درس خارج اصول استاد اشرفی
92/02/30
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع البحث: استدراک
قد تعرضنا للتنبیه السابع الذی ذکره الأستاذ و ینبغی الإلتفات هنا إلی ما لاحظه السید السیستانی فی رسالته لاضرر و هی مشتملة علی نکات
کما قلنا للتعارض بین الضررین ثلاث صور
الصورة الأولی: ما إذا دار أمر شخص بين ضررين بالنسبة إليه و لابد له من وقوعه فی إحدهما و کان منشأه أحد العوامل الثلاثة
العامل الأول: أن یکون الضرر بفعل نفسه .
العامل الثانی: أن یکون الضرر مستندا إلی عامل طبیعی کالزلزال .
العامل الثالث: أن یکون الضرر بفعل الغیر .
و مثاله ما إذا دار الأمر بین السقوط من السطح علی أحد الشیئین یستوجب تلفه أو أدخل أحد رأس دابته فی قدر ثم لایمکنه أن یخرجه منه إلا بکسر القدر أو ذبح الدابة .
و الذی یهمنا فی المقام تبعا للأستاذ الخوئی ثلاثة فروع
الفرع الأول: دوران الأمر بین الضررین المباحین فهنا یختار المکلف بینهما أیهما شاء کمن لابد له أن یسقط علی أحد الشیئین فهنا لاکلام من جهة الحکم التکلیفی و جواز تحمله أیهما شاء إذ المفروض إباحة الضرر و جوازه و لامعنی للحکم الوضعی و الضمان هنا .
و نفس الکلام جار فی العامل الثانی أی ما إذا کان العامل أمرا طبیعیا کالزلزال .
أما العامل الثالث فیضمن العامل فیه الضرر إذا کان الضرران متساویین أو کانا مختلفین و لکن إختار المتضرر أخفهما و لا فرق فی موضوع الضمان بین ما إذا تحقق الضرر مباشرة أو تسبییا .
أما إذا إختار المتضرر أکثرهما ضررا فیحتمل فیه وجوه
الوجه الأول: أن يضمن الضرر الأشد .
الوجه الثانی: أن یضمن القدر الجامع بینهما و لم‌یکن ضامنا بالنسبة إلی ما زاد عن القدر الجامع بین الضررین إذ إختیار الأکثر کان من فعل المتضرر لا إختیار العامل الثالث .
الوجه الثالث: أن یضمنه الثالث إذا علم بأشدية أحد الضررين من الأخر، أو إحتمله احتمالا معتدا به عند العقلاء .
و أما إذا كان جاهلا بأشدية أحد الضررين أو احتمله احتمالا ضعيفا لا يجب الاعتناء به عقلاء، فإن حكمه حكم صورة التساوي و يكون الغير ضامنا لما ارتكبه المکلف .
و إختار السید السیستانی الوجه الأخیر إبتناءا علی نظریة الجعل التطبیقی من ثبوت الضمان علی أساس إنحلال الحکم بفعلیه موضوع الضمان .
قال(حفظه الله) فی رسالته: و توضيح هذا المعنى (نظریة الجعل التطبیقی) بحاجة إلى الرجوع إلى كيفية تطبيق الحكم بالضمان في مورد التسبيب إلى أحد الضررين، لكي يتضح تخريج هذا الوجه في ضوء ذلك فنقول: إن التسبيب إلى أحد الضررين لا يستوجب الضمان بهذا العنوان لان عنوان الأحد عنوان انتزاعي جامع بين الضررين،
و الحكم بالضمان في كل ضرر إنما يقتضي ثبوت الضمان بالنسبة إلى كل ضرر ضرر معينا لا الأصل الجامع بين ضررين أو أكثر لأن العام ينحل بحسب الأفراد المعينة دون المنتزعة، و لا سبيل إلى الالتزام بثبوت الضمان بالنسبة إلى كلا الضررين كما هو واضح، و لا بالنسبة إلى واحد منهما معينا لان نسبة الأحد إليهما على حد سواء، فتعيين واحد منهما ترجيح من غير مرجح،
و على ضوء هذا يعرض الإبهام في كيفية تطبيق الحكم بالضمان على ذلك. و كلما طرأ الإبهام في متعلق الحكم أو موضوعه من ناحية التطبيق، فإنه تدعو الحاجة إلى خطاب متمم يطبق الماهية على شي‌ء معين ليرتفع الإبهام بذلك، و نحن نعبر عن هذا الخطاب بمتمم الجعل التطبيقي تمييزا له عن سائر أنحاء متمم الجعل[1] . (إنتهی موضع الحاجة من کلامه) .
الفرع الثاني: أن يدور الأمر بين ضرر مباح و ضرر محرم فلاریب هنا فی عدم جواز فعل الحرام حال التمکن من فعل المباح لعدم الضرورة المبیحة للحرام فی المقام .
أما بالنسبة إلی الحکم الوضعی و الضمان فلو إختار المتضرر المباح یضمن المسبب و لو إختار الحرام فعلی الإحتمال الثالث الذی ذکره السید السیستانی من کون المدار علی متمم الجعل التطبیقی فیضمن المتضرر حیث أنه إختاره بیده فلایضمن المسبب .
الفرع الثالث: أن يدور الأمر بين ضررين محرمين فهنا فی حال التساوی بین الضررین لم یحرم المختار تکلیفا و فی حال الإختلاف بینهما من حیث الملاک و الأهمیة فإختیار الأشد حرمة لایوجب إرتفاع حرمته لأنه إختاره من دون الإضطرار إلیه .
أما بالنسبة إلی حکمه الوضعی و الضمان، یکون المسبب ضامنا للضرر إذا إختار الأخف ضررا أو إختار أحد المتساویین أما إذا إختار الأشد فتجری فیه الوجوه الثلاثة التی تقدمت فی الفرع الأول فعلی مبنی إنحلال الحکم بالضمان و ثبوت متمم الجعل التطبیقی یضمن المسبب .
الصورة الثانية: أن يدور أمر الضررين بشخصين عکس الصورة الأولی و مثاله المعروف المعروف ما إذا دخل رأس دابة في قدر شخص آخر و لم‌يمكن تخليصها منه إلا بكسر القدر أو ذبح الدابة و ذلک فیما إذا لم‌یکن أحد المالین محقون الدم کالعبد المسلم و إلا یجب حفظه و إن کان أقل قیمة .
و لهذه الصورة أيضا فروع ثلاثة ستأتیک إن شاء الله تعالی .
و الحمد لله
