< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/11/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: محل التقلید و مورده

کان الکلام فی محل التقلید و مورده هل هو مختص بالأحکام الفرعیة العملية أو يجري في غيرها من الموضوعات و مسائل العلم العربية و علم الأصول و سائر العلوم التي يتوقف عليه الإستنباط .

قد عرفت عدم جواز التقليد في أصول الدين إذ المطلوب فيها اليقين و الإعتقاد الجزمي و هو لايحصل بالتقليد بل ذم الله تعالي التقليد في الإعتقاديات في القرآن الكريم .

نعم لو حصل العلم و الإعتقاد من قول أحد فلايبعد جواز الإكتفاء به لو لم‌يكن مقصرا في مقدمات هذا العلم .

و أما التلقيد في الموضوعات الصرفة‌ كالخمر و الماء و غير ذلك فلاريب في عدم جواز التقليد فيها لما قد عرفت من أن تطبيق الكبريات الشرعية علي صغرياتها ليس من وظيفة‌ الفقيه المجتهد بل هي وظيفة كل أحد و المجتهد و المقلد فيها سواء بل ربما يكون العامي أعرف بذلك من المجتهد .

نعم لو أخبر المجتهد العادل بموضوع كالخمر، فعلي العامي ترتيب آثارها من الحرمة‌ و النجاسة لكن ذلك ليس بمناط التقليد في الأحكام بل هو من باب تصديق العادل في إخباره بالأمور المحسوسة .

نعم في الموضوعات المستنبطة كالغناء و الصعيد و كذلك ألفاظ العبادات كالصلاة و الصوم و الحج فحيث أن الحكم الشرعي المترتب علي هذه الموضوعات يدور مدار التسمية و الصدق فاللازم رجوع العامي إلي المجتهد فإنه في الحقيقة رجوع إليه في الأحكام فإذا رأي المجتهد أن الغناء مطلق الصوت المطرب فأفتي بحرمته فمعناه أن الحرمة‌ الشرعية مترتبة علي الأعم من المُرَّجِّع المطرب و المطرب غير المرجع .

أقول: إذا فرضنا علم المقلد بمعني الغناء و الصعيد و ما أشبه ذلك من الموضوعات المترتب عليها الحكم الشرعي و كان علمه مخالفا لرأي المجتهد في المعني فلا موجب للزوم إتباع المقلد العامي لذلك المجتهد بعد علمه بخطئه .

و أما التقليد في العلوم العربية من النحو و الصرف و المعاني و البيان؛ فحالها حال علم اللغة الذي لايجري فيه التقليد ما لم يرجع إلي الحكم الشرعي .

و الوجه في ذلك واضح حيث أن أدلة التقليد من الآيات و الروايات ظاهرة في لزوم الرجوع إلي المتفقه و المنذر بالأحكام و العارف بالحلال و الحرام و نحو ذلك .

و أما السيرة فهي و إن كانت ثابتة في المقام حيث أن الجاهل يرجع بحسب السيرة إلی العالم في كل فن إلا أن القدر المتيقن من جواز ذلك عند العقلاء ما إذا كان الفن و العلم غير مبتن علي الأمور المحسوسة التي يعرفها الناس بأحد الحواس الظاهرية و لعل منها قواعد علمي النحو و الصرف، بل السيرة قائمة علي رجوع الجاهل في المسائل الفنية المبتنية علي الأمور الحدسية المحتاجة إلي التتبع و الإستنباط و الإستدلال كما في علم الطب و الهندسة و نظائرهما .

و من هنا بنوا علي عدم حجية قول اللغوي حيث أن قوله مستند إلي الحس من السماع و نحوه و كذلك قول أهل الرجال بالنسبة إلي وثاقة الراوي و عدم وثاقته، حيث أنه أيضا من الأمور الحسية المحكوم عليها بحكم الشهادة و قد عرفت في الدرس السابق الفصل بين الرجاليين القدماء اللذين كان إخبارهم بأحوال الرواة مستندة إلي السماع أو رؤية أحوالهم في كتب معاصريهم و الرجاليين المتأخرين حيث أن أخبارهم مستندة إلي الحدسيات الناشئة من التتبع و نحو ذلك .

و أما التقليد في المسائل الأصولية فالظاهر بحسب الكبري جوازه حتي للمجتهد في المسائل الفقهية فإن أدلة جواز التقليد لامانع لشمولها لتلك المسائل الأصولية المبتنية عليها الأحكام.

أما الكتاب فلأنه دال علي جواز التقليد في الأمور الراجعة إلی الدين و من البديهي أن حجية الاستصحاب و الخبر الواحد و تنجيز العلم الإجمالي في صلاتي الظهر و الجمعة و نحوها راجعة إلي الدين و تعلمها تفقه في الدين و الإنذار بها حجة بمقتضي الآية المباركة حيث أنها مطلقة شاملة للحكم الشرعي بلاواسطة أو مع الواسطة .

و أما السنة فلأنها دلت علي جواز أخذ معالم الدين من الفقهاء و الرواة الثقات كما وردت في عدة من الأخبار و لاريب في كون كثير من المسائل الأصولية كحجية خبر الواحد و ظهورات الآيات و الأوامر و النواهي و غيرها من معالم الدين .

و أما السيرة فجريانها في المقام لامجال للتشكيك فيه فإنه من رجوع الجاهل إلی العالم في المسائل الحدسية المحتاج إلي التدقيق و التأمل التام .

نعم لايجوز تقليد المجتهد الذي ليس له ملكة‌ في المسائل الأصولية فإن الأحكام المستنبطة لهذا المجتهد مبتنية علي التقليد لكون كبري قياساتها و هي المسائل الأصولية مأخوذة من التقليد و النتيجة تابعة لأخس المقدمتين .

هذا بحسب الكبري و أما بحسب الصغري فذكر سيدنا الأستاذ الخوئي أنه و إن أمكن إستنباط مسائل قليلة من الأحكام الشرعية بلاحاجة إلي التوسل فيها بالمسائل الأصولية إلا عمدة المسائل الفقهية مبتنية علي المسائل الأصولية و ليس الإجتهاد في المسائل الأصولية أصعب منه في المسائل الفقهية بل لايمكن حصول ملكة الإجتهاد و القدرة علي إستنباط المسألة الفقهية إلا مع القدرة علي تطبيق الكبريات الأصولية علي صغرياتها .

و بعبارة أخري: التجزي في الإجتهاد و إن كان أمرا ممكنا بل هو واقع لامحالة إلا أن معني ذلك تمكن المتجزي من إستنباط مسألة بما لها من التوقف علي المسألة الأصولية في مسألة دون مسألة أخري لا بمعني أنه قادر علي إستنباط حكم شرعي مع عدم قدرته علي إستنباط كبري قياس المسألة الفقهية .

و بالجملة لايمكن عادتا حصول ملكة الإجتهاد و القدرة علي الإستنباط في لمة كثيرة كمن المسائل الفقهية إلا مع القدرة علي إستخراج كبري قياسات المسألة الفقهية و تلك الكبريات هي المسائل الأصولية .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo