< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ عبدالله الدقاق

بحث الفقه

39/03/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التقريب الرابع للمقبولية والاشكالات الأربعة عليه

وأمّا التقريب الرابع للدليل الثالث ما أفاده المحقق النائيني+: [1] في أدلة إثبات ولاية الفقيه المطلقة، وصلنا إلى الدليل الثالث وهو الاستدلال على ولاية الفقيه بمقبولة عمر بن حنظلة، قلنا يمكن الاستدلال بمقبولة عمر بن حنظلة بتقريبات سبعة، انتهينا بحمد الله في السابق من التقريبات الثلاث الأولى، ونشرع في بيان التقريب الرابع وعليه أربعة إشكالات ندفعها فيكون التقريب الرابع للمحقق النائينيî تاماً كما أن التقريبات الثلاثة الأوَل تامة أيضاً.

التقريب الرابع التمسّك بإطلاق لفظ الحاكم الوارد في المقبولة فلفظ الحاكم مطلق يدل على طبيعي الولاية، فيندرج تحت طبيعي الولاية، الولاية العامة على شؤون الناس كما يندرج الولاية على فصل الخصومة والولاية على الفتوى، وحيث لم يذكر الإمام× ولاية خاصة فلا محال يدل إطلاق اللفظ على ثبوت مطلق الولاية للفقيه.

قال المحقق النائيني&: فإن الحكومة بإطلاقها يشمل كلتا الوظيفتين المراد الولاية على الفصل في المنازعات والقضاء والثاني الولاية على الشؤون العامة، قال النائيني: فإن الحكومة بإطلاقها يشمل كلتا الوظيفتين ولا ينافيه كون مورد الرواية مسألة القضاء فإن خصوصية المورد لا توجب تخصيص العموم في الجواب، هذا تمام الكلام في التقريب الرابوأورد على التقريب الرابع عدة إشكالات:

الإشكال الأوّل ما ذكره الميرزا النائيني+ نفسه بعد أن ذكر التقريب من أن مورد الرواية هو خصوص القضاء فلا تعم ولا تشمل الولاية العامة على شؤون الناس، وأجاب عليه المحقق النائيني& بقوله: ولا ينافيه كون مورد الرواية مسألة القضاء فإن خصوصية المورد لا توجب تخصيص العموم في الجواب، هذا أوّلاً في جواب الإشكال الذي ذكره الميرزا النائيني، يعني العبرة بعموم اللفظ لا بخصوصية المورد.

الجواب الثاني على هذا الإشكال إما أن نقول إن لفظ الحاكم مطلق، فيشمل الولاية العامة كما يشمل الولاية على القضاء، فيتم المطلوب وإمّا أن نرفض الإطلاق والعموم في لفظ الحاكم وندّعي أن لفظ الحاكم يدل على السلطان ومن له تدبير شؤون الناس، وبالتالي تكون الرواية ليست واردة في خصوص القضاء، لا في سؤال السائل ولا في جواب الإمام×، إذ أن سؤال السائل كان حول جواز الرجوع إلى السلطان أو القاضي ولم يقتصر سؤال السائل على جواز الرجوع إلى خصوص القاضي، لكي يقال الرواية مختصة بخصوص باب القضاء هذا بالنسبة إلى سؤال السائل، وأما بالنسبة إلى جواب الإمام× خالٍ من لفظ القضاء، وقد ورد فيه لفظ الحاكم والحاكم أعم من القاضي بل إن لفظ الحاكم كما يرى المحقق النائيني+ يدل على معنى الولاية العامة وبالتالي لفظ القاضي في سؤال السائل لا يخصص جواب الإمام× في مورد القضاء لأن جواب الإمام× إنما كان في مقام نصب الحاكم، وعنوان الحاكم أعم من عنوان القاضي، إلا أن يستظهر من لفظ الحاكم خصوص القاضي كما هو مورد كثير من الروايات إذ تطلق على القاضي أنه حاكم فلا يتم هذا الجواب إذا استظهرنا لفظ الحاكم.

إذاً لفظ الحاكم إما أن نستظهر منه العموم فيتم المطلوب وإما أن نستظهر منه خصوص السلطان فيتم المطلوب وإما أن نستظهر منه خصوص القاضي فلا يتم المطلوب فتكون الرواية خاصة بالقضاء وبالتالي تكون أجنبية عن بحث ولاية الفقيه.وقد يُتمسّك بحيثيتين لإثبات خصوصية الرواية بمورد القضاء، الخصوصية الأوّلى التمسّك بظهور لفظ الحاكم في خصوص القاضي، وهو مورد كثير من الروايات وهي مورد استعمال لفظ الحاكم في ذلك الزمان والأمر الثاني التمسّك بما ورد من سؤال السائل من جواز الرجوع إلى السلطان أو القاضي بأن يقال إن المرجع في الخصومة وفي القضاء إما أن يكون إلى القاضي وهو غالبية الموارد وإما أن يكون إلى السلطان إذا لم ينفع القاضي فتكون الرواية أجنبية عن البحث لكن الظاهر أن لفظ الحاكم مطلق فيتمسّك بعمومه فلا يرد. الإشكال الأوّل.

الإشكال الثاني ما ذكره السيد كاظم الحائري عن بعضٍ [2] [3] من كتابه أساس الحكومة الإسلامية هذا كتاب قديم لأستاذنا السيد كاظم الحائري ولكنه كتاب متين وهذا الإشكال الثاني هو من أقوى الإشكالات على تقريب المحقق النائيني+ ومن أفضلها من ناحية الصناعية والعلمية لذلك الجواب عليه ينبغي أن يكون جواباً عميقاً ستكون عليه أربعة أجوبة، لكن الإشكال أيضاً عميق.

الإشكال الثاني هذا نص كلام السيد الحائري~ في أساس الحكومة الإسلامية لا يمكن التمسّك بإطلاق حاكماً لماذا؟ وذلك لأن لفظ الحاكم وقع محمولاً لا موضوعاً ولا يجري الإطلاق الموجب للسريان في المحمول.

خلاصة الإشكال متى يمكن التمسّك بالإطلاق؟ الجواب يمكن التمسّك بالإطلاق إذا ورد العنوان كموضوع في الرواية وإما إذا ورد محمولاً في الرواية فلا يمكن التمسّك بإطلاق اللفظ الذي يرد محمولاً في الرواية هذا الإشكال يمكن تقريبه بأحد تقريبين، التقريب الأوّل وجداني والتقريب الثاني برهاني، أوّلاً نأخذ التقريب الوجداني هذه الدعوى الوجدانية مفادها، إذا قال القائل النار حارة فإنه بالوجدان لا يقصد ثبوت مطلق الحرارة للنار من قبيل حرارة الشمس، حرارة المدفئة، حرارة الاحتكاك، وما شاكل ذلك إنما يريد القائل ثبوت خصوص الحرارة النارية للنار، فدعوى الوجدان قائمة على عدم إرادة مطلق مراتب ومصاديق المحمول، القائل حينما يأتي بلفظة، كمحمول فإنه لا يريد مطلق المراتب ومطلق المصاديق للنار مثلاً وإنما يريد حصة خاصة وهي خصوص الحرارة النارية، هذه الدعوى الوجدانية.

وأما الدعوى البرهانية قبل ما أذكرها في قوالب لفظية لا بأس بتنقيح الموضوع، تارة يأتي اللفظ كموضوع وتارة يأتي اللفظ كمحمول، فإن جاء اللفظ موضوعاً كلفظ الحاكم فإنما يراد به الموضوع المقدر الوجود المفروض الوجود والمفترض وجوده يمكن أن يراد به الطبيعي والكلي فيقع الإطلاق للعنوان المأخوذ موضوعاً، وتارة يؤخذ اللفظ كمحمولٍ كقوله× فإني قد جعلته عليكم حاكماً، فقد ورد لفظ الحاكم محمولاً في الرواية واللفظ المأخوذ محمولاً يؤخذ محقق الوجود وليس مقدر الوجود ومفترض الوجود والمحقق الوجود المأخوذ في العنوان لا يعقل أن يكون طبيعياً أو كلياً وإنما هو حصة خاصة قد لوحظت وحُكم عليها.

إذاً خلاصة تقرير الإشكال الثاني إن العنوان إذا أُخذ في الموضوع أُخذ مقدر الوجود فيمكن حمله على الإطلاق والطبيعي، وتارة يؤخذ العنوان محمولاً فيكون قد أُخذ محقق الوجود ولا معنى لحمله على الطبيعي فلا يتحقق الإطلاق، لذلك هكذا نقول في بيان الإشكال الثاني بنحو برهاني، نقول إن علة جريان الإطلاق في الموضوع إنما هو أخذ الموضوع مقدّر الوجود هذا التقدير يفرض جميع الفرضيات الوجودية اللاحقة به على تقدير عدم التقييد، وعلى تقدير وافتراض عدم وجود قدر متيقّن، وأما إذا اُخذ محمولاً فهو قد أُخذ على تقدير كونه محقق الوجود لا على تقدير كونه مفترض ومقدر الوجود، لأن الحاكم يريد إيجاده ويريد جعله، فإذا كان كذلك يعني محقق الوجود أُخذ محمولاً لا حاجة إلى ثبوت مطلق المراتب ومطلق المصاديق، لأن إخراج الإعدام إلى دائرة الوجود يحتاج إلى لحاظ وحكم وهذا مفقود في المحمول والقدر الخارج عن دائرة العدم هو القدر المتيقّن يعني القدر المتحقق الوجوب.

فإذاً في المحمول عندنا نوع من الجعل وليس عندنا مطلق الجعل، فيترتب هذا النوع من الجعل على الموضوع المفترض الوجود وهذا بخلاف الموضوع، فإن الموضوع قد أخذ فيه كون العنوان مفروض الوجود مقدر الوجود فقد أٌخرج من العدم بلحاظ جميع حالاته، فإثبات عدم فرض أو حالة معينة من حالات الموضوع يحتاج إلى دليل إن قام الدليل على ثبوت جميع المراتب وجميع الحالات والمصاديق المفترضة الوجود.

أُكرر الإشكال الثاني بشقّيه الوجداني والبرهاني حتى نُجيب عليه بأربعة أجوبة، التقرير الوجداني لو قلنا النار حارة فإننا لا نقصد مطلق الحرارة كحرارة الشمس وحرارة الاحتكاك وإنما نقصد حصة خاصة من الحرارة وهي خصوص الحرارة النارية لا مطلق مراتب الحرارة ولا مطلق مصاديق الحرارة، وأما الشق البرهاني فالعنوان كلفظ الحاكم إذا أُخذ مقدر الوجود يعني إذا أُخذ كموضوع فهو قد أُخذ مفترض الوجود فيمكن حمله على الطبيعي وعلى الكلي، بخلاف ما إذا أُخذ العنوان كمحمول فإنه يؤخذ محقق الوجود ومحقق الوجود معناه ثبوت حصة خاصة لا مطلق الحصص والمصاديق.

لكن الإشكال الثاني يندفع بأمور أربعة أو إشكالات أربعة، أوّلاً نجيب على التقرير الوجداني:

الأوّل: إن التمسّك بالإطلاق لإثبات جميع مراتب الولاية للحاكم نظير التمسّك بإطلاق حارة في قولنا النار حارة إنما هو لإثبات أي مرتبة حرارية شُك في ثبوتها لا لإثبات جميع أنواع الحرارة مثل حرارة الشمس وحرارة الخشب وحرارة الاحتكاك مثلاً.

إذاً الجواب الأوّل نحن نتمسّك بإطلاق لفظ حارة في قولنا النار حارة لإثبات أي مرتبة حرارية لا لإثبات مطلق أنواع الحرارة، المُستشكل نظر إلى أنواع الحرارات، حرارة الشمس، حرارة المدفئة، حرارة الاحتكاك ـ هذا خارج ـ الإطلاق نتمسك به لإثبات مطلق مراتب الحرارة.

الجواب الثاني يَرِدُ على المدّعى لازم باطل يعني هذا الجواب جواب نقضي، لو أراد المتكلم حمل المحمول على اختلاف مراتب سعته المتصورة في عالم المفهوم على الموضوع فإنه يتعيّن عليه عدم الاكتفاء بطبيعي المحمول، بل لابد أن يضم إلى المحمول تتمة لفظية فلا يكتفي بالقول زيد كريم إذا أراد حمل الكرم له، بل لابد أن يقول زيد كريم نهاية الكرم وهذا باطل فملزومه مثله.

خلاصة الجواب الثاني إذا قلت المحمول لا يمكن حمله على الطبيعي يعني لا يمكن أن ينعقد الإطلاق إلى اللفظ إذا كان محمولاً فلا نتمسّك بالإطلاق الناشئ من قرينة الحكمة بل لابد أن نتمسّك بالعموم الإطلاقي اللفظي فلا يمكن أن نقول زيد كريم ونثبت مطلق الكرم لزيد بهذه اللفظة تمسّكاً بقرينة الحكمة، بل لابد أن نأتي بعموم لفظي، زيد كريم نهاية الكرم غاية الكرم، وهذا من الواضح أنه غير صحيح يمكن إثبات مطلق الكرم لزيد إما بالعموم الإطلاقي وهو زيد كريم وإما بالعموم اللفظي زيد كريم نهاية الكرم.

الجواب الثالث ما أجاب عليه نفس المستشكل وذكره السيد كاظم الحائري~[4]

وقال: وقد يجاب عنه بأنه حينما لا يوجد قدر متيقّن عند التخاطب ولا يعقل الإطلاق البدلي ويدور الأمر بين الإطلاق الشمولي والإهمال وتكون القضية مبيّنة للحكم دون مجرد الإخبار يفهم العرف من ذلك الإطلاق، يقول هنا لابد من إثبات مقدمات، أوّلاً كون المتكلّم في مقام البيان وليس في بيان الإخبار، المتكلم هو في مقام بيان الحكم وليس في مقام الإخبار فقط، هذه المقدمة الأوّلى، المقدمة الثانية هذا اللفظ لفظ حاكماً يدور أمره بين وجود قدر متيقّن في مقام التخاطب والحال أنه لا قرينة على وجود قدر متيقّن، يدور أمره بين قدر متيقّن وبين الإطلاق وبين الإهمال فإذا انتفى وجود قدر متيقّن وأيضا انتفى وجود إطلاق بدلي يدور الأمر بين وجود إطلاق شمولي وبين الإهمال فيرى العرف أن هذا يحمل على الإطلاق الشمولي.

الجواب الرابع لو سلمنا عدم جريان الإطلاق في المحمول لو خُلّي المحمول ونفسه، يعني سلّمنا بطبيعة المحمول لا يوجد إطلاق نقول توجد هناك قرينة توجب حمل اللفظ الوارد محمولاً على الإطلاق وهي قرينة مناسبة الحكم والموضوع، فمناسبة الحكم والموضوع تقتضي ثبوت الإطلاق في المحمول أيضاً والمناسبة هي حاجة الشيعة إلى مرجع عام يرجعون إليه في أمورهم لعدم قدرتهم على الوصول إلى إمام زمانهم في جميع حاجاتهم، إما لبعدهم أو لمانع سياسي أو لضرورة الانفصال التام عن المرجع من غير أهل البيت^، إذاً لو سلمنا جدلاً أن اللفظ الوارد محمولاً لا يمكن حمله على الإطلاق بحد نفسه نقول توجد قرينة خارج هذا المدلول اللفظي توجب حمل اللفظ على الإطلاق وهي قرينة مناسبة الحكم والموضوع.

هذا تمام الكلام في الإشكال الرابع والأجوبة الأربعة عليه واتضح أن التقريب الرابع فيه إشكالات، الإشكال الأوّل للميرزا النائيني+ واجبنا عليه بجواب، الإشكال الثاني لما ذكره السيد كاظم الحائري~ وأجيب عنه بأربعة أجوبة الآن يقع الكلام في الإشكال الثالث لأنه هذا التقريب الرابع فيه أربعة إشكالات.

الإشكال الثالث ما ذكره السيد محسن الحكيم& [5] ، هذا نص كلام السيد الحكيم& يقول: ودعوى إن إطلاق الحكم الذي جُعل من وظائفه يقتضي ذلك فإن قولنا زيد له الحكم مثل قولنا زيد له الأمر، ظاهر في نفوذ جميع تصرفاته التشريعية والتكوينية مدفوعة، هذا الآن خبر والظاهر إن إطلاق خبر الحكم الذي جعل من وظائفه مدفوعة، هذه الدعوى بأن ذلك المعنى (إطلاق الحكم) يأباه قوله× فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه إلى آخر الرواية فإنه ظاهر في الحكم المتعلّق بفعل المكلّف.

إذاً خلاصة إشكال السيد الحكيم& هو إن من أدعى شمول وإطلاق الولاية لكلتا الولايتين التشريعية والتكوينية يرد عليه أن الرواية ناظرة إلى خصوص الولاية التشريعية دون الولاية التكوينية لقرينة قوله× فإذا حكَمَ بحكمنا فلم يُقبل منه، بعد كيف ما يقبل الولاية التكوينية، الذي لا يقبل هو خصوص الولاية التشريعية لذلك قال فإنه ظاهر في الحكم المتعلّق بفعل المكلّف.

والجواب إن كلام السيد الحكيم& متين من جهة أن الرواية ناظرة إلى الولاية غير التكوينية، لأن الولاية التكوينية لا معنى لعدم قبولها، لكن الولاية التي لا تُقبل أو ترفض كما تشمل الولاية التشريعية على الفتوى أيضاً تشمل الولاية العامة وولاية شؤون المسلمين، فلا معنى لتخصيص الحاكم والولاية بخصوص القضاء أو الفتوى، إذاً كلام السيد الحكيم& تام من جهة وهو عدم نظر الرواية إلى الولاية التكوينية لأنها غير قابلة للرفع، وليس بتام من جهة وهي تخصيص الولاية بخصوص الولاية على القضاء أو خصوص الولاية على الحكم والفتوى، فإن الولاية التي قد ترد وقد ترفض والحكم الذي قد يرد ويرفض كما يشمل الفتوى والأحكام الشرعية، وكما يشمل القضاء، أيضاً يشمل الولاية على الشؤون العامة للناس، هذا تمام الكلام في جواب الإشكال الثالث للسيد الحكيم+.

الإشكال الرابع على التقريب الثالث ما يستظهر من الشهيدي& في كتابه[6] من أن المنع عن انعقاد الإطلاق في الرواية لوجود قدر متيقّن وهو خصوص النصب للقضاء، قال الشهيدي: إن المتيقّن من أمثالهما أي رواية عمر بن حنظلة ورواية أبي خديجة، رواية أبي خديجة النص فيها هكذا (فإني قد جعلته عليكم قاضياً) [7] ، هذا الفرق بينه وبين مقبولة عمر بن حنظلة، مقبولة عمر بن حنظلة (فإني قد جعلته عليكم حاكماً)[8] وفي مشهورة أبي خديجة (فإني قد جعلته عليكم قاضياً) يقول إن المتيقّن من أمثالهما أي رواية عمر بن حنظلة ورواية أبي خديجة بعد ملاحظة صدرها نصبه× الفقيه لخصوص القضاء وقطع التخاصم، والمراد بصدر الرواية، سؤال السائل عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث، إذاً مورد الرجوع هو القاضي وليس الوالي.

أيضاً يشار إلى قرينة أخرى وهي قول الإمام× (من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتاً) [9] فإن أخذ الشيء إنما يكون بحكم الحاكم وقضاء القاضي ويصدق في مورد التنازع على الشيء، فإن القاضي هو الذي يأخذ لأحدهما من الآخر وليس باب الولاية، ويرد عليه على هذا الإشكال الرابع، أوّلاً ورد في كلام السائل عبارة السلطان إلى جانب القاضي وهذا السياق قرينة على أن السؤال عن جواز الرجوع إلى الحكّام وإلى قضاة العامة وليس خصوص القضاة منهم، وذُكر المنازعة باعتبارها السبب الذي قادهم إلى الرجوع إلى القاضي أو السلطان، فذُكرت المنازعة لأنها المصداق الأبرز للرجوع إلى السلطان أو القاضي، هذا أوّلاً.

وثانياً: لو سُلم أن سؤال السائل مختصاً بخصوص القضاء ولا يشمل الولاية العامة فإن سؤال السائل في صدر الرواية لا يخصص جواب الإمام في ذيل الرواية إذ أن المورد لا يخصص الوارد، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وكلام الإمام× مطلق فلا يقيّد ولا يُخصص بالسبب الخاص الوارد في كلام السائل، هذا تمام الكلام في التقريب الرابع للدليل الثالث مقبولة عمر بن حنظلة واتضح أن التقريبات الأربعة تامة والإشكالات عليها مدفوعة.


[6] هداية الطالب إلى أسرار المكاسب، المحقق الشهيدي.، ج2، ص329

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo