< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

90/08/29

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: الخاتمة في الاستصحاب

محصل الكلام في المرجع لتشخيص الموضوع ان الدقة العقلية هی المرجع لتطبيق الكلي علي الجزئيات. و العرف هو المرجع لفهم معاني الفاظ و الجمل من القرائن الداخلية و الخارجية او من خلوها عن القرائن او من مناسبة الحكم و الموضوع .

بيان المناسبة بين الحكم و الموضوع

اعلم ان هناک دلیلیان فیثبت احدهما حکما لموضوع فیقول مثلا «العنب اذا غلی یحرم» و و ثانيهما یقول «لاتنقض الیقین بالشک» فیکون معنی الدلیل الاول ان العنب یحرم بالغلیان و الثانی ان ما یعتبره العرف نقضا لایتطرق فی الیقین السابق و لاسبیل علیه عند الشک فی زواله؛ فیستفاد منه ان المدار فی وحدة الموضوع و القضيتين هو ما يراه العرف وحدة و يستظهره من مناسبة الحكم و الموضوع فيفهم العرف من دليل الاول ان العنب و الزبيب موضوعان لحكم واحد حيث انه لايري في لفظ العنب ما ليس في الزبيب من الخصوصية لجعل الشارع الحرمة له عند غليانه بل الخصوصية انما هي في مادة العنب فيشترك مع الزبيب في الحكم .

و هكذا اذا قال المولي «ان العنب ملك لمالك الكرم» يفهم منه العرف، انه لاخصوصية في خصوص العنب و الكرم بل الزبيب ايضا ملك لمالك الكرم .

و هكذا اذا قال المولي «الماء اذا تغير بعض اوصافه بالملاقات مع النجس يتنجس» فيفهم منه العرف ان هذه الخاصية انما هي للماء و يكون التغير واسطة في ثبوت النجاسة له و انه يكون منشأ التنجس فلو زال الوصف لم‌تتغير النجاسة بل تبقي النجاسة و يبقي الموضوع علي حاله بمناسبة الحكم و الموضوع فيستصحب حكمها

و ايضا لايري العرف اختلافا في الحكم في لسان الادلة بين التعبير بالجملة الشرطية فيقول «الماء اذا تغير يتنجس» وبين التعبير بالوصف بان يقول «الماء المتغير يتنجس» فيفهم منه العرف ان الموضوع باق مع زوال التغير فلاينبغي نقض حكمه عند الشك في بقاء النجاسة .

فتحصل بما ذكرنا ان لكل من الدليل و العرف دورا في بقاء الحكم المستصحب فتأثير الدليل انما هو من جهة الدليل الاول في مفروض المثال؛ المتكفل لبيان حكم و تأثير العرف انما هو في تشخيص بقاء الموضوع و الوحدة بين القضية المتيقنة و المشكوكة فيها في دليل «لاتنقض اليقين بالشك» .

و لايخفي ان العرف يتميز بالذوق المتخذ من فهم العقلاء بين القيود المقومة للموضوع فيحكم بانتفاء الحكم عند انتفائه بضميمة دليل الاستصحاب كما يراه في تبدل الكلب الي الملح بوقوعه في المملحة و بين القيود الغير المقومة فيحكم بضميمة دليل الاستصحاب ببقاء الحكم فيها لبقاء الموضوع كما نره في مثال الماء المتغير و العنب .

هذا تمام كلامنا في المدار في بقاء الموضوع و اتحاد القضية المتيقنة مع المشكوكة لجريان الاستصحاب.

و لنختم الكلام في الاستصحاب بذكر امور

الامر الاول: ما الفرق بين الاستصحاب و قاعدة المقتضي و المانع ؟

و المراد من القاعدة المقتضي و المانع ان الاثر المترتب علي وجود المقتضي اذا حصل اليقين بوجوده لايغضی عنه باحتمال وجود المانع فلو رمي سهما بدقة الي هدف فشك في اصابته اليه لاينبغي الاعتناء اليه بمقتضی القاعدة و كذلك فيما اذا انصب الماء علي اعضاء الوضوء لتحصيل الطهارة الحدثية فشك في وصول الماء الي البشرة يترتب اثر الطهارة علي انصباب الماء و لا يعتني الي احتمال وجود المانع الي غير ذلك من الامثلة .

ربما يقال بشمول دليل «لاتنقض اليقين بالشك» لهذه القاعدة بان هذا الدليل ينهي عن نقض اليقين بوجود المقتضي بالشك في وجود المانع فيترتب المقتضا علي المقتضي و استندوا لذلك بفهم العرف .

و لكن المحققين من العلماء صرحوا بكونهما قاعدتين و عدم امكان استفادتهما من دليل واحد اذ المتيقن في القاعدة وجود المقتضي، و المشكوك وجود المانع فلايكون المتعلق فيها واحدا مع ان المعتبر في الاستصحاب الوحدة بين متعلق الشك و اليقين.

اما شمول اخبار الاستصحاب لها بترتب المقتضا علي المقتضي بمجرد اليقين بحدوثه و الشك في المانع و استصحاب المقتضا حينئذ، فغير صحيح؛ اذ المستصحب في الاستصحاب يعتبر ان يكون متيقنا سابقا و لكن وجود المقتضا لم يكن كذلك بل اليقين تعلق بوجود المقتضي و لم يترتب علي اليقين بوجوده، اليقين بوجود اثره و انما الاثر المعبر عنها بالمقتضا يترتب علي وجود المقتضي و عدم المانع معا؛ فعدم ترتب آثار الطهارة علي انصباب الماء في مفروض المثال لايصدق عليه نقض اليقين بالشك لعدم تعلق اليقين بالطهارة بل بوجود المقتضي و لم‌يحصل لنا اليقين بعدم المانع لنستنتج الطهارة من اليقين بجزئي موضوع الطهارة فلا مجال لاستصحاب المقتضا .

ان قلت:‌ يمكننا احراز عدم المانع باصالة عدمه ليتم جزء الثاني من المقتضا بضميمة احراز المقتضي وجدانا ليحكم بوجود المقتضا متيقنا .

قلنا: ان عدم المانع انما يحتاج اثباته الي الاستصحاب فلايكون المقتضا متيقنا وجوده .

هذا مضافا الي كون المقتضا لازما عقليا لاستصحاب عدم المانع؛ اذ الطهارة مثلا تكون اثرا لغسل البشرة و الغسل لازما عقليا لعدم الحاجب في الاعضاء فلايحصل لنا اليقين بتحصيل الطهارة ببركة الاصل فلم يحصل لنا في القاعدة يقينا الي تحصيل المقتضا لكي نحكم ببقائها عند الشك .

اما دعوي اثبات قاعدة المقتضي و المانع بالسيرة العقلائية فمشكل جدا لعدم اثباتها بالاستقراء الكامل في جميع مواردها. فهل تري ان الرامي القاصد لقتل احد اذا رمي بالسهم الي جانبه و لو بدقة كاملة يحكم بتحقق القتل بالرمي و لزوم قصاصه بمقتضي القاعدة !

نعم يمكن ترتيب الاثر عند العقلاء علي المقتضي ولكنه غير مؤيد بالدليل التعبدي و لا الاستقراء الكلي.

الامر الثاني: هل تشمل أخبار الاستصحاب قاعدة اليقين و الشك الساري ايضا ام تختص بالاستصحاب فاذا كنا مثلا علي يقين بعدالة زيد يوم الجمعة فشككنا يوم السبت في بقاء عدالته فهنا مجري الاستصحاب و يعبر عنه بالشك الجاري او الطاري .

اما اذا شككنا في مبادي حصول اليقين بعدالته و احتملنا ان يقيننا كان جهلا مركبا فشكننا في الحقيقة في انها هل كان عادلا يوم الجمعة واقعا ام لا، فهنا مورد قاعدة اليقين و قد يعبر عنها بالشك الساري لسريان الشك الي نفس المتيقن و زوال اليقين السابق .

ثم ان المشهور من العلماء ذهبوا الي عدم شمول ادلة الاستصحاب لها و اول من صرح بشمول الادلة لها هو المحقق السبزواري صاحب الذخيرة الذي أخذ القول بالشمول من ابن ادريس صاحب السرائر علي ما نسب اليهما الشيخ في الرسائل و يقول ذهب اليه جمع من المتأخرين و انكره جمع آخر مستدلا علي عدم امكان شمولها لهما معا و بما ان مورد بعضها يختص بالاستصحاب كصحيحي زرارة الذي يكون مورد احدهما الشك في بقاء الوضوء و الطهارة الحدثية و ثانيهما الشك في بقاء الطهارة الخبثية في الثوب؛ فتختص الادلة بالاستصحاب دون القاعدة و لو خلي و طبعه ان ادلة الاستصحاب قابلة لشمولها .

اما الشيخ و الآخوند و المحقق النائيني و سيدنا الاستاذ فقد انكروا امكان شمولها لها بالمرة و ذكر كل وجها او وجوها نكتفي بما ذكره سيدنا الاستاذ في المقام و سيأتي ان شاء الله تعالي .

و الحمد لله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo