< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

92/01/20

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: فی دراسة فقه الحدیث لقاعدة «لا ضرر»

قد مر أن المعتبر بحسب السند فی قاعدة لاضرر هو قوله (صلی الله علیه و آله و سلم) «لاضرر و لا ضرار» و ما أضیف فی بعض النسخ مثل «علی مؤمن» و «فی الإسلام» لم‌یرد فی النسخ المعتبرة أو الروایة المسندة المعتبرة و المراد من القاعدة نفی الحکم الضرری فی الإسلام .

أما دراسة القاعدة بحسب فقه الحدیث و معناه فالعمدة فی فهمها أربع دوال:

الدال الأول: ضرر

و الدال الثانی: ضرار

و الدال الثالث: لا

و الدال الرابع: هیئة الجملة

أما الضرر فهو مقابل النفع كما قابلهما الآیة: (لايملكون لأنفسهم ضرا و لا نفعا) و هو بمعنی النقص سواء کان فی المال أو العرض أو البدن و هما عند الآخوند مقابلان تقابل الملکه و عدمها حیث أن الضرر هو النقص فیما من شأنه عدم النقص و متضادان الذان لهما ثالث عند سیدنا الأستاذ الخوئی حیث أن الضرر هو النقص و النفع هو الزیادة لوجود الواسطة بینهما کالتاجر الذی قد ینفع و قد یضر و قد لاینفع و لایضر فهذه واسطة بینهما حیث لا ضرر و لا نفع هناک .

و «الضرر» اسم مصدر من ضر يضر ضرا، و الفرق بين المصدر و اسمه هو أن معنى المصدر نفس الفعل الصادر من الفاعل، و معنى اسم المصدر هو الحاصل من المعنى المصدري.

و مادة الضرر تستعمل متعدية إذا كانت مجردة، فيقال ضره و يضره. و أما ان كانت من باب الأفعال فتستعمل متعدية بالباء، فيقال أضر به و لايقال أضره کما عن مجمع البحرین و للإلصالق و شدة التعلق عند المنجد و لا أثر للإختلاف فیه فی المقام .

أما الضرار فيمكن أن يكون مصدرا للفعل المجرد كالقيام و کتاب و يمكن ان يكون مصدر باب المفاعلة، لكن الظاهر هو الثاني، إذ لو كان مصدر المجرد لزم التكرار في الكلام بحسب المعنی بلا موجب، و يكون بمنزلة قوله لا ضرر و لا ضرر و الأصل التأسیس و هو خیر من التأکید .

هذا مضافا إلي أن قوله (صلى اللَّه عليه و آله) «انك رجل مضار» في قصة سمرة بن جندب يؤيد كونه مصدر باب المفاعلة .

أما معنی الضرار فیحتمل فیه فروض

الفرض الأول: أن یکون من باب المفاعلة بمعنی الفعل الواقع بین الإثنین کقاتل و قتال ولکن الأستاذ الخوئی کما ذکره مصباح الأصول نقل عن شیخه المحقق الإصفهانی(ره) أن التتبع في موارد الاستعمالات يشهد بخلاف ذلك؛ حیث قال «و الّذي يشهد به التتبع أن هيئة المفاعلة وضعت لقيام الفاعل مقام إيجاد المادة، و كون الفاعل بصدد إيجاد الفعل» و أستشهد لذلک بالآيات الشريفة القرآنية کقوله تعالى «يخادعون اللَّه و الذين آمنوا و ما يخدعون إلا أنفسهم» فذكر سبحانه و تعالى أن المنافقين بصدد إيجاد الخدعة، و لكن لاتقع خدعتهم إلا على أنفسهم و من ثم عبر في الجملة الأولى بهيئة المفاعلة، لأن اللَّه تعالى لايكون مخدوعا بخدعتهم، لأن المخدوع ملزوم للجهل، و تعالى اللَّه عنه علوا كبيرا. و عبر في الجملة الثانية بهيئة الفعل المجرد، بمعنی صدور الخدعة منهم و إن کانت خدعتهم على أنفسهم لا محالة.

و کقوله تعالى «إن اللَّه اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بان لهم الجنة، فيقاتلون في سبيل اللَّه فيقتلون و يقتلون». أی إن المؤمنین بصدد الجهاد بأنفسهم فی سبیل الله تعالی .

و کقوله تعالی «لایضار والدة بولدها» و من المعلوم أنه لامعنی لإضرار الولد بوالدته فیشهد علی عدم إعتبار صدور الفعل من الطرفین .

و کقوله تعالی «و الذین إتخذوا مسجدا ضرارا» و من المعلوم أن الضرر لایتوجه إلا من ناحیة المنافقین . و له شواهد کثیرة أخری فی الآیات الشریفة فی عدم دلالة باب المفاعلة علی إشتراک العمل بین الإثنین أو الطرفین بل غایة ذلک الدلالة علی کون المسند إلیه فی مقام صدور الفعل عنه و بصدد ذلک .

و یشهد لذلک نفس واقعة الأنصاری و هذا الإحتمال مدفوع بداهة أن الرجل الأنصاری لم‌یکن بصدد إضرار سمرة .

الفرض الثانی: أن یکون الإضرار بمعنی الجزاء علی الضرر و هذا أیضا مدفوع لعین ما ذکرناه فی الفرض الأول مضافا إلی عدم مساعدة معنی الضرار فی المستعمل القرآنی فی آیة مسجد الضرار .

الفرض الثالث: أن یکون معناه الضرر الثانی و هو أیضا مدفوع إذ لو کان المراد هو الضرر الصادر عن الطرف المقابل فهو الفرض الثانی و إن کان المراد تکرار الضرر من ناحیة الضار فهو ممنوع بالطریق الأولی مضافا إلی عدم مساعدة اللغة لهذا المعنی .

الفرض الرابع: أن یکون بمعنی الضرر من باب ثلاثی مجرد فیکون المعنی تأکید الأول و کان إختلاف الصیغة لأجل المشاکلة التی تعد من محسنات علم البدیع کما أشهد علیه فی «المطول» یقول الشاعر:

« قالوا إقترح شیئا نجد لک طبخة قلت أطبخوا لی جبة و قمیصا» .

ولکنه لایناسب المقام حیث صدر الکلام لبیان الضابطة .

الفرض الخامس: ما تقدم من المحقق الإصفهانی من کون معنی الضرار هو القیام بقصد الضرر علی الغیر و کون الضار بصدد الإضرار علی غیره و هو حسن و یناسبه معنی المضار «أنت رجل مضار» فی صدر الضابطة .

بقی الکلام فی معنی «لا» فی القاعدة و سیأتیک أن شاء الله تعالی .

و الحمد لله

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo