< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

92/02/31

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: فی التنبیه السادس

قال الأستاذ الخوئی لا دلیل علی حرمة الإضرار بالنفس ما لم ‌یصل حد قتل النفس أو فشل عضو رئیسی أو فساد غریضة من الغرائض الإنسان و لایخلو کثیر من المشاغل و الأعمال من الأعمال المضرة بحال الإنسان . ‌

و ظهر مما ذکرنا سابقا أن حدیث نفی الضرر لا یتکفل ثبوت حکم کما زعم بعض بل یکون بصدد نفی الحکم الضرری و إرتفاعه لاسیما علی مبنی الشیخ الأنصاری من أن مفاد الحدیث نفی حکم ینشأ من إمتثاله الضرر کوجوب الوضوء لمن یضره إستعمال الماء و هکذا وجوب الصوم. فما مثل به بعض العلماء کالفاضل التونی و السید فی ملحقات العروة لإثبات حکم بمقتضی حدیث نفی الضرر غیر صحیح و یکون الدلیل علی إثبات الضمان فیه أدلة‌ أخری و سیأتیک و نحن ننقل مثالین و الإشکالات الواردة علیهما مع أجوبة الحقق النائینی و الأستاذ الخوئی من مصباح الأصول و إلیک نصه مع تصرف منا .

قال السید الخوئی: ذكر بعضهم أنّ قاعدة لا ضرر كما أنّها حاكمة على الأحكام الوجودية كذلك حاكمة على الأحكام العدمية، فكما أنّ الحكم الوجودي الضرري يرتفع بحديث لا ضرر، كذلك نفي الحكم إن كان ضررياً يرتفع به و نفي النفي يستلزم ثبوت الحكم، فيثبت الحكم بدليل لا ضرر في مورد كان نفيه ضررياً. و مثّل لذلك بأمثلة،

منها: ما تقدّم ذكره‌ عند نقل كلام الفاضل التوني (قده) و هو أنّه لو حبس أحد غيره عدواناً فشرد حيوانه أو أبق عبده، فانّ عدم حكم الشارع فيه بالضمان ضرر على المحبوس، فينفى بحديث لا ضرر و يحكم بالضمان.

و منها: ما ذكره السيّد (قده) في ملحقات العروة و استدلّ له بقاعدة لا ضرر تارةً، و بالروايات الخاصّة اخرى، و هو أنّه لو امتنع الزوج عن‌ نفقة زوجته، فعدم الحكم بجواز طلاقها للحاكم ضرر عليها، فينفى بحديث لا ضرر و يحكم بجواز طلاقها للحاكم.

و قد أورد المحقق النائيني‌ (قده) على ذلك بوجهين:

الأوّل راجع إلى منع الكبرى، أي إلى أصل القاعدة المذكورة، و هي أنّ دليل لا ضرر حاكم على الأحكام العدمية.

و الثاني راجع إلى منع الصغرى، أي إلى تطبيق القاعدة المذكورة على المثالين.

أمّا الأوّل: فهو أنّ حديث لا ضرر ناظر إلى الأحكام المجعولة في الشريعة المقدّسة، و يقيّدها بصورة عدم الضرر، و عدم الحكم ليس حكماً مجعولًا فلا يشمله حديث لا ضرر.

و أمّا الثاني: فهو أنّ حديث لا ضرر ناظر إلى نفي الضرر في عالم التشريع كما مرّ مراراً، و لا دلالة فيه على وجوب تدارك الضرر الخارجي المتحقق من غير جهة الحكم الشرعي، و الضرر في المثالين ليس ناشئاً من قبل الشارع في عالم التشريع حتّى ينفى بحديث لا ضرر.

و عليه فلا يمكن التمسك بحديث لا ضرر لاثبات الضمان في المسألة الاولى، و لا لاثبات جواز الطلاق في المسألة الثانية.

ثم قال الأستاذ الخوئی: أمّا إيراده الأوّل فغير وارد، لأنّ عدم جعل الحكم في موضع قابل للجعل جعل لعدم ذلك الحكم، فيكون العدم مجعولًا، و لا سيّما بملاحظة ما ورد من أنّ اللَّه سبحانه لم يترك شيئاً بلا حكم‌، فقد جعل الحكم من قبل الشارع لجميع الأشياء، غاية الأمر أنّ بعضها وجودي و بعضها عدمي، كما أنّ بعضها تكليفي و بعضها وضعي.

و عليه فلا مانع من شمول دليل لا ضرر للأحكام العدمية أيضاً إن كانت ضررية، هذا من حيث الكبرى، إلّا أنّ الصغرى لهذه الكُبرى غير متحققة، فانّا لم نجد مورداً كان فيه عدم الحكم ضررياً حتّى نحكم برفعه و بثبوت الحكم بقاعدة لا ضرر.

و أمّا إيراده الثاني فوارد، و توضيحه: أنّ الحكم بالضمان في المسألة الاولى إنّما هو لتدارك الضرر الواقع على المحبوس من ناحية الحابس، و قد عرفت‌ أنّ حديث لا ضرر لا يشمل مثل ذلك و لا يدل على وجوب تدارك الضرر الواقع في الخارج بأيّ سبب، بل يدل على نفي الضرر من قبل الشارع في عالم التشريع.

و كذا الحال في المسألة الثانية، فانّ فيها اموراً ثلاثة: امتناع الزوج عن النفقة، و نفس الزوجية، و كون الطلاق بيد الزوج. أمّا الأوّل فهو الموجب لوقوع الضرر على الزوجة و لم يرخص فيه الشارع.

و أمّا الثاني فليس ضررياً و قد أقدمت الزوجة بنفسها عليه في مقابل المهر و كذا الثالث، فليس من قبل الشارع ضرر في عالم التشريع حتّى يرفع بحديث لا ضرر، غاية الأمر أنّ الحكم بجواز الطلاق يوجب تدارك الضرر الناشئ من عدم الانفاق، و قد عرفت أنّ مثل ذلك لا يكون مشمولًا لحديث لا ضرر.

هذا مضافاً إلى أنّ التمسك بحديث لا ضرر- لاثبات الضمان في المسألة الاولى، و لاثبات جواز الطلاق للحاكم في المسألة الثانية- معارض بالضرر المترتب على الحكم بالضمان على الحابس، و الضرر المترتب على جواز الطلاق على الزوج من زوال سلطنته على الطلاق، و لا ترجيح لأحد الضررين على الآخر.

إن قلت: إنّ الحابس بحبسه و الزوج بامتناعه عن النفقة قد أقدما على الضرر، فلا يعارض به الضرر الواقع على المحبوس و الزوجة.

قلت: إنّ الحابس لم يقدم على الضرر على نفسه، بل أقدم على الضرر على المحبوس، و كذا الزوج بامتناعه عن النفقة لم يقدم على الضرر على نفسه، بل أقدم على الضرر على الزوجة، و صدق الاقدام على الضرر على نفسيهما متوقف على ثبوت الحكم بضمان الحابس و بزوال سلطنة الزوج، فلا يمكن إثباتهما بالاقدام على الضرر، فانّه دور واضح.

هذا ما تقتضيه القاعدة، و لكنّه وردت روايات خاصّة في المسألة الثانية تدل على زوال سلطنة الزوج عند امتناعه عن النفقة على الزوجة، و أنّه للحاكم أن يفرّق بينهما. و لا مانع من العمل بها في موردها.

و أمّا ما ذكره المحقق النائيني (قدس سره) من معارضتها للروايات الدالة على أنّها «ابتليت فلتصبر»

ففيه: أنّ هذه الروايات الآمرة بالصبر واردة فيما إذا امتنع الزوج عن المواقعة، فلا معارضة بينها، فيعمل بكل منها في موردها.

نعم، الروايات الدالة على أنّ الطلاق بيد من أخذ بالساق‌ معارضة لها، لكنّها أخص منها، فتقدّم عليها، و نتيجة التقديم أن يجبر الزوج على الانفاق، و إن امتنع فيجبر على الطلاق، و إن امتنع عنه أيضاً يفرّق الحاكم بينهما.

و الظاهر أنّ الروايات الدالة على جواز الطلاق للحاكم مختصّة بما إذا امتنع الزوج عن الانفاق بلا عذر، فلا تنافي بينها و بين الروايات الدالة على أنّها إن غاب زوجها فليس للحاكم طلاقها إلّا بعد التفحص عنه أربع سنوات‌، فلعل عدم الانفاق من الزوج الغائب يكون لعذر[1] .

و سیأتیک الکلام فی التنبیه السابع .

و الحمد لله


[1] مصباح الأصول، واعظ البهسودی، ج1، ص650.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo