< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الخاتمة

خاتمة الباب الأوّل في ولاية عدول المؤمنين، هذه المسألة تطرق إليها الشيخ الأعظم الأنصاريo في كتاب البيع بعد أن تطرق إلى ولاية الفقيه العامة وقد تطرق إليها بعد أن تطرق إلى ولاية الأب أو الجد للأب، ومن هنا سار على نهجه الفقهاء المعاصرون وكل من شرح أو حشى كتاب البيع للشيخ الأعظم الأنصاري ونشير إلى كتب أربعة بأعلام العصر قد تطرقت إلى هذا البحث:

الكتاب الأوّل نهج الفقاهة [1] للسيد محسن الحكيم& فقد تطرق إلى ولاية عدول المؤمنين، والكتاب الثاني كتاب البيع للسيد الإمام الخميني فقد تطرق إلى مسألة ولاية عدول المؤمنين[2] ، والكتاب الثالث التنقيح في شرح المكاسب للسيد أبو القاسم الخوئي+[3] ، والكتاب الرابع ولاية الفقيه للمحقق أبو المعالي الكلباسي[4]

هذا البحث ولاية عدول المؤمنين خلاصته، لو فقد الفقيه أو لم يمكن الوصول إلى الفقيه أو الاستجازة منه فلا إشكال في جواز بعض التصرفات لعدول المؤمنين لكن يقع الكلام في حدود هذه التصرفات الجائزة وفي كون العادل حينئذ ولي كالفقيه أو لا، وبعبارة أخرى هل تثبت الولاية والسلطنة لعدول المؤمنين أم يثبت لهم فقط جواز التصرف؟ ولا شك ولا ريب أن هذا البحث يتأثر بالمبنى المتخذ في مسألة ولاية الفقيه، فهل يقول الفقيه بالولاية من جهة الحسبة أم يقول بالولاية من جهة قيام الدليل الخاص على ثبوت ولاية الفقيه العامة، فلو قال الفقيه بصلاحية الفقيه لإدارة الشؤون العامة من جهة الحسبة لا من جهة ثبوت الولاية العامة أو المطلقة بالدليل الخاص فمن الواضح حينئذ أن دليل الحسبة إنما يثبت للفقيه جواز التصرف ولربما يقتصر البعض كالسيد الخوئي+ على القدر المتيقن فإذا قال السيد الخوئي& بجواز التصرف في خصوص القدر المتيقن في الأمور الحسبية التي لا يرضى الشارع بإهمالها فإذا لم يثبت الولاية للفقيه فمن باب أولى لا يثبت الولاية لعدول المؤمنين وإنما يثبت لهم جواز التصرف في خصوص القدر المتيقن فيكون المراد من ولاية عدول المؤمنين نفوذ تصرفاتهم وجواز تصرفهم لا ثبوت السلطنة لهم.مسألة ولاية عدول المؤمنين فيها خلاف فهناك من يثبت الولاية لعدول المؤمنين وهناك من ينفيها، مقتضى التحقيق في المسألة الكلام في مقامين:

المقام الأوّل في مقتضى الأصل العملي.

المقام الثاني في مقتضى الدليل الخاص الروائي اللفظي الذي قد يستدل به على ولاية عموم المؤمنين.

أما بالنسبة إلى مقتضى الأصل العملي توجد ثلاثة موارد وثلاثة صور:

الصورة الأولى: الموارد التي كان مقتضى الأصل فيها جواز التصرف وعدم الاشتراط بإذن الفقيه كصلاة الميت مثلاً ففي مثل ذلك إذا تعذر الوصول إلى الفقيه فجواز التصرف في تغسيل الميت للمؤمنين موافق لما يقتضيه الأصل العملي فالأصل هو الجواز سواء أمكن الوصول إلى الفقيه أو لا، هذه الصورة الأولى، هذه الصور أشار لها السيد الخوئي+[5]

الصورة الثانية: الموارد التي يقتضي الأصل فيها حرمة التصرف وعدم جوازه وإنما حكمنا بجواز التصرفات للفقيه من باب الدليل الخاص الدال على ولاية الفقيه كما عليه السيد الإمام الخمينيî أو من باب الأخذ بالقدر المتيقن كما عليه السيد الخوئي+، فلا يجوز التصرف من دون إذن الفقيه هذا من جهة، لكن من جهة أخرى علمنا من مذاق الشارع أن هذا العمل محبوب لديه حتى لو تعذر الوصول إلى الفقيه والاستجازة منه، من قبيل التصرف في سهم الإمام× عند عدم التمكن من الوصول إلى الفقيه فإنه وإن دل الدليل على أن إذن الفقيه شرط في جواز التصرف في سهم الإمام× وأنه لا يجوز التصرف في سهم الإمام¤ من دون إذن الفقيه الجامع للشرائط لكن من جهة أخرى علمنا من مذاق الشارع محبوبية صرف سهم الإمامj في حوائج المحتاجين وسد عوز الفقراء والمساكين فيجوز لعدول المؤمنين حينئذ التصرف في سهم الإمام× ولو من باب الحسبة.

الصورة الثالثة: الموارد التي يكون مقتضى الأصل فيها حرمة التصرف وعدم جوازه وإنما حكمنا بجواز التصرف من باب قيام الدليل الخاص على ثبوت الولاية للفقيه كما عليه الإمام الخميني+ أو من باب الأخذ بالقدر المتيقن ودليل الحسبة كما عليه السيد الخوئي&، فإذا تعذر الوصول إلى الفقيه وشككنا في مشروعية أصل العمل إذا لم يكن بإجازة الفقيه فحينئذ لا يجوز التصرف والإقدام على هذا العمل لعدول المؤمنين إذا فقد الفقيه، ومثاله لو قلنا بثبوت صلاحية الجهاد الابتدائي للفقيه الجامع للشرائط كما عليه السيد الخوئي& في كتاب الجهاد وقد خالف في ذلك الإمام الخميني+ إذ أنه مع قوله والتزامه بولاية الفقيه العامة بل المطلقة لكنه كان يرى قيام الدليل الخاص على عدم ثبوت صلاحية الجهاد الابتدائي للفقيه الجامع للشرائط، فلو التزمنا فقهياً بثبوت الجهاد الابتدائي للفقيه وأن الفقيه له صلاحية القيام بالجهاد ابتداءً لا دفاعاً وتعذر الوصول إلى الفقيه أو الاستجازة منه في الجهاد الابتدائي في الدولة الإسلامية فهل تصل النوبة إلى ولاية عدول المؤمنين وبإمكان المؤمن العدل أن يشرع في الجهاد الابتدائي أو لا؟

قد يقال: إن هذا العمل المعروف صدقة ولأنه معروف فهو لا يحتاج إلى إجازة لأن المعروف محبوب لله¨ ولو في حال تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط فحينئذ يجوز للمؤمنين القيام بذلك للعلم بمشروعيته، إلا أن هذا الكلام فيه ما فيه إذ مع اشتراط إذن الفقيه الجامع للشرائط وتعذر الحصول على إذن الفقيه لا يعلم أن الأقدام على هكذا عمل من دون تحصيل إذن الفقيه محبوب لله¨ فلربما المحبوبية متوقفة على ثبوت إذن الفقيه وتحصيل الإجازة منه.

إذاً عندنا موارد ثلاث وصور ثلاثة، الصورة الأولى من الواضح أنه يجوز للمؤمن القيام بذلك من دون حاجة إلى الرجوع إلى الفقيه أصلاً فهي خارجةً عن مورد بحثنا.

الصورة الثانية في حالة الاختيار لابد من تحصيل إذن الفقيه ولكن في حالة الاضطرار إذا لم نحصل على الفقيه ولم يمكن تحصيل إجازته ففي هذه الحالة يجوز للمؤمن التصرف لأن الأمر علمنا من مذاق الشارع أنه محبوب لله¨، إذاً في الصورة الأولى والصورة الثانية يثبت جواز التصرف للمؤمن العادل من دون الحاجة إلى إثبات الولاية له إنما الكلام كل الكلام في الصورة الثالثة التي يشترط فيها تحصيل إذن الفقيه ولا يمكن رفع اليد عن إذن الفقيه إلا إذا دل الدليل الخاص على ثبوت ولايته للمؤمن العادل عند تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط، إذاً نتيجة المقام الأوّل، نتيجة الأصل العملي أولاً عدم جواز تصرف عدول المؤمنين في صورة تعذر تحصيل الإجازة من الفقيه الجامع للشرائط بالنسبة إلى المورد الثالث أو الصورة الثالثة.

الأمر الثاني لو ثبت قيام الدليل على إثبات الولاية لعدول المؤمنين فإن نسبة عدول المؤمنين إلى الفقيه ستكون كنسبة الفقيه إلى الإمام× فيأتي في المؤمن العادل كل ما يأتي في الفقيه بالإضافة إلى الإمام× بل ربما نترقى ونقول كما ذكر السيد الخوئيî [6] ، قال وليُعلم أن نسبة الفاسق إلى العادل كنسبة العادل إلى الفقيه فيما يقتضيه الأصل العملي، ففي التصرفات التي مقتضى الأصل فيها عدم الجواز لا ينبغي الإشكال في إن المقدار المتيقن هو صحة تصرفات العادل دون غيره، نعم فيما إذا تعذر الوصول إلى العادل فلا محالة تصل النوبة إلى الفاسق فيتصرف في الأموال وغيرها من التصرفات، هذا كله بحسب الأصل العملي.

وخلاصة النقطة الثانية من الثمرة أن هناك طولية بين عمل الفاسق وعمل المؤمن العادل وعمل الفقيه الجامع للشرائط وعمل الإمام المعصوم×، فثبوت ولاية الفقيه العامة فرع عدم التمكن من الوصول إلى الإمام المعصومj وثبوت ولاية عدول المؤمنين فرع تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط ونفوذ تصرفات الفاسق الثقة فرع تعذر الوصول إلى عدول المؤمنين، إذاً هناك طولية في ثبوت الولاية أو في نفوذ التصرف فلا تصل النوبة إلى نفوذ تصرف الفاسق الثقة إلا إذا لم يمكن الوصول إلى المؤمن العادل ولا يثبت نفوذ تصرف المؤمن العادل إلا إذا تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط ولا يصل النفوذ إلى الفقيه العادل الجامع للشرائط إلا إذا تعذر الوصول إلى الإمام المعصوم×، إذاً إلى هنا نقحنا المسألة بلحاظ الأصل العملي واتضح أن المراد بولاية عدول المؤمنين إما ثبوت وسلطنة لهم وإما نفوذ تصرفاتهم هذا أوّلاً، وثانياً ولاية عدول المؤمنين في طول ولاية الفقيه إما العامة أو ولاية الفقيه في أمر من الأمور كالولاية على القضاء أو مال اليتيم وغير ذلك، فلا تصل النوبة إلى عدول المؤمنين إلا إذا تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط، هذا تمام الكلام في المقام الأوّل وهو البحث عن ولاية عدول المؤمنين بمقتضى الأصل العملي ويقع الكلام في المقام الثاني وهو البحث عن ولاية عدول المؤمنين بلحاظ الدليل الخاص وقد تطرق الفقهاء تبعاً للشيخ الأعظم الأنصاري+ إلى أربع روايات قد وردت في مال اليتيم واستفاد بعضهم منها ثبوت ولاية العدل المؤمن على مال اليتيم عند تعذر الوصول إلى الفقيه الجامع للشرائط، وسيتضح من خلال بحث هذه الروايات الأربع أنها لا تدل على ثبوت ولاية عدول المؤمنين، وسيتضح من خلال البحث أن أدلة ولاية الفقيه العامة تختلف عن أدلة ولاية عدول المؤمنين فقد يقول الفقيه بثبوت ولاية الفقيه العامة ولا يقول بثبوت ولاية عدول المؤمنين كما عليه الإمام الخميني+ بعد أن تطرق إلى هذه الروايات قال:[7] فتحصّل من جميع ذلك أن لا دليل على ولاية العدل أو الثقة ولا على جواز تصرفه في مال الأيتام في زمان الغيبة إذا لم يكن الأمر من الحسبيات وأما فيها ـ الحسبيات ـ فله التصرف مع فقد الفقيه واتصافه بما يحتمل دخالته في الجواز، يعني يثبت له جواز التصرف ولا يثبت له الولاية.

وقد يقال بالعكس بثبوت ولاية عدول المؤمنين وعدم ثبوت ولاية الفقيه العامة كما تطرق إلى ذلك المحقق الكلباسي+[8] ، وقد يقال بعدم ثبوت الولايتين معاً عدم ثبوت ولاية الفقيه العامة وعدم ثبوت ولاية عدول المؤمنين كما عليه السيد الخوئي& إذ قال بثبوت جواز التصرف للاثنين معاً، إذ أن القدر المتيقن عند السيد الخوئيî جواز تصرف الفقيه في خصوص الأمور الحسبية التي لا يرضى الشارع بإهمالها ومع فقد الفقيه الجامع للشرائط يجوز التصرف للمؤمن العادل في خصوص الأمور الحسبية التي لا يرضى الشارع بإهمالها، فولاية عدول المؤمنين عند السيد الخوئي& تعني جواز تصرف المؤمنين ونفوذ تصرفاتهم عند تعذر الرجوع إلى الفقيه الجامع لشرائط الفتوى، وسيتضح من خلال تطرقنا إلى الروايات الأربعة وأكثرها صحيح السند أنها لا تشترط تعذر الرجوع إلى الفقيه أو الإمام في ثبوت ولاية عدول المؤمنين أو في نفوذ تصرفاتهم وجوازها.

نتطرق إلى الرواية الأولى وهي صحيحة محمد بن إسماعيل وقد ذكرنا هذه الرواية واستدل بها السيد الگلبايگانيı على ولاية الفقيه العامة ولعلها رواية 31 من الأدلة التي أقمناها على إثبات ولاية الفقيه العامة.

الرواية الأولى التي يُستدل بها على ولاية عدول المؤمنين صحيحة محمد ابن إسماعيل رجل مات من أصحابنا بغير وصيته فرفع أمره إلى قاضي الكوفة فصيّر عبد الحميد القيمة بماله وكان الرجل خلف ورثة صغاراً ومتاعاً وجواري، إذاً مورد الرواية القصر الأيتام، مورد الروايات الأربع هو هذا مال الصغير اليتيم، وكان الرجل خلف ورثة صغاراً ومتاعاً وجواري فباع عبد الحميد المتاع فلما أراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهن إذ لم يكن الميت صير إليه وصيته، لأن المورد هو التصرف ببيع الجواري وليس الولاية على اليتيم ليس مورد الرواية الولاية على اليتيم مورد الرواية التصرف في بيع مال الميت الذي هو حق للقصر والأيتام من دون وصية، فلما أراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهن إذ لم يكن الميت صير إليه وصيته وكان قيامه فيها بأمر القاضي وضعف قلبه لأنهن فروج فما ترى في ذلك، فقال إذا كان القيم مثلكَ ومثل عبد الحميد فلا بأس [9]

تقريب الاستدلال وقع الكلام في أن المراد بالمماثلة في الرواية ما هو؟ احُتمل الشيخ الأنصاري[10] أربعة احتمالات في الرواية:

الاحتمال الأوّل: المماثلة في التشيع.

الاحتمال الثاني: المماثلة في الوثاقة.

الاحتمال الثالث: المماثلة في الفقاهة.

الاحتمال الرابع: المماثلة في العدالة.

وذكر الشيخ الأنصاريî أن الاحتمال الثالث وهو المماثلة في الفقاهة والذي رجحه السيد الگلبايگاني& واستدل بالرواية على ولاية الفقيه، ذكر الشيخ الأنصاري+ أن المماثلة للفقاهة مناف لإطلاق المفهوم الدال على ثبوت البأس مع عدم الفقيه ولو مع تعذره، مع العلم بأن القيمومة ثابتة لعدول المؤمنين عند تعذر الوصول إلى الفقيه فبهذا العلم الوجداني نسقط الاحتمال الثالث عن الاعتبار وهو اشتراط الفقاهة فيدور الأمر بين الاحتمالات الثلاثة الباقية، التشيع، الوثاقة، العدالة، ولابد أن يؤخذ فيها بالأخص في مخالفة الأصل وهو العدل فتثبت ولاية عدول المؤمنين.خلاصته توجد احتمالات أربعة، المماثلة في الفقاهة، المماثلة في الوثاقة، المماثلة في العدالة، المماثلة في التشيع، لو قلنا إن المراد هو المماثلة في الفقاهة فمعنى ذلك إذا لم يكن هذا الشخص فقيهاً ولو مع تعذر الوصول إلى الفقيه فحينئذ فعله غير نافذ، لا يجوز له التصرف، هذا المفهوم المستخلص من اشتراط الفقاهة، هذا المفهوم ينفي نفوذ تصرفات عدول المؤمنين ومن الواضح بالعلم الوجداني نفوذ تصرفات عدول المؤمنين، إذاً لابد من رفع اليد عن اشتراط الفقاهة فيدور أمر المماثلة بين المماثلة في التشيع أو المماثلة في الوثاقة أو المماثلة في العدالة وجميعها على خلاف الأصل لأن الأصل هو عدم جواز التصرف فنقتصر في مخالفة الأصل على القدر المتيقن هو أخص هذه العناوين الثلاثة، أن يكون شيعياً أو ثقة أو عدلاً أخصها العدالة، فتكون الرواية قد دلت على ثبوت ولاية عدول المؤمنين بالخصوص وهي تكون ثابتة وتستثنى من الأصل العام عدم جواز التصرف في مال اليتيم.لكن السيد الخوئيî ناقش في هذه الرواية وفي هذا الاستدلال بمناقشتين كما أن السيد الحكيم& ناقش فيها بمناقشتين وكذلك السيد الإمام الخميني@ فهؤلاء الأعلام الثلاثة بل والمحقق الكلباسي أيضاً هذه الرواية عندهم لا تدل على ثبوت ولاية عدول المؤمنين.

المناقشة الأولى ذكرها السيد الخوئيî[11] ، المناقشة الأولى مناقشة أصولية وهي إشكال حَلّي إن العلم الخارجي بعدم إرادة الإطلاق من الكلام لا يرخص في رفع اليد أو ظهور اللفظ في الإطلاق بل لابد من التحفظ على أصل الظهور وإطلاقه ثم نقيد ذلك الإطلاق بالعلم الوجداني وأما رفع اليد عن أصل الظهور وحمل اللفظ على خلاف الظاهر فهذا مما لا يجوز، والشيخ الأنصاري& قد تصرف في إطلاق الرواية بناء على العلم الخارجي بثبوت ولاية عدول المؤمنين والحال إنه كان ينبغي له أن يبقي ظهور اللفظ على عمومه وإطلاقه ولا يرفع اليد عن عصر ظهور اللفظ في الإطلاق ثم يقيد ذلك الإطلاق بمقتضى العلم الوجداني، هذه مناقشة صناعية أصولية.

المناقشة الثانية دليل نقضي وهو أنه لو سلمنا بما أفاده الشيخ الأعظم الأنصاريî بالنسبة إلى اشتراط الفقاهة وأن المفهوم من إطلاق مفهوم اشتراط الفقاهة ثبوت البأس في ولاية عدول المؤمنين نقول هذا الأمر الذي ذكره الشيخ الأنصاريı يجري في الاحتمال الرابع وهو العدالة، لأن العلم بالقيمومة ثابت للفاسق أيضاً عند تعذر الوصول إلى العالم، مع أن المفهوم من الصحيحة ثبوت البأس عند عدم العدالة على نحو الإطلاق فالعلم الوجداني بنفوذ تصرف الفاسق عند تعذر العادل على خلاف الإطلاق على خلاف ما ذكره الشيخ الأنصاري من اشتراط العدالة، إذاً ما تمسك به الشيخ الأنصاري& لنفي المماثلة في الفقاهة يجري أيضاً هذا في نفي المماثلة بالعدالة.

والصحيح أن يقال بأن الاحتمال الأوّل أيضاً ساقط وهو المماثلة في التشيع لأن الظاهر من الرواية أن السؤال إنما هو على الميت من الشيعة والعادة جارية على نصب ولي شيعي للميت الشيعي فالعادة قد جرت على موافقة الميت وولي الميت لأهل الميت في المذهب ومن غير المتعارف بل من البعيد أن ينصّب سني قيماً على أولاد الشيعي المتوفى، إذاً الاحتمال الأوّل قد خرج وهو المماثلة في التشيع وتبقى هذه الرواية على خلاف الأصل، الأصل هو عدم جواز التصرف في أموال القصر والأيتام، خرجنا عن هذا الأصل بهذه الرواية الصحيحة التي يظهر منها أنها في مقام بيان حكم واقعي وليست في مقام تحصيل الإذن الخارجي، قال الإمام المعصومj (إذا كان القيم مثلك ومثل عبد الحميد فلا بأس)[12] ، يعني مثلك وأمثالك فلا بأس إذاً الرواية ظاهرة في أنها في مقام بيان حكم واقعي وليست في مقام تحصيل إجازة خارجية وبالتالي لابد من تحصيل جميع الصفات والشروط التي نحتمل أن تكون قد أخذت في هذا الشخص فلابد من اشتراط الفقاهة واشتراط الوثاقة واشتراط العدالة بل واشتراط كل ما يمكن أن يكون له دخل في هذه المسألة لأنها على خلاف الأصل فلابد أن نقتصر فيها على القدر المتيقن والقدر المتيقن هو الشخص المستجمع لهذه الشرائط وبالتالي الرواية الأولى لا تدل على ولاية عدول المؤمنين بل القدر المتيقن منها هو اشتراط الفقاهة وغيرها من الصفات التي نحتمل دخلها، بل قد يقال أن الرواية أجنبية عن المدعى لأن ولاية عدول المؤمنين فرع عدم التمكن من الوصول إلى الفقيه فضلاً عن إمكانية التوصل إلى الإمام المعصوم× والحال أن هذه الرواية يمكن فيها الوصول إلى المعصومj فتكون الرواية أجنبية عن المدعى لأن دعوانا هي ولاية عدول المؤمنين عند تعذر الوصول إلى الفقيه والرواية موردها الولاية على الأيتام مع إمكان الوصول إلى الإمام¤ وبالتالي هذه الرواية ليست تامة الدلالة على ولاية عدول المؤمنين وهذا هو رأي السيد الإمام الخميني والسيد الخوئي وكذلك السيد الحكيمK.

يقول السيد الخوئي[13] ، ومن الظاهر أنه مع التمكن من الإمام× وحضوره ليس بغيره ولاية في أمثال مورد السؤال ومعه إذا جعل الولاية لواحد كما في قوله× )إذا كان مثلك أو مثل عبد الحميد فلا بأس"([14] فهو حكم على خلاف القاعدة يقتصر فيه على المقدار المتيقن كما ذكرناه فإنه× قد جعل بذلك الولاية لغيره مع التمكن من الوصول إليه على طبق القضية الحقيقية ولو لأجل التساهل والإرفاق فلا مناص من الاكتفاء في الخروج عن ما تقتضيه القاعدة على القدر المتيقن، وكذلك لو لاحظنا كلمات السيد الإمام الخمينيı للاستدلال بصحيحة محمد بن إسماعيل فإن نظره هو يقول: [15] ثم إن القدر المتيقن من مورد الجواز هو استجماع صفاتهما الاحتمالية التي يحتمل دخلها في الإجازة كالتشيع والفقاهة والعدالة والوثاقة إن كان بينهما افتراق وحسن التدبير وغاية الاحتياط في العمل وغيرها، وأيضا يقول:[16] وكيف كان لا يستفاد منه أيضاً النصب وجعل الولاية بل غاية الأمر دلالته على جواز التصرف بيعاً وشراءً ونحوهما لمثلهما مثل عبد الحميد ولو لم يبلغ حد الضرورة، إذاً السيد الإمام الخمينيî ينكر ثبوت ولاية عدول المؤمنين يعني ينكر قيام دليل على إثبات السلطنة للمؤمن العادل، نعم السيد الخوئي + يقول إن المراد بولاية عدول المؤمنين هو جواز تصرفهم من باب الضرورة.

إلى هنا انتهينا من بحث الرواية الأولى واتضح عدم دلالة الرواية الأولى وهي صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع على إثبات ولاية عدول المؤمنين.

 


[1] نهج الفقاهة، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص500.
[3] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، سید ابوالقاسم، ج37، ص176.
[4] رسائل في ولاية الفقيه، الكلباسي، أبو المعالي، ج1، ص580.
[5] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، سید ابوالقاسم، ج37، ص176.
[6] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، سید ابوالقاسم، ج37، ص176.
[8] رسائل في ولاية الفقيه، الكلباسي، أبو المعالي، ج1، ص584.
[11] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، سید ابوالقاسم، ج37، ص178.
[12] الأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع، ج13، ص228.
[13] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، سید ابوالقاسم، ج37، ص179.
[14] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، سید ابوالقاسم، ج37، ص179.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo