< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ما هي آراء الأعلام الثلاثة في ولاية الفقيه العامة

ذكرنا في البحوث السابقة الأدلة الثلاثة حول ولاية الفقيه المطلقة، واتضح أن الدليل الأوّل والثاني غير تامّين من الناحية السندية وأن الدليل الأوّل تام من الناحية الدلالية بخلاف الدليل الثاني فإنه ليس بتام من الناحية الدلالية، وأما الدليل الثالث وهو مقبولة عمر بن حنظلة فهو تام من الناحية الدلالية والإشكال السندي يمكن التجاوز عنه بتلقي الأصحاب لمضمون رواية عمر بن حنظلة بالقبول.

قبل أن نشرع في بيان الدليل الرابع لا بأس ببيان نظر الأعلام الثلاثة وهم السيد محسن الحكيم، السيد أبو القاسم الخوئي، السيد روح الله الموسوي الخميني @ فإن هؤلاء الأعلام الثلاثة المتعاصرون معاً رأيهم مهم جداً في إثبات ولاية الفقيه المطلقة أو نفيها.

ومن الواضح جداً أن السيد الحكيم والسيد الخوئي من أعلام مدرسة النجف الأشرف وهم لا يقبلون ولاية الفقيه المطلقة وأن السيد الإمام الخميني+ من أعلام مدرسة قم وهو يقبل ولاية الفقيه المطلقة، لذلك أولاً نتكلم عن نظرتهم العامة للولاية وثانياً نتكلم عن نظرهم الخاص حول الأدلة الثلاثة، كل دليل بمفرده، كل رواية بمفردها، فما هو رأي الأعلام الثلاثة في الدليل الأوّل توقيع ورسالة إسحاق ابن يعقوب، وما هو رأيهم بالدليل الثاني مجاري الأمور، وما هو رأيهم في الدليل الثالث مقبولة عمر بن حنظلة.

أولاً نتكلم بشكل عام وقبل أن نطرح آراء الأعلام نشير إلى هذه الحقيقة وهي وجود فرق بين مصطلح الولاية العامة وبين مصطلح الولاية المطلقة، إثبات الولاية العامة للفقيه معناه أن الفقيه الجامع للشرائط له ولاية على الشؤون العامة للمسلمين ولكن ما هو حدود هذه الولاية؟ هل هذه الولاية هي تمام ما ثبت للمعصوم× فيما يتعلق بشؤون الدولة الإسلامية أم لا؟ إذاً هناك من يُنكر الولاية العامة يعني يرى أن الولاية مقيّدة بخصوص الولاية على الفتوى والقصّر والمجانين الأمور الحسبية، القضاء بعضهم يقول الفقيه له ولاية على إجراء الحدود والتعزيرات ولكن لن تثبت للفقيه الولاية العامة، يعني لم تثبت له الولاية على شؤون المسلمين العامة، وبعضهم يرى أن الولاية العامة قد ثبتت للفقيه لكن لم تثبت له الولاية المطلقة، إذاً المراد بالولاية المطلقة أن يثبت للفقيه جميع مال الإمام المعصوم× أن يثبت للفقيه مطلق ما يثبت للإمام المعصوم في خصوص شؤون الدولة الإسلامية وفي خصوص الشؤون العامة للمسلمين، وليس المراد أن يثبت للفقيه جميع ما يثبت للمعصوم من السجايا الشخصية والأمور المعنوية، وليس المراد أن يثبت للفقيه جميع ما للمعصوم من ولايته على تطليق الناس وتزويجهم وغير ذلك من شؤون الأحوال الشخصية، الكلام في الولاية عن الشؤون العامة، فإن قيل الولاية مقيّدة يعني مقيّدة بخصوص الولاية على الفتوى، على الأمور الحسبية على القضاء ولا تشمل الأمور العامة، ومن قال بالولاية العامة اختلف في حدود هذه الولاية، هل أصل الولاية العامة للفقيه قد ثبت لكن لم يثبت أنه جميع ما للمعصوم قد ثَبُت له أو لا مطلقاً، مثلاً سماحة آية الله الشيخ محمد المؤمن في كتابه الولاية الإلهية ثلاثة أجزاء يثبت الولاية العامة للفقيه ولا يثبت الولاية المطلقة للفقيه، يعني الفقيه له ولاية عامة يعني له الولاية على شؤون المسلمين العامة، لكن لا يثبت أن للفقيه الولاية المطلقة يعني مطلق ما ثبت للمعصوم في الشؤون العامة يثبت للفقيه، بخلاف السيد الإمام الخميني+ فإنه يرى ثبوت الولاية المطلقة للفقيه يعني مطلق ما للمعصوم× فيما يرتبط بالسياسة والشأن العام يثبت للفقيه.

لذلك السيد الإمام أوّل ما أستدل به على ولاية الفقيه المطلقة في كتابه الحكومة الإسلامية [1] وكذلك في كتاب البيع [2] ، أوّل دليل ما ورد عن أمير المؤمنين عن رسول الله| اللهم ارحم خلفائي ثلاث مرات، قيل يا رسول الله ومن خلفائك، قال الذين يأتون بعدي يرون حديثي وسنتي فيعلمونها الناس بعدي، اللهم ارحم خلفائي، خليفة رسول الله يعني يثبت له في شؤون الحكومة كل ما يثبت لرسول الله |.

ثم يأتي بعد ذلك بهذا الحديث العلماء ورثة الأنبياء، هذا يمكن الاستدلال به على ولاية الفقيه المطلقة، أو علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل، هذا يمكن الاستدلال به على ولاية الفقيه المطلقة، وأما الأدلة الثلاثة الأُول فإن أريد الاستدلال بها فيمكن الاستدلال على الولاية العامة أما ولاية الفقيه المطلقة فقد يكون فيها تأمل، الدليل الأوّل توقيع إسحاق بن يعقوب وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، هنا لعله قد يقال إنها ظاهرة في الحوادث الواقعة يعني في الشؤون العامة ولا تثبت كل ما للمعصوم× إلى الفقيه، وهكذا الدليل الثاني مرسلة تحف العقول مجاري الأمور والأحكام في يد العلماء بالله، مجاري الأمور يعني الأمور العامة إن قيل بدلالتها، لا أن كل ما يثبت للمعصوم يثبت للفقيه الجامع للشرائط، وهكذا بالنسبة إلى الدليل الثالث مقبولة عمر بن حنظلة ينظران إلى رجلاً منكم ممن روى حديثنا وعرف حلالنا وحرامنا فليرضوا به حاكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً، يعني المراد هنا جعلته في الأمور العامة ولا دلالة فيه على أني قد جعلته في مطلق ما ثبت في حقي من شؤون الحكومة.

إذاً فرق كبير بين مصطلح ولاية الفقيه المقيّدة وبين مصطلح ولاية الفقيه العامة وبين مصطلح ولاية الفقيه المطلقة، السيد الإمام الخميني+ يرى ولاية الفقيه المطلقة في أعلى درجاتها بخلاف مثلاً السيد السيستاني~ يرى ولاية الفقيه في الشؤون العامة أرفع السيد الخوئي السيد الخوئي يرى ولاية الفقيه المقيّدة، الشيخ المؤمن يرى ولاية الفقيه العامة، إلى هنا بيّنا بشكل عام، الآن نتكلم عن مدرستين.

المدرسة الأولى مدرسة النجف الأشرف ومن أعلامها السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي @، والمدرسة الثانية مدرسة قم والإمام الخميني+.

السيد الإمام+ منهجه يختلف تماماً فيما يتعلق بالحكومة والولاية يختلف تماماً عن منهج السيد الحكيم والسيد الخوئي، السيد الحكيم والسيد الخوئي يُنكران دلالة جميع الروايات على ولاية الفقيه العامة فضلاً عن المطلقة، فضلاً عن المناقشة السندية يعني كل الروايات لا تدل على الولاية العامة فضلاً عن الولاية المطلقة، وبالتالي لا داعي للمناقشة السندية لأنها غير تامة الدلالة، بخلاف السيد الإمام الخميني الذي يرى أن الولاية ضرورة وأن إقامة الدولة الإسلامية ضرورة من ضرورات الإسلام فلا حاجة إلى الاستدلال عليها، وعلى الرغم من وجود هذه الضرورة فإن الأدلة قد دلت عليها ويستدل بسبع روايات، ست منها يعبر عنها الاستدلال في كتاب البيع، وواحدة منها وهي مشهورة أبي خديجة يقول الاستشهاد برواية أبي خديجة ثم يقول وهناك روايات أخر ويذكرها.

إذاً لاحظوا منهج الإمام الخميني+ في كتاب البيع الجزء الثاني وأيضاً في كتابه الحكومة الإسلامية قبل يتطرق إلى الأدلة على ولاية الفقيه مثلاً في كتاب الحكومة الإسلامية[3] ، قبل أن يتطرق إلى الأدلة يتطرق إلى نقطتين:

النقطة الأولى يتكلم عن أدلة لزوم إقامة الدولة الإسلامية، يعني هناك أدلة تدل على إقامة الدولة الإسلامية وضرورة إقامة الدولة الإسلامية.

القسم الثاني يتكلم عن حقيقة قوانين الإسلام وأن بعض قوانين الإسلام تدل على قيام دولة إسلامية مثل الأحكام المالية، أحكام الدفاع الوطني، الأحكام الجزائية وإحقاق الحقوق، فيكون من نظام القضاء في الإسلام ومن نظام الحدود والتعزيرات في الإسلام ومن الضرائب المالية في الإسلام ومن أحكام الجهاد والدفاع الوطني، نستكشف أن حقيقة الإسلام يتبنى إقامة دولة إسلامية.

إذاً قبل أن يشرع السيد الإمام+ في بيان دلالة الأدلة النقلية على ولاية الفقيه يقول نحن نرى ضرورة إقامة الدولة الإسلامية لأمرين، الأمر الأوّل الأدلة التي دلت على وجوب إقامة الدولة الإسلامية ورد الروايات التي تنهى عن الثورة وعن القيام.

والأمر الثاني طبيعة الأحكام الشرعية والإلهية تكشف عن وجود دولة إسلامية، فيقول يكفي هذا الأمر الأوّل بكلا شقيه من الأدلة الدالة على قيام الدولة الإسلامية وطبيعة قوانين الإسلام تكفي بالتدليل على إقامة الدولة وثبوت الولاية للفقيه ولا نحتاج إلى إقامة دليل على الدولة الإسلامية، وعلى الرغم من ذلك دلت الأدلة وهي ذكر الروايات بخلاف السيد الإمام والسيد الخوئي، يقولون نحن ننظر في الأدلة والأدلة لا تدل إذاً لاحظ قول السيد الإمام في كتابه البيع الجزء الثاني في أدلة ولاية الفقيه، قبل أن يشرع في الأدلة ماذا يقول؟ يقول أدلة ولاية فقيه فولاية الفقيه بعد تصور أطراف القضية يعني ما ذكره حول ضرورة أقامة الدولة وطبيعة أحكام الإسلام [4] ، فولاية الفقيه بعد تصور أطراف القضية ليست أمرا نظرياً يحتاج إلى برهان، يعني شيء بديهي ومع ذلك دلت عليها بهذا المعنى الوسيع روايات نذكر بعضها، أوّل وحدة الاستدلال بمرسلة الفقيه، فمنها ما أرسله في الفقيه قال: قال أمير المؤمنين× قال رسول الله| اللهم ارحم خلفائي، السيد الإمام يذكر ثلاثة روايات أولاً واستدل بها بعد ذلك، ذكر المقبولة قبل أن يستدل بروايات اللهم ارحم خلفائي، اسُتدل بروايات العلماء ورثة الأنبياء، واسُتدل بها بعد ذلك بروايات علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل، هذه كلها قد يستشم منها ولاية الفقيه المطلقة يعني ما ثبت للمعصوم ما ثبت للنبي ما ثبت للإمام يثبت للفقيه ثم جاء إلى المقبولة وغيرها التي قد يستكشف منها الولاية العامة، بخلاف السيد الخوئي وتبعاً للسيد الحكيم لأن السيد الخوئي ناظر لكلمات السيد الحكيم.

السيد الحكيم+[5]

تطرق إلى معنيين بالولاية:

المعنى الأوّل استقلال الفقيه بالتصرف على نحو يكفي في نفوذ تصرفه مجرد نظره بلا حاجة إلى إذن من غيره.

المعنى الثاني لولاية الفقيه، عدم صحة تصرف غير الفقيه بدون إذن الفقيه، فيكون نظره يعني الفقيه شرطاً في نفوذ تصرف غيره.

إذاً هناك معنيان للولاية، الأمر الأوّل أن يستقل الفقيه في الشأن العام من دون أن يأخذ إذنا من أي أحد، المعنى الثاني لولاية الفقيه بالنظر إلى غير الفقيه لا يجوز لغير الفقيه أن يتصرف من دون إذن الفقيه، يعني يتصرف بما يتعلق بالمال وما يتعلق بالناس وما يتعلق بالأرض إلى آخره فيما يرتبط بالشأن العام للمسلمين، لا يجوز لغير الفقيه أن يتصرف ولا يكون تصرفه نافذاً إلا بإذن الفقيه، إذاً إذن الفقيه شرط في نفوذ تصرفات المكلفين.

السيد الحكيم والسيد الخوئي_ يقولون إذا نتعرض إلى الأدلة كلها ما تدل على الولاية بكلا المعنيين، ما تدل على الولاية بالمعنى الأوّل أن للفقيه الاستقلال بالتصرف من دون إذن غيره من دون إذن المعصوم، والأمر الثاني الروايات لا تدل على أن تصرف غير الفقيه مشروط بإذن الفقيه وأن إذن الفقيه شرط في نفوذ تصرفات المكلّفين فيما يتعلق بالشأن العام.

السيد الإمام يقول هذه ضرورة ما تحتاج أن نقيم الدليل، هذه ولاية الفقيه بديهية ليس أمر نظري حتى نستدل، السيد الحكيم والسيد الخوئي+ يقولون لا، يوجد معنيان للولاية، الأوّل استقلال الفقيه بالتصرف من دون إذن غيره من دون إذن الإمام× والأمر الثاني إذن الفقيه شرط في نفوذ تصرفات المكلفين، يقول إذا نرجع إلى هذه الروايات كلها لا تدل، نذكر نص كلامهم.

الأمر الأوّل ذكرنا كلام السيد الإمامî في كتاب البيع[6] استدلال بروايات أخر، يقول وبما ذكرنا يظهر الوجه في دلالة روايات أخر غير سديدة الإسناد كما عن الفقه الرضوي أنه قال منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء من بني إسرائيل، يقول وكان موسى× وكثير من الأنبياء ممن لهم الولاية على بني إسرائيل، إلى هنا ذكرنا رأي السيد الإمام+، ونتكلم عن رأي السيد الخوئي والسيد الحكيم.

السيد الحكيم [7] هكذا يقول وبالجملة النصوص المذكورة ظاهرة في خصوص الوظيفة الدينية البحتة، طبعاً يذكر سبع روايات[8] ، ويتعرض إلى رواية للعامة، السلطان ولي من لا ولي له، يقول والظاهر منه ثبوت الولاية للسلطان في كل ما يحتاج إلى ولي، والاستدلال به لما نحن فيه من ثبوت الولاية للفقيه في ذلك موقوف على عموم النيابة وقد عرفت أنه غير ثابت، عموم النيابة غير ثابت يعني الولاية العامة بعد ما أتكلم عن ولاية الفقيه المطلقة، هذا تمام الكلام في بيان رأي السيد الحكيمî بشكل عام.

ونتكلم عن رأي السيد الخوئي+، له تقريران [9]

يقول: والتقريب الثاني ما عن بعض المعاصرين أن يقال إنما هو مسَلّم عند العامة من القول بالولاية العامة مذكور بحسب الكبرى في التوقيع الشريف.

السيد الخوئي+ يقول [10] وقد اسُتدل على ذلك بأن السلطان ولي من لا ولي له، وفيه إن هذا لم يثبت من طرقنا كونه رواية أو قاعدة إلى أن يقول في نهاية الفقرة الأولى: فلا دلالة في شيء من الروايات على ولاية الفقيه بوجه من الوجهين من معنى الولاية، يعني كل الروايات لا تدل على الوجه الأوّل أنها تستقل بالتصرف، ولا تدل على الوجه الثاني شرطية إذن الفقيه في نفوذ تصرفات المكلفين، هذا الكلام في مصباح الفقاهة.[11]

السيد الخوئي+ يقول فتحصّل أنه ليس للفقيه ولاية بكلا الوجهين على أموال الناس وأنفسهم فليس له أن يزوج بنتاً صغيرة لأبناً صغير أو كبير ولا تزويج أبناً صغير ولا يجوز له بيع داره وهكذا إلا أن يكون الصغير بدون ذلك في معرض التلف ويدخل تحت الأمور الحسبية، طبعاً هذا خارج عن مراد السيد الإمام، السيد الإمام يقول ليس المراد أن يطلق زوجة أو يزوج، كلام ولاية للفقيه مطلقة يعني مطلق ما يثبت للمعصوم× يثبت للفقيه في خصوص ما يتعلق في شؤون الدولة الإسلامية والأمور العامة أما تزويج وتطليق هذا خارج تخصصه، خارج عن مراد السيد الإمام الخمينيî.

وأمّا في التنقيح ثلاثة أو أربعة مرة يكرر [12] السيد الخوئي طبعاً يقول أوّلاً يرد البناء عن الأول ثم يرد المعنى الثاني ويرد كلا المعنيين، يقول وأما ثبوت الولاية بالمعنى الثاني فقد استدل عليها ببعض ما أسلفنا، فالمتحصل أن الفقيه ليس كالإمام المعصوم× في وجوب الإطاعة إلا في تبليغ الأحكام، فيما إذا كان واجداً لشرائط المرجعية والتقليد، فلا تجب إطاعتهم في الأمر بإرسال الأخماس والزكوات ونحوها، إلا أن يكون المقلد يقلد مجتهداً يرى ثبوت الولاية للمجتهد ووجوب إطاعته، فلابد حينئذ من الإطاعة فيما أمر به الفقيه لا لأجل ثبوت الولاية له بل لأجل فتوى المجتهد بقبوله، هذا تمام الكلام في الولاية بالمعنى الأوّل، إذاً لا يرى ثبوته.

ثم يقول السيد الخوئي&: [13] فالمتحصّل أن الفقيه لم تثبت له الولاية بالمعنى الثاني أيضاً إلا في بعض الموارد، المورد الثالث يقول فالمتحصّل أنه لم يثبت للفقيه ولاية بنحو من الأنحاء في شيء من الموارد أبدا هذا كله بحسب الدليل الإجتهادي يعني حسب الروايات، وأما مقتضى الأصل العملي ثم يتطرق إلى مقتضى الأصل العملي بالنسبة إلى ولاية الفقيه، أما كلامنا في الباب الأوّل الأدلة على إثبات ولاية الفقيه وتكلمنا في القسم الأوّل وهو خصوص الأدلة النقلية، هذا تمام الكلام في الأمر الأوّل بينا رؤية الأعلام الثلاثة بشكل عام، ثم نبين رؤيتهم بشكل خاص، يعني في كل رواية رواية.

نبدأ بالدليل الأوّل، ما هو الدليل الأوّل؟ التوقيع الشريف (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا) [14] توقيع إسحاق بن يعقوب، أولاً نتطرق إلى كلام السيد الإمام في كتابه الحكومة الإسلامية ثم كلام السيد الإمام في كتاب البيع ثم نتطرق إلى كلام السيد الخوئي في مصباح الفقاهة والتنقيح وكلام السيد الحكيم في نهج الفقاهة.

خلاصة كلام السيد الإمام+ يرى دلالة الأدلة هذه الروايات الثلاثة من ناحية الدلالة كلها يراها دالة، من ناحية سندية قد يتوقف في الدليل الأوّل توقيع إسحاق بن يعقوب لكونه مجهول لم يوثق، والثاني أيضاً لأنه مرسلة من مرسلات تحف العقول، وأما من ناحية الدلالة لا إشكال، أما السيد الخوئي والسيد الحكيم فيردون الروايات الثلاثة يرون أنها غير دالة.

الدليل الأوّل وأما الحوادث الواقعة، السيد الإمام[15] ، ذكرناه مسبقاً يقول+: ليس هناك أي إشكال حول دلالة الرواية التي ذكرناها غاية الأمر في سندها شيء من التأمل وإذا لم تكن دليلاً فهو مؤيد للمطالب التي ذكرناها، هذا في كتاب الحكومة الإسلامية، في كتاب البيع،[16] هناك السيد الإمام+ هكذا يقول وأما دلالته فتارة من ناحية قوله أما الحوادث الواقعة إلى آخره يقول وتقريبها أن الظاهر أنه ليس المراد بها أحكامها بل نفس الحوادث مضافاً إلى أن الرجوع في الأحكام إلى الفقهاء من أصحابه، إذاً واضح كلام السيد الإمام+ في قبول دلالة الرواية.

السيد الحكيم بالنسبة إلى هذه الرواية[17] هكذا يقول وأما التوقيع الرفيع فإجمال الحوادث المسؤول عنها مانع من التمسك به، إذاً يرى أن المراد بالحوادث مجمل فلا تدل الرواية على ولاية الفقيه، قال وأما التوقيع الرفيع فإجمال الحوادث المسؤول عنها مانع من التمسك به إذ من المحتمل أن يكون المراد منها الحوادث المجهولة الحكم ويكون الرجوع إلى الرواة لمعرفة حكمها، إذاً يرى إنها غير دالة، هذا الكلام السيد الحكيم+.

السيد الخوئي في مصباح الفقاهة [18] ، يذكر هذا بالنسبة إلى الدليل الأوّل وفيه أنه لو كان المراد بالرواية هو ذلك لقال فأرجعوها إلى رواة حديثنا ولم يقل فارجعوا فيها، وأن الظاهر من الموجود في الرواية يعني هو الثاني ليس إلا الرجوع إليهم في الحكم فإن المناسب للرجوع إليه في الشيء ليس إلا الرجوع إليه في حكمه وأما اعتبار إذنهم في التصرف فلا، إذاً لا يرى الدلالة.

طبعاً في التنقيح[19] أوضح لأن مصباح الفقاهة أشبه بالمسودة، يقول بقي الكلام في الاستدلال بإطلاق الحجة على العلماء في التوقيع المشهور حيث قال× هم حجتي عليكم وأنا حجة الله إلى أن يقول والظاهر أن ذلك لا دلالة فيه على الولاية، هذا تمام الكلام في الرواية الأولى.

الدليل الثاني مجاري الأمور التي هي مرسلة تحف العقول السيد الإمام [20] يقول: هذه الرواية الشريفة من مؤيدات بحثنا، إذاً اعتبرها مؤيدة، ولو لم تكن ضعيفة السند لأمكن القول أنها من الأدلة، هذا ما لم نقُل أن نفس مضمونها شاهد على كونها صادرة من لسان المعصوم× وأن مضمونها صادق، إذاً السيد الإمام يعتبر الأولى والثانية أيضاً مؤيدة من ناحية السند يعني يعتبر مجاري الأمور الرواية الثانية والأولى الحوادث الواقعة مؤيدة من ناحية السند، في كتابه البيع [21] يقول وكرواية تحف العقول عن سيد الشهداء عن أمير المؤمنين^ وفيها مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه يقول وهي وإن كانت مرسلة لكن اعتمد على الكتاب صاحب الوسائل+ ومتنها موافق للاعتبار والعقل، السيد الحكيم بالنسبة إلى الرواية الثانية [22] ، هكذا يعلّق يقول والثالث لا تخلو من إجمال هذه هي الرواية الثالثة التي ذكرها، يقول مع أن العلماء بالله غير العلماء بالأحكام الذين هم موضوع البحث، إذاً ينكر دلالتها السيد الحكيم، السيد الخوئي [23] ، يقول: بل يمكن أن يراد من تلك الأخبار كون المراد من العلماء هم الأئمة والأوصياء^ لكونهم هم العلماء بالمعنى الحقيقي فمع دلالة تلك الأخبار على كون العلماء ورثة الأنبياء عن التصرف بأموال الناس وأنفسهم فلا دلالة فيها لكونها ثابتة للفقيه أيضاً.

في التنقيح يقول السيد الخوئي& ومن القريب أن يراد بالعلماء الأئمة الأطهار ويطلق العالم عليهم^ دون من تعلم الفقه والأصول، وذلك لعدم إمكان إرادة جميع العلماء من لفظه حيث إنه يشمل علماء الحساب والهندسة والتاريخ والجغرافية فيلزم تخصيص الأكثر على تقدير إرادة الفقيه منه، فلا محالة يُحمل على الإمام× وقد ورد في بعض الأخبار نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون، يقول وكذا قوله× مجاري الأمور بيد العلماء بالله والأمناء على حلاله وحرامه فإن العالم بالله ليس إلا الأئمة الأطهار^ لأنهم هم الذين بيدهم مجاري الأمور، هذا تمام الكلام في الدليل الثاني.

الدليل الثالث مقبولة عمر بن حنظلة، وهكذا يقول السيد الإمام الخميني+[24] ويستفاد أيضاً من صدر وذيل الرواية والآية التي ذكرت فيها أن الموضوع ليس مجرد تعيين قاضٍ وحسب فالإمام لم يكتفي بتعيين قاضي فقط دون أن يتعرض لبيان التكليف حول سائر أمور المسلمين الأخرى بشكل يبقى أحد السؤال هو الذي يرجع إلى التحاكم عند السلطان التنفيذية بلا جواب، يقول هذه الرواية من الواضحة مقبولة عمر بن حنظلة، وليس ثمة وسوسة في سندها ودلالتها فلا ترديد في أن الإمام× قد عيّن الفقهاء لأجل الحكومة والقضاء وعلى جميع المسلمين إطاعة أمر الإمام×.

يقول السيد الإمام الخميني[25] والرواية من المقبولات التي دارت عليها رحى القضاء وعملوا الأصحاب بها حتى اتصفت بالمقبولة فضعفها سنداً بعمر بن حنظلة مجبور بأنه يرى أن الشهرة جابرة كاسرة فيرى أنها حجة من جهة عمل الأصحاب بها، يقول مع أن الشواهد الكثيرة المذكورة في محلها تدل على وثاقته فلا دلالتها على حسنه فلا إشكال من جهة السند وأما الدلالة فلأجل تمسّك الإمام× بالآية الشريفة ويبين إنها دالة.

وأمّا كلام السيد الحكيم+[26] بالنسبة إلى المقبولة عمر بن حنظلة، يقول وأما الحاكم فالظاهر منه من له وظيفة الحكم إما بمعنى الحكم بين الناس فيختص بفصل الخصومة أو مطلقاً فيشمل الفتوى كما يناسبه العدول عن التعبير بالحكم إلى التعبير بالحاكم حيث قال× فليرضوا به حكماً فإني قد جعلته عليكم حاكماً، مضافاً إلى ما يأتي مثله في المشهور، وليس له ظهور بمعنى السلطان أو الأمير كي يكون له ولاية التصرف في الأمور العامة فضلاً عن أن يكون بمعنى من له الولاية المطلقة بالتصرف في النفوس والأموال، لاحظ كلام السيد الحكيم+ يفرّق بين الولاية العامة والولاية المطلقة هكذا يقول وليس له ظهور بمعنى السلطان والأمير كي يكون له ولاية التصرف في الأمور العامة فضلاً عن أن يكون بمعنى من له الولاية المطلقة بالتصرف في النفوس والأموال.

وأما كلام السيد الخوئي+ [27] هكذا يقول وكذلك لا دلالة في قوله# هم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم إذ الظاهر من الحجية هي الحجية في الأحكام وأما الولاية في التصرف فلا معنى للحجية في ذلك فلا ملازمة بين الحجية والولاية بوجه، يرد رد قاطع السيد الخوئي، وأما بالنسبة إلى المقبولة يقول بقي الكلام في الاستدلال بإطلاق الحجة على العلماء في التوقيع المشهور حيث قال× هم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم والظاهر أن ذلك لا دلالة فيه على الولاية لأن الحجة مناسبة للإفتاء والقضاء لأن معناه تنجز الأحكام على النص بهم ولا يناسب الولاية التصرف في الأموال والأنفس كما لا يخفى، هذا تمام الكلام في بيان رأي الأعلام في الأدلة الثلاثة وقد انتهينا من خلال البحث إلى هذه النتيجة، أن الدليل الأوّل وهو (وأما الحوادث الواقعة) تام من ناحية الدلالة إلا أنه ليس بتام من ناحية السند لعدم توثيق إسحاق بن يعقوب وأما الدليل الثاني غير تام سنداً ودلالة، مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله وأنها خاصة بخصوص الأئمة^ تمسكاً بقرينة سياق الرواية وقوله العلماء بالله ولم يقل العلماء بأحكام الله فهي من ناحية الدلالة غير تامة وأيضا من ناحية السند غير تامة.

الرواية الثالثة مقبولة عمر بن حنظلة تامة من ناحية الدلالة على الولاية العامة لا على ولاية الفقيه المطلقة، وأما السند فيمكن التجاوز عنه لكون الرواية مقبولة، يقع الكلام في الدليل الرابع الذي قد يستدل به على الولاية العامة بل على الولاية المطلقة وسيتضح أنه غير تام من ناحية السند.


[1] الحكومة الإسلامية، ج1، ص91.
[3] الحكومة الإسلامية، ج1، ص91.
[5] نهج الفقاهة، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص489.
[7] نهج الفقاهة، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص494.
[8] نهج الفقاهة، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص499.
[12] التنقيح في شرح المكاسب، السید الخوئي، ج37، ص170.
[13] التنقيح في شرح المكاسب، السید الخوئي، ج37، ص172.
[15] الحكومة الإسلامية، ج1، ص125.
[17] نهج الفقاهة، الحكيم، السيد محسن، ج1، ص495 و 497.
[19] التنقيح في شرح المكاسب، الخوئي، السيد أبوالقاسم، ج37، ص169.
[20] الحكومة الإسلامية، ج1، ص179.
[24] الحكومة الإسلامية، ص139.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo