< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

90/07/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: المراد من الشك في ادلة الاستصحاب

هل المراد من الشك في دليل الاستصحاب احتمال التساوي بين الوجود و العدم من دون رجحان في طرف ام المراد منه عدم اليقين ؟

فنقول احتمل بعض بان الظن اذا قام علي خلاف الحالة السابقة لم يجر فيه الاستصحاب حتي قيل بان الاساس في الاستصحاب هو الظن بالبقاء فلو لم‌يكن هناك ظن بالبقاء بل كان مجرد تساوي الاحتمال في الطرفين او الظن بالخلاف لم يجر الاستصحاب .

و لكنه مردود بان العمدة في اعتبار الاستصحاب هي الروايات الواردة في المقام الدالة علي عدم جواز نقض اليقين بالشك «لاتنقض اليقين بالشك» التي يكون المراد من الشك فيها هو ما سوي اليقين فدلت علي ان الشيء المتيقين السابق باق علي حكمه ما لم يقم يقين علي خلافه .

ما هو الدليل علي تقابل الشك و اليقين ليشمل الشك، الاحتمال الراجح و المرجوح و التساوي بين الطرفين ؟

الدليل الاول: ان هذه المعاني اي احتمال الراجح للظن و الاحتمال المرجوح للوهم و تساوي الاحتمالين في الطرفين للشك، تكون من مصطلحات الموضوعة لدي المنطقيين و الفلاسفة و الاصوليين، اما اللغة فلايري فيها اثرا من هذه المعاني و المستعمل عند اللغة هو ما سوي العلم و كذلك استعمل الشارع هذه الكلملات فنري انه استخدم كرارا الوهم في احتمال الراجح و الظن في تساوي الاحتمالين فقال «ان هم الا يظنون» او قال في حك الشك بين الركعة الثالثة والرابعة «ان ذهب وهمك الي الاربع فابن و سلم و اتم الصلاة» الذي عبر عن الظن بالوهم فيه .

هذا مضافا الي ان التقابل الوارد بين الشك واليقين في روايات الاستصحاب يعتبر قرينة علي ان المراد من الشك هو ما سوي اليقين .

الدليل الثاني: ان قول الامام (عليه السلام) في صحيحة زرارة الاولي بعدم بطلان الصلاة حين لايعلم بما حرك في جنبه «لا حتي يكون علي يقين من نومه» انما يدل علي ان المراد من الشك هو ما سوي اليقين اذ الحالة المترقبة حينئذ هو الظن بالنوم لا الشك و لكن الامام نفي ناقضيته للوضوء .

هذا مضافا الي تأكيد الروايات بان الناقض لليقين السابق انما هو اليقين اللاحق «بل انقضه بيقين آخر» بعد تصريحه بعدم اعتبار ما سوي اليقين للناقضية و لزوم الجري علي اليقين السابق .

فلا يبقي مجال للترديد في ان المراد من الشك انما هو ما يقابل اليقين فلايجري مع الظن الغير المعتبر الاستصحاب و لاينقض به اليقين السابق .

ثم ان الظن اذا كان منهيا عن الاعتناء به كالظن الحاصل من القياس الذي نهي كثير من الروايات عن العمل به كقوله (عليه السلام) «الدين اذا قيس محق الدين» فلا عبرة به و لو حصل به ما يقرب بالعلم .

و هكذا اذا لم‌يكن منهيا بل كان مما لم‌يقم دليل علي اعتباره فحسب كالظن الحاصل من الشهرة .

نعم هناك ظنان نرفع اليد بهما عن اليقين السابق

الاول منهما: الظن المتآخم للعلم الذي يوجب الاطمينان لدي العرف و ما يعبر عنه بعلم اليقين في قوله تعالي «كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم» اقل شيء قسم بين الآدميين فما يعبر عنه بالعلم هو الاطمينان عند العرف فاذا حصل خلاف اليقين السابق مثل هذا الظن المتآخم للعلم يمكن به نقض الحالة السابقة اليقينية .

و ثانيهما: الظن الدال علي حجية دليل شرعي كالحاصل من خبر العادل و قول البينة بقوله (عليه السلام) «الاشياء كلها علي هذا حتي يستبين لك غيره او تقوم به البينة» الذي جعل الظن المعتبر بمنزلة العلم في الحجية فينقض اليقين السابق بالحكومة .

اما سويهما من الظنون فلاينقض بها اليقين السابق بصريح الروايات «لاتنقض اليقين بالشك بل انقضه بيقين آخر» .

اما الشيخ الانصاري (ره) تمسك بدليلين علي ان الظنون الغير المعتبرة لاتنقض الاستصحاب

دليله الاول: نقل اجماع الفقهاء علي جريان الاستصحاب ما لم‌يحصل يقين علي خلاف الحالة السابقة .

و يورد عليه اولا بان من الاجماعات المنقولة فلا عبرة به

و ثانيا بكونه مدركيا فلا يكون حجة اذ يكون المستند فيه هو الروايات الدال علي حجية الاستصحاب .

دليله الثاني: بما ان الظن الغير المعتبر لم يقم دليل علي اعتباره بل قامت الادلة علي عدم حجيته بمقتضي الآية «ان الظن لايغني من الحق شيئا» فلااقل من الشك في اعتباره فيحكم قوله(عليه‌السلام)«لاتنقض اليقين بالشك» بعدم الاعتناء الي الظن المشكوك اعتباره فلايكون ناقضا للاستصحاب .

و لايخفي ما فيه من المناقشة اذ الاستصحاب لايجري الا اذا كان موضوع الشك و اليقين واحدا و ما استدل به الشيخ اختلف فيه الموضوع في الحالتين فاذا كنا مثلا علي يقين بعدالة زيد سابقا ثم اشتهر خلاف عدالته فحينئذ يحصل لنا الظن برفع العدالة و حصول الفسق اذ الشهرة توجب الظن .

اما الشيخ فقد استنتج من الشك في حجية مثل الشهرة ان المشكوك في القضية المشكوكة هو حجية الشهرة فيشمله دليل الاستصحاب فلا يكون الظن المشكوك اعتباره ناقضا لليقين مع ان المتيقن في القضية كان عدالة زيد فاختلف المشكوك عن المتيقن فلامجال للاستصحاب حينئذ .

التنبيه الخامس عشر

صرح العلماء باعتبار وحدة الموضوع في القضية المتيقنة و المشكوكة فيها فلو تغير الموضوع لايجري الاستصحاب و بلغ كلامهم هذا حد الشهرة مع ان التعبير الدقيق - كما عبر به الآخوند في الكفاية - هو اعتبار وحدة القضية المتيقنة و المشكوكة فيها لاعتبار الوحدة في المحمول مضافا الي اعتبارها في الموضوع فلو علمنا بعدالة زيد مثلا فشككنا في علمه لم يجري الاستصحاب فيها لاختلاف المحمول في القضيتين .

و مرادهم من التعبير باعتبار الوحدة في الموضوع اما يكون الموضوع بوصف الموضوعية فيكون عبارة أخري عن الوحدة بين القضيتين اذ الموضوع في الحقيقة يكون زيد بوصف عدالته لا نفس زيد من دون وصف العدالة و زيد بما هو زيد .

و اما موضوع المضي و الجري لانهم اعتبروا وحدته في جريان الاستصحاب و موضوع المضي عبارة عن الموضوع مع المحمول اذ المراد الجري مع الحكم السابق .

ثم يقع الكلام في ان المراد من القضية هل هي القضية البسيطة ام المركبة فنقول ان القضايا تارة‌ تكون مفادا لهلية البسيطة و أخري المركبة

ففي الاول تارة يكون الموضوع ماهية الشيء و المحمول وجوده فيعبر عنه بمفاد كان التامة فيقال مثلا «زيد كان موجودا و الآن كما كان» او «كان الله و لم يكن معه شيء و الآن كما كان» و أخري يكون المحمول فيها عدمه فيعبر عنه بمفاد ليس تامة فيقال «لم تكن الدم موجودة و الآن كما كان» او « لم يكن العنقاء موجودة و الآن كما كان» .

و هذا القسم من القضايا تعبر عنه بالهلية البسيطة او القضية البسيطة.

ثم ان وجود الموضوع في هذا القسم ليس معتبرا؛ اذ الموضوع يكون الماهية المجردة من وصف الوجود فيستصحب بقاء وجود الماهية في الاول و عدم الماهية في الثاني .

و في الثاني يكون المحمول وصفا من اوصاف الموضوع فيقال مثلا «زيد كان عالما و الآن كما كان» فيتوقف ثبوته علي ثبوت موضوعه و وجوده «ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت مثبت له» و يعبر عنها بمفاد كان الناقصة او ليس الناقصة فوجود الموضوع في الزمان الشك شرط لجريان الاستصحاب فيقال مثلا «ان هذا الماء كان كرا و الآن نشك في بقاء كريته فنستصحب الكرية» او يقال «ان هذه المرءة لم تكن مستحاضة و الآن نشك في اتصافها بالاستحاضة فنستصحب العدم» .

فتحصل مما ذكرنا ان وجود الموضوع معتبر في الهليات المركبة

ثم انه يقع الكلام في منشأ الشك في بقاء القضية المتيقنة اذ الموضوع اذا بقي علي حاله لانشك في بقاء حكمه و لابد في المقام من حصول تبدل في الموضوع و الا لايشك في بقاء القضية فلابد من كون المنشأ اما التبدل في احوال الموضوع و اما امور أخر و سيأتي البحث فيه ان شاء الله .

و الحمد لله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo