< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _ اختصاص النزاع بالأمر والنهي التعييني او هو يعم الامر والنهي التخييري _

الخامس : لا يخفى أن ملاك النزاع في جواز الاجتماع والامتناع يعم جميع أقسام الإِيجاب والتحريم ، كما هو قضية إطلاق لفظ الأمر والنهي [1] .

كان الكلام في محاولة فهم ما أفاد السيد الاعظم حيث قال البحث عن جواز اجتماع الامر والنهي انه يجري في كل اقسام الواجب او الوجوب اما بالنسبة الى التحريم فيجري فيما عدا الحرمة التخييرية فلا يجري فيها , ولكن المنسوب اليه مختلف حسب تقريرات تلامذته الاجلاء فبعض منهم نسب اليه هذا القول اي انه نفى والبعض الآخر مثل السيد علاء بحر العلوم قال لم يفرق بين الوجوب التخييري والحرمة التخييرية فالنزاع يجري في جميع اقسام الوجوب والتحريم .

وفعلا لا استحضر اي البحثين كان هو الاقدم والذي اذكره انه لم يفرق بين الحرمة التخييرية والحرمة التعيينية لما كنا في بحثه الشريف .

وكيف ما كان نحن نذكر الدليل الذي اعتمد عليه في عدم جريان البحث في الحرمة التخييرية فحيث هو يرفض فنبحث عن دليل المنع , وقد اشرنا الى بعض كلامه الشريف ونحاول استيفاء البحث فهو قال الحرمة تنشأ عن المفسدة فلابد من مفسدة في الفعل _ طبعا على مسلكه من ان الاحكام تتعلق بالمصالح والمفاسد في المتعلقات _ يقول حيث يكون مفسدة والمفسدة في الواجب التخييري في الجامع وهو العنوان الانتزاعي عنوان احدهما او احدها _ كما تقدم عنده تفسير الواجب او الوجوب التخييري _ اما في الحرمة التخييرية فليس المفسدة متعلقة بالطبيعة فلوا كانت متعلقة بالطبيعة لكان التحريم تعيينيا ولا يكون تخييريا يقول مثلا المفسدة في شرب المسكر ومعلوم حينئذ يكون كل فرد من افراد المسكر محرما تعيينا ولايكون هناك حرمة تخييرية والحرمة التخييرية انما تتحقق حين تكون المفسدة في الجمع بين الفعلين فقط وعبر عنه بالمجمع كما في الجمع بين الاختين مثلا فالمفسدة التي نشأت منها الحرمة هي الجمع بين الاختين وليس الاتيان بكل منهما على حدى فلو كانت الحرمة الناشئة من المفسدة متعلقة بالطبيعة لكن اللازم كل واحدة من الاختين تكون محرمة كما في مثال حرمة المسكر فعلى هذا الاساس حيث كانت المفسدة في المجمع فنقول ان الحرمة تخييرية لا تتعلق بالطبيعة انما تتعلق بنفس الفردين المجتمعين فاذا جمعت كان محرما واذا لم تجمعه فاحدهما لا يكون حرما .

هذا ما نسب اليه رض , وعليه ملاحظات وقدمنا الملاحظة الاولى وقلنا انه قال المصلحة في الواجب قال الجامع الذي يتعلق به الوجوب هو عنوان احدهما وقلنا ان العناوين الانتزاعية لايعقل ان تكون مأوى ومصدر المصلحة او المفسدة فالعنوان الانتزاعي لاوجود له انما هو من الكليات الفرضية في كثير من الاحيان وفي خصوص المورد الذي ذكره رض عنوان احدهما او احدها لا بعينه فهو من الكليات الفرضية الذي يستحيل وجود مصداق له في الخارج كيف يكون المكلف متمكنا من الاتيان بأحدهما الغير معين فكل الذي في الخارج هو معين , فهو يقول المصلحة في الجامع والجامع امر انتزاعي عنده فكيف تكون المصلحة في الجامع الانتزاعي فهذا لا يلتئم مع نظريته _ سواء امنا او لم نؤمن بنظريته _ .

الملاحظة الثانية : يقول ان الحرمة تعيينيةً ولاتكون تخييريةً فهذا الكلام المنسوب له رض مبني على الخلط بين التخيير العقلي والتخيير الشرعي , اذا كان الحرمة متعلقة بالجامع وكان انطباق ذلك الجامع على كل الافراد على طبق القاعدة فلايكون هنا تخيير شرعي انما هو تخيير شرعي ان كان هناك تخيير واذا لم يكن هناك تخيير فلا تأتي هذه الكلمة اصلا .

اما رأيه الشريف في ان الجمع محرم فهذا غير واضح علينا فكيف يكون الجمع محرما ؟ فالجمع معناه اتيانهما معا واما اذا اتى بالأول ثم اتى بالثاني فهذا لا يسمى اتيان بالمجمع فالإتيان بالمجمع هو ان يجتمع امران ويأتي بهذا الواحد الجامع للاثنين فيقال اتيان بالمجمع واما اذا كان اتيان احدهما ثم الاتيان بالثاني فهذا يسمى الجمع فالجمع غير المجمع وانت تقول المحرم في التخييري هو المجمع فهذا غير واضح , فاذا تزوج بامرأة ثم يريد ان يتزوج باختها فهذا محرم مع انه لا يكون تزويج المجمع فاذا عقد عليهما دفعة واحدة فمقتضى القاعدة بطلان النكاح واذا حكم احدهم بان يختار احدهما فذاك بدليل خارجي , فكيف يكون المرح فالمحرم التخييري هو المجمع لا الجامع ؟ فلا ينبغي ان يخفى الفرق بينهما علينا .

الملاحظة الثانية : مع قطع النظر عن ماقلناه من ان كلامه في ما نسب اليه من مقرريه مشوش _ فلو قلنا تبدل رأي وهذا التبدل يأتي نتيجة التتبع المستمر والعقل الواعي _ فنقول ما هو التفسير عندك ايها السيد الاعظم للتحريم التخييري فاذا كان المحرم هو المجمع فهذا ليس تخييرا هذا معناه جواز احدهما لا كون المحرم مخيرا فاذا قال المجمع محرم يعني فعلهما معا محرم فهذا يصير في الواقع تخيير في المباح وليس تحريم مخير فانت لابد ان تأتي بالحرمة المخيرة , فما افاده ليس تفسيرا للحرمة التخييرية ما مفاده الجمع بينهما مخير وهذا ليبس الحرمة التخييرية .

والصحيح والعلم عند الله في تفسير الحرمة التخييرية قلنا في محله اذا كان بيان فردية الفرد بيد العبد فهنا التخيير عقلي واذا كان فردية الفرد بيد الشارع فهنا يكون التخيير شرعيا كما لو قلنا قال المولى اذا افطرت فكفر فماهو مصداق الكفارة هذا او ذاك او ذاك يعني كل واحد منهما على البدل يكون مصداقا وفردا لهذا الواجب فاذا كان هذا وهذا وذاك فيكون كل منهما فردا مجتمعةً كما في كفارة الجمع فهذا ليس تخييرا , بخلاف التخيير العقلي فلو قال اذهب الى مكة فالذهاب له مصاديق بالطائرة او مشيا او على الدابة فهو يقول اذهب فاختيار الفرد بيد العقل فصار التخيير عقلي او عقلائي اما اذا التخيير شرعي فالشارع يقول هذا او ذاك او ذاك , فالحكم في كلا الموردين العقلي والشرعي يتعلق بالطبيعة اما الحرمة التخييرية فأيضا هذا الطبيعي محرم ومصاديقه على نحو البدل ومثاله اذا كان الانسان امامه دواعي يجب عليه شرب الدواء فالطبيب يقول اشرب هذا الدواء او هذا الدواء والمولى يأمرني بطاعته وكلاهما فيه نجاسة وحينئذ يجب ان اختار احدهما واترك الثاني فيحرم علي شرب الثاني ولكن فردية الفرد عينها الطبيب الذي امرني المولى بطاعته فيكون التعيين لفردية الفرد بنحو البدل بيد المولى , فنفس التفصيل الذي اخترناه في الواجب التخييري فهذا معنى الحرمة التخييرية , يحرم عليك ترك التداوي فالتداوي بهذا او بذاك لان كلاهما مشتمل على النجاسة فاذا اخترت احدهما فالثاني يكون محرم عليك فالمولى لما قال هذا او ذاك فعين فردية الفرد الحرام فليس بحكم العقل فهذا هو الميزان لتفسير الحرمة التخييرية , وكذلك لو اردنا ان نطبق على الجمع بين الاختين كذلك اذا تزوجت احدهما فالأخرى محرمة عليك فاصبح تعيين فرد الحرام بيد المولى وليس بيد العقل فهذا هو الفارق بين التعيين والتخيير لا ما نسب الى السيد الاعظم .

فهل جواز الجمع بين الامر والنهي يجري في التخييرين او لا يجري نطرحه ان شاء الله في الجلسة القادمة .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo