< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به .

فصل : في بيان ما يصح التيمم به يجوز التيمم على مطلق وجه الأرض على الأقوى سواء كان ترابا أو رملا أو حجرا أو مدرا أو غير ذلك، وإن كان حجر الجص والنورة قبل الإحراق ، وأما بعده فلا يجوز على الأقوى كما أن الأقوى عدم الجواز بالطين المطبوخ كالخزف والآجر...[1]

قلنا ان سيد الاوصياء اخذ المعنى من كتاب الله العزيز فأتى بتعبير بديع جدا ( ووطد بالصخور ميدان ارضه ) فهذا معناه ان الجبال تختلف عن الارض والدليل الدال على جواز التيمم بالأرض لا يعم الجبال والتخلص من هذه الشبهة هو ان المسالة ذات قولين وهو اما ان نلتزم بان التيمم يكون من التراب وغير التراب من الصخور والجبال وغيرها والقول الثاني هو اختصاص جواز التيمم بالتراب ولما رفضنا القول الاول فمن باب الاجماع المركب نلتزم باما بجواز التيمم بمطلق ما يوجد في الارض من الجبال والرمل والصخور واما ان نخصص التيمم بالتراب وحيث ابطلنا الثاني فينحصر بالثاني وهذا من باب الاجماع المركب وليس من جهة صدق الارض على الجبال فيكون حكم التيمم شامل للجبال ولا يبغي على هذا الاساس التوقف من حيث الحكم وان قلنا ان صدق الارض مشكل بل ممنوع , هذا تمام الكلام من حيث انه يصح التيمم بالأرض وليس يخص التراب .

ثم اثار السيد اليزدي البحث عن جواز التيمم بحجر النورة والجص ونحوهما من الاحجار الموجودة في الارض ودعواه صدق الارض عليها , وقلنا ان هذا منصوص في رواية رواها صاحب الوسائل

(محمد بن الحسن ، عن المفيد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسين ، عن فضالة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي ( عليه السلام ) ، أنه سئل عن التيمم بالجص ؟ فقال : نعم ، فقيل : بالنورة ؟ فقال : نعم ، فقيل : بالرماد ؟ فقال : لا ، إنه ليس يخرج من الأرض إنما يخرج من الشجر )[2]

والسيد الاعظم استشكل في سند الرواية من جهتين الاولى في السكوني ونحن قلنا والعلم عند الله لا ينبغي الريب في وثاقته .

والجهة الثانية هو في العطار وهو احمد بن محمد ابن الحسين العطار الذي يروي عن فضالة ابن ايوب .

وهذه الشبهة نردها ببيانين

الاولى هي ان العطار ثقة , والثانية هو رض قال للشيخ الطوسي سند الى ابن ايوب وليس فيه احمد ابن الحسين العطار فهذا الطريق الذي ليس فيه العطار صحيح , فالنتيجة يمكن ان نلتزم بان السيد يمكن انه تراجع عن حكمه بضعف الرواية اخيرا. اذن الرواية معتبرة سندا والدلالة واضحة حتى قلنا مع قطع النظر عن وثوقنا بالعطار قلنا انه نسب في التقريرات ان السيد الاعظم يقول ان للشيخ طوسي سند معتبر وليس فيه العطار , فالرواية تدل على جواز التيمم بالنورة والجص .

نقل عن ابن ادريس رض انه يقول لا يجوز التيمم بالنورة وذلك لأنه من المعادن والمعدن لا يجوز التيمم به .

واشكل عليه السيد الحكيم بانه ان قلنا صدق المعدن يخرجه عن سم الارض فلابد ان الحكم لا يختص بالنورة وانما يماد الى الجص والنورة وانت لا تقول بذلك , اذن صدق المعدن على هذا لا يصدق عليه .

كلمة المعدن مأخوذة من عدن وعدن معناه الاقامة ( جنات عدن ) معناه جنة الاستقرار والاقامة , ومعدن هو اسم لتلك المناطق من الارض داخل او خارج الارض تود فيه ما ليس منم الارض مثل الذهب والفضة والعقيق , فمعدن هو اسم المكان وليس اسم لهذا المستخرج من المكان الذي توجد فيه هذه الامور فمعدن هو مستقر فهل لحديد مستقر ؟ هذا ليس له معنى , ثم مجازا اطلق لفظ المعدن على نفس الجوهر المستقر في الارض ثم اخذ بمعنى مطلق الجوهر اساس الشيء اي بمعنى اساسه واصله وليس مكانه , كما استعمل في الحديث الشريف وعن النبي ص ( اتسئلون على معادن الارض قالوا نعم يارسول الله قال هي الاصول التي يفتخرون بها ) هذا يقول انا هاشمي وذاك يقول اموي وهكذا , وهكذا عن المعصوم ع ( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة )[3] يعني الناس حقائق مختلفة اي هذا عنصره خير وذاك عنصره الشر , وبعد ذلك قالوا خصوص هذه المعادن اي الحديد والذهب وغيرها.

فالنتيجة ان اطلاق المعدن او اصل هذه الامور فلابد ان يأتي ابن ادريس بنص يمنعنا من التيمم بما يعد من المعدن اي بعنوان المعدن لا ان يمنع منه بعنوان اخر اي انه ليس من الارض , فعليه ان يثبت ان كل معدن لا يجوز التيمم به لا انه لا يجوز به التيمم لأنه ليس من الارض كلا بل لأنه من المعدن ثم يثبت استعمال لفظ المعدن في النورة وهذا كله لم يثبت , ولايمكن الرد على ابن ادريس بهذه الرواية لأنه هذا خبر واحد و هو ليس عنده حجة فهو متبع لعلم الهدى رض ,

ولكن نرد عليه انه لم يثبت اطلاق اسم المعدن على النورة وعلى فرض صدقه ليس عندنا دليل على انه لا يجوز التيمم بالمعدن بعد كونه من الارض فما دام انه من الارض فيصح التيمم به .

ونقل عن الشيخ الطوسي انه يصح التيمم بالجص والنورة وغيرها لكن اذا لم يوجد شيء اخر مما يصح التيمم به .

وهذه الدعوى غير واضحة وذلك لأنه اما من الارض فيصح التيمم بها واما ليس من الارض فلايصح التيمم مطلقا فلماذا تجعله في طول الارض ؟ نعم غبار من لبد الفرس وغيرها هذه ورد نص فيها فاذا لم تصل يدك الى اليابسة فيتيمم بالطين فهذا نص ونلتزم به ومثل هذا النص لم يوجد في النورة , فسيد الاوصياء ع يُجوز لنا التيمم بالجص والنورة مطلقا.

الى هنا تمكنا ان نقول بجواز التيمم بهذين الجزئين من الارض وهما الجص والنورة في الجملة , ووقع الكلام بينهم انه يجوز التيمم بهما قبل الطبخ واما الكلام هو في بعد الطبخ [4] _ ونحن نرفع كلمة الحرق ونضع بدلها الطبخ حتى يخف الاشكال هنا _ والسيد الاعظم يدعي انهما بعد الطبخ من الارض كما هما قبل الطبخ من الارض .

ونحن نقول بجواز ذلك ولكن قلنا ان هذه الرواية ووثقناها وقلنا انها من حيث الجص والنورة مجملة فلايجوز التمسك بالإطلاق ما فعل السيد الاعظم لأنه سؤال عن الجص فقال ع يجوز وعن النورة فقال يجوز ولم يقل الامام ع يجوز التيمم بالجص وانما اتمسك بالإطلاق بعد تمامية مقدمات الحكمة فاثبت الجواز بنحو جميع حالات النورة الجص فكلمة الجص وردت في كلام السائل وليس في كلام الامام ع فالإمام قال فقط كلمة نعم وكلمة لا في الرماد , فاستفادة عموم الحكم من هذه الرواية لحالة قبل وبعد الطبخ لابد من تمام مقدمات الحكمة في اللام المنسوب الى سيد الاوصياء وانما هذا يصح اذا كان الامام ع في مقام البيان والامام ع لم يكن في مقام البيان وانما الكلمة وردت في كلام السائل فلايثبت الاطلاق , اذن السيد الاعظم حاول اثبات الاستدلال بها ولكن قلنا انه يتوقف من حيث السند فقط وقلنا اننا نتوقف من حيث الدلالة لا من حيث السند , اذن مازلنا في انه هل يجوز التيمم بالجص والنورة بعد الطبخ او لا ؟ .


[4] قالوا احراق ولكني لم افهم ذلك فان الحرق هو ان الشيء يخرج عن حقيقته ويتحول الى رماد كما في احرقت الملابس فإنها تغيرت عن حقيقتها واما اذا تغيرت هيئة الشيء بالحرارة فهذا لا يسمى احراقا مالم يتغير جوهر الشيء كما سئل الامام ع انه يجوز بالرماد قال لا لأنه يخرج من الشجر والشجر تحول الى رماد، والسيد الاعظم التفت الى هذه النقطة لذلك قال بالطبخ فاللحم المطبوخ واللحم اللني واحد وانما تغيرت هيئته وطعمه ورائحته بالطبخ اما حقيقته فلم تتغير، فالتعبير بالإحراق غير مفهوم لدينا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo