< فهرست دروس

موضوع: إشکالین آخرین علی کلام الشیخ الأنصاری (ره)

قلنا أن الأستاذ الخوئي نقل من الشيخ الأعظم أن مقتضي القول بمصلحة السلوكية هو التخيير بين الأخذ بفتوي المجتهد الأعلم و فتوی غيره و يظهر ذلك أيضا من كلمات صاحب الكفاية و ذلك لأجل تزاحم التكليفين فيما إذا لم يكن لأحدهما أهمية علي الآخر و ذكرنا الإشكال الوارد علی المبني المذکور و بطلان القول بالتصويب و أنه لا أقل من عدم الدليل علي المصلحة السلوكية .

هذا مضافا إلي أن مقتضي القول بالمصلحة السلوكية و السببية - علي فرض صحته - هو التعارض بين فتوي المجتهدين لا التزاحم بينما إذ التزاحم إنما يتصور فيما إذا لم يكن بين التكليفين تضاد أو تناقض في مقام الجعل و الإنشاء لكيلا ينفي كل دليل، الدليل الآخر بالمدلول الإلتزامي بينما أن فتوي كل من المجتهدين ينفي فتوي المجتهد الآخر .

بيان ذلك

إن التعارض هو التنافی فی مقام جعل الحکم بين الدليلين مثلا إذا قال أحد الدلیلین شرب العصير العنبي محرم و الآخر قال أنه حلال یکون معنی كل من الدلیلین أولا إثبات الحكم المطابقي بالدلالة المطابقية و ثانيا نفي حكم الدلیل الآخر بالدلالة الإلتزامية فدليل حرمة شرب العصير يثبت الحرمة بالمطابقة و عدم الإباحة بالإلتزام و دليل حلية شربه يثبت الحلية بالمطابقة و ینفي الحرمة بالإلتزام و كما تري لايمكن الجمع بينهما بحسب مقام الجعل و القول بحجية كل منهما إذ يلزم من القول به التعبد بالمتناقضين و لذا نقول بأن الأصل في المتعارضين هو التساقط.

هذا بينما أنه لاتنافي بين المتزاحمين في مقام الجعل كما بيناه في مثال إزالة النجاسة عن المسجد في وقت الصلاة.

إشکال ثالث علی کلام الشیخ الأعظم

أما الإشكال الثالث علی كلام الشيخ هو أنه علی تسليم مبني السببية و التزاحم بين قول المجتهد الأعلم و غيره لايمكن القول بالتخيير إذ القاعدة في المتزاحمين سقوط إطلاق أحدهما عن الفعلية في حال عدم تساوي ملاكهما و سقوط إطلاق كليهما في حال التساوي .

مثال : لو تمكن أحد من إنقاذ الغريقين في زمان واحد يتوجه إليه التكليفين بالإنقاذ و يصير كلاهما فعليا لقدرته عليهما و لو لم يتمكن من الإتيان بهما لعجزه فهنا باب التزاحم بين التكليفين و يصير أحدهما غير فعلي فحينئذ لو كان أحد الغریقین نبيا يكون هو الفعلي بینهما و الطرف الآخر لا یصیر فعلیا إلا إذا ترک المکلف إنقاذ النبی و کان قادرا علی إنقاذ غیر النبی .

فبالجملة لو كان أحد المتزاحمين أهم من الآخر يكون هو الفعلي من بينهما و لا يعقل هنا فعلية كليهما لعدم القدرة عليهما و لو كان بينهما التساوي في الملاك يكون فعلية كل منهما مشروطا بترك الآخر .

و هكذا في محتمل الأهمية حيث نعلم بأن فعليته مسلم بينما يكون فعلية الآخر من المتزاحمين مشروطا ففي ما نحن فيه بما أن فتوي المجتهد الأعلم هو محتمل الأهمية بالنسبة إلي فتوي غير الأعلم فيكون فعلية وجوب العمل بفتواه مطلقا بينما يكون فعلية وجوب العمل بفتوي غير الأعلم مشروطا و مقيدا فلا يثبت في المقام حجية فتوي غير الأعلم لكي يصح العمل به و يكون المكلف مخيرا بين الأخذ بالفتوايين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo