درس خارج اصول استاد اشرفی

موضوع البحث: إستدراك

بقيت في المقام استدراكات من المباحث الماضية فنذكرها هنا لأهميتها و كثرة ثمراتها الفقهية

الاستدراک الاول: قال المحقق بأن الدخول في الغير معتبر في القاعدتين. أما إعتباره في قاعدة التجاوز فللإتفاق علی أن معنی التجاوز لايتحقق بدونه أما إعتباره في قاعدة الفراغ فلتقييد إطلاق موثقتي محمد بن مسلم بما أعتبر الدخول في الغير من الروايات تعبدا ولكن الأستاذ لم‌يعتبره في قاعدة ‌الفراغ قائلا بكفاية المضي عن المحل مستدلا بإطلاق تلك الموثقتين .

الاستدراك الثاني: لافرق بين الشك في الإتيان بالجزء الأخير و الشك في سائر الأجزاء في جريان القاعدتين فكما تجري قاعدة الفراغ في سائر الأجزاء تجري في مثل التسليم أيضا بعد الدخول في الغير علی مبنی المحقق فالصلاة تجري فيها قاعدة التجاوز بعد الدخول فيما يترتب عليه كالتعقيب بمقتضی قوله (عليه السلام) «كلما شككت في شيء و دخلت في غيره» و رد الاستاذ جريان القاعدتين في مفروض المثال أما عدم جريان قاعدة التجاوز فلعدم إشتراط التسليم بالتقدم علی‌ التعقيب و إن كان التسليم مشروطا بالتأخر عن التسليم لصحة الصلاة بدون التعقيب بلاإشكال و أما عدم جريان الفراغ فلعدم صدق المضي من الصلاة و بقاء محل السلام و ذاك للعلم بأن اليقين بترك التسليم حين الإشتغال بالتعقيب يوجب الحكم بتداركه من دون سجدة السهو فيُعلَم منه بأن محل السلام كان باقيا و إلا لم يكن الحكم كذلك .

الاستدراک الثالث: إذا حدث الشك في الوضوء فالحكم فيها الإتيان بالمشكوك ‌لصحيحة زرارة الدالة علی لزوم إعادة ما سماه الله تعالی و لو شك في الجزء الأخير منه فقال المحقق النائيني بأن البلل إن كان موجودا في أعضاء الوضوء لمّا‌ يمض المحل و لمّا يتجاوز عنه فلاتجري قاعدة التجاوز فيلزمه الإتيان به و إن جفت الأعضاء فقد نُقِضت الموالات المعتبرة فيه و لايبقی محل لإستدراك المشكوك فلو‌ شك في مسح الرجل اليسری قبل الجفاف يأت به لبقاء المحل فتجري قاعدة‌ التجاوز دون الفراغ إذ مع الشك في الإتيان بالمسح لم‌يحرز الفراغ من العمل لكي يصح التمسك بقاعدة ‌الفراغ .

ولكن الاستاذ قال بجريان القاعدة‌ في خصوص الوضوء للنص الوارد في المقام «إذا قمت من الوضوء و قد صرت في حال أخري في الصلاة أو غيرها فشككت في بعض ما سمی الله عليك لاشيء عليك » سواء جفت الأعضاء أم لم‌تجف فإذا إشتغل بأدعية ‌الوضوء بعده و شك في المسح لا‌يعتني بالشك لمضي المحل تعبدا .

فعليه إن المحقق قال بأن المدار علی الجفاف في صدق الفراغ من العمل و الأستاذ قال بعدمه لصحيح زرارة‌ الوارد في المقام .

الإستدراك الرابع : تبين مما ذكرنا أنه لو شك في غسل الجانب الأيسر بعد الخروج من الحمام أو الدخول في غير آخر كالإشتغال بالأكل أو الشرب؛ يجب عليه الإتيان بالمشكوك حيث أن الموالات ليس بشرط في الغسل فبقي المحل و لا يصدق معه المضي عنه و إن جرت العادة‌ علی توالي أعمال الغسل و عدم الخروج من الحمام إلا بعد الفراغ منه حيث أنه لا إعتبار بالمحل العادي بعد العلم بعدم إشتراط الموالات في الغسل شرعا فلا تجري فيه القاعدتين فيلزمه غسل الجانب المشكوك .

نعم من إعتبر العادة‌ العرفية الموالات حكم بعدم الإعتناء بالشك في المقام لكون الشك حينئذ بعد العمل عرفا و لكن غير مقبول لدی بعض الأعلام كالمحقق النائيني و الأستاذ .

الإستدراك الخامس: تبين مما ذكرنا أنه لو شك في مسح الرجل اليمنی‌ في أنه هل مسح الرجل اليسری أم لا؛ لا يعتنی به لو قلنا بإشتراط الترتيب في المسحين و يعتنی به لو قلنا بعدمه لبقاء المحل فيجب المسح و هكذا بالنسبة‌ إلی الجانبين في الغسل فإن الأكثر إعتبر تقديم الجانب الإيمن علی الأيسر خلافا لبعض كالأستاذ .

ثم أنه يقع الكلام في جريان القاعدتين عند المضي عن العمل و الدخول في مقدمات الأجزاء اللاحقة كما إذا شك في القيام بعد الهوي إلی‌ السجود أو الشك في الركوع بعد الهوي إلي السجود‌ أو الشك في السجدة‌ بعد النهوض إلی القيام .

فنقول وردت في المقام روايات أصعب تطبيق القاعدتين عليها لدی بعض العلماء كصاحب المدارك فنطرحها

الأولی: ما ورد في قرب الإسناد عن عبد الله بن جعفر عن أخيه موسی بن جعفر (عليه السلام) قال سألته عن الرجل ركع و سجد و لم‌يدر هل كبّر أو قال شيئا في ركوعه و سجوده، هل يعتد بتلك الركعة و السجدة قال إذا شك فليمض . باب 23 خلل الصلاة حديث 9

الثانية: أبان بن عثمان عن أبي عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال قلت لأبي عبد الله رجل أهوی إلی السجود فلم‌يدر أركع أم لم‌يركع قال قد ركع . باب 13 خلل الصلاة حديث 6

الثالثة: حماد بن عثمان عن إبي عبد الله عليه السلام أشك و أنا ساجد فلا‌ أدري ركعت أم لا قال قد ركعت إمض . باب 13 ابواب الركوع حديث 2

و خالف هذه الروايات ما دل علی لزوم الإتيان بالسجدة ‌بعد الشك فيها حال النهوض إلی القيام و من هنا وقع الخلاف في جريان القاعدتين عند الدخول في المقدمات .

و سيأتي الجمع بينها إن شاء الله