< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به.

فصل : في بيان ما يصح التيمم به يجوز التيمم على مطلق وجه الأرض على الأقوى سواء كان ترابا أو رملا أو حجرا أو مدرا أو غير ذلك، وإن كان حجر الجص والنورة قبل الإحراق ، وأما بعده فلا يجوز على الأقوى كما أن الأقوى عدم الجواز بالطين المطبوخ كالخزف والآجر...[1]

كان الكلام في الاستدلال على ان التيمم انما يصح بالتراب ولا يصح في الحجر وغير ذلك ومن الروايات الاخرى

الرواية الرابعة : رواها الشيخ الطوسي ( وعنه ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن مطر ، عن بعض أصحابنا قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل لا يصيب الماء ولا التراب ، أيتيمم بالطين ؟ قال : نعم صعيد طيب وماء طهور ) [2] هذه الرواية من حيث الدلالة السيد الاعظم اشكل على الاستدلال بها وقال ان الرواية لا تدل على الحصر وانما السؤال عن الرجل لا يصيب الماء ولا التراب اي ليس لديه ما يتوضأ به من الماء ولا التراب حتى يتيمم به فهل يصح التيمم بالطين فقال الامام ع نعم .

الحصر كما قرر في محله هو اثبات الحكم ونفي ما عداه فالحصر دائما مركب من سلب وايجاب ( ما زيد الا قائما ) فنفى عنه سائر الاعمال المنظورة ( لان الحصر اضافي ) واثبت له وصفا وهو القيام فهذا هو معنى الحصر ( انما زيد قائم ) ايضا نفس المعنى فانفي عنه الصفاة المنظورة بين المتكلم والمخاطب واثبت هذه الصفة وهي صفة القيام فدائما الحصر ينحل الى حكم ايجابي وحكم سلبي فيتم الحصر واذا كان الحكم ايجابي فقط او سلبي فقط فحينئذ استفادة الحصر يفتقر الى قرائن اخرى .

وفي المقام حينما نتأمل في الرواية في كلام السائل انه ملتزم بالحصر فهو يريد ان يبين انه لم يجد ما يتيمم به وما يصح التيمم به فمعنى ذلك انه التيمم بالتراب صحيح وبغير التراب غير صحيح فلوا كان هو فقط في بيان انه يصح التيمم بالتراب فلا يتحقق موضوع الحكم الذي اراد استفادته من الامام ع , فهو لم يكن لديه الا الطين فبعدما لم تكن يده تصل الى مايتيمم به الا الطين فهل يصح له التيمم بالطين او لا فمعنى ذلك انه متمكن من الطين فقط , فلوا كان ذكر التراب من باب المثال فحينئذ لا ينحصر مورد كلام السائل فيما كان تيممه مسوغ لما يتيمم به ومنحصرا بالطين ,

وبعبارة واضحة : ان الراوي يريد ان يبين ان ليس لديه ما يتيمم به من الصلب الا الطين فهل يصح له التيمم به ولم يكن عنده الا الطين فلوا كان التيمم صحيحا بالحجر والمدر كما فرض السيد الاعظم في المقام لكان عليه ان يقول لم يجد ما يتيمم به الا الطين فيعم التراب وغير التراب , وهو ذكر التراب فقط وهذا معناه ان الراوي كان يعتقد ان التيمم لا يتم الا بالتراب والا فسؤال الراوي لا يستقيم , فلوا كان التيمم عنده يصح بغير التراب ايضا لما قال لا يجد الماء ولا التراب وانه هل يصح التيمم بالطين يعني لعله اذا حجر موجود او خشب او نحو ذلك فحينئذ سؤاله لا يتم , فدلالة الرواية على ان الراوي فرض انه منحصرا بمن ليس لديه الا الطين اتخيل ان الرواية واضحة في هذه الدلالة فاذا كانت واضحتا فدلالة الرواية على حصر ما يتيمم به فهذه واضحة , وكذلك الامام ع يُقرهُ على ذلك فلوا كان التيمم يصح بغير التراب لكان يقول له ابحث عن الحجر او عن الخشب مثلا فانه من الارض , فالإمام اقره على اعتقاده فقال له تيمم بالطين فانه صعيد طهور , فدلالة الرواية لا يمكن المناقشة فيها وان ناقش فيها السيد الحكيم والسيد الاعظم بانها لا تدل على الحصر ولكن بحسب فهمنا انها واضحة في الحصر . فالإصرار منهم على ان الرواية غير دالة على الحصر جدا غير واضح علينا والصحيح ان الرواية تامة من حيث الدلالة على الحصر [3] .

انما الكلام فيها من جهة السند فاحمد ابن محمد لا مشكلة فيه ولكن علي ابن مطر لم تثبت وثاقته وكذلك الرواية مرسلة فحتى اذا ثبتت وثاقة الرجل فالرواية ساقطة السند من جهة الارسال حيث قال عن بعض اصحابنا , نعم ان قلنا الوثاقة من جهة عمل المشهور لأنه هناك جملة وفارة من الاعلام افتوا بحصر ما يتيمم به في التراب فمن هذه الجهة يمكن توثيق هذه الرواية من جهة عمل الاصحاب . لكننا رفضنا هذا المبنى في محله .

الرواية الخامسة : استدل بها على الحصر ( وعنه ، عن العباس بن معروف ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن معاوية بن ميسرة قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل في السفر لا يجد الماء تيمم وصلى ثم أتى الماء وعليه شيء من الوقت ، أيمضي على صلاته أم يتوضأ ويعيد الصلاة ؟ قال : يمضي على صلاته ، فإن رب الماء هو رب التراب ) [4] هنا السيد الاعظم يقول ان الرواية تامة الدلالة على الحصر ولست ادري من اين استفاد الحصر فيها فهي تثبت فقط صحة التيمم بالتراب لا انها تثبت عدم الصحة لغير التراب حيث قلنا ان الحصر لابد من اثبات الشيء ونفي ما عداه , فهذه الرواية فيها احد الحكمين وهو الايجابي مصرح به ( فان رب الماء هو رب التراب ) فرب التراب هو رب الماء يعني كما يجوز التطهر بالماء لأجل الصلاة كذلك يصح الطهارة بالتراب حينما الانسان لا يجد الماء وانه بغير التراب كالحجر لا يصح فليس في الرواية تعرض لذلك فالإمام ع في مقام صحة التطهر بالتراب كما هو يصح التطهر بالماء , فيمكن لشخص ان يشبع بالرز وبالخبز فهل يعني هذا ان بغير الرز لا يشبع ! فالرواية لا تدل على حصر التيمم بالتراب فهي في مقام المقارنة والتنظير وان كل من الماء والتراب طهور , فاذا كان التراب طهور يدل على الحصر فكل الروايات التي ورد فيها لفظ التراب تصبح دالة على الحصر ايضا ! , فإصرار السيد الاعظم بدلالة هذه الرواية على الحصر غير واضح كما ان انكاره للدلالة على الحصر في الرواية السابقة غير واضح ايضا ,

نعم الرواية من حيث السند ضعيفة لان في سند الصدوق خلل وكذلك في سند الطوسي فيه خلل فترفض الرواية من حيث السند والدلالة معا .

الرواية السادسة : رواية زرارة التي فيها يسأل الامام ع عن دليل الحكم (محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرارة أنه قال لأبي جعفر ( عليه السلام ) : الا تخبرني من أين علمت وقلت : إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين ؟ ـ وذكر الحديث إلى أن قال أبو جعفر ( عليه السلام ) ـ : ثم فصل بين الكلام فقال : ( وامسحوا برؤوسكم ) فعرفنا حين قال : ( برؤوسكم ) أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ـ إلى أن قال ـ : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم ) فلما أن وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل مسحا ، لأنه قال : ( بوجوهكم ) ثم وصل بها ( وأيديكم منه )أي من ذلك التيمم ، لأنه علم أن ذلك أجمع لم يجر على الوجه ، لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها ، ثم قال ، : ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج )[5] . وحاول العلماء الاستدلال بها على حصر التيمم بالتراب.


[3] انما اخرنا الكلام في سند الرواية لأنه لعل البعض يقول انا اكتفي بالشهرة وكذلك نحن في مقام المناقشة العلمية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo