< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

90/10/05

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث:‌ تعارض الاستصحاب مع قاعدة التجاوز و الفراغ

وصلنا إلی المورد الثاني من موارد إستثناء تقدم الاستصحاب علی قاعدة‌ اليد و هو ما إذا كان مال ذي اليد ملكا للغير سابقا و كان عنده أمانة أو عارية سابقا فأنتقل اليه بالشراء او نحو ذلك و أقر بشرائه من مالكه فهنا لاتكون اليد أمارة علی الملكية عند الفقهاء .

و علل المحقق النائيني الوجه في الإستثناء بأن اليد أمارة علي الملكية إذا كان مالكية ذي اليد مجهولة بأن إحتمل كونه مالكا و إحتمل ايضا عدمه كما هو الحال في الأجناس الموجود في السوق. اما إذا قام دليل علی انه كان ملكا للغير سابقا ولم‌يكن مجهولا يجري استصحاب عدم كونه ملكا للغير و يحرز به عدم كونه مالكا فعلا .

ثم إن عدم حجية اليد في هذين الموردين مما لاخلاف فيه إلا أن الاستاذ الخوئي علل الوجه في عدم تقدم اليد بقصور دليل حجيتها إذ الدليل علیها إما بناء العقلاء و سيرتهم أو صحيحة حفص بن غياث و أمثالها و علي أي تقدير تقصر الأدلة عن الشمول .

الامر الثاني: تعارض الاستصحاب مع قاعدة التجاوز و الفراغ

إن المكلف إذا فرغ من عمل ثم شك في أنه هل أتاه بوجه صحيح و برء ذمته من الواجب أم لا كما إذا شك مثلا بعد الوضوء في إتيانه بوجه صحيح أو شك حين الركوع في قرائت الحمد أو شك بعد السجدة في إتيان الركوع إلی غير ذلك من الشك بعد العمل و التجاوز عن محله يكون مقتضی الاستصحاب الحكم بعدم أتيانه صحيحا و اشتغال ذمته بالتكليف .

و لكنه أسس الشارع قاعدتين في قبال هذا الاستصحاب تدلان علی وجوب البناء علي صحة العمل و عدم الإعتناء بمثل هذه الشكوك بقوله (عليه السلام) «كلما شككت في شيء و دخلت في غيره فشكك ليس بشيء» و «انما الشك في شيء لم تجزه» و «كلما مضي من صلاتك و طهورك فأمضه كما هو» و ارتفع الشارع بالقاعدتين موضوع جريان الاستصحاب فأخرجه من دور التمسك به في المقام .

هذا لاخلاف فيه إلا أن الخلاف في وجه تقديم القاعدتين علی الاستصحاب و أنه من باب الحکومة أو التخصيص فقال الشيخ و المحقق النائيني و الاستاذ(قدس ألله أسرارهم) أن القاعدتين تعتبران من الأمارات فتقدمان علی الاستصحاب تقدم الأمارة علی الاصل من الحكومة و تقدمان عليه ايضا و إن قلنا بأمارية الاستصحاب لكونه أمارة ضعيفة .

بيان ذلك

إن الأمارة عبارة عما يكشف عن الواقع و يكون طريقا الی حكم الله تعالی كخبر العادل «يا فلان عمري و ابنه ثقتان فما أدياك عني فعني يؤديان فأسمع منهما و أطعهما»؛ مفهوم آية النبأ «إن جائكم عادل بنبأ فلاتبينوا فاقبلوا قوله» فيكون معنی حجية الأمارة جعل طريق شرعي أو إمضاء طريق عقلائي .

أما الأصل فليس له شأن الكشف و الإرائة للواقع بل إنما جعل لبيان وظيفة الشاك و الجاهل للحكم تسهيلا عليه لكي يخرج عن حال الترديد في مقام العمل كإصالة البرائة و الحلية و الإحتياط و الإستصحاب إلا ان المحرز من الاصول كالاستصحاب له شأن الإحراز و إرائة الواقع حين الشك في العمل حسب فيحكم بمقتضاه ترتب أثر الواقع - و هو المتيقن في المقام - علی المشكوك حين الشك في بقاء الحالة السابقة .

إذا عرفت هذا فإن المحقق قوّی إحتمال الأمارية للقاعدتين تبعا للشيخ لبناء العقلاء علی الحكم بصحة العمل بعد المضيّ منه و الفراغ عنه إذ المكلف حين العمل يكون بصدد إتيان العمل علی‌ الوجه الصحيح فلايبطل عمله عمدا و يحذر عن الغفلة و النسيان فلايسهو أيضا ليترتب علی عمله آثاره و هذا أمر لاريب فترشد قاعدتي الفراغ و التجاوز إلی هذا البناء العقلائي و يعلله الشارع بما هو السبب في بنائهم علی الصحة بقوله (عليه السلام) «هو حين العمل أذكر» فإذا دلك الشمس مثلا يعلم المكلف باشتغال ذمته بثمانية ركعات فيحاول إمتثال تكليفه بالوجه المطلوب ليكون مثيبا عند الله تعالی فيكون هذا العزم أمارة علی صحة ما فرغ عنه أو مضی منه و كاشفا عن وقوعه علی وجهه و من المعلوم أنه مع قيام الأمارة علی‌ الصحة و وجود الطريق الی حكم الله تعالی و الحكم ببرائة ذمة‌ المكلف لا يصل الدور الی التمسك بما هو مجعول لتعيين الوظيفة حين الجهل بالواقع و الشك فی الحكم و هو الاصل فتكون القاعدتان مقدمتان علی الاستصحاب بالحكومة .

و لو قلنا بأمارية الاستصحاب ايضا يكون متأخرا عن القاعدتين لكونه أمارة ضعيفة .

ثم أنه لايخفی عليك أن القاعدتين من القواعد الفقهية التي ينبغي التعرض لهما في الفقه و لذا لم‌يأت بهما الآخوند في «الكفاية» إلا ان الشيخ طرحهما في «الرسائل» استطرادا و تبعه المحقق و أتباعه و نحن نتبعهم .

و الحمد لله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo