< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الأصول

37/08/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : اجتماع الامر والنهي _ هل ان المسالة عقلية او عقلائية _

تحصل مما ذكرنا ان الاعتقاد الذي قرَ في نفوس الاعلام بان المسالة عقلية هذا غير واضح علينا انما المسالة عقلائية ومن هنا ينبغبي التعبير عن البحث هو هل يجوز الاجتماع او لايجوز وليس هل يمكن الاجتماع او يستحيل الاجتماع لان التعبير بالاستحالة ينسجم ويتلاءم مع المسالة العقلية واما اذا كانت عقلية فلا ينسجم معها هذا التعبير انما التعبير هو هل يصح او يجوز الاجتماع او لا يجوز الاجتماع , ومع قطع النظر عن ذلك .

هل المسالة لغوية

هل يحتمل ان تكون المسالة لغويةً ؟ ذكر صاحب الكفاية وجهين او منشأين لهذا الاحتمال :

المنشأ الاول : التعبير بالأمر والنهي في كلمات الاعلام في ضمن التعبير في هذه المسالة حيث قالوا هل يجوز اجتماع الامر والنهي والامر والنهي عادة يكون بالدلالة اللفظية ولذلك ربما يتخيل احد بان المسالة عقلية ورفض ذلك رض وقال ان هذا التعبير بالأمر والنهي ليس الا لان الحرمة والوجوب غالبا يكون بصيغة او مادة الامر وصيغة النهي او مادة النهي ولا خصوصية للتعبير بالأمر والنهي ولذلك لو فرض ثبوت الحرمة والوجوب بغير الدليل اللفظي مثل الاجماع وغير الاجماع من الادلة التي ذكرت في محلها فيكون جاريا النزاع فيه ايضا .

وهذا المنشأ واضح الفساد كما افاد صاحب الكفاية وتبعه الآخرون .

المنشأ الثاني : وهو مانقل عن المحقق الاردبيلي حيث نسب اليه القول بانه يجوز الاجتماع عقلا ولايجوز عرفا وقالوا ان كلمة العرف[[1] ] فاذا كان تحكيم العرف في المفاهيم فما دام الاردبيلي يعتقد انه يمتنع الاجتماع عرفا يعني كانه يقول ان المسالة لغوية من حيث الكلام في المفهوم وهذا ايضا غير صحيح .

والذي نلتزم به لدفع هذا الوهم بعد فرض ان المسالة عقلية عند العلماء وعقلائيةً عندنا نقول مقصودهم ان مورد الاجتماع بحكم العقل قد يكون متعددا وبحكم العرف المسامحي يكون واحدا وهذه الوحدة التي تنشأ من حكم العرف المسامحي ربما يكون منشئً للقول بعدم جواز الاجتماع فحينئذ العرف المسامحي يرى الشيء ذا وجهين مختلفين بحسب الحقيقة وحكم العقل يعتقد العرف واحدا وبما انه يعتبر واحدا فلذلك يحكم بالامتناع فعلى هذا الاساس قال المحقق الاردبيلي رض بهذه المقولة .

وهذا الكلام ان صحت نسبته الى الاردبيلي او لم تصح هذا الكلام لايعني ان المسالة لغوية والوجه فيه ان الكلام المنسوب الى الاردبيلي ان العرف يتسامح في تشخيص الموضوع فربما يكون الموضوع متعددا والعرف لتسامحه يراه واحدا والعقل يراه مترددا ربط هذا المعنى بان المسالة لغوية جدا غير واضح , هذا من حيث دفع احتمال ان تكون المسالة لغويةً واما ما افاده الاردبيلي من ان العرف يحكم بالامتناع والعقل يحكم بالجواز مثلا هذا الكلام يأتي في اصل البحث عن هذه المسالة في ان هذا الكلام لا يرجع الى معنى محصل .

وما نقوله فعلا ان العرف نحكمه في معرفة مفاهيم الالفاظ واما في تشخيص المصاديق من ان هذا المصداق واحد او متعدد او ان هذا مصداق للمأمور به او مصداق للمنهي عنه هذا ليس للعرف دخل في ذلك ابدا والعرف انما يحكم في تحديد مفهوم الكلمة يعني يأتي لفظ او تعبير بلفظ فاذا شككنا في اصل معنى الكلمة او بعدما علمنا معنى الكلمة وشككنا في سعة ذلك المعنى وضيقه نرجع الى العرف لان المتكلمين لابد ان يتكلموا حسب ما يفهمه العرف لانهم يتخذون من اللغة والالفاظ وسيلةً الى تفهيم مقاصدهم الى الآخرين من هنا لابد من تحكيم العرف في حسم تحديد المعنى وفي مقام سعة وضيق المفهوم , وعلى هذا الاساس كلام الاردبيلي في نفسه غير واضح باعتباره يبتني في تحكيم العرف في تحديد المصاديق وقد قلنا مرارا لايمكن ذلك , وغريب من اجلاءنا الابرار فهاهنا آمنوا بهذه المقالة في طي كلماتهم وهو ان العرف لايكون مرجعا في تحديد المصاديق ولكن لما يأتون في الفقه يحكمون كثيرا كثيرا العرف في تحديد المصاديق وهذا من المنزلقات التي كثر وقوع الفقهاء فيها كما هناك في الاصول ضيقوا الاجماع الثابت حجيته حتى يتخيل انه لاتوجد مسالة اجماعية ابدا ولما يأتي الى الفقه يملئ كتابه بالاجماعات كأنهم ينسون ما كتبوه[ [2] ] , الى هنا تمكنا من ايصال ان المسالة اصولية عقلائية وليست لغوية .

ثم جاء في الكلمات المنسوبة الى السيد الاعظم ان هذه المسالة مثل مسالة التحسين والتقبيح العقليين فكما ان العقل يستقل بالحسن والقبح كذلك هنا يستقل من حيث الحكم نعم يحتاج الى الامر والنهي من قبل الشارع ولكن اصل الحكم مثل التحسين والتقبيح القليين , هذه المسالة وان كنا ليس في صددها وان شاء الله في بحث الحجة نخدمكم ,

نقول كون الشيء حسنا او كونه قبيحا اما ان يكون يختلف او لايختلف باختلاف الاعراف والازمنة والامكنة مثلا لفَة العمامة بهذه الطريقة المتعارفة كانت مستقبحةً بشدة جدا الى وسط زمان بني العباس فكان يفعلها المنحطون في المجتمع اما الشرفاء فكانوا يجعلون لها حنكا يتدلى على الصدر او على الظهر واما الآن فلايستقبح فهذا معناه ان كون الشيء حسنا او قبيحا يختلف باختلاف الازمنة وكذلك في الامكنة فاحترام العالم مثلا في العراق وايران بتقبيل الكف وفي الخليج بتقبيل الجبين اما المناطق التي وراء البحار كما في الباكستان انما بطريقة اخرى باختلاف المناطق في تلك القارة مثلا في بعضها يحرك يده من بعيد وفي بعضها ينحني امام العالم ويضع يديه على ركبتيه , وطريق الاهانة ايضا يختلف بالمقابلة فيكون حكم العرف والعقلاء في كل منطقة يحكمون بحسن شيء وبقبح شيء وهذا لا ينبغي الريب فيه فكلام السيد الاعظم من ان الاجتماع من التحسين والتقبيح العقليين غير واضح خصوصا استاذه الاصفهاني اصر انهما عقلائيان , فتحصل مما سبق ان المسالة اصولية عقلائية.


[1] العرف انما يحكم في المفاهيم وليس في غيرها . فاذا كان تحكيم العرف في المفاهيم فما دام الاردبيلي يعتقد انه يمتنع الاجتماع عرفا يعني كانه يقول ان المسالة لغوية من حيث الكلام في المفهوم.
[2] هذا من شدة تقواهم وخوفهم من الله فيتحاشون من مخالفة الفقهاء خصوصا القدماء لان القدماء اقرب الى الواقع منا جزما وان كان الطريق الاستدلال في كلمات المتاخرين اقوى بكثير من طريق واسلوب الاستدلال في كلمات القدماء لكن مع ذلك نعترف انهم كانوا اقرب الى الواقع جميعا وجزما.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo