياً الرواية مطلقة من ناحية التمكن من الوصول إلى الإمام المعصوم× أو الفقيه وعدمه فهي لا تدل على ولاية عدول المؤمنين إذ أن المراد بولاية عدول المؤمنين هي ثبوت السلطنة للمؤمنين على الشؤون العامة التي يرجع فيها إلى الفقيه فيما إذا تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع لشرائط الفتوى، إذاً الرواية الثالثة وهي موثقة زرعة عن سماعة لا تدل على ثبوت ولاية عدول المؤمنين بشكل عام.

الرواية الرابعة وهي صحيحة إسماعيل بن سعد قال سألت الرضا× عن رجل يموت بغير وصية وله وِلدٌ صغار وكبار أيحل شراء شيء من خدمه ومتاعه من غير أن يتولى القاضي بيع ذلك فإن تولاه قاض قد تراضوا به ولم يستعمله الخليفة أيطيب الشراء منه أم لا قال×: إذا كان الأكابر من ولده معه في البيع فلا بأس إذا رضي الورثة بالبيع وقام عدل في ذلك [3]

تقريب الاستدلال بهذه الرواية تدل على اشتراط العدالة في القيم فالإمام× قال فلا بأس إذا رضي الورثة بالبيع وقام عدل في ذلك مما يعني أن العدل كلامه حجة وتصرفه نافذ مما يعني ثبوت الولاية له على مال الصبي واليتيم.

وفيه: إن الرواية مطلقة من ناحية التمكن من الرجوع الى الفقيه الجامع للشرائط وعدمه والمراد بولاية عدول المؤمنين إنما هو ثبوت الولاية لهم في صورة عدم التمكن من الرجوع إلى الفقيه الجامع للشرائط أي أن المراد أن يكون المؤمن العدل قد نصّب في مثل هذا المورد كما نصب الفقيه الجامع للشرائط، فإذا تعذر الرجوع إلى الفقيه الجامع للشرائط يكون المنصوب مكانه هو عدول المؤمنين وليس المراد جواز تصرف العدل وجواز تصرف المؤمن المجرد عن النصب، فالمراد وجود طولية في عملية تنصيب الحجة فالحجة أولاً هو النبي| ومن بعده الإمام المعصوم× فإذا تعذر الوصول إلى المعصومj ثبت نصب الحجة بالنسبة إلى الفقيه الجامع للشرائط وإذا تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط تصل النوبة في الحجية إلى عدول المؤمنين وإذا فقد عدول المؤمنين تصل النوبة إلى الفساق إن كانوا ثقات فالرواية أوّلاً لا تدل على تنصيب عدول المؤمنين مقام الفقيه فلا تثبت لهم القائم مقامية بعد تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط فالرواية مطلقة من ناحية تعذر الوصول إلى الفقيه وعدمه.

وثانياً الرواية لا تثبت قيمومة المؤمن العدل على مال الصغير بل هي قد فرغت عن وجود القاضي الشرعي وإنما ذكرت العدل بالنسبة إلى خصوص القسمة فالرواية لا تدل على المدعى والأعلام الأربعة الذين سنتطرق إلى كلماتهم وهم أبو المعالي الكلباسي والسيد محسن الحكيم والسيد الإمام الخميني والسيد الخوئي هؤلاء الأعلام الأربعة لم يقبلوا هذه الروايات الخمس التي سنتطرق إليها أما بالنسبة إلى هذه الرواية الرابعة يقول السيد الإمام+ [4] ـ طبعاً هذا التعبير وهذه المناقشة تكررت منه في هذه الروايات الأربعة التي ذكرها هذه الروايات الأربعة السيد الإمام ذكر ثلاث روايات ولم يذكر الرواية الثانية صحيحة علي بن رئاب لكن هذه الروايات الأربعة ذكرها السيد الخوئي والسيد الحكيم المحقق الكلباسي، وأما السيد الحكيم زاد الرواية الخامسة والتي ستأتي وهي حسنة الكاهلي ـ يقول السيد الإمام+ وأما احتمال النصب بالنسبة إلى نفس الصغير فلا وجه له لا فيها ـ وهي أي رواية صحيحة إسماعيل بن سعد ـ ولا في غيرها من الروايات كما أنه لا ظهور لها ولا لغيرها إلا في أصل الجواز لا النصب بالنسبة إلى المال أيضاً لو كان للنصب وجه صحة بالنسبة إليه ـ بالنسبة الى العدل ـ نعم يحتمل فيها كغيرها أن يكون الجواز حكماً شرعياً وأن يكون إجازة من الإمام×، إذاً القدر المتيقن من هذه الروايات جواز التصرف لكن هل يجوز تصرف المؤمن على وجه أن يكون منصوباً من قبل الله قائماً مقام الفقيه الجامع للشرائط هذا أوّل الكلام ولم يدل الدليل عليه، إذاً الرواية الرابعة لا تدل على ولاية عموم المؤمنين.

الرواية الخامسة: التمسك بحسنة الكاهلي قلت لأبي عبد الله× إنَّا لندخل على أخ لنا في بيت أيتام ومعه خادم لهم فنقعد على بساطهم ونشرب من مائهم ويخدمنا خادمهم وربما طعمنا فيه الطعام من عند صاحبنا وفيه من طعامهم فما ترى في ذلك قال×: إن كان في دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس وإن كان فيه ضرر فلا.[5] [6]

تقريب الاستدلال بهذه الرواية، دلت الرواية على أن المدار هو رعاية مصلحة اليتيم فيجوز للمؤمن الزائر للأيتام أن يأكل من أموالهم وأن يدخل عليهم إذا كان في دخوله عليهم منفعة لهم ولم يكن فيه ضرر عليهم،

وفيه: إن الرواية ظاهرها السؤال عن تصرف الولي بالأذن لهم في الدخول إلى دار اليتيم وأكل الطعام منهم وليس في تصرفهم الابتدائي هذا أوّلاً، وثانياً هذه الرواية مطلقة من ناحية التمكن من الوصول إلى الإمام المعصومj أو الفقيه وتعذره فالرواية مطلقة فلا تدل على ولاية عموم المؤمنين، إذاً الرواية الخامسة والأخيرة لا تدل على ولاية عدول المؤمنين.

النتيجة النهائية: خلاصة النتيجة من الروايات الخمس التي قد يستدل بها على ولاية عموم المؤمنين:

أوّلاً: هذه الروايات الخمس بأجمعها معتبرة السند، نعم فيها الموثق كموثقة زرعة عن سماعة وفيها الحسن كحسنة الكاهلي وثلاث منها صحاح السند كصحيحة محمد بن إسماعيل، وصحيحة علي بن رئاب.

ثانياً: هذه الروايات الخمس بأجمعها موردها خاص وهو التصرف في مال الصغير ومال اليتيم فلا يمكن التعدي منها إلى التصرف في مال المجنون وغير ذلك مما يحتاج إلى ولاية فلابد أن نقتصر فيها على القدر المتيقن وهو موردها الخاص وهو خصوص التصرف في مال الصغير واليتيم مع وجود المصلحة والغبطة في ذلك.

ثالثاً: هذه الروايات تدل على جواز تصرف العادل أو الثقة في مال الصغير وقد استنتجنا أن المراد بالثقة درجة أعلى من العدالة فلا نقول بولاية ثقات المؤمنين بل قد يقال بولاية عدول المؤمنين إلا أننا لا نقول بها لأن الروايات دلت على خصوص جواز التصرف أي جواز تصرف عدول المؤمنين في مال الصبي إلا أن هذا التصرف ليس على نحو النيابة عن الفقيه الجامع للشرائط فلا تثبت ولاية عدول المؤمنين لأن المراد بها أنه عند تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط تثبت النيابة لعدول المؤمنين فيجوز الرجوع إلى عدول المؤمنين في كل ما يرجع فيه إلى الفقيه الجامع للشرائط عند تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط.

رابعاً: اتضح أن الأدلة التي أقيمت على ولاية الفقيه المطلقة وهي خمسة وثلاثين رواية على الأقل مما ذكرناه سابقاً تختلف عن الأدلة التي أقيمت على ولاية عدول المؤمنين وهي الروايات الخمس فقد تثبت الولاية للفقيه بشكل عام ولا تثبت الولاية لعدول المؤمنين فيما إذا دل الدليل على ثبوت ولاية الفقيه العامة أو المطلقة، وقد يحصل العكس فتثبت الولاية لعدول المؤمنين بشكل عام ولا تثبت الولاية العامة أو المطلقة للفقيه الجامع للشرائط، وقد تثبت كلتا الولايتين فيما إذا دل الدليل على ولاية الفقيه من جهة وعلى ولاية المؤمن العادل من جهة أخرى وقد لا تثبت كلتا الولايتين فيما إذا لم ينهض الدليل بإثبات ولاية الفقيه العامة ولم ينهض بإثبات ولاية عدول المؤمنين، وقد اتضح أن الصحيح عندنا هو ثبوت ولاية الفقيه العامة بمقبولة عمر بن حنظله من جهة والتوقيع الشريف الذي رواه إسحاق بن يعقوب من جهة أخرى بل اتضح ثبوت الولاية المطلقة للفقيه تمسكاً بموثقة السكوني (الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا)[7] إلا أن ولاية عدول المؤمنين بشكل عام عند تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط وكونهم يجوز لهم التصرف بالنيابة عن الفقيه لم يثبت لدينا نعم الروايات دلت على جواز تصرف المؤمن بل آحاد المسلمين وهذا حكم شرعي وهو لا يستلزم ثبوت الولاية لهم.

النقطة الخامسة: النتيجة النهائية للروايات الخمس أنها تثبت جواز تصرف آحاد المسلمين وفي بعضها عدول المؤمنين في خصوص مال الصغير واليتيم وهذا حكم شرعي لا يعني ثبوت الولاية لعدول المؤمنين بل تكون النتيجة النهائية ثبوت ولاية الفقيه العامة بل المطلقة بمقتضى أدلتها الخاصة وعدم ثبوت ولاية عدول المؤمنين بالنظر إلى أدلتها الخاصة، طبعاً لو التزم فقيه بعدم ثبوت ولاية الفقيه العامة أو المطلقة والتزم بولاية عدول المؤمنين في هذه الحالة قد يرى حجية قول الفقيه من جهة كونه عادلاً لا من جهة فقاهته لأن العادل حينئذ يقوم مقام المعصوم× لا أن الفقيه هو الذي يقوم مقام المعصوم×.

هذه خلاصة النتيجة التي توصلنا إليها من خلال النظر في الروايات الشريفة وهذه النقاط الخمسة التي ذكرت في النتيجة ذكر الكثير منها في كلمات الأعلام لذلك نذكر نص كلمات الأعلام مع رعاية التسلسل الزمني.

الكلام الأوّل للمحقق الكلباسي+ أبو المعالي له رسالة في ولاية الفقيه المتوفى سنة 1315 مولود سنة 1247 هجرية في رسالته في ولاية الفقيه مذكورة يقول:[8] وبالجملة هذا بعد أن ذكر الروايات الأربعة بل أضاف إليها التمسك بالآيات عموم الآيات ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ [9] ﴿لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى... والى آخره﴾، يقول: [10] وبالجملة فلا شيء في المقام يصلح لإفادة استقلال العادل ـ هذا المعنى الأوّل للولاية ـ ولا اشتراط إذنه في فعل غيره ـ هذا المعنى الثاني للولاية هذان الأمران ذكرا في ولاية الفقيه العامة ـ فالحق على ما يظهر مما تقدم في الفقيه ـ هذا الأمر الأول ـ

الأمر الثاني:[11] ، والمقطع الأوّل يذكر فيه دلالة الروايات على ولاية عدول المؤمنين المقطع الثاني يذكر فيه التفكيك بين دليل ولاية عموم المؤمنين وبين دليل ولاية الفقيه فقد يقبل أحدهما وينكر الآخر، يقول ثم إن ولاية عدول المؤمنين غير مبنية على ولاية الفقيه لاختلاف الدليل فلا بأس بالقول بولاية عدول المؤمنين دون ولاية الفقيه من حيث الفقاهة نعم الفقيه العدل وهو مورد القول بالولاية لا يخرج عن عدول المؤمنين ـ ثم يشير إلى الأمر الآخر وهو أن المراد هو جواز تصرف المؤمن العادل وليس المراد ثبوت النيابة للمؤمن العادل عن الحاكم الشرعي والفقيه الجامع للشرائط ـ قال ثم إن بعض أصحابنا حكم بأن جواز تصرف عدول المؤمنين بعد ثبوته من باب التكليف الوجوبي أو الندبي ـ يعني يجب على المؤمنين أو يستحب للمؤمنين القيام بذلك ـ من باب التكليف الوجوبي أو الندبي لا على وجه النيابة من حاكم الشرع فضلاً عن كونه على وجه النصب من الإمام× هذا تمام الكلام في نقل كلمات المحقق أبو المعالي الكلباسي.

المقطع الثاني للسيد محسن الحكيم+ يقول [12] ـ وقد ناقش في جميع هذه الروايات يذكر تنبيهان ـ

في الولاية:التنبيه الأوّل المتصرف يكون ولياً في قبال الحاكم أو نائباً عنه، يعني تصرف عدول المؤمنين هل هو في عرض الفقيه أو في طول الفقيه، إن قلنا إن تصرف العدل في طول الفقيه فهذه هي ولاية عدول المؤمنين يعني نيابة عن الفقيه أما تصرف المؤمن في عرض ومقابل الفقيه فهذه لا تدل على ولاية عموم المؤمنين وإنما تدل على جواز تصرف المؤمنين.يقول إنه حيث يجوز التصرف لأحد فإن كان تصرفاً خارجياً لكان المجعول تكليفاً محضاً ـ يعني لا على نحو الولاية ـ وإن كان اعتبارياً من بيع ونحوه فالمجعول يكون حكماً وضعياً وهو السلطنة على إيقاعه يعني من دون ولاية وحينئذ يكون المتصرف ولياً في قبال الحاكم أو نائباً عنه، في قبال الحاكم يعني في عرضه أو نائباً عنه يعني في طوله، وأمّا استظهار السيد الحكيم+ يقول ولا يظهر تعيين أحد المحتملين ـ هل تصرف المؤمن في عرض الفقيه أو في طوله؟ ـ ولا يظهر تعين أحد المحتملين لقصور دليل الجعل عن إفادة ذلك نعم لو كان المراد النيابة عن الحاكم الموجود ولو كان الجعل لتعذر الوصول إليه فإطلاق الروايات ينفيها، يعني ينفي النيابة عن الحاكم الموجود لأن الروايات مطلقة يجوز للمؤمن التصرف في مال الصبي مطلقاً، أمكن الوصول إلى الفقيه أو لم يمكن، إذاً الروايات مطلقة وبالتالي ظاهرها أن المؤمن لا يتصرف بناءً على النيابة عن الحاكم الشرعي.

المقطع الثالث للإمام الخميني+ يقول: [13] ثم إن مفاد الروايات المربوطة بالعدل والثقة هو التصرف في مال اليتيم بيعاً وقسمة فهل يصح إسراء الحكم إلى نفس اليتيم وإلى المجنون نفساً ومالاً وإلى الغائب والمحجور عليه الظاهر هو العدم، إذاً موردها خصوص مال اليتيم والقدر المتيقن جواز التصرف لا على نحو النصب ولا على نحو النيابة، المقطع الثاني يقول:[14] ثم إن أدلة ولاية الفقيه لا تنافي ولاية العدل أو جواز تصرفه بلا ولاية إن استندنا فيها إلى ما لا تدل إلا على جعل الولاية له كقوله| (الفقهاء أمناء الرسل أو حصون الإسلام) فإن جعل الولاية في أمر أو أمور للفقيه لا ينافي جعلها لغيره أو إجازة التصرف له.

المقطع الرابع والأخير كلام السيد الخوئي [15] ، ذكر الروايات الأربع فقط حسنة الكاهلي لم يذكرها ثم قال فتلخص من جميع ما ذكرناه أن بيع مال اليتيم يجوز لكل عدل من المسلمين أن يتولاه مع ملاحظة غبطة الصغير وإن لم يكن بإذن الإمام أو الفقيه إلا أن ذلك أمر يختص بهذا المورد وأما في غير البيع من التصرفات المالية أو التصرفات في نفس اليتيم فلابد من الاستجازة من الفقيه إن كان وإلا فعلى الترتيب المتقدم سابقاً وأما بدون الإجازة فلابد من المراجعة إلى ما يقتضيه الأصل العملي وهو يقتضي حرمة التصرف بمال الغير بدون إذنه، هذا تمام الكلام في المقطع الأوّل[16]

المقطع الثاني للسيد الخوئي قال[17] وقد تحصل من جميع ما ذكرناه الى الآن أن مقتضى الأصل عدم جواز تصرف أحد من الحاكم وعدول المؤمنين وغيرهم في أموال اليتيم ببيعها وشرائها وإجارتها ولم تثبت ولايتهم عليه كما مر فلا ينفذ شيء من تصرفاتهم، السيد الخوئي لا يرى ولاية الفقيه العامة ويرى في خصوص الأمور الحسبية ويرى جواز التصرف في القدر المتيقن، يقول وقد خرجنا عن مقتضى الأصل في بعض الموارد بالقطع برضا الشارع في التصرف في أموال اليتيم.

هذا تمام الكلام في بحث ولاية عدول المؤمنين وهو خاتمة الباب الأوّل الأدلة على إثبات ولاية الفقيه العامة أو المطلقة.

النتيجة النهائية ثبوت ولاية الفقيه العامة بل المطلقة وعدم ثبوت ولاية عدول المؤمنين عند تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط نعم يثبت جواز التصرف لعدول المؤمنين بل يثبت جواز التصرف للكافر فضلاً عن فساق المسلمين لأن الكافر مكلف بالفروع فإذا ثبت مورد اُحتيج فيه إلى التصرف ولم يوجد المعصوم× ولم يوجد الفقيه ولم يوجد عدول المؤمنين ولم يوجد الفاسق من المسلمين في هذه الحالة يجب على الكفار القيام بذلك، مثل إنقاذ الغريق فلو غرق صغير مسلم ورآه كافر وجب عليه أن ينقذه والكافر مكلف بالفروض، هذا ذكره السيد الإمام+ يقول:[18] فإن أحرز عقلاً أو بالأدلة الشرعية أن الشيء الفلاني مطلوب مطلقاً ولم يكن بنظر شخص دخالة فيه فلا إشكال في وجوبه كفاية على كل مكلف ولو كان كافراً وإذا تحقق سقط عن غيره ونظيره في التكاليف إنقاذ الغريق.

هذا تمام الكلام في خاتمة الباب الأوّل ولاية عدول المؤمنين، وبهذه الخاتمة نختم الباب الأوّل الأدلة على إثبات ولاية الفقيه العامة أو المطلقة ويقع الكلام في الباب الثاني بفصوله الثلاثة، الباب الثاني في وجوب إقامة الدولة الإسلامية إن أمكن في مختلف العصور وشروط الوالي وردت الروايات التي قد يُستدل بها على عدم مشروعية إقامة الدولة الإسلامية إذاً ستكون الفصول ثلاثة، الفصل الأوّل أدلة وجوب إقامة الدولة الإسلامية في مختلف العصور إن أمكن وهي التي ادعى فيها الضرورة فقال السيد الإمام الخميني+ إن تأسيس الحكومة الإسلامية واجب بالضرورة عقلاً وشرعاً، الفصل الثاني الشروط المعتبرة في ولي الأمر والصفات المطلوبة، الفصل الثالث مناقشة ورد الروايات التي قد يستفاد منها عدم مشروعية إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة، الباب الثاني بفصوله الثلاثة يأتي عليه الكلام في الجزء الثاني من كتابنا إن شاء الله تعالى.

 


[8] رسائل في ولاية الفقيه، الكلباسي، أبو المعالي، ج1، ص584.
[10] رسائل في ولاية الفقيه، الكلباسي، أبو المعالي، ج1، ص584.
[11] رسائل في ولاية الفقيه، الكلباسي، أبو المعالي، ج1، ص588.
[12] نهج الفقاهة، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص507.
[15] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج37، ص181.
[16] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج37، ص181 و 182.
[17] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج37، ص191.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo