< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/08/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _

التاسع : إنّه قد عرفت أن المعتبر في هذا الباب ، أن يكون كلّ واحد من الطبيعة المأمور بها والمنهي عنها ، مشتملة على مناط الحكم مطلقاً ، حتى في حال الاجتماع ، فلو كان هناك ما دلّ على ذلك من اجماع أو غيره فلا إشكال.. .[[1] ]

قال صاحب الكفاية في مقام تحقيق مقدمات هذا البحث مسالة اجتماع الامر والنهي انه لا يكون من باب الاجتماع الا اذا احرز وجود المقتضي والمناط لكلا الحكمين الامر بالطبيعة والنهي عن طبيعة اخرى فاذا احرزنا ذلك مثل الصلاة والغصب فالغصب فيه مناط الحرمة وكذلك يوجد مناط الوجوب في الصلاة بعدما زالت الشمس والمكلف واجد لشرائط التكليف فاذا احرزنا ذلك ارزنا وجود المقتضي والمناط لكلا الحكمين فيكون من باب الاجتماع واذا لم يكن هناك دليل خاص يوجب العلم بوجود المقتضي والمناط للحكمين معا وليس بيد الفقيه والاصولي الا اطلاق دليل الصلاة ان زالت الشمس فقد وجبت صلاتان وقد زالت الشمس حسب الفرض الصلاة وجبت , وكذلك اطلاق دليل حرمة الغصب لا يحل مال امرءٍ مسلم الا بطيب نفسه وحينئذ يوجد طلاق في كلا الجانبين _ الاطلاق عند من يقول بمقدمات الحكمة مثل صاحب الكفاية _ ومعنى الاطلاق هو تمامية مقدمات الحكمة في جانب النهي وجانب المأمور به فاذا وجد الاطلاق واحرزنا انه يوجد مقتضي للحكم ومناطه في جميع مصاديق الصلاة حتى بالمصداق الذي يكون في المكان المغصوب وكذلك اذا احرزنا الاطلاق في جانب الغصب يعني الغصب ممنوع حتى في حال الصلاة فيكون اطلاق للدليلين معا فيثبت بذلك وجود المقتضي لكلا الحكمين الوجوب والحرمة في مورد الاجتماع فيدخل في مسألتنا , ولكن يقول ان هذا اذا كان كل من الاطلاقين في مقام بيان وجود المقتضي للحكمين يعني وجود المقتضي للحكم بالوجوب موجود والمقتضي لوجود الحرمة موجود في هذا الغصب واما اذا كل من الدليلين ليس في مقام بيان الحكم الاقتضائي بل في مقام بيان الحكم الفعلي ففي هذه الصورة انما يثبت بعد فرض القول بالاجتماع فان قلنا بجواز الاجتماع فيكون المورد مجمعا للحكمين الفعليين كاشفين لوجود المقتضي لكلا الحكمين في المقام واما على القول بالامتناع فحينئذ يكون احد الحكمين موجودا اما الوجوب او الحرمة والآخر يكون مرتفعا ولكن لا يمكن بهذين الدليلين اثبات وجود المقتضي للحكمين معا اذ مع فرض القول بعدم الاجتماع فحينئذ الدليلان متنافيان احدهما يثبت دون تعيين والآخر يرتفع والتنافي بين الدليلين كما يكون في مقام الفعلية فكذلك قد يكون في مقام الاقتضاء ايضا لأنه قد يكون المقتضي موجود في الطرفين ومع ذلك الفعلية غير موجودة وقد لا يكون الفعلية وكذلك لا يكون مقتضي فلا يمكن احراز كلا الحكمين على القول بالامتناع ان كان الطلاقان متكفلين لبيان الحكم الفعلي , وبعد ذلك يعود ويلخص هذا المطلب , هذا ملخص كلامه رض .

وقبل الدخول في ذكر اشكالات القوم على صاحب الكفاية نقول :

يوجد لفظ الاقتضاء والمقتضي والمناط في كلام صاحب الكفاية فهو قال لابد من احراز مناط الحكمين _ كما تقدم في الامر الثامن _ والمناط موجودا لكلا الحكمين والآن يقول لابد من وجود المقتضي للوجوب وللحرمة , وجاء ايضا ان الدليلين في مقام الحكم في مرحلة الاقتضاء فيعبر بمرحلة الاقتضاء تارة ويعبر بوجود المقتضي تارة اخرى يعني كل من الدليلين يدل على وجود المقتضي واذا دل الدليلان على وجود المقتضي فكأنه الحكم الاقتضائي موجود في البين فالحكم الاقتضائي حسب ما يظهر من كلامه الشريف يوجد لأجل وجود المقتضي واذا فقد المقتضي فلا يوجد الحكم الاقتضائي ومعلوم ان القول بمراتب الحكم يعني ان وصول الحكم الى الفعلية بعد فرض احراز وجود المقتضي او التجاوز والمرور من مرحلة الاقتضاء , فمعنى المقتضي في كلامه هو عين الحكم الاقتضائي ومعنى مناط الحكم هو نفس تلك الطبيعة المستوفية للشرائط بعد احرازها يناط الحكم به فالحكم يرتبط بالطبيعة بعدما يكون متعلق الحكم الطبيعي مستوفيا لكافة الشرائط وكذلك العبد الذي وجهه اليه الامر والنهي يكون مستوفيا لجميع الشرائط _ هكذا فسرنا المناط في كلامه السابق _ .

فيقول رض احراز المقتضي للحكم الوجوبي موجود والمقتضي لحرمة الغصب موجود لابد من احراز المقتضي لهذا الجانب حتى نحرز مرحلة الاقتضاء للحكم .

وكيف نحرز ذلك ؟ يقول اما بالإجماع والضرورة الاسلامية فنحرز بالإجماع ان المقتضي لوجوب الصلاة موجود حتى نحرز مرحلة الاقتضاء وكذلك نحرز بالإجماع انه كل ما هو يقتضي حرمة الغصب موجود فاحرزنا المقتضي للحرمة بالإجماع ايضا سواء قلنا بجواز الاجتماع او بعدم الجواز فمادام احرزنا وجود المقتضي للوجوب والحرمة , واذا لم يكن هناك الا اطلاق الدليلين فاطلاق كل من الدليلين قد يكون متكفلا ببيان مرحلة الاقتضاء يعني لبيان المقتضي فأيضا نحرز المقتضي في الجانبين وان كان كل من الدليلين في مقام بيان مرحلة الفعلية فإنما نحرز المناط والمقتضي على القول بالاجتماع يعني هذا فعلي وذاك فعلي فاذا قلنا بجواز الاجتماع فيوجد حكمان فعليان فعليه قطعا توجد مرحلة الاقتضاء والمقتضي اما اذا لم يقل بالاجتماع فحينئذ تصل النوبة الى التعارض , هذا ملخص ما ذكره .

اما السيد الاعظم فعاد وفسر المناط بالملاك والمصلحة والمفسدة وقد قلنا ان المناط هو ما انيط به الحكم وليس المصالح والمفاسد الواقعية كما يفسره السيد الاعظم فلذلك يقول ان كلام صاحب الكفاية يلزم ان البحث يكون مختصا بالعدلية لانهم هم الذين يقولون بالمصالح والمفاسد , ويقول ان البحث في اجتماع الامر والنهي يجري سواء قلنا بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد او لم نقل .

وهذا الكلام من السيد الاعظم رفضناه وقلنا ان صاحب الكفاية ذكر كلمة المناط اي انه محل الارتباط يعني فيه مناط الحكم يعني فيه ما يكفي لربط الحكم الشرعي به مثلا زوال الشمس والمكلف واجد للشرائط وغير ذلك ما يتوقف عليه ثبوت الوجوب للصلاة , والذي يدلنا على ان صاحب الكفاية لا يقصد من المناط المصلحة انه قال لابد من احراز المناط واحراز المقتضي للحكم والسيد الاعظم يفسر المقتضي بالمصلحة الداعية للحكم فلو كان صاحب الكفاية يقصد من المناط هو المصلحة والمفسدة فلامعنى لذكر المقتضي والاقتضاء اصلا .

ثم اشكال آخر من السيد الاعظم على صاحب الكفاية يقول لانفهم من المقتضي او الحكم الاقتضائي الا وجود موضوع فيه ما يقتضي وجود الحكم يقول هذا كلام غير تام من صاحب الكفاية .

السيد الاعظم يلتزم بمقولة تبعا للمحقق النائيني مفادها ان الاحكام الشرعية مجعولة على نحوا القضايا الحقيقية وانه المقصود بالقضية الحقيقية هو ثبوت الحكم على فرض تحقق الموضوع في عالمه , واذا كان الامر كذلك فان الحكم يثبت للطبيعة وفي ضرف وجود الموضوع واذا لم يكن الموضوع موجودا فلا يكون هناك حكم فمعنى ذلك اذا وجد الموضوع وجد المقتضي للحكم قلا حكم الا على تقدير وجود الموضوع فاذا كان الحكم معلقا على وجود الموضوع فكيف يمكن فرض ان الحكم يثبت من دون ان يكون هناك مقتضي او نحو ذلك , فالضاهر من كلام صاحب الكفاية انه يمكن ان يكون الدليل على الحكم من دون ان نحرز وجود المقتضي والسيد الاعظم يقول ان الحكم لا يثبت الا مع فرض تحقق الموضوع فاذا لم يكن هناك موضوع فلم يكن مجعول اصلا , فكيف يمكن فرض الحكم بدون وجود الموضوع .

نقول : اولا : ان اشكال السيد الاعظم بان الاحكام مجعولة على نحو القضية الحقيقية هذا رأيه واما صاحب الكفاية لا يقول بذلك وانما يقول ان الاحكام ثابتة للطبائع سواء كانت موجودة او غير موجودة فلم يجعل الحكم مربوطا بوجود الموضوع في الخارج فهذا الاشكال من السيد الاعظم مبنائي .

ثانيا : اننا رفضنا مبنى السيد الاعظم وقلنا ان الكلام بان الحكم معلق على وجود الموضوع مبني على القول بان وجود الموضوع في الخارج له تأثير في تحقق الحكم يعني علة او يجري مجرى العلة للحكم وقلنا مرارا لا يعقل ان يكون للحكم موجد غير الله تعالى فالله سبحانه في مقام التشريع فالحكم امر اعتباري فمن الذي يوجد هذا الامر الاعتباري هل زوال الشمس ؟ فكيف يكون الزوال مشرعا للحكم ومعتبرا له ! , فالعلة يعني مشرع _ فصار عندنا في كل لحظة مشرع فالشمس في كل لحظة تشرق في مكان _ ! .

ثالثا : ان صاحب الكفاية يقصد مرتبة الاقتضاء للحكم كما يأتي ان مرحلة الاقتضاء للحكم يعني نفس الحكم فيه صلاحية الوجوب فنفس الصلاحية عبر عنه بالحكم الاقتضائي لا بالموضوع ولا بالمصلحة وانما هو الذي فيه شأنية ان يوجد , فما افاده غير واضح علينا .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo