< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/02/25

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: منشأ القول بإنقلاب النسبة

رجوع إلی‌ أصل البحث عن إنقلاب النسبة لكي تكون علی معرفة أكثر فنقول:

لا إشكال في أن المدار عند تعارض الأدلة و تنافيها علی الظهورات بحيث لو لم‌يمكن الجمع بينها تدخل في باب التعارض كما‌ إذا قال أحد الدليلين «شرب الخمر حرام» و الآخر قال «يجوز شرب الخمر» أو كان التعارض بينهما بالعرض كما‌ إذا قال أحد الدليلين «إن الصلاة تقصر عند أربعة فراسخ مع قصد الرجوع» و حكم دليل آخر بإتمام الصلاة في مفروض المثال .

أما إذا أمكن رفع التنافي بين الدليلن أو أكثر بطريق عرفي كالجمع بين العام و الخاص بحمل العام علی الخاص كحمل أكرم كل عالم علی العالم العادل عند ورود الخاص الدال علی عدم جواز إكرام الفاسق أو حمل الظاهر علی الأظهر بصرف الظاهر عن ظهوره أو حمل الظاهر علی النص فلامحالة‌ لاتعد الأدلة متعارضة و لو كانت بظاهرها إبتداءا متنافية .

ثم إن التعارض بين الأدلة قد يقع بين أكثر من دليلين فهنا صار محل النزاع و الخلاف بين الأعلام فذهب الشيخ و الآخوند إلی لزوم الأخذ بالظهورات و الإكتفاء بها و ذهب الفاضل النراقي و المحقق النائيني و الأستاذ الخوئي إلی لزوم حل التعارض بينها بإنقلاب النسبة بينها مستدلين بأن التنافي بين الأدلة قد يشكل رفعه لخفاء الأظهر منها و لكنه قد يرتفع بملاحظة النسبة بين الأدلة و إنقلابها لظهور الأظهر حينئذ فإذا ورد عام «يستحب إكرام كل عالم» و دليل آخر «لاتكرم الفساق» و دليل ثالث «يجب إكرام العالم العادل» يقع التنافي بين هذه الثلاثة إذ العالم العادل محكوم بوجوب الإكرام بالدليل الثالث و مستحب إكرامه بالأول و العالم الفاسق يستحب إكرامه بالدليل الأول و حرام إكرامه بالثاني فحل التنافي بينهما إنما يمكن بإنقلاب النسبة.

ففي المثال يخصص العام «يستحب إكرام كل عالم» بالدليل الخاص «يجب إكرام العالم العادل» فيقدم الخاص علی العام فيبقی تحت العام «العالم الفاسق» فيستحب إكرامه و هو بالنسبة إلی «لاتكرم الفاسق» خاص فيخصصه لتقدمه عليه فالتنافي بين الأدلة الثلاثة يرتفع بتخصيص العام الأول بالخاص ثم العام المخصص بالنسبة إلی العام الآخر يكون خاصا و يقدم عليه .

فالقول بإنقلاب النسبة يقتضي تخصيص الثالث «يجب إكرام العالم العادل» بالعام الأول «يستحب إكرام كل عالم» لكون النسبة بينهما عموم و خصوص مطلق، فيبقی تحت العام «العالم الفاسق» و يكون النسبة بين الباقي تحت العام و الدليل الثاني «يحرم إكرام الفساق» عموم خصوص مطلق فيقدم الخاص «يستحب إكرام العالم الفاسق» علی «يحرم إكرام الفاسق» و تكون النتيجة حرمة إكرام الفاسق الجاهل و بهذا الشكل يرتفع التنافي و يحصل من القول بإنقلاب النسبة «وجوب إكرام العالم العادل» و «إستحباب إكرام العالم الفاسق» و «حرمة إكرام الجاهل الفاسق»

أما علی القول بإنكار الإنقلاب لاينحل التنافي بين الأدلة لتعارضها في الظهورات فيجب الرجوع إلی ‌المرجحات في المقام إن كانت و إلا يرجع الأمر إلی التخيير أو التساقط علی إختلاف المباني في المقام .

نعم ذكر المحقق الخراساني تقدم الثالث علی الأول لا لمكان الإنقلاب بل لأظهرية الخاص علی‌العام فراجع .

منشأ القول بإنقلاب النسبة حسبما نقله الشيخ عنه في الرسائل :

إن منشأ القول بإنقلاب النسبة‌ هو أن المحقق النراقي قال في كتابه «عوائد» إذا كان مخصص دليل العام؛ الإجماع أو دليل العقل يعد هذا النوع من المخصص كالمتصل من المخصصات فلاينعقد للعام الظهور بالنسبة إلی ما خرج بالإجماع أو دليل العقل من أول الأمر حيث أن شأن المخصص المتصل المانعية من إنعقاد الظهور فلو قام إجماع علی حرمة إكرام العالم الفاسق، يخصص العام الدال علی وجوب إكرام كل عالم بالعادل منهم من أول الأمر و يضيق دائرة دلالة العام في عمومه فكأن العام من أول الأمر بشكل العام المخصص بالمتصل «أكرم كل عالم عادل» .

ثم إنه لو ورد دليل «لاتكرم الفساق» يكون هذا الدليل بالنسبة إلی «أكرم كل عالم » عموم و خصوص من وجه ولكن بما أن حكم الإجماع أو دليل العقل حكم المخصص المتصل للعام فلا تنافي حينئذ بين قوله «لاتكرم الفساق» و العام المخصص بالإجماع أو دليل العقل «أكرم كل عالم عادل» و لاتعارض لهما بالنسبة إلی مادة الإجتماع .

هذا ما نقله الشيخ عن المحقق النراقي بعينه

و لكن الآخوند كأنه إستفاد من كلام النراقي أن مراده هو المخصص القطعي و يقول إن النراقي قال إذا كان مخصص العام قطعيا فهو بمنزلة المخصص المتصل فيقدم علی العام الآخر الذي كان نسبته بالنسبة إليه عموم و خصوص من وجه و تنقلب النسبة إلی عموم و خصوص مطلق فيقدم علیه .

أما الشيخ فقد خالف المحقق النراقي في ذلك و قال بأن دليل العقل أو الإجماع يعد دليلا مستقلا فيقع التعارض بين ثلاثة أدلة و ظهوراتها و النسبة‌ إنما تلاحظ بين الظهورات فقط .

و ذكرنا أختلاف المحقق النراقي مع الشيخ و الآخوند في أنواع التعارض بين الأدلة التي من جملتها التعارض بين العام و الخاصين و قلنا بأن النسبة بين الخاصين قد يكون التباين و قد يكون عموم وخصوص من وجه و ثالثة يكون عموم وخصوص مطلق ففيها قد تنقلب النسبة كما عليه سيدنا الأستاذ و قال فيه إن القول بإنقلاب النسبة مما لايحتاج إثباته إلی أزيد من تصوره .

و الحق ما أفاده الشيخ و الآخوند من أن المدار في ملاحظة الأدلة المتعارضة هو ظهورات الأدلة بأنفسها و إن إتحدت النتيجة أحیانا فی بعض الأمثلة كما أفاده الآخوند دون جميع الموارد .

ثم إنا ذكرنا النوع الأول من التعارض بين الأكثر من دليلين و بقي النوع الثاني و الثالث و هما التعارض بين عامين تكون النسبة بينهما عموم و خصوص من وجه و عامين تكون النسبة بينهما التباين و سيأتي الكلام فيهما إن شاء الله تعالی . و الحمد لله

 

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo