< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

90/12/15

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: تقدم أصالة الصحة علی الاستصحاب

إلی هنا مر الكلام في أصالة الصحة في العقود و الإيقاعات و ما فصله العلماء في هذا الأصل و تقدمه علی أصالة الفساد و الآن نبحث عن جريانه عند تعارضه مع الإستصحاب فنقول مر في مكاسب الشيخ أنه إذا شككنا في صحة بيع يرجع هذا الشك في الحقيقة إلی أنه هل ينتقل الثمن و المثمن إلی البايع و المشتري أم لا و إذا شككنا في صحة عقد النكاح يرجع الشك فيه إلی‌ الشك في إنعقاد علقة الزوجية بينهما و هكذا بالنسبة‌ إلی سائر العقود الذي يكون مقتضی الاستصحاب «لاتنقض اليقين بالشك أبدا» في تلك الموارد الحكم بعدم حدوث الملكية‌ الجديدة و النكاح و... و بالجملة عدم حصول ثمرة للعقد المشكوك فيه و بالتالي فساده .

و قد مر جريان أصالة الصحة عند الشك في شرائط العقد و خصوصياته و تقديمها علی أصالة الفساد و عدم جريانها عند الشك في حصول أركان العقد مما يرجع الی قابلية الفاعل و المورد كما مر ذلك من العلامة و المحقق الكركي .

ثم إنه في المقام تارة نشك في حكم العقد و أخری في موضوع

أما الأول كما إذا شككنا في أن حكم البيع - النقل و الإنتقال - هل يجري في عقد بيع المسلم و هكذا بالنسبة إلی علقة الزوجية في عقد نكاحه و أنه هل وقع العقد صحيحا أم لا فهنا و إن كان مقتضی أصالة الفساد عدم حصول الملكية و الزوجية و لكنه تجري أصالة‌ الصحة فيهابعد إحراز وجود إركان تلك العقود .

و أما الثاني كما إذا شككنا في بلوغ أحد المتعاقدين أو يشك في أن هذا المايع الذي كان خمرا سابقا هل صار خلا بالغليان أم لا

فصارت المسألة معركة الآراء بين العلماء كما قال الشيخ و قال الأستاذ بأن أصالة الصحة غير جارية لوجود أصل موضوعي في المقام و هو أصالة عدم البلوغ الذي يحرز بها عدم البلوغ و أصالة بقاء الخمرية فلا نحرز بها قابلية المايع للملكية الشرعية فلا تصل النوبة إلی أصالة الصحة لكون الشك في تلك الموارد راجعا إلی الشك في أركان العقد .

و علل بعض الأعاظم عدم جريان أصالة الصحة بأن الاستصحاب فيها ترفع موضوع أصالة الصحة تعبدا فلا يبقی معه الشك في بطلان العقد و يكون الاستصحاب حاكما عليها .

فتحصل مما ذكرنا أن الشك في صحة العقد إن كان ناشئا من ناحية حكم العقد تجري فيه أصالة الصحة و‌ إن كان ناشئا من ناحية الموضوع فلا تجري فيه و ذلك إما من باب عدم إحراز ركن العقد و إما من باب كونها محكوما بالأصل الموضوعي فلا تقدم أصالة الصحة علی الاستصحاب دائما .

و الأحسن أن يقال أن المدار في جريان أصالة الصحة قيام السيرة المتشرعة أو الإجماع علی الحمل علی الصحة فما قام فيه السيرة و الإجماع تجري فيه الأصل و عند الشك في قيام السيرة و معقد الإجماع لاتجري أصالة الصحة .

ثم إن المحقق النائيني أطال الكلام هنا فقال إن أصالة الصحة إن إعتبرناها أمارة تقدم علی ‌الاستصحاب و إن إعتبرناها و الاستصحاب ‌أصلين يكون تقدم أحدهما علی الآخر بالحكومة أو التخصيص و لكنا لانتعرض الكلام فيها لعدم الحاجة إليه بعد ما عرفت من أن المدار في جريان أصالة الصحة هو قيام السيرة في تلك الموارد .

هذا تمام كلامنا في تقدم أصالة الصحة علی الاستصحاب عند تعارضهما .

ثم إن الشيخ بحث إستطرادا عن أصالة‌ الصحة في الأقوال و الإعتقادات فقال إنه إذا شككنا في صحة قول مسلم فقد نشك في أن فعله - و هو قوله هنا – هل كان مصداقا لفعل الحرام كالفحش أو البهتان أم لا بأن كان كلامه تهيتا و سلاما علی المخاطب مثلا ففيه يحمل قوله بمقتضی‌ قوله عليه السلام « ضع فعل أخيك علی أحسنه » علی‌ الصحة و الحسن .

و قد نشك في مطابقة قوله للواقع فإنه أيضا علی قسمين إذ الشك فيه تارة‌ ناش عن مطابقته للإعتقاد كما إذا إحتملنا صدوره منه هزلا أو إستهزاءا و أخری ناش من الشك في مطابقته لما عند الله و للعالم الواقع و الخارج .

فعلی‌ الأول يحمل أيضا علی الصحة لأن الأصل صحة قول المسلم و صدقه و لذا يحكم بجواز إقرار العقلاء علی أنفسهم .

و علی الثاني فلم يقم بناء العقلاء عليه و ما أستند به أحيانا لإثبات حجية خبر الواحد به من حرمة الإفتراء علی المؤمن فلا يدل علی حجية قول المسلم مطلقا بل يدل علی حمله علی الصحيح في قبال الحمل علی القبيح فحسب .

و الذي تحصل من مجموع المباحث الطويلة في حجية خبر الواحد و ما ذکر من الأدلة كتكذيب خمسين قسامة‌ قبال قول أخ المؤمن؛ هو حجية قول الموثق العادل فحسب؛ مضافا إلی ‌أن اللازم من حجية قول المسلم؛ تخصيص الأكثر المستهجن لعدم إعتباره في أبواب الحدود و السياسات و القضاء الإسلامي قطعا .

فأصالة‌ الصحة لاتوجب حمل قول المسلم علی مطابقته للواقع في هذا القسم .

ثم إنه إذا ثبت حجية قول المسلم في مورد كما إذا كان المخبر عادلا أو مفتيا؛ فهل يحمل قوله علی الحجة عند المتكلم أو يحمل علی الحجة المطابق للواقع ؟

إذا كان المخبر مفتيا يحمل قوله علی إعتقاده إذ المفروض أن فتوی المفتي هو حكم الله عنده فإذا أفتی بوجوب شيء أو حرمته أو إستحباب شيء أو كراهته يحكم بأنها معتقده.

أما إذا أخبر العادل بشيء فالظاهر أن تصديقه يساوق حمل كلامه علی الواقع .

أما الكلام في أصالة الصحة في الإعتقاداتهل يحمل معتقد الإنسان علی الصحيح ؟

هناك يجب الفحص عن منشأ الإعتقاد و أنه هل حصل من الأمور الواهية و المقدمات الباطلة كالقياسات الباطلة و الشعرية و المغالطات كبعض معتقدات اليهود و النصاری و المشركين أم حصل من المقدمات الصحيحة و المبادي السليمة كالبرهان القياسات الصحيحة و الفكر من المبادي إلی المراد

فعلی الأول لايحمل علی الصحة قطعا و علی الثاني يحمل علی الصحة و لو شككنا في منشأ المعتقد و أنها حاصل من أي قسم منهما؛ فالإنصاف عدم الدليل علی‌ الحمل علی الصحة و فقدان السيرة القائمة عليه و إن أعتبر عذرا أحيانا .

و الحمد لله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo