< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: رد بقية المناقشات لمقبولة عمر بن حنظلة وإثبات تمامية الاستدلال بها

المناقشة الرابعة للدليل الثالث وهي مقبولة عمر بن حنظلة، بعد إن انتهينا من التقريبات الستة التي أقيمت على الدليل الثالث على ولاية الفقيه وهي مقبولة عمر بن حنظلة، شرعنا في مناقشات ستة من المناقشات الثلاث الأُوائل واتضح عدم تماميتها، وسنشرع في بيان المناقشات الثلاث الأُخر وسيتضح أنها ليست تامة وبالتالي تكون دلالة مقبولة عمر بن حنظلة على ولاية الفقيه المطلقة تامة بلا شك ولا ريب.

المناقشة الرابعة ما ذكرها ورَدَّ عليها الشيخ حسين المنتظري&[1] ، مفاد المناقشة الرابعة إنَّ لفظ الحاكم والحكومة ومشتقاتها قد غَلَبَ استعمالها في الكتاب الكريم والسنة الشريفة في خصوص القضاء، كقوله تعالى ﴿وَإذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾ [2] وقوله تعالى ﴿وَتُدْلُواْ بِهَا إلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإثْمِ﴾[3] ، وفي حديث ابن فضال نقلاً عن خط أبي الحسن الثاني× يعني الإمام الرضا في تفسير الآية الحكَّام القضاة، هذه المناقشة الرابعة يَرِد عليها أوّلاً وثانياً.

أوّلاً: إن كثرة الاستعمال في معنى لا يجعله معناه الحقيقي، لو بلغت كثرة الاستعمال من الكثرة بحيث أوجبت الوضع التعيّني بحيث يتبادر هذا المعنى بالذات عند العرف عند سماع اللفظ ففي هذه الحالة ينعقد لهذا اللفظ ظهور في ذلك المعنى، لأن كثرة الاستعمال توجب تحقق الوضع التعيّني إلا أن استعمال لفظ الحاكم في القاضي لم تبلغ هذه الدرجة التي توجب الوضع التعيّني بحيث بمجرد أن نسمع لفظ الحاكم يتبادر إلى الذهن معنى القاضي.

وثانياً: إن دعوى كثرة استعمال لفظ الحاكم في القاضي مردودة، إذ استعمل لفظ القاضي في معنى الولي، واستعمل لفظ الحكم بمعنى القرار والحاكم بمعنى المقرر وهذه الموارد ليست بقليلة في الكتاب والسنة، ونذكر بعض الموارد:

المورد الأوّل قوله ﴿وَمَا كَانَ لِلهِ فَهُوَ يَصِلُ إلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾[4] ، فإن المراد بحكمهم هنا هو قرارهم بعدم اختصاص الله بشيء، وهذا القرار ليس حكماً قضائياً لحسم التنازع بين طرفين، الآية الثانية قال تعالى﴿أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾ [5] ، فإن حكم الأب بدفن البنت قرار وحكم بوصفه ولي أمر البنت وليس حكماً قضائياً وارداً في باب التنازع.

المورد الثالث قال الله تعالى ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ﴾ [6] ، فالمراد بالحكم الإلهي هنا قضاء الله وقدره، فالحكم الإلهي الذي يجب الصبر عليه إنما هو التقدير والمشيئة الإلهية، فإن الحكم على يونس× بالإلقاء في البحر وابتلائه بدخوله في بطن الحوت ليس حكماً قضائياً وفصلاً للنزاع بين الأطراف، بل هو قرار ومشيئة إلهية.

المورد الرابع قال الله تعالى ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ [7] ، فبقرينة ذيل الآية ولا تطع منهم آثماً أو كفورا يعرف أن المراد بحكم الله حكم الله بلزوم أعباء الرسالة وعدم مداهنة الأعداء وعدم الميل إليهم وليس المراد به الصبر تجاه الحكم القضائي، إذاً فاصبر لحكم ربك يعني فاصبر لمشيئة ربك، لقضاء ربك، لقرار ربك، إذاً في بعض هذه الآيات اُستخدم الحكم بمعنى القرار، وفي بعض هذه الآيات اُستعمل الحكم بمعنى الولي، وإذا رجعنا إلى استعمالات العرب نجد أن لفظ الحاكم قد استعمل أيضاً في الوالي والسلطان والأمير، قال السيد الحميري& الشاعر المعروف قال في قصيدته الشعرية:

والمراد بالحاكم هو السلطان والأمير والوالي، وخطب أبو طالب× حين طلب يد خديجة÷ للنبي محمد|، قال: ـ لاحظ كلام أبو طالب ـ الحمد لرب هذا البيت الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل ـ يفتخر أنه من أوّلاد الأنبياء ـ وأنزلنا حرماً آمناً وجعلنا الحكّام على الناس، هنا الحكّام على الناس ـ يعني جعلنا القضاة على الناس ـ يعني جعلنا الزعماء على الناس، الرؤساء على الناس، وهكذا ورد في كلمات النبي| وأمير المؤمنين لفظ الحاكم بمعنى الولي، فلا يمكن القول بأن لفظ الحكومة قد غلب استعماله في القضاء، نعم، في موارد التنازع وفصل الخصومة الذي هو مورد القضاء غلبَ استعمال لفظ الحاكم للقاضي وهذا شيء وما نحن فيه شيء آخر، ما نحن فيه دعوى أن لفظ الحاكم يستخدم في الغالب بمعنى القاضي وهذا غير صحيح، والدعوى الأخرى في خصوص باب القضاء في خصوص باب المنازعات في خصوص فصل الخصومات غلبَ استعمال لفظ الحاكم بمعنى القاضي هذا صحيح هذا تام.إذاً قد يقال بغلبة لفظ الحاكم بمعنى القاضي في موارد النزاع الواقعة في باب الحقوق أو باب الاختلاف والتشاجر في الرأي أو في الموقف إلا أن هذا لا يفيد أصل المناقشة برهان على مُدعاها، هذا تمام الكلام في المناقشة الرابعة واتضح أنها غير تامة.

المناقشة الخامسة وهي أيضاً مذكورة في كتاب الشيخ المنتظريî دراسات في ولاية الفقيه [8] ، مفاد هذه المناقشة إن الظاهر أن الإمام الصادق× لم يكن بصدد الثورة ضد السلطة الحاكمة في عصره لكي يَنصب والياً في قبالها لعدم مساعدة الظروف على ذلك، بل كان بصدد رفع مشكلة الشيعة في عصره في باب المخاصمات، كيف ولم يعهد تدخله بنفسه× في المسائل الولائية المرتبطة بالولاء مع كونه حقاً له عندنا فكيف ينصب لذلك الفقهاء في عصره.

الشيخ المنتظري& بعد أن أورد هذه المناقشة التي نسبها إلى البعض ردّها قال: اللهم إما أن يقال أن القضاء كأمر ليس منحازاً عن الولاية الكبرى بل هو من شؤون الوالي فالإمام× جعل الولاية الكبرى للفقيه لعصره ولما بعده، غاية الأمر إن هذا الجعل بالنسبة إلى عصره كان منشأ للأثر بالنسبة إلى خصوص القضاء والأمور الحسبية فقط، ولعله في الأعصار المتأخرة يفيد بالنسبة إلى جميع الآثار كما نراه في عصرنا حيث تهيأ الجو لإقامة دولة إسلامية في إيران، هذا نص الكلام، أقرره حتى يكون الجواب واضح بشكل سلس وبسيط.جواب الإمام الصادق× حينما نصب الولاة نقول القضاء ليس منفصلاً عن الولاية العامة، القضاء شأن من شؤون الوالي الذي له ولاية عامة، الإمام الصادقj لم يكن بصدد تعيين القضاة فقط، كان بصدد تعيين الولاة الذين لهم عدة صلاحيات، بعض هذه الصلاحيات أمكن تفعيلها في عصر الإمام الصادق× كالقضاء والفصل بين خصومة وبعض هذه الصلاحيات لم يمكن في عصره لظرف التقية لم يمكن تفعيل الولاية على الشؤون العامة بين المسلمين، في زماننا هذا أمكن تفعيل الولاية العامة على المسلمين، إذاً الإمام لم يكن بصدد إعطاء الولاية على القضاء فقط، وإنما كان بصدد إعطاء الولاية العامة وما يمكن تفعيله منها وفي ذلك الزمن أمكن تفعيل الولاية على القضاء وفي زماننا يمكن تفعيل الولاية العامة على شؤون المسلمين.وفيه أما بالنسبة إلى جوابه& نقول إن جعل الإمام للحاكم ليس أثره الذي ترتب عليه مجرد حسم الخصومات القضائية في زمن الإمام الصادقj، بل من ثمرات جعل الإمام الولاية للفقهاء في عصره أمور أخرى غير القضاء، مثل حل شؤون الشيعة وتدبير شؤونهم وإرشادهم ولا دليل على أن الفقيه في زمن الإمام الصادق× كان يعالج قضايا القضاء فقط دون القضايا العامة المرتبطة بالشيعة ضمن الإمكانات المتوفرة، وإذا افترضنا أن القضاء لا ينحاز عن الولاية الكبرى والولاية العامة فكيف افترض في مقام العمل أن الولاية عن القضاء مفصولة عن الولاية العامة، مع أن حاجة الشيعة إلى الشأن العام في زمانه× أكثر من حاجتهم إلى القضاء وفصل الخصومات، وإذا كانت أجواء التقية تمنع تفعيل الولاية العامة فكذلك بالنسبة إلى القضاء لأن السلطة كان لها قضاة رسميون، فيكون الولاء على القضاء والشؤون العامة من باب واحد في زمانه×، هذا أوّلاً بالنسبة إلى جوابه.

وثانياً بالنسبة إلى أصل الإشكال ففيه: إن جعل الولاية للفقيه ليس إقداما على الثورة إنما هو ممارسة الإمام× لوظائفه الشرعية في حدود الإمكان، لو كان الإمام× بصدد الثورة لكان ينبغي عليه إشهار السيف وإعداد العدة والعتاد وتهيئة الناس، فجعل الولاية والسلطنة للفقيه على الشأن العام لا يعني القيام بالثورة، إنما يعني جعل الرئيس والمدير العام لشؤون الشيعة وإبعادهم عن ولاية الطاغوت، كما أن ممارسة الفقيه لولايته وإعماله لولايته ودوره ليس قياماً بالثورة، وإنما هو تحمل للمسؤولية الشرعية بقدر المستطاع وبحدود القدرة، أما عدم تدخل الإمام الصادق× في المسائل الولائية فإنه لم يتدخل في تلك الفترة لظروف التقية وشدة الحصار عليه وهذا لا يستلزم عدم صحة جعل الولاية للفقيه، إذ هذا يثبت العكس بعد ثبوت حق الإمامة للإمام× وعدم تمكنه من مباشرة الشأن العام وعدم تمكنه من ممارسة وظائفه الشرعية لا شك ولا ريب حينئذ يجعل هذه الولاية لتلاميذه الذين يمكنهم إدارة شؤون الشيعة في مختلف المناطق، هذا تمام الكلام في المناقشة الخامسة واتضح عدم تماميته.

المناقشة السادسة للمحقق المدقق السيد أبو القاسم الخوئي& [9] ، تقرير الشيخ محمد علي التوحيدي التبريزي&، هذه المناقشة قائمة على دعوى أن الوالي يعني لفظ الوالي ومعنى الوالي مغاير لمعنى القاضي، أما الحاكم والقاضي فهما متحدان يعني إذا ورد لفظ الوالي فمعناه مغاير للفظ القاضي، لكن إذا جاء لفظ الحاكم فهو متحد في المعنى مع لفظ القاضي وبالتالي يمكن حمل لفظ الحاكم على القاضي ولا يمكن حمل لفظ الحاكم على الوالي، لأن الوالي غير الحاكم وغير القاضي.

قال+ هذا نص كلام السيد الخوئي، من هنا قال× في بعض الروايات جعلته عليكم قاضياً، هذا سيأتي في مشهورة أبي خديجة في مقبولة عمر بن حنظلة فإني قد جعلته عليكم حاكماً في مشهورة أبي خديجة سالم ابن مكرم فإني قد جعلته عليكم قاضياً وتصير مشهورة أبي خديجة جعلته قاضياً أمارة على المراد من مقبولة عمر بن حنظلة جعلته عليكم حاكماً، يقول السيد الخوئي& من هنا قال× في بعض الروايات جعلته عليكم قاضياً ويدل على اتحادهما في ذيل الرواية يعني اتحاد القاضي والحاكم فإني قد جعلته حاكماً إذ لو كان القاضي غير الحاكم لم يقل إني قد جعلته حاكماً مع كون المذكور في صدر الرواية لفظ القاضي، يعني إذا راجعنا مقبولة عمر بن حنظلة في البداية السائل يقول يسأل رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث أيرجعان إلى القاضي، الإمام يقول ينظران إلى رجل ممن روى حديثنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حاكماً فإني جعلته عليهم حاكماً، السيد الخوئي يستدل يقول الإمام عدل من لفظ القاضي الذي ورد في سؤال السائل إلى لفظ الحاكم مما يعني أن لفظ الحاكم يرادف لفظ القاضي، في سؤال السائل قبل القاضي قال يرجع إلى السلطان أو القاضي، لماذا ما يصير هذا لفظ حاكم يشمل الاثنين السلطان والقاضي، الآن هذا نص كلامه، وفيه إن دعوى الاتحاد بين لفظ الحاكم والقاضي مخالفة للمعروف عند أهل اللغة من أن الحاكم يطلق ويراد به المتصرّف بشؤون البلاد، في خصوص باب الخصومة وفض المنازعات قد يَغلب استعمال لفظ الحاكم بمعنى القاضي لكنه لا يتعيّن، وإذا راجعنا اللغة وكتب اللغة نجد أن الكثير من الكتب قد ذكرت لفظ الحاكم بمعنى الرئيس، السلطان، الوالي، الأمير، نذكر بعضها وذكر المنجد، المعجم الوسيط، هذه متأخرة كان الأولى الاستدلال بكتاب المغرب والاستدلال بكتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، والاستدلال بالقاموس المحيط للفيروز آبادي ثم بعد ذلك يأتي إلى المتأخر وهو الصحاح للجوهري.

قال في المنجد[10] حكم حكماً وحكومة في البلاد، تولى إدارة شؤونها فهو حاكم جمع حكّام، حكّم ولاَّه وأقامه حاكماً، الحكم جمع أحكام، تولي إدارة شؤون البلاد، الحكومة أرباب السياسة والحكم، الهيئة الحاكمة المؤلفة ممن يتولون إدارة شؤون البلاد.

قال في المعجم الوسيط [11] والحاكم من نُصّب للحكم بين الناس والحكم بين الناس يصدق على باب التنازع وعلى باب ادارة شؤون البلاد والعباد، أما القاضي هذا مقطع آخر[12] ، والقاضي فهو القاطع للأمور المحكِم لها ومن يقضي بين الناس بحكم الشرع ومن تعينه الدولة للنظر في الخصومات والدعاوي وإصدار الأحكام التي يراها طبقاً للقانون، وقضي قضياً وقضاءً وقضية حكم وفصل ويقال قضى بين الخصمين وقضى عليه وقضى له وقضى بكذا فهو قاضي.

نقول حتى لو سلم دعوى أن لفظ القضاء معناه مطلق الحكم والفصل في اللغة إلا أنه لا شك ولا ريب في اطراد وغلبة استعمال لفظ القاضي فيمن يفصل بين المنازعات بين المتخاصمين، فلو قيل زيد قاضي ينصرف إلى معنى من يفصل المنازعات ولا ينصرف إلى معنى الولي والأمير، لكن لفظ الحاكم كما يشمل القاضي يشمل أيضاً الوالي والأمير والرئيس والسلطان، إذاً لا يوجد اتحاد بين لفظ الحاكم وبين لفظ القاضي، وبعبارة أخرى في كل مكان يوجد لفظ قاضي يمكن أن تستبدله بلفظ حاكم والعكس غير صحيح، لا يمكن استبدال أي لفظ حاكم ونضع مكانه لفظ قاضي، إذاً الحاكم أعم كما يشمل القاضي يشمل أيضاً الرئيس والوالي والسلطان والقاضي أخص، إذاً المناقشة السادسة غير تامة وبالتالي اتضح أن الاعتراضات الستة والمناقشات الستة لدلالة مقبولة عمر بن حنظلة على ولاية الفقيه غير تامة وبالتالي التقريبات الأربعة المتقدمة على دلالة مقبولة عمر بن حنظلة على ولاية الفقيه تامة بلا ريب، إذاً النتيجة النهائية بالنسبة إلى مقبولة عمر بن حنظلة اتضح أن مقبولة عمر بن حنظلة تامةٌ من ناحية الدلالة والمعنى إلا أن الكلام كل الكلام في سندها، سندها مشكل بلحاظ عمر بن حنظلة، فعمر بن حنظلة لم يرد فيه توثيق.عمر بن حنظلة هو أبو صخر عمر بن حنظلة العجلي الكوفي، عده الشيخ الطوسي والبرقي من أصحاب الإمامين الباقر والصادق، عمر بن حنظلة أحد الرواة المشهورين قد روى عنه كبار الأصحاب مثل زرارة، هشام بن سالم، عبد الله بن بُكير، عبد الله بن نسكان، صفوان بن يحيى، أصحاب الإجماع هؤلاء.أحمد بن محمد بن أبي نصر البيزنطي ومحمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى بياع السابوري، طبعاً هذا يكفي في توثيق رواية الأجلاء عنه، إكثار الأجلاء عنه يكفي في توثيقه، بالإضافة إلى أن رواية يزيد بن خليفة تدل على مدحه، طبعاً السيد الخوئي في معجم الرجال في ترجمة عمر بن حنظلة يذكر رواية جاءكم عنّا عمر بن حنظلة بخبر، الإمام× يقول إذاً لا يكذب علينا، هذا تفيد الوثاقة لكن في سندها عمر بن حنظلة فإذاً يلزم الدور لذلك لا يمكن قبولها.ولكن هذه الرواية عنونة بعنوان ـ المقبولة ـ مقبولة عمر بن حنظلة فما هو المراد بمصطلح المقبولة، المقبولة هي الحديث الذي يقبل العلماء مضمونه، ويعملون على وفقه دونما التفات إلى صحة سنده أو عدم صحة سنده، مثل مقبولة عمر بن حنظلة عمل بها الأعلام في القضاء ـ علمائنا عملوا بها في باب القضاء ـ وبالتالي وإن كانت هذه الرواية من ناحية السند ضعيفة بعمر بن حنظلة إلا أنه يمكن توثيق عمر بن حنظلة على بعض المباني الرجالية منها رواية الثلاثة الذين لا يرون ولا يرسلون إلا عن ثقة عنه وقد روى عنه صفوان، الثاني رواية كبار الأجلاء والمشاهير عنه وإكثار الجليل عن شخص أمارة الوثاقة، وإذا تنزّلنا ولم نوثقه فلا تكون الرواية صحيحة نقول هذه الرواية مقبولة قد تلقاها الأصحاب بالقبول وعملوا بمضمونها، إذاً خلاصة الكلام بالنسبة إلى الأدلة الثلاثة المتقدمة على مبنانا.

الدليل الأوّل هو التوقيع وأما الحوادث الواقعة، قلنا من ناحية الدلالة تام الدلالة، من ناحية السند ضعيف السند بإسحاق بن يعقوب، فلا ينهض الدليل الأوّل بالدلالة على ولاية الفقيه المطلقة إلا إذا تلمسنا القرائن وحصل وثوق بصدور هذه الرواية لأن هذه الرواية قد رواها الكليني لكنه لم يذكرها في الكافي ونقلها الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة ونقلها الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة ونقلها الطبرسي في الاحتجاج، إذاً الدليل الأوّل غير تام لضعف سنده.

الدليل الثاني مرسلة تحف العقول مجاري الأمور والأحكام بيد العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه، قلنا هذه الرواية غير تامة سنداً ودلالة، سنداً لأنها من مراسيل ابن شعبة الحراني في تحف العقول ودلالة لأنها مختصة بالأئمة^، طبعاً السيد الإمام يرى إنها تامة الدلالة على ولاية الفقيه ولكن يناقش في سندها.

الدليل الثالث مقبولة عمر بن حنظلة نرى أنه تام الدلالة إلا أنه هناك مناقشة في سنده لكن يمكن تصحيحه فيصير أول دليل عندنا ناهض على ولاية الفقيه هو التمسك بمقبولة عمر بن حنظلة.

بعد الانتهاء من الأدلة الثلاثة الأوَل لا بأس بعرض كلمات ثلاثة من الأعلام الكبار في ولاية الفقيه وهم متعاصرون، الأوّل السيد محسن الحكيم+ في كتابه نهج الفقاهة والثاني السيد أبو القاسم الخوئي& في كتابيه مصباح الفقاهة والتنقيح في شرح المكاسب، والثالث الإمام الخميني+ وكتابيه الحكومة الإسلامية وكتاب البيع، هؤلاء الفقهاء الثلاثة من فحول الطائفة والسيد الحكيم+ والسيد الخوئي+ يعبرون عن مدرسة النجف التي يغلب عليها القول بولاية الفقيه المقيّدة ورفض ولاية الفقيه المطلقة والسيد الإمام من مدرسة قم التي يغلب عليها القول بولاية الفقيه المطلقة، طبعاً هناك من القميين من يرى ولاية الفقيه المقيّدة وهناك من النجفيين من يرى ولاية الفقيه المطلقة، إذاً لا بأس بالتطرق إلى آراء الأعلام بشكل عام حول ولاية الفقيه أوّلاً وثانياً بشكل خاص حول الأدلة الثلاثة، يعني الرواية الأوّلى والثانية والثالثة ماذا يقولون فيها.نتطرق أوّلاً إلى معنى الولاية الذي طرحه السيد الإمام ومعنى الولاية الذي طرحه السيد الخوئي والسيد الحكيم، فقد طرح معنيين للولاية، وثانياً نتطرق إلى رؤيتهم العامة للولاية، ما هي رؤية الإمام الخميني العامة للولاية؟ وما هي رؤية السيد الخوئي والسيد الحكيم بشكل عام للولاية؟ والأمر الثالث نتطرق إلى رأيهم في الدليل الأوّل والدليل الثاني والدليل الثالث. وسنتطرق إلى آراء هذه المدارس الثلاث وبالتالي بعد ذلك في الدليل الرابع والدليل الخامس في كل دليل نحاول أن نعرض آراء الفقهاء الثلاثة إذا تطرقوا إلى هذا الدليل.

 


[10] المنجد، ج1، ص146.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo