< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/11/25

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: فی بعض الفروع

قد ظهر جواز التقلید و لزومه شرعا لغیر المجتهد و المحتاط فی الأحکام الواقعیة و الظاهرية .

فرع

هل التقليد واجب فی خصوص الأحکام الإلزامیة أم يجب في غيرها من الأحكام من المندوبات و المكروهات؟

الذي يسبب السؤال هو أن المقلد يحتمل أن لزوم التقليد في الأحكام الملزمة كان لأجل تحصيل الأمن من العقاب إذ لما إحتمل المکلف وجوب فعل أو حرمته یحتمل وجود العقاب علی ترکه أو فعله فیحکم عقله بدفع الضرر المحتمل و لکنه منتف في الأحكام الغير الإلزامية إذ ليس في تركها عقاب لكي يجب التحرز عنه عقلا .

و الجواب عنه هو أن المندوبات و المكروهات بما أنها أحكام شرعية يجب إستنادها‌ إلی الشارع، يطلب التقليد إذ لايعقل أن يأتي المكلف بغسل الجمعة ندبا أو الدعاء عند رؤية الهلال أو غيرها من دون العثور علي فتوي دال علي إستحبابها و هكذا عندما يريد المكلف ترك عمل لأجل كراهيته فيحتاج إلي من أفتي بكراهيته لكي يصح إستناده إلی‌ الله تعالي لئلا يشمله قوله تعالي «آلله أذن لكم أم علي الله تفترون» إذ الإلتزام بإستنادها إلي الشارع من دون سبب شرعي، مساوق للتشريع المحرم .

فرعهل يجوز التقليد في أصول الدين أم لا ؟

الجواب: إن من أصول الدين ما يلزم علي المكلف الإعتقاد بها و ما يحسن، فما يعتبر فيه عقد القلب و التصديق و الجزم لايصح فيه التقليد إذ الإعتقاد لابد أن يكون عن جزم و يقين «العلم إن كان إذعانا بالنسبة ‌فتصديق» بينما أن التقليد لايفيد العلم و الإعتقاد الجزمي و لذا يذم القرآن إتباع الكفار الآباء و الإقتداء بهم من دون علم « وَ إِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا أوَ لَوْ كاَنَ ءَابَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَ لَايَهْتَدُون»[1] فعليه أن المطلوب في هذا النوع من الإعتقاديات ما قد يعبر عنه بدين العجائز «عليكم بدين العجائز» حيث أن إعتقادهن مبني علي الإستدلات العقلية المفيدة لليقين و إن كانت بسيطة من حيث المقدمات و حكمة إعجاز الأنبياء أيضا هو إيجاد اليقين و الجزم لعامة الناس فلاسبيل للتقليد في هذا القسم من الإعتقاديات .

نعم لابأس بالتقليد فيما يحسن الأعتقاد بها مثل أحوال القبر و القيامة و الحشر و المواقف و كيفياتها فيجوز الإعتقاد بها من باب التبعية عن أهل العلم إذا كان مبتن علي أخبار الأئمة (عليهم السلام) .

فرع هل يجوز التقليد في الموضوعات أم لا ؟

مثلا إذا أخبر الفقيه بطلوع الهلال أو خمريه مائع أو نحوها فهل يجب إتباعه بحمل أحكامها عليها ؟

كلا؛ التلقيد إنما هو في الأحكام دون في الموضوعات بيان ذلك

إن سيرة العقلاء علي الرجوع إلي أهل النظر إنما هو في الحدسيات و النظريات و الأمور الحدسية التي تحتاج إلي إعمال النظر و الرأي و الخبروية لتوقف معرفة تلك الأمور علي الرجوع إلي أهلها و منها الرجوع إلي الطبيب و المهندس و المحاسب و الفيلسوف و الفقيه .

أما الموضوعات فبما أنها من الأمور المبتنية علي الواقعيات و الحسيات فيكون طريق معرفتها هي الأمور الحسية فلايحتاج الإنسان فيها إلي إهل النظر و الفن إذ خمرية هذا المائع مثلا غير مرتبط بمقام الشارع إذ ليس من شأن الشارع تشخيص الموضوعات و الفقيه إنما هو مبين للقوانين الشرعية. أما تطبيق الكبريات علي الصغريات فهو علي عهدة المكلفين فلا يحتاج إلي التقليد بل ربما يقع الإختلاف بين المجتهد و المقلد في تشخيص الموضوع فما يراه المجتهد مثلا نجسا يراه المقلد طاهرا فحينئذ علي كل منهما العمل بمقتضي تشخيصه .

نعم لو شهد المجتهد بموضوع و قلنا بکفایة شهادة‌ عدل في إثبات الموضوعات فيجب قبول قوله بما أنه مخبر عادل لا من باب التقليد .

ثم إن المجتهد لو قلد في بعض المقدمات مثل معرفة اللغات أو بعض صيغها كمعرفة ‌معني الصعيد في قوله تعالي «فتيمموا صعيدا طيبا» فهل يجوز التقليد عنه فيها ؟

قال الأستاذ لايجوز الرجوع فيها إليه إذ معرفة اللغات و الصيغ و الهيئات تحصل بالمراجعة إلي قول اللغوي المستند إلي الحس و السماع لا الأمور الحدسية و هكذا بالنسبة إلي علم الرجال و الدراية إذ التوثيقات و التعديلات و كذلك الجروح مستندة إلي الشهادات لا الحدسيات و إلا لا يعتمد بها و لذا ذهب جمع من العلماء إلي عدم جواز الإستناد إلي أقوال المتأخرين من علماء علم الرجال كأقوال القحبائي و التفرشي القائل بوثاقة محمد بن سنان مثلا، إذ معرفته مستندة إلي الحدس و التتبع و إعمال الرأي .

و الذي سبب إعتبار أقوال القدماء الرجاليين مع بعدهم عن عصر الأئمة و الصحابة هو إستناد أقوالهم إلي المسموعات و المكتوبات من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) الذين عاشوا زمن رجال الحديث و كانوا من معاصريهم كعبد الله بن إبي رافع صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) و إبن محبوب من الذين كتبوا بأيديهم كتبا في أحوال الرجال من معاصريهم و إعتمد الشيخ و النجاشي و الكشي و برقي و إبن غضائري في أصولهم الستة الرجالية علي محسوسات هؤالاء و مشاهداتهم و مسموعاتهم فعليه أن العبرة علي أقوال هؤالاء الرجاليين في الحقيقة من باب قبول الشهادة لا الإستنباطات الشخصية و آرائهم الإجتهادية . و الحمد لله

 


[1] بقرة 170.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo