< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الفصل الثاني الاستدلال على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة بسيرة المتشرعة

وهو على قسمين:

القسم الأوّل: الاستدلال بسيرة المتشرعة

نبين في هذا القسم الأوّل وهو الاستدلال على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة بسيرة المتشرعة ويمكن تقريب الاستدلال بسيرة المتشرعة بتقريبين ذكرهما السيد الخوئي [1] [2]

التقريب الأوّل: إننا ننظر إلى العامة فنرى أن خليفتهم أو من يقوم مقامهم يتصدى لأمور الصغار والمجانين ويتصرف في أموالهم بالبيع والشراء ونحوهما، فمنه نستكشف أن هذه الأمور لابد من أن يتولاها أحد في الشريعة المقدسة وإن كان صغرى ذلك أعني من يتصدى لها عندهم باطلاً عندنا لعدم جواز تصدي مثل الخلفاء في أموال الناس، وأما كبرى المسألة وهي لزوم أن يتصدى الأمور المذكورة أحد في الشريعة فهي مما لا إشكال فيه ونستنبطها من ملاحظة أفعال العامة، وصغرى هذه الكبرى عندنا هي أن الذي يتصدى الأمور المذكورة هو الفقيه لأنا نعلم وجداناً أنه إذا دار الأمر بين الفقيه وغيره فالفقيه أولى بالتصدي من غيره، فيرجع هذا الدليل إلى كبرى ثابتة بالسيرة القطعية من العامة وصغرى ثابتة بالعلم الوجداني[3] ، هذا تقرير التقريب الأوّل من كتاب التنقيح.

وأمّا في مصباح الفقاهة [4] ذكر هذا الكلام بصياغة علمية من دون ذكر هذه التفاصيل، و هكذا إذا راجعناه نجد نص كلام السيد الخوئي+، إن الولاية في الأمور العامة بحسب الكبرى ثابتة عند العامة بالسيرة القطعية وإن اشتبهوا في صغرى ذلك وتطبيقها على غير صغرياتها إلا أن ذلك لا يضر بقطعية الكبرى الثابتة بالسيرة وأما الصغرى فهي ثابتة بالعلم الوجداني إذ بعد ثبوت الكبرى فالأمر يدور بين تصدي غير الفقيه على التصرف في الأمور العامة وبين تصدي أو اختيار الفقيه في ذلك فيكون مقدماً على غيره وبالجملة نثبت الكبرى بالسيرة القطعية والصغرى بالعلم الوجداني، انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

وخلاصة التقريب الأوّل مفادها إن هناك سيرةً قطعيةً جرى عليها أهل السنة والعامة هذه الكبرى الذي درجوا عليها هي أنه لابد للناس من رئيس ولابد للمسلمين من إمام وأما الصغرى وهي أن الإمام هل هو الفقيه الجامع للشرائط؟ أو أن الإمام قد يكون براً وقد يكون فاجراً كما عليه الكثير من العامة إذ لم يشترطوا العادلة في إمامة المسلمين، وبعض من اشترط العدالة منهم إنما اشترطها نظرياً ومن الناحية العملية لم يناقش في فسق الكثير من خلفاء الجور من بني أمية وبني العباس فالصغرى الوجدانية هي أنه إذا دار الأمر بين تولي الفقيه أو تولي غير الفقيه فالفقيه مقدم.

النتيجة النهائية: تثبت ولاية الفقيه العامة على شؤون المسلمين تمسكاً بالكبرى التي درجت عليها سيرة العامة مع ضم الصغرى الوجدانية، هذا تمام الكلام في التقريب الأوّل لسيرة المتشرعة.

المناقشة الأولى ذكرها السيد الخوئي[5] قال: وقد أورد على الكبرى وهي ثبوت الولاية في الأمور العامة للرئيس بأنا نحتمل أن ذلك من خلط العامة كما خلطوا في الصغرى أيضاً وخلاصة المناقشة الأولى إننا كيف ركنا إلى سيرة العامة في الكبرى ولم نأخذ بسيرتهم في الصغرى فقد ادعى المدعي أن صغرى العامة وهي تصدي غير الفقيه بل الفاسق لولاية الأمر وشؤون الناس هذه الصغرى غير تامة وقد خلط فيها أهل السنة والعامة، فنقول كما خلط واشتبه العامة في الصغرى وهي تولي الفاسق وغير الفقيه لولاية الأمر فقد يشتبه العامة في الكبرى وهي أنه لابد للناس من رئيس أو حاكم.

المناقشة الثانية في سيرة المتشرعة ومن الواضح أن سيرة العامة ليست حجة في حقنا فالحجة في حقنا إنما هي سيرة المتشرعة من الإمامية الذين تكشف سيرتهم عن الدليل الشرعي عن طريق الـ (إن) فنقول إن المعلول يكشف عن العلة وإن سيرة المتشرعة معلول يكشف عن العلة وهي تلقي المتشرعة لدليل يدل على مفاد السيرة، ومن الواضح أن سيرة العامة لا تكشف عن الدليل الشرعي عن طريق الـ (إن).

الإشكال الثاني أيضاً ذكره السيد الخوئي[6] ، وهذا نص كلامه، إن فعل العامة وجريان سيرتهم على الرجوع إلى شخص لا يكون مدركاً شرعياً عندنا حتى نفتي على طبقه بشيء ولعل ذلك من مبتدعاتهم في الإسلام ولا يلزم أن يتولى الأمور المذكورة شخص فاستكشاف لزوم الرجوع إلى أحد في الشريعة من ملاحظة الأفعال العامة وسيرتهم أمر غلط وغير صحيح، هذا تمام الكلام في التقريب الأوّل.

التقريب الثاني على الاستدلال بولاية الفقيه العامة بسيرة المتشرعة، وقد ذكره السيد الخوئي+[7] ، وهذا نص كلامه، وثانيهما ما اسُتدل به بعض المعاصرين من رواية عمر بن حنظلة حيث ورد فيها إن رجلين تحاكما إلى السلطان أو القاضي لأجل التنازع في دين أو ميراث فحكم الإمام× بأن التحاكم إليهما كالتحاكم والترافع إلى الجبت والطاغوت فأرجعهما إلى رواة الحديث فمنه يعلم أن كلما كانوا يرجعون فيه إلى السلطان أو القاضي لابد من أن يرجعوا فيه إلى الرواة والفقهاء ولابد من الاستجازة منهم، انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

وقد يفهم من هذا التقريب أن الاستدلال بالمقبولة فهو استدلال بالرواية والدليل اللفظي وليس استدلالاً بسيرة المتشرعة، لكن لعل السيد الخوئي& ناظر إلى كلمات السيد حسين البروجردي& فإن له كلاماً حول هذا الموضوع ومفاده إن مسألة الولاية من المسائل العامة والابتلائية فيتوقع أن يكثر سؤال الأصحاب للأئمة^ حول الولاية، فمن البعيد جداً أن لا يرد في مسألة الولاية إلا مقبولة عمر ابن حنظلة ومشهورة أبي خديجة، فمن خلال التتبع لسيرة أصحاب الأئمة ومن مضمون مقبولة عمر بن حنظلة ومشهورة أبي خديجة نستكشف أن هناك سيرة بين الأصحاب قد جرت على قبول ولاية الفقيه إلا أن هذه الروايات لم يصل إلينا الكثير منها لظروف التقية فمن خلال هذه السيرة نستكشف عن طريق الـ (إن) وجود أدلة وروايات لم تصل إلينا فيتم الاستدلال بسيرة المتشرعة، فسيرة المتشرعة معلول والدليل والروايات علة وقد خفيت العلة علينا ولم تصل إلينا الروايات الدالة على استحقاق الفقيه للولاية وقد وصلت إلينا سيرة المتشرعة التي كشفت عنها مقبولة عمر بن حنظلة ومشهورة أبي خديجة، فالاستدلال هنا ليس بالمقبولة أو المشهورة أبي خديجة وإنما المقبولة والمشهورة يكشفان عن هكذا سيرة والسيرة تكشف عن وجود أدلة كثيرة مشابهة للمقبولة والمشهورة.

وبعد بيان هذا الملخص لفكرة السيد البروجرديî لا بأس بذكر وتبين كلام طويل نسب إليه+ [8] ، وقد نقله الشيخ نوري حاتم[9] ، يقول السيد البروجردي إنه لما كانت هذه الأمور والحوائج الاجتماعية مما يبتلى بها الجميع مدة عمرهم غالباً ولم يكن الشيعة في عصر الأئمة متمكنين في الرجوع إليهم^ في جميع الحالات كما يشهد بذلك مضاف إلى تفرقهم في البلدان وعدم كون الأئمة مبسوطي اليد بحيث يرجع إليهم في كل وقت لأي حجة اتفقت، فلا محالة يحصل لنا القطع بأن أمثال زرارة ومحمد بن مسلم وغيرهما من خواص الأئمة سألوهم عمن يرجع إليه في مثل تلك الأمور العامة والبلوى التي لا يرضى الشارع بإهمالها بل نصبوا لها من يرجع إليه شيعتهم إذا لم يتمكنوا منهم^، ولاسيما مع علمهم^ بعدم تمكن أغلب الشيعة من الرجوع إليهم بل عدم تمكن الجميع في عصر غيبتهم التي كانوا يخبرون عنها غالباً ويهيئون شيعتهم لها وهل لأحد أن يحتمل أنهم^ نهوا شيعتهم عن الرجوع إلى الطواغيت وقضاة الجور ومع ذلك أهملوا لهم هذه الأمور ولم يعينوا من يرجع إليه الشيعة في فصل الخصومات والتصرف في أموال الغيّب والقصر والدفاع عن حوزة الإسلام ونحو ذلك من الأمور المهمة التي لا يرضى الشارع بإهمالها وكيف كان فنحن نقطع بأن صحابة الأئمة سألوهم عمن يرجع إليه الشيعة في تلك الأمور مع عدم التمكن منهمl وأن الأئمة^ أيضاً أجابوهم بذلك ونصبوا للشيعة مع عدم التمكن منهم¥ أشخاصاً يتمكنون منهم إذا احتاجوا، غاية الأمر سقوط تلك الأسئلة والأجوبة من الجوامع التي بأيدينا ولم يصل إلينا إلا ما رواه عمر بن حنظلة وأبي خديجة، وإذا ثبت بهذا البيان النصب من قبلهم^ وأنهم لم يهملوا هذه الأمور المهمة التي لا يرضى الشارع بإهمالها ولاسيما مع إحاطتهم بحوائج شيعتهم في عصر الغيبة فلا محالة يتعين الفقيه لذلك إذ لم يقل أحد بنصب غيره فالأمر يدور بين عدم النصب وبين نصب الفقيه العادل، وإذا ثبت بطلان الأوّل بما ذكرناه صار نصب الفقيه مقطوعاً به وتصير مقبولة عمر بن حنظلة من شواهد ذلك وإن شئت ترتيب ذلك على النظم القياسي فصورته هكذا، إما أنه لم ينصّب الأئمة^ أحداً لهذه الأمور العامة وإما أن نصّبوا الفقيه لها لكن الأوّل باطل فثبت الثاني فهذا قياس استثنائي مؤلف من قضية منفصلة حقيقية وحملية دلت على رفع المقدم فينتج وضع التالي وهو المطلوب، انتهى كلامه زيد في علو مقامه.

وقد ناقش السيد الخوئي& التقريب الثاني بمناقشة مفادها إننا نرى أن مقبولة عمر بن حنظلة تدل على ولاية الفقيه بالنسبة إلى القضاء ولا تشمل الولاية العامة فتكون هكذا سيرة ناظرة إلى ولاية الفقيه على القضاء لا إلى ولاية الفقيه على الشؤون العامة فتكون هذه السيرة أجنبية عن مورد بحثنا، وهذا نص كلامه [10] ، قال ولكنه مندفع بأن الإمام× إنما أرجعهما إلى الرواة في خصوص التنازع في دين أو ميراث لا في جميع الأمور وهذا ظاهر في ثبوت منصب القضاء والمحاكمة لهم فلا يستفاد منه الولاية المطلقة للفقيه بوجه.

وفيه: ما تقدم من بحثنا في مقبولة عمر بن حنظلة وأنها تامة الدلالة على ولاية الفقيه العامة تمسكاً بفقرتين:

الفقرة الأولى قوله× فإني قد جعلته عليكم حاكماً وقد استظهرنا أن الحكومة بالمعنى الأعم لما يشمل السلطان والقاضي معاً.

والفقرة الثانية ما ورد في كلام السائل من أن الذي عنده منازعة في دَين أو ميراث يرجع إلى قضاة الجور أو السلطان مما يكشف عن أن السؤال لا يختص بخصوص قضاة الجور بل يشمل الرجوع إلى السلطان أيضاً، وتتمة الكلام فيما تقدم والخلاف مبنائي يعتمد على استظهار الفقيه لهذه الرواية فإما أن يستظهر منها خصوص القضاء كما استظهر السيد الخوئيî وإما أن يستظهر منها العموم كما استظهر السيد الإمام الخميني لكن الكلام كل الكلام ليس في مناقشة مفاد مقبولة عمر بن حنظلة أو مشهورة أبي خديجة كما ناقش السيد الخوئي+، إنما الكلام في مناقشة التقريب الثاني في أمرين:

أوّلاً: نقول ثبّت العرش ثم النقش، نحن أوّلاً نحتاج إلى إثبات وجود سيرة للمتشرعة ثم بعد ذلك نستنتج من سيرة المتشرعة أنها تكشف عن قيام الدليل على ولاية الفقيه العامة، فغاية ما ذكره السيد البروجردي& أنه يقطع بسؤال أصحاب الأئمة الخلّص كزرارة ومحمد بن مسلم من الأئمة^ ونحن نقول قطعه حجة عليه وليس بحجة علينا فثبوت سيرة المتشرعة على ولاية الفقيه فيما يتعلق بالشؤون العامة أمر غير مسلّم بل فيه تأمل وشك، هذا أوّلاً.وثانياً: لو سلمنا وقطعنا كما قطع السيد البروجرديî بأن أصحاب الأئمة قد سألوا من الأئمة وأن هذه الروايات لم تصل إلينا ولم تدرج في المجاميع الحديثية، لكننا نناقش في مفردة وردت في استدلاله+ ففي القياس الذي أورده يقول إما أنه لم ينصّب الأئمة^ أحداً لهذه الأمور العامة البلوى وإما أن نصّبوا الفقيه لها ومناقشتان في العدل الثاني، فالعدل الثاني الأصح فيه أن يقال وإما أنهم قد نصّبوا رئيساً أولياً للأمة وأما حصر الرئيس أو الولي في خصوص الفقيه الجامع للشرائط فهذا أوّل الكلام وهذا موطن المناقشة فلربما يكون المنصّب هو عدول المؤمنين وليس الفقيه الجامع للشرائط، فإذا ناقشنا في التالي أو العدل الثاني لا يتم الاستدلال.لاحظ نص كلام السيد البروجردي والمناقشة، يقول وإن شئت ترتيب ذلك على النظم القياسي فصورته هكذا، إما أنه لم ينصّب الأئمة^ أحداً لهذه الأمور العامة البلوى وإما أن نصبوا الفقيه لها ومناقشتنا المفروض أن يقول وإما أن يكونوا قد نصبوا لها ثم يقول لكن الأوّل باطل فثبت الثاني نقول صحيح لكن الأوّل باطل لم ينصّبوا فثبت الثاني أنهم نصّبوا فنحن كلامنا هذا القياس يفيد الكبرى أن الأئمة نصّبوا ولكنه لا يكشف عن الصغرى من نصّبوا؟ الأئمة نصّبوا من؟ هذا أوّل الكلام، وبهذا يتضح أن التقريب الثاني في الاستدلال على ولاية الفقيه العامة بسيرة المتشرعة ليس بتام، إلى هنا ينتهي القسم الأوّل من الفصل الثاني وهو الاستدلال بسيرة المتشرعة.القسم الثاني: الاستدلال بسيرة العقلاء

القسم الثاني هو الاستدلال على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة بسيرة العقلاء، ونذكر له ثلاث مقدمات يمكن الرجوع إليها في كتاب الشيخ نوري حاتم،[11] تقريب الاستدلال بسيرة العقلاء.

المقدمة الأولى: إنَّ دأب العقلاء في المجتمع الإنساني منذ فجر وجود التجمع الإنساني وإلى هذا اليوم على تسليم ولاية الأمور لشخص معين حيث يقوم بحفظ الأمن وإعداد القوة للدفاع عن البلاد وتصريف أمور البلد، هذه المقدمة الأولى تامة.

المقدمة الثانية: حيث إن هذه السيرة عقلائية بل وضرورية فلا محالة لو كان قد ردع عنها الإمام× لوصل ذلك وحيث لم يصل إلينا شيء من الردع نثبت أصل ثبوت الولاية لشخص، هذه المقدمة الثانية أيضاً تامة.

المقدمة الثالثة: إن ولاية الأمور الثابتة لشخص كما تبين في المقدمة الثانية يدور أمرها بين ثلاث أشخاص، شخص فاسق أو شخص مؤمن غير فقيه أو شخص فقيه، ومن الواضح بطلان الأوّل وكذلك بطلان الثاني أيضاً إذ لا نحتمل أن الشارع يرجّح غير الفقيه على الفقيه في الولاية على الأمور فيتعين الاحتمال الثالث، هذا تمام الكلام في تقريب الاستدلال على ولاية الفقيه العامة بالسيرة العقلائية في ثلاث مقدمات.

وفيه: إنه بناءً على تساوي الفقيه وغير الفقيه من المؤمنين العدول في الخبرة والدراية في إدارة أمور البلاد وفي تصريف شؤون الناس فلا موجب لترجيح الفقيه على غيره من العدول بل مع ثبوت خبرة العدل في إدارة الجيش مثلاً فلابد من تقديمه على الفقيه، هذه المناقشة الأولى للشيخ نوري حاتم.[12]

لكن يرد على هذه المناقشة وعلى الاستدلال أيضاً، إن مورد بحثنا إنما هو سيرة العقلاء بما هم عقلاء وليس سيرة العقلاء بما هم متشرعة حتى نبحث أن الفقيه هل يتقدم على غير الفقيه أو لا، فليس الكلام في سيرة المتشرعة التي بحثناها في القسم الأوّل وإنما الكلام في سيرة العقلاء التي هي من السنة التقريرية إذ الفارق بين سيرة المتشرعة وسيرة العقلاء أوّلاً في نفس السيرة، فسيرة المتشرعة هي ملاحظة سلوك العقلاء بما هم متشرعة بينما سيرة العقلاء هي ملاحظة سلوك العقلاء بما هم عقلاء وثانياً في طريقة الكشف عن الدليل الشرعي، إذ أن كلاً من سيرة المتشرعة والعقلاء من الأدلة الشرعية غير اللفظية إذ أن السيرة سلوك صامت وهذا السلوك فعل من الأفعال لكن في سيرة المتشرعة نفس السلوك هو الدليل لأن سيرة المتشرعة يكشف عن الدليل الشرعي فتكون الحجية قد ثبتت للسيرة والسلوك لأن السيرة والسلوك المتشرع كاشف عن الدليل الشرعي فيدخل في السنة التي تكشف عن طريق الـ (إن)، فسيرة المتشرعة إما أن تكشف عن لفظ المعصوم× وإما أن تكشف عن فعل المعصوم أو إنباء المعصوم، بخلاف سيرة العقلاء، فسيرة العقلاء بما هم عقلاء لا حجية لها ولا اعتبار بها وإنما الاعتبار كل الاعتبار لإمضاء المعصوم لها وهذا الإمضاء يستكشف من عدم صدور الردع تجاه هذه السيرة وهذا السلوك، وبالتالي في تقريب الاستدلال على ولاية الفقيه العامة بسيرة العقلاء لابد أن ننظر الى سيرة العقلاء، هل جرت سيرتهم على تقديم الفقيه في الرئاسة على غير الفقيه أو لا؟ هذا أوّلاً، وثانياً إذا ثبتت هكذا سيرة هل ورد الردع أو لا؟ والجواب إن العقلاء بما هم عقلاء في شؤون حكمهم يقدمون الأكفأ ولكن في الخارج عادة يتصدى إلى الرئاسة الأقوى فالبقاء للأقوى فالسيرة العملية الخارجية قد جرت على أن يستلم الحكم هو من يظهر به بالسيف، وقد ورد الردع عن حجية قضاة الجور وسلاطين الجور، وأما السيرة التي درج عليها العقلاء لا معنى لإمضائها أو صدور الردع عنها إذ أنها ليست محل ابتلاء عملي فيما يتعلق بشؤون الحكم، فإذاً المناقشة الأولى أوّلاً لم تثبت سيرة العقلاء على تقديم الفقيه على غير الفقيه، وثانياً لم يثبت الإمضاء الذي هو العمدة في حجية سيرة العقلاء.

النتيجة النهائية: الاستدلال على ولاية الفقيه العامة بسيرة العقلاء غير تام فتكون نتيجة الفصل الثاني إن الاستدلال على ولاية الفقيه العامة بسيرة العقلاء أو سيرة المتشرعة ليست بتام كما أن الاستدلال على ولاية الفقيه العامة بآيات القرآن الكريم ليس بتام.

إلى هنا ثبت لدينا من الأدلة على ولاية الفقيه العامة بل ولاية الفقيه المطلقة خصوص الدليل اللفظي الروائي وهو تام الدلالة على ولاية الفقيه المطلقة بل ولاية الفقيه العامة، هذا تمام الكلام في الفصل الثاني ويقع الكلام في الفصل الثالث وهو الاستدلال على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة بالإجماع المحصل والمنقول.

[2] والتنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج37، ص173.
[3] والتنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج37، ص173.
[6] والتنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج37، ص173.
[7] والتنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج37، ص174.
[8] في انتظار الإمام، ج1، ص93 ـ 95.
[9] أحكام ولي الأمر في الدولة الإسلامية، نوري حاتم.، ج1، ص86 الي88
[10] والتنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج37، ص173.
[11] أحكام ولي الأمر في الدولة الإسلامية، نوري حاتم.، ج1، ص86 الي88
[12] أحكام ولي الأمر في الدولة الإسلامية، نوري حاتم.، ج1، ص86 الي88

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo