< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/11/03

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: في شرائط المرجعية

قلنا بأن السیرة العقلائیة حاكمة علي جواز الرجوع إلي المجتهد المتجزي مع وجود المجتهد المطلق ولكن قيل بأن هناك روايات رادعة عن هذه السيرة فلاتكون ممضاة من ناحية الشرع فليست حجة فلايجوز الرجوع إلي المجتهد المتجزي .

و إليك نبذة من تلك الروايات

مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (علیه السلام) عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَتَحَاكَمَا إِلَى السُّلْطَانِ وَ إِلَى الْقُضَاةِ أَيَحِلُّ ذَلِكَ؟

قَالَ: مَنْ تَحَاكَمَ إِلَيْهِمْ فِي حَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ فَإِنَّمَا تَحَاكَمَ إِلَى الطَّاغُوتِ وَ مَا يُحْكَمُ لَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ سُحْتاً وَ إِنْ كَانَ حَقّاً ثَابِتاً لَهُ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِحُكْمِ الطَّاغُوتِ وَ مَا أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُكْفَرَ بِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‌ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ‌. قُلْتُ فَكَيْفَ يَصْنَعَانِ؟ قَالَ يَنْظُرَانِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِمَّنْ‌ قَدْ رَوَى‌ حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا فَلْيَرْضَوْا بِهِ حَكَماً فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ عَلَيْكُمْ حَاكِماً فَإِذَا حَكَمَ بِحُكْمِنَا فَلَمْ يُقْبَلُ مِنْهُ فَإِنَّمَا اسْتُخِفَّ بِحُكْمِ اللَّهِ وَ عَلَيْنَا رُدَّ وَ الرَّادُّ عَلَيْنَا الرَّادُّ عَلَى اللَّهِ وَ هُوَ عَلَى حَدِّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ الْحَدِيثَ. (وسائل الشيعة، ج‌27، ابواب صفات قاضي، ص136)

حیث أن الناظر فی الحلال و الحرام و العارف بأحکامهم لایصدق علی من عرف نبذة يسيرة من الأحكام الشاملة لجميع جوانب الحياة .

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ قَالَ: بَعَثَنِي‌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ‌ (عليه السلام) إِلَى أَصْحَابِنَا فَقَالَ قُلْ لَهُمْ إِيَّاكُمْ إِذَا وَقَعَتْ بَيْنَكُمْ خُصُومَةٌ أَوْ تَدَارَى بَيْنَكُمْ فِي شَيْ‌ءٍ مِنَ الْأَخْذِ وَ الْعَطَاءِ أَنْ تَتَحَاكَمُوا إِلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفُسَّاقِ. إجْعَلُوا بَيْنَكُمْ رَجُلًا مِمَّنْ قَدْ عَرَفَ حَلَالَنَا وَ حَرَامَنَا فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ قَاضِياً وَ إِيَّاكُمْ أَنْ يُخَاصِمَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِلَى السُّلْطَانِ الْجَائِرِ. (وسائل الشيعة ح6 ج 27)

وجه الإستدلال بهذا الحديث هو ما تقدم في المقبولة

أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الطَّبْرِسِيُّ فِي الْإِحْتِجَاجِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيِّ ع‌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى‌ «فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»‌؛ قَالَ هَذِهِ لِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى أَنْ قَالَ وَ قَالَ رَجُلٌ لِلصَّادِقِ (عليه السلام) إِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْعَوَامُّ مِنَ الْيَهُودِ لَا يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ إِلَّا بِمَا يَسْمَعُونَهُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَكَيْفَ ذَمَّهُمْ بِتَقْلِيدِهِمْ وَ الْقَبُولِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَ هَلْ عَوَامُّ الْيَهُودِ إِلَّا كَعَوَامِّنَا يُقَلِّدُونَ عُلَمَاءَهُمْ إِلَى أَنْ قَالَ فَقَالَ (عليه السلام) بَيْنَ عَوَامِّنَا وَ عَوَامِّ الْيَهُودِ فَرْقٌ مِنْ جِهَةٍ وَ تَسْوِيَةٌ مِنْ جِهَةٍ أَمَّا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِوَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ ذَمَّ عَوَامَّنَا بِتَقْلِيدِهِمْ عُلَمَاءَهُمْ كَمَا ذَمَّ عَوَامَّهُمْ وَ أَمَّا مِنْ حَيْثُ افْتَرَقُوا فَإِنَّ عَوَامَّ الْيَهُودِ- كَانُوا قَدْ عَرَفُوا عُلَمَاءَهُمْ بِالْكَذِبِ الصِّرَاحِ وَ أَكْلِ الْحَرَامِ وَ الرِّشَا وَ تَغْيِيرِ الْأَحْكَامِ وَ اضْطُرُّوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ فَاسِقٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَدَّقَ عَلَى اللَّهِ وَ لَا عَلَى الْوَسَائِطِ بَيْنَ الْخَلْقِ وَ بَيْنَ اللَّهِ فَلِذَلِكَ ذَمَّهُمْ وَ كَذَلِكَ عَوَامُّنَا إِذَا عَرَفُوا مِنْ عُلَمَائِهِمُ الْفِسْقَ الظَّاهِرَ وَ الْعَصَبِيَّةَ الشَّدِيدَةَ وَ التَّكَالُبَ عَلَى الدُّنْيَا وَ حَرَامِهَا فَمَنْ قَلَّدَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ فَهُوَ مِثْلُ الْيَهُودِ الَّذِينَ ذَمَّهُمُ اللَّهُ بِالتَّقْلِيدِ لِفَسَقَةِ عُلَمَائِهِمْ فَأَمَّا مَنْ‌ كَانَ‌ مِنَ‌ الْفُقَهَاءِ صَائِناً لِنَفْسِهِ حَافِظاً لِدِينِهِ مُخَالِفاً عَلَى هَوَاهُ مُطِيعاً لِأَمْرِ مَوْلَاهُ فَلِلْعَوَامِّ أَنْ يُقَلِّدُوهُ وَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْضَ فُقَهَاءِ الشِّيعَةِ لَا كُلَّهُمْ فَإِنَّ مَنْ رَكِبَ مِنَ الْقَبَائِحِ وَ الْفَوَاحِشِ مَرَاكِبَ عُلَمَاءِ الْعَامَّةِ- فَلَا تَقْبَلُوا مِنْهُمْ عَنَّا شَيْئاً وَ لَا كَرَامَةَ وَ إِنَّمَا كَثُرَ التَّخْلِيطُ فِيمَا يُتَحَمَّلُ عَنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْفَسَقَةَ يَتَحَمَّلُونَ عَنَّا فَيُحَرِّفُونَهُ بِأَسْرِهِ لِجَهْلِهِمْ وَ يَضَعُونَ الْأَشْيَاءَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِمْ وَ آخَرُونَ يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ عَلَيْنَا الْحَدِيثَ .(وسائل الشيعة، ح 20)

حيث أن عنوان الفقهاء مع إتصافهم بالصفات العالية المذكورة في الحديث لاينطبق علي المتجزي بل علي العارف المتفقه بالأحكام المتبع بها الناس.

إن بعض هذه الروايات واردة مورد القضاء ولكن بما أن منصب الإفتاء أجل شأنا من منصب القضاء فيعتبر فيه الإطلاق في الإجتهاد بالطريق الأولي .

و أوردوا عليه بأن بين المقامين فرق واضح حيث أن القاضي يجب عليه معرفة جميع ابواب الفقه ليقدر علي القضاوة في كل مسألة من أي باب من الأبواب الفقهية الذي يراجع إليه عامة الناس و هذا غير ضرور في مقام الإجتهاد و الإفتاء إذ المقلد يريد أن يقلد عن المجتهد المتجزي فيما إستنبطه فحسب فلاحاجة له بأن يكون مرجعه مجتهدا مطلقا و هو الحق و ما ورد في رواية العسكري (عليه السلام) من إعتبار الفقيه فهو في مقام الفرق بين علماء الشيعة و اليهود و أن علماء الشيعة اللائق بالرجوع إليهم من كان واجدا للصفات العالية المنبعثة عن التقوي و الإلتزام بالشريعة في سيرته و افعاله و اقواله و هذه الصفات مفقودة عند علماء اليهود و النصاري المتكالبينن علي الدنيا. فالكلام في مقام التفرقة بين عوام الشيعة و عوام اليهود و علماء كل من فرقتين لا في مقام إعتبار الإجتهاد المطلق .

فالإنصاف أن إعتبار الإطلاق في المجتهد و إن قال به العلماء إلا أنه لم يقم دليل رادع عن السيرة مع أن القول بإطلاق الإجتهاد في أصحاب الأئمة الذين كانوا مرجعا لعامة الناس في الأحكام أمر بعيد لاسيما مع سعة الأبواب الفقهية و كثرة فروعها .

و لعل السر في القول بلزوم التقليد عن المجتهد المطلق هو أن العلماء لما رأو أن الفقيه هو نائب الإمام (عليه السلام) و الإمام هو شخص واحد في كل عصر، إلتزموا أن يمثل نيابته أيضا في شخص واحد فلابد أن يكون هو مجتهد مطلق قادر علي الإستنباط في مختلف المجالات الفقهية من بين المجتهدين و هذا يوجب تقوية الشيعة و مقام المرجعية فيكون لقوله و فتاواه حينئذ اثر عظيم و هذا أمر مشهود في بعض الأعصار المتقدمة التي أفتي زعيم الشيعة بما يوجب تقوية المسلمين كفتوي الميرزا الشيرازي بتحريم التنباكو خاصة مع النظر إلی قلة الشيعة بين المسلمين فخوفا من التشتت بين أبناء الشيعة و ضعفهم كانوا يختارون في كل عصر مجتهدا واحدا لمقام المرجعية كالشيخ الكليني في عصر الغيبة ثم بعده علي بن بابويه ثم الشيخ المفيد ثم السيد المرتضي ثم شيخ الطائفة و هكذا إلي أن بلغ الدور إلي صاحب الجواهر و الشيخ الأعظم و ... و لعله مقتضي ملاحظة العناوين الثانوية في المقام. مضافا إلي أن مقتضي الشك في حجية قول المتجزي عدم الحجية علي ما عرفت مرارا من كون الشك فيها مساوق للقطع بعدمها .

و من جملة الشروط المعتبرة في المرجع و المفتي العدالة‌ و هذا الشرط لايحتاج إلي إقامة دليل و هذا هو أقل مقدار يستفاد من الصفات المذكورة في رواية العسكري (عليه السلام) حيث قال «من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه» و من المعلوم أن المجتهد المرجع لايكون لائقا لمنصب النيابة عن صاحب الأمر إن لم يكن عادلا و كفي في ذلك الإجماع القطعي من العلماء .

و من جملة الشروط البلوغ و هذا هو المستفاد من بعض الروايات الآمرة بالرجوع إلي الفقهاء و إن كان مقتضي «من» الموصولة في بعض آخر «من كان منكم» صدق الفقيه علي الصغير و الكبير و عدم إعتباره .

ثم إن الأستاذ قال بإمكانه قياسا علي مقام النبوة و الإمامة و حيث جعل الله مثل هذه المناصب في بعض الأطفال كالنبي يحيي (علي نبينا و آله و عليه السلام) «و آتيناه الحكم صبيا» و مولانا محمد بن علي الجواد و علي بن محمد التقي الهادي و صاحبنا بقية الله الأعظم (عليهم السلام) الذين بلغوا مقام الإمامة عندما كانوا أبناء خمس و ثمان و تسع كذلك لايبعد أن يجعل الله قوة الإستنباط و ملكة الإجتهاد في بعض من إختارهم للعلم و الفقاهة فلايبعد عدم إعتباره في المرجع .

و لكن إمكان حصول الإجتهاد المطلق للصبي بعيد و إن قيل بالنسبة إلي بعض الأعاظم من العلماء كالفاضل الهندي و فخر المحققين و إبن سينا و مقتضي رعاية شؤون المرجعية و منصبه إعتبار البلوغ لصيانة مكانة المرجعية عن الوهن بين المسلمين .

ثم إن من جملة الشروط طيب الولادة و عدم كون الفقيه ولد الزنا و هذا هو الحق إذ أن ما ورد في الروايات من «أن ولد الزنا لايفلح أبدا» يوجب كراهية الناس عن الرجوع إلی مثله فلايعتمد عليه العرف إذ يشمئز من مثله مضافا إلی أن القول بعدم إعتباره موجب لوهن الشيعة و مقام المرجعية فهو معتبر عندنا .

و الحمد لله

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo