< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حديث السابع والعشرون

حديث السابع والعشرون: الذي استدل به على ولاية الفقيه العامة ما رواه في تفسير الإمام الحسن العسكري× عن آبائه عن النبي| أنه قال: (أشد من يتم اليتيم يتيم انقطع عن إمامه لا يقدر على الوصول إليه ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا فهدى الجاهل بشريعتنا المنقطعة عن مشاهدتنا كان معنا في الرفيق الأعلى( قال وقال علي× )من كان من شيعتنا عالماً بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه به جاء يوم القيامة وعلى رأسه تاج من نور يضيء لأهل تلك العرصات( إلى أن قال: قال الحسين بن علي×:)من كفل لنا يتيماً قطعته عنا محنتنا باستتارنا فواساه من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده وهداه قال الله (سبحانه) أيها العبد الكريم المواسي أنا أولى منك بهذا الكرم اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرفٍ حرفٍ علمه ألف ألف قصر) إلى أن قال، وقال موسى بن جعفر×: (فقيه واحد يتفقد يتيماً من أيتامنا المنقطعين عن مشاهدتنا والتعلم من علومنا أشد على إبليس من ألف عابد) إلى أن قال (ويقال للفقيه أيها الكافل لأيتام آل محمد| الهادي لضعفاء محبيه ومواليه قف حتى تشفع في كل من أخذ عنك أو تعلم منك) إلى هنا في بيان فضله، إلى أن قال ـ وهنا موطن الشاهد ـ وقال علي بن محمد‘: (لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا من العلماء الداعين إليه والدالين عليه) إلى أن قال (لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله أولئك هم الأفضلون عند الله) [1] [2]

تقريب الاستدلال بهذه الرواية إن هذه الرواية تبين فضل العالم في الدنيا والآخرة، أما في الآخرة فإنه يرزق الشفاعة وأما في الدنيا فهو كفالة أيتام آل محمد بنشر علوم آل محمد وبحفظ دين آل محمد حتى لا يرتد الناس عن الدين، ومن أبرز الشؤون التي يقوم بها آل محمد إدارة شؤون الناس العامة، إذاً كما ثبتت لآل محمد وللأئمة^ الولاية العامة على شؤون المسلمين، تثبت أيضاً للفقيه الجامع للشرائط بعد غيبة الإمام الحجة بن الحسن العسكري# تثبت للفقيه الولاية العامة على شؤون المسلمين.

وفيه: أوّلاً من ناحية السند الرواية ضعيفة السند بل هناك تأمل وكلام في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري× وإن كانت هذه الرواية متنها عليه مسحة من نور، إلا أن سند هذه الرواية ضعيف وتسقط عن الاعتبار، وأما من ناحية الدلالة فالقدر المتيقن من ناحية الدلالة هي دور الفقيه في حفظ الدين بعد غيبة ولي الله الأعظم#، وحفظ الدين لا يتوقف على الولاية أو الحكومة أو الرعاية العامة لشؤون الناس، بل حفظ الدين بنشر علوم آل محمد× ودفع حجج المبطلين والمشككين في هذا الدين ولا يتوقف حفظ الدين على إقامة الحكومة الإسلامية.

إذاً هذا الحديث السابع والعشرون لا يدل على ولاية الفقيه العامة فضلاً عن المطلقة، يصلح أن يكون مؤيداً لأنه يبين دور الفقيه بعد غيبة قائم آل محمد #.

الحديث الثامن والعشرون: مشهورة أبي خديجة الثانية، قال لي أبو عبد الله× (انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم فإنّي قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه)[3] ، هذه الرواية ذكرت في كتب ثلاثة من الكتب الأربعة، ذكرها الشيخ الصدوق[4] ، وذكرها الشيخ الطوسي [5] ، وذكرها الشيخ الكليني&[6] ويمكن مراجعتها في كتاب وسائل الشيعة[7]

هذه المشهورة الثانية لأبي خديجة تشبه المشهورة الأولى لأبي خديجة التي أخذناها وكانت تمثل الدليل الثامن ـ مشهورة أبي خديجة الأولى ـ لكن المحقق النراقيî ذكر كلتا المشهورتين، المشهورة الأولى لأبي خديجة والمشهورة الثانية لأبي خديجة، الرواية الأولى لأبي خديجة ذكرها تحت رقم 14 والرواية الثانية لأبي خديجة التي ذكرناها أوّلاً تحت عنوان الدليل الثامن ذكرها تحت عنوان الرواية الخامسة عشر ويمكن مراجعة الرواية الرابعة عشر والخامسة عشر من عوائد الأيام. [8]

والكلام في رواية أبي خديجة الثانية كالكلام في رواية أبي خديجة الأولى فإنها ضعيفة السند أوّلاً وغير تامة الدلالة ثانياً فإن الإمام× قال: (فإني قد جعلته [عليكم] قاضياً)[9] ولم يقل فإني قد جعلته عليكم حاكماً كما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة، إذاً رواية أبي خديجة الثانية لا تشكل دليلاً على ولاية الفقيه لضعف سندها ودلالتها، يمكن أن تشكل مؤيداً لمقبولة عمر ابن حنظلة.

الحديث التاسع والعشرون رواية عامية رويت عن النبي| في كتب العامة والخاصة أنه قال: (السلطان ولي من لا ولي له) يمكن مراجعة سنن أبي داود [10] ، وأيضاً مراجعة سنن الترمذي[11] ، وسنن ابن ماجة [12] ، إذاً وردت في صحاح ثلاثة من الصحاح الستة.

وأما في كتب الخاصة فلم ترد في الكتب الروائية وإنما وردت في الكتب الفقهية كتذكرة الفقهاء للعلّامة الحلي+ [13] ، ومسالك الأفهام للشهيد الثانيî [14] والحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة للشيخ يوسف البحراني&[15] ، إذاً ذكرها فقهائنا ونصوا على أنها رواية عامية.

تقريب الاستدلال بهذه الرواية (السلطان ولي من لا ولي له)، يراد به السلطان العادل لا السلطان الجائر من الواضح أن السلطان الجائر يستولي على كل شيء والشارع المقدس لا يصحح سلطنة السلطان الجائر على كل شيء لكن الرواية ناظرة إلى خصوص السلطان العادل، فهو ولي من لا ولي له ووارث من لا وارث له والمصداق البارز للسلطان العادل هو النبي| ومن بعده الإمام المعصوم^ ومن بعد الإمام المعصوم نائبه بالحق وهو الفقيه الجامع للشرائط، إذاً السلطان العادل يصدق على الفقيه الجامع للشرائط في عصر الغيبة الكبرى فهو ولي من لا ولي له فالأمور التي تحتاج إلى ولاية وليس لها ولي تثبت له الولاية والسلطنة عليها ومن أبرز المصاديق الحكومة الإسلامية وتولي شؤون الناس العامة.

لكن هذا الحديث يمكن المناقشة فيه من ناحية السند والدلالة معاً، أما من ناحية السند فالرواية ضعيفة فهي رواية عامية وأما من ناحية الدلالة فالرواية ناظرة إلى السلطان ولم تنص على أنه السلطان العادل فلربما هي ناظرة إلى قضية خارجية وهي أن السلطان يستولي على كل شيء ليس لأحد ولاية عليه وإذا قلنا إنها ناظرة إلى السلطان العادل فالمصداق البارز لهذا السلطان هو السلطان العادل المتمثل في النبي والإمام المعصوم× ومن غير المعلوم شمولها للفقيه العادل الجامع لشرائط الفتوى وإذا نظرنا إلى أن الرواية عامية ومن الواضح في فقه العامة الأحكام السلطانية فلربما هي ناظرة إلى أي سلطان يتبوأ مقعد الرئاسة وإن كان جائراً فلا تتم الدلالة على المطلوب، وبالتالي هذه الرواية لا تشكل دليلاً على ولاية الفقيه المطلقة بل لا تشكل مؤيداً للروايات الدالة على ولاية الفقيه المطلقة فضلاً عن أن تشكل دليلاً على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة.

الحديث الثلاثون ما رواه الشيخ الصدوق في علل الشرائع بإسناده عن الفضل ابن شاذان عن أبي الحسن الرضا× في حديث قال فيه (فإن قال فلم جُعل أولي الأمر وأُمر بطاعتهم، قيل لعلل كثيرة منها أن الخلق لما وقفوا على حد محذور وأمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلا بأن يجعل عليهم فيه أميناً يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم لأنه إن لم يكن ذلك كذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره فجعل عليهم قيماً يمنعهم من الفساد ويقيم فيهم الحدود والأحكام)[16] ، إذاً العلة الأولى ناظرة إلى أصل جعل الأمين، إلى أصل جعل الرئيس والوالي.

العلة الثانية ومنها (أنّا لا نجدوا فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا عاشوا إلا بقيم ورئيس لما لابد لهم من أمر الدين والدنيا فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما يعلم أنه لابد لهم منه ولا قوام لهم إلا به فيقاتلون به عدوهم ويقسمون به فيئهم ويقيموا لهم جمعهم وجماعتهم ويمنع ظالمهم عن مظلومهم)[17] العلة الثانية ناظرة إلى أن سيرة العقلاء قد جرت على ضرورة وجود رئيس للدين والدنيا في حياة الناس لمنع الهرج والمرج.

العلة الثالثة وهي موطن الشاهد ومنها (أنه لو لم يجعل لهم إماما قيماً أمينا حافظاً مستودعاً لدُرِسَت الملة وذهب الدين وغيرت السنة والأحكام ولزاد فيه المبتدعون ونقص منه الملحدون وشبهوا ذلك على المسلمين لأنا قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتت أنحائهم فلو لم يجعل لهم قيماً حافظاً لما جاء به الرسول| لفسدوا على نحو ما بينا وغُيّرت الشرائع والسنن والأحكام والإيمان وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين) [18] [19] هذه الرواية استدل بها المحقق النراقي& وجعلها الرواية التاسعة عشر في كتابه عوائد [20]

و هذه الرواية أيضا ذكرها السيد الگلبايگانيî واسُتدل بها من هذا الكتاب رسائل في ولاية الفقيه في رسالته التي كتبت تحت عنوان الهداية إلى من له الولاية تقرير بحثه، ذكر الرواية، تقريب الاستدلال أذكر نص كلام السيد الگلبايگاني ثم نناقشه[21] ، يقول والرواية وإن كانت وردت في علل الاحتياج إلى الإمام المنصوب من قبل الله تعالى لكنه يستفاد منها حكم عام بملاك واحد ومناط جامع وهو أن الطبيعة البشرية والغرائز الحيوانية تقتضي وقوع الاختلاف، والتزاحم والجدال والتنازع والتشاح وكذا تقتضي سلسلة من الأمور وتحققها في بقاء نظمهم وصيانتهم وحفظهم من النفاق والافتراق والتشعب والشقاق وإلا لفسدت عيشتهم وضاقت معيشتهم ولما كانت تلك الأمور مما لا يمكن تحققها ولا تصح صدورها من أي شيء وأي فرد فلابد لهم من زعيم ورئيس وقيم وحاكم وإن لم يكن نبياً أو وصياً فحينئذ يقال القدر المتيقن من الأمة والرعية للرئاسة والزعامة في الجملة هو العالم الفقيه العادل.

وفيه: أما من ناحية السند فالرواية ضعيفة فتسقط عن الاعتبار وأما من ناحية الدلالة فالرواية في مقام بيان أمر كلي وهذا الأمر الكلي جرت عليه سيرة العقلاء ويقتضيه الدين وهو أنه لابد من نص من إمام بر أو فاجر وعندنا روايات كثيرة تدل على أنه لابد للناس من أمير إما بر وإما فاجر، ولكن الرواية ليست في مقام جعل الولاية للفقيه الجامع للشرائط، فالرواية أجنبية عن بحثنا، الرواية في مقام بيان أصل المنصب وليست في مقام بيان من له المنصب بحثنا في من له المنصب وهو الفقيه الجامع للشرائط والرواية لا تشير إلى من له المنصب، نعم بضميمة هذه الرواية إلى الروايات التي تبين فضل العلماء وفضل الفقهاء بالجمع بين هذه الرواية والروايات الدالة على فضل العلم والعلماء يمكن أن تكون مؤيداً للروايات الدالة على ولاية الفقيه ولا يمكن أن تشكل دليلاً على ولاية الفقيه المطلقة.

الحديث الحادي والثلاثون ما رواه الكليني عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال (مات رجل من أصحابنا ولم يوصي فرفع أمره إلى قاضي الكوفة فصير عبد الحميد القيّم بماله وكان الرجل خلّف ورثة صغاراً ومتاعاً وجواري فباع عبد الحميد المتاع فلما أراد بيع الجواري ضعف قلبه عن بيعهم إذ لم يكن الميت صير إليه وصيته وكان قيامه فيها بأمر القاضي لأنهن فروج فما ترى في ذلك؟ قال فقال إذا كان القيم مثلك أو مثل عبد الحميد فلا بأس). [22] [23] [24]

هكذا يقول السيد الگلبايگاني& في تقريب الاستدلال، وهي صريحة في ثبوت الولاية لأمثال ابن بزيع وعبد الحميد وجواز التصرف له في أموال الصغار ونظائره والمراد من المثل ليس المثلية في الإسلام والإيمان وإن كان ظاهراً بل المقصود أنه لو كان المتصدي لأمور الصغار مثل عبد الحميد في الجهة المقتضية لثبوت الولاية له وهو المقام العلمي والفقهي وكونه راوياً وعالماً بأمور الصغار والأحكام وعادلاً فلا بأس فيه فهي إما ظاهرة في ولاية الفقيه والحاكم للشرع أو هو القدر المتيقن من المثل والمضمون ـ هو يعني الحاكم للشرع القدر المتيقن من المثل والمضمون ـ كلام السيد الگلبايگاني في تقريب الاستدلال [25] واضح الفقيه له ولاية عامة وله ولاية على القضاء، بمقتضى ولاية الفقيه على القضاء تكون تصرفاته نافذة بالنسبة إلى الأموال وبمقتضى ولاية الفقيه على الشؤون العامة أيضاً تكون تصرفاته نافذة على الأموال، هنا في هذه الرواية القاضي كان من قضاة حكّام الجور فتعيين القاضي لعبد الحميد ليس نافذاً وليس ناجزاً والإمام× قد أمضى تصرفات عبد الحميد، إن قلت إن هذا إجازة خاصة من الإمام قلنا الإمام ليس في مقام بيان الإجازة الخاصة والدليل على ذلك والقرينة على ذلك قوله× (إذا كان القيم مثلك أو مثل عبد الحميد فلا بأس) [26] [27] ، إذاً الإمام في مقام بيان الحكم الواقعي وهو أنه إذا تصرف الفقيه مثل محمد بن إسماعيل بن بزيع أو مثل عبد الحميد فتصرفه نافذ، لكن الكلام في أن نفوذ تصرف عبد الحميد كفقيه هل هو تصرف نافذ من باب ولاية الفقيه على القضاء؟ أو من باب ولاية الفقيه على الشؤون العامة؟ هنا يوجد قدر متيقن أشار إليه السيد الگلبايگاني، حينما قال أو هو القدر المتيقن من المثل والقضاء يعني الحاكم للشرع فالقدر المتيقن نفوذ تصرف الفقيه بالنسبة إلى القضاء وهذا محرز في عبد الحميد، تعدي ذلك وشمول الرواية إلى نفوذ تصرف عبد الحميد كفقيه له ولاية على الشؤون العامة هذا فيه تأمل، إذاً الرواية أجنبية عن بحث ولاية الفقيه، هذه الرواية غير تامة الدلالة لأنها ناظرة إلى ولاية الفقيه على الصغار والقصر وليست ناظرة إلى ولاية الفقيه العامة فضلاً عن ولاية الفقيه المطلقة، إذاً الحديث الحادي والثلاثون لا يشكل مؤيداً لروايات ولاية الفقيه فضلاً عن أن يشكل دليلاً عليها.

الحديث الثاني والثلاثون ما رواه أيضاً محمد بن يعقوب الكليني في الكافي بإسناده عن إسماعيل بن سعد الأشعري قال، سألت الرضا× (عن رجل مات بغير وصية وترك أولاداً ذكراناً وغلماناً صغاراً وترك جواري ومماليك هل يستقيم أن تباع الجواري؟ قال نعم، وعن الرجل يموت بغير وصية وله ولد صغار وكبار أيحل شراء شيء من خدمه ومتاعه من غير أن يتولى القاضي بيع ذلك فإن تولاه قاض قد تراضوا به ولم يستعمله الخليفة أيطيب الشراء منه أم لا؟ فقال أما إذا كان الأكابر من ولده في البيع فلا بأس به إذا رضي الورثة بالبيع وقام عدل في ذلك).[28] [29] [30]

تقريب الاستدلال يقول السيد الگلبايگاني&: [31] وهذه الرواية وإن كانت هي تدل على صحة تصرفات العادل وقيامه بأمور الصغار مطلقاً، يعني سواء كان فقيه أو لم يكن فقيه المهم عادل، لكن بناء على ظهور ما تقدم من ابن بزيع في اختصاص الجواز والقيام بالفقيه يقيد به إطلاقها، رواية ابن بزيع ظاهرة في الفقيه قيد فيها إطلاق العادل في رواية إسماعيل بن سعد الأشعري، يقيد به إطلاقها أو تحمل على صورة فقد الفقيه أو عدم التمكن من الوصول إليه إذا قلنا أن اختصاص الولاية بالفقيه من باب القدر المتيقن من الرواية لا لظهورها فيه.

هذه الرواية أجنبية عن بحثنا إذ هي ناظرة إلى الولاية على أموال القصر والأيتام وليست ناظرة إلى ولاية الفقيه العامة فضلاً عن ولاية الفقيه المطلقة بل لم تشر إلى الفقاهة وإنما أشارت إلى قيد العدالة فهي أجنبية عن بحثنا ولا يتم الاستدلال بها ولا تشكل مؤيداً للروايات الدالة على ولاية الفقيه المطلقة.

الحديث الثالث والثلاثون وهو المروي في الفقه الرضوي أنه قال: (لأيسر القبيلة وهو فقيهها وعالمها أن يتصرف لليتيم في ماله فيما يراه حظاً وصلاحاً وليس عليه خسران وله الربح والربح والخسران لليتيم وعليه) [32] [33] ، هذه الرواية نذكرها مع تقريب الاستدلال كلام السيد الگلبايگاني+ ثم نناقش.

يقول وظهوره في ولاية الفقيه في التصرف في أموال الصغار ونصب القيم لهم فيما يراه صلاحاً مما لا ينكر فيستفاد منه أن للفقيه أن يتصرف في مال الصغار ومن لا ولي له كما هو الظاهر أيضاً من رواية ابن بزيع المتقدمة الدالة على عدم المنع في تصرف عبد الحميد وأمثاله في أموال الصغار، وفيه، هذه الرواية ناظرة إلى التصرف في أموال الصغار والأيتام والقصر فهي أجنبية عن بحثنا فلا تشكل مؤيداً للروايات الدالة على الولاية العامة للفقيه فضلاً عن أن تشكل دليلاً على ولاية الفقيه العامة أو المطلقة، هذا تمام الكلام في الروايات التي أوردها السيد الگلبايگاني&.

الحديث الرابع والثلاثون ما رواه صاحب البحار نقلاً عن أمالي للشيخ الطوسي+[34] ، السند طويل لكن الرواية قصيرة وصريحة في الدلالة ـ طبعاً هذه الرواية أيضاً مروية في كتاب الحكومة الإسلامية وما يتعلق بها في أحاديث الشيعة الإمامية، هذا جمع لكل روايات الواردة في الحكومة الإسلامية، الرواية هكذا، المفيد عن الشريف الصانح أبي عبد الله محمد بن محمد بن طاهر الموسوي عن ابن عقدة عن يحيى بن الحسن بن الحسين العلوي عن إسحاق بن موسى عن أبيه عن جده عن محمد بن علي عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب^ قال: رسول الله| (المتقون سادة والفقهاء قادة والجلوس إليهم عبادة) [35] [36]

تقريب الاستدلال بهذه الرواية إن الرواية صريحة في قيادة الفقهاء، وإن الجلوس إليهم عبادة وإن إطاعة الفقهاء عبادة فهي أوضح من أن توضح ولا حاجة إلى تقريب الاستدلال بها، يكفي أن نقرأها (المتقون سادة والفقهاء قادة والجلوس إليهم عبادة)، فالرواية ناظرة إلى شروط القائد أوّلاً أن يكون فقهياً ثانياً أن يكون من أهل التقوى لكي يسوئي، (المتقون السادة والفقهاء قادة)، فإذا توفر هذان الشرطان فقاهة القائد وتقوى السيد والرئيس إذاً الجلوس إلى هذا الفقيه المتقي عبادة، والمراد بالجلوس ليس المجرد الجلوس وإنما الإطاعة، لكن هذه الرواية على الرغم من صراحتها فهي من أصرح الروايات إلا أنها ضعيفة السند ففيها عدة مجاهيل مثل يحيى ابن الحسن بن الحسين العلوي مجهول، مثل إسحاق بن موسى مجهول، فالرواية ساقطة عن الاعتبار سنداً فلا تشكل دليلاً على ولاية الفقيه العامة، يمكن أن تشكّل مؤيداً للروايات الدالة على ولاية الفقيه العامة.

الحديث الخامس والثلاثون والأخير ما رواه صاحب البحار [37] نقلاً عن كتاب توحيد الصدوقî ورواه أيضاً الشيخ الكليني في الكافي، عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن الفضل بن السكن عن أبي عبد الله× قال: (قال أمير المؤمنين× اعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة وأولي الأمر بالمعروف والعدل والإحسان)[38]

تقريب الاستدلال بهذه الرواية دلت أن الله§ يعرف إما من كلامه من نفسه وإما من خلال رسوله وإما من خلال أولي الأمر وهم الذين يقومون بالمعروف والعدل والإحسان، ومن أبرز مصاديق أولي الأمر القائمين بالمعروف والإحسان والعدل الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى بعد غيبة ولي الله الأعظم# فيتم الاستدلال بها على ولاية الفقيه العامة، ويرد عليه أن هذه الرواية ليست ظاهرة في ولاية الفقيه العامة فضلاً عن المطلقة إذ أن مصطلح أولي الأمر في الروايات وفي الآيات ناظر إلى خصوص أئمة أهل البيت^ ولا يطلق على الفقيه أنه من أولي الأمر، القدر المتيقن من الآيات والروايات هو الإمام المعصوم×، الآن في أدبياتنا نحن نقول ولي الأمر ولكن الآيات الكريمة مثلاً تذكر لنا ما هو ولي الأمر ﴿أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [39] ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾[40] أولي الأمر إذاً ناظرة إلى خصوص أمير المؤمنين× ولا تشمل غيره من الأئمةl، إذاً القدر المتيقن أن هذه الرواية ناظرة إلى خصوص الأئمة^ ولا تشمل الفقهاء الجامعين للشرائط وإن صدق عليهم عنوان أولي الأمر ولكن الرواية غير ناظرة إلى الفقهاء الجامعين للشرائط فلا يتم الاستدلال بهذه الرواية وهذه الرواية لا تشكّل مؤيداً للروايات الدالة على ولاية الفقيه فضلاً عن أن تشكل دليلاً.

انتهينا من ذكر خمسة وثلاثين رواية على ولاية الفقيه العامة واتضح أن هذه الروايات أو الأحاديث الخمسة وثلاثين، ثلاث منها تامة الدلالة على الولاية العامة والعشرين منها مؤيدة لهذه الروايات وأثنى عشر رواية أجنبية، هذا تمام الكلام في الأدلة اللفظية التي أقيمت على ولاية الفقيه العامة.


[1] تفسير الإمام الحسن العسكري× من ص339 إلى 344.
[10] سنن أبي داود، السجستاني، أبو داود، ج3، ص566، الحديث 2083.
[20] كتاب رسائل في ولاية الفقيه، ج1، ص59 وص60.
[21] الهداية إلى من له الولاية، ج1، ص805.
[31] رسائل في ولاية الفقيه، ج1، ص807.
[35] الحكومة الإسلامية، ج1، ص230.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo