< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به .

فصل : في بيان ما يصح التيمم به يجوز التيمم على مطلق وجه الأرض على الأقوى سواء كان ترابا أو رملا أو حجرا أو مدرا أو غير ذلك، وإن كان حجر الجص والنورة قبل الإحراق ، وأما بعده فلا يجوز على الأقوى كما أن الأقوى عدم الجواز بالطين المطبوخ كالخزف والآجر...[1]

تتميم : بقي الكلام في انا تكلمنا في رواية السكوني في ابواب التيمم عن امير المؤمنين

قال (محمد بن الحسن ، عن المفيد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسين ، عن فضالة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي ( عليه السلام ) ، أنه سئل عن التيمم بالجص ؟ فقال : نعم ، فقيل : بالنورة ؟ فقال : نعم ، فقيل : بالرماد ؟ فقال : لا ، إنه ليس يخرج من الأرض إنما يخرج من الشجر ) [2] ماذا يعني هنا من ان هذا يخرج من الارض فماذا يعني هذا التعبير ؟ الضاهر من كلمات الاعلام في الفقه وفي فقه الحديث في بيان غريب الحديث انه اصله ليس الارض اي ان اصل الرماد ليس من الارض وانما اصله الشجر . وهذا المعنى وان كان هو الضاهر من كلمات الاعلام ولكن اتخيل ان هذا غير واضح , وان هناك معنى ثان لهذا التعبير وهو انه ليس جزء من الارض وانما هو عنصر من الشجر وليس اصله الارض , فكل من الحيوانات هو اصله من الارض ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى[3] وايضا ﴿ اني خالق بشرا من طين ﴾ ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا [4] فهذه كلها تقول ان الانسان من الارض , اذن ما معنى قوله انه ليس يخرج من الارض ان المعنى هو ليس جزأ من الارض والا فالإنسان تولد من الارض وصنع من الارض فهل يصح ان التيمم على ظهر زيد ! فالنتيجة ان العبارة المنسوبة الى الامام امير المؤمنين ع ليس معناه بكل ما يؤخذ من الارض فان كل شيء مأخوذ من الارض وخصوصا السيد الاعظم اصر على ان الاحجار الكريمة مستخرجة من الارض فيعني ان اصله من الارض ونحن رفضنا ذلك , والا كل الحيوانات هي اصلها الارض والروايات صريحة في ذلك فهل نجعلها كلها من المجاز المشهور الذي لا يحتاج الى القرينة ! . اذن حتى لا يتنافى مع الآيات الشريفة وتحقيقات علماء الطبيعة فنقول ان المعنى انه ليس جزأ من الارض فذلك التعليل الذي حاول بعضهم الاستفادة منه وهو كل ماكان اصله من الارض يصح التيمم به فهذا التعليل كان مبنيا على هذا التفسير الذي ذهب اليه فقهائنا الابرار , هذا تتمة ما تقدم حول المعادن .

ثم السيد اليزدي ذكر التيمم بالغبار فقال ان لم يوجد ارض فتصل النوبة الى التيمم بالغبار وهذا له حالتان :

الحالة الاولى الانسان يعصر هذا الشيء المغبر فيجتمع الغبار بحيث اذا وضع يده ضعها على الغبار المجتمع فيصير ضرب اليدين كلها على هذا الغبار.

والحالة الثانية كل ما اعصر لا يخرج الغبار وانما هو غبار بسيط , فالتيمم في الحالة الاولى مقدم على التيمم في الحالة الثانية , فهو في الحالة الاولى يعصر ويجمع بشكل وآخر من الفراش او عرف الفرس او البد ونحو ذلك حتى يجتمع ثم يضرب عليه اليدين . هذا ما افتى به رض عليه .

وهنا توجد جهات ينبغي ان نطرحها فنقول ما هو الغبار وماهي نسبته الى معنى الارض او معنى التراب يعني معنى لفظ التراب ولفظ الارض ويظهر من ثلاث اعلام منهم السيد الاعظم والسيد الحكيم يميل اليه وليس نصا وانما يذكر قول بعظهم ولم يعلق عليه وبعض العلماء غير هؤلاء الثلاثة ايضا قالوا ان نسبة الغبار الى التراب والى الارض نسبة البخار الى الماء يعني ماهية اخرى ولذلك لو كان الماء نجسا ويرتفع البخار منه لا يفتي احد بنجاسة ذلك البخار , ( كما لو كان يجلس الشخص في بيت الخلاء ويتصاعد البخار النجس فيدخل في ملابسه وفي فهمه فلم يستشكل احد في ذلك ) فقال هؤلاء ان النسبة الى التراب _ لان الكلام في الموضوع ويأتي الكلام عن الحكم بعد الفراغ عن الموضوع وهم تعرضوا اليه في طي كلماتهم وليس بعنوان مستقل _ فيظهر منهم ان النسبة هو نسبة البخار الى الماء فكما ان البخار اذا جمع وبعد ذلك يبرد فيعود الى الحالة المائية فتجري عليه احكام الماء فكذلك الغبار فيقولوا اذا كان متطايرا فهو غبار واذا جمع واصبح شيئا ملموسا بحيث يمكن جمعه بالكف فهنا عاد الى حقيقة الترابية , وعلى هذا حاول البعض وقال فتوى اليزدي يقول اجمع الغبار اولا ثم تيمم به واما اذا لم تقدر فتيمم به هكذا .

اما فتوى السيد اليزدي فله منشأ جيد فعنده خبر شبه معتبر يدل على ذلك فذلك بحث عن الحكم فلا تذهب الى فتوى السيد اليزدي وكلامنا في البحث عن ماهية الغبار فاذا قلت ان الغبار هكذا يعود فهل اذا النجاسة جمعت ويبست ثم صارت غبارا وتطايرت فهل يجوز بلعه اذا دخلت في الفم ؟! . فهم يقولون ان الغبار ليس من حقيقة التراب ولكن اذا جمع فيعود الى حقيقة التراب وقلنا اصر عليه السيد الاعظم ؟. فانا لا اريد ان اشكل على التيمم بالغبار وانما على تفسيرهم ان الغبار حقيقة اخرى غير التراب فأقول ان الغبار هو اجزاء صغيرة متطايرة وغير متطايرة هذا يسمى غبار ,فتقول مثلا فلان على ثوبه غبار وفلان على وجهه غبار وكذلك الارض اذا كانت يابسة ولم يوجد فيها رطوبة ولا اشجار فيقال لها غبراء ( ما اقلت الغبار ولا اضلت الخضراء اصدق لهجـتا من ابي ذر ) , فالذي في الارض وهو صالح ان يطير فلما يطير ففي حكم العقلاء وحكم العرف الذي يعتمد على ان تحديد المصداق بيد العرف يعتبر هذا معدوم في حكم العرف ثم يعود وكذلك الماء لما يتبخر ينعدم وهذا حقيقة اخرى وذلك لا تجري احكام ذلك المائع او ذلك الشيء الذي يتطاير منه الغبار , اذن اصل تفسير الغبار بانه شيء اصبح شيئا اجنبيا عن التراب جدا غير واضح .واما االروايات الدالة على التيمم بالغبار منها :

الرواية الاولى : رواية زرارة ( محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : أرأيت المواقف إن لم يكن على وضوء ، كيف يصنع ولا يقدر على النزول ؟ قال يتيمم من لبده أو سرجه أو معرفة دابته ، فإن فيها غبارا ، ويصلي )[5] قلنا ان معنى المواقف هو الشخص الذي في حالة الحرب وهو راكب على الحيوان

الرواية الثانية : ( وبإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : إن كان أصابك الثلج فلينظر لبد سرجه فيتيمم من غباره أو من شيء معه ، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه )[6] .

الرواية الثالثة : (وبإسناده عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن رفاعة ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه ، فإن ذلك توسيع من الله عز وجل ، قال : فإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شيء مغبر ، وإن كان في حال لا يجد إلا الطين فلا بأس أن يتيمم منه )[7] والشاهد هو ( فليتيمم من غباره او شيء مغبر ) وهذه الروايات وتوجد روايات اخرى تدل على جواز التيمم بالغبار ولكن الكلام هو في الترتيب الذي افاده السيد اليزدي وهو ان تجمع الغبار اولاً فيرجع الى حقيقته السابقة _ هذا حسب فهمهم ونحن لم نرتضيه .

الرواية الرابعة : (محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير ـ يعني المرادي ـ عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إذا كنت في حال لا تقدر إلا على الطين فتيمم به ، فإن الله أولى بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف أو لبد تقدر أن تنفضه وتتيمم به )[8] _ في بعض النسخ تنقضه بدل تنفضه _ , هذا هو دليل السيد اليزدي في جمع الغبار , ومعلوم انه لاختلاف الحالات يختلف الاسم ويكون هناك اسم يطلق عليه لجميع الحالات ويكون لكل حالة اسم فمثلا الانسان ( جنين ثم طفل ثم مراهق ثم كهل ثم شيخ ) فهنا الاسم واحد وهو الانسان يطلق على جميع هذه الحالات من الانسان , فكذلك في الغبار فاذا كان مجتمعا فيسمى ترابا واذا كان متطايرا فيسمى غبارا , والا كله من الارض .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo