< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

89/09/09

بسم الله الرحمن الرحیم

     موضوع البحث: القسم الثالث من الاحکام الوضعیة

     محصل ما قدمناه فی الاحکام الوضعیة هو ان الاحکام الوضعیة ایضا من المجعولات الشرعیة مستقلا او بالتبع و هی التی لاترتبط بفعل المکلف الا بالواسطة و إن یحمل علیه احیانا الآثار العملیة للمکلف کقوله «البول نجس» و «الماء طاهر» و «الفقیه ولی» و« الفقیه قاض» من الاحکام التی تترتب علی الموضوعات مما لادخل له ابتداءا بالمکلف ولکن اذا کان البول نجسا یترتب علیه لزوم الاجتناب منه و من ملاقیه فی الأکل و فی حال الصلاة، کما هو الحال فی المجعولات المرتبطة بفعل المکلف بلا واسطة کالوجوب و الإستحباب الموجود فیهما اقتضاء العمل بالفعل او الحرمة و الکراهة الموجود فیهما اقتضاء الترک و ما لا اقتضاء فی فعله و ترکه کالاباحة .

ثم ان الشیخ(ره) انکر جعل الاستقلالی للاحکام الوضعیة و لکن الظاهر خلافه لأنا نری برأی العین ان الشارع جعل الملکیة للحائزین ملکا او المباحات الاولیة او المیاه الغیر المملوکة و جعل لها آثار الملکیة و قال «من سبق الی مکان فهو احق به» و «من حاز فقد ملک» فالجعل تارة یتعلق بالاحکام التکلیفیة و أخری بالوضعیة کما یظهر من الروایات المتقدمة آنفا و قد تقدم فی الدرس السابق اشکالان آخران علی کلامه(قدس سره).

ثم ان بعض الاعاظم ذهبوا الی القول بجعل الجزئیة والشرطیة و السببیة و... مستقلا و هذا ایضا خطأ لعدم الحاجة الی جعلها بل هذه الاحکام تنتزع من امر الشارع بالمرکب و یغنینا الامر بالمرکب من اعتبارها مستقلا فاذا امر الشارع بالصلاة التی ترکب من الاجزاء کالفاتحة و الرکوع و السجود و القیام و التشهد و... فکأنما امر بکل هذه الاجزاء مستقلا فالامر بالمرکب یرجع و ینحل الی الامر بکل من اجزائه بشرط الشیء؛ فلا حاجة الی جعل الاجزاء مستقلا بأن یقول مثلا جعلت التکبیر جزءا للصلاة و جعلت الرکوع جزءا للصلاة و... بل اذا لم یکن الرکوع و السجود جزءا للصلاة و لم ینحل الامر بالصلاة الی الامر بالرکوع و السجود لا‌یترتب علی قوله «جعلت الرکوع و السجود جزءین للصلاة» اثرا و إن أکده ألف مرة؛ ففی الحقیقة الامر الایجابی یتعلق بالمرکب ذات الاجزاء و الشرائط و انحل الی الأوامر الضمنیة بالأجزاء و الشرائط و العاقل یفهم من هذا ان المرکب له اجزاء و شرائط؛ فلا حاجة الی جعل الأجزاء فردا فردا بجعل استقلالی .

و أبعد من القول بالاعتبار الاستقلالی لهذا القسم من الاحکام الوضعیة، القول بانحصار الاحکام الوضعیة فی الأربعة و هی الجزئیة و الشرطیة و المانعیة و القاطعیة .

الی هنا وافقنا الآخوند(ره) فی القسمین ، المجعول الاستقلالی و المجعول التبعی.

     یبقی الکلام فی القسم الثالث فنقول:

ان التشریع و جعل القانون عمل اختیاری من الله المختار الحکیم و منبعث من ملاحظة المصالح و المفاسد فی الحکم أو متعلقات الحکم و لابد من ان یکون ناشیا من مقدمات تکوینیة، فلم یکن بنفسها مجعولة اعتباریة بید الشارع، کما ان الانسان عندما یرید أن یفعل شیئا أو یجعل قانونا یتصوره أولا ثم یتصدق بفائدته و یدرس آثاره ثم یقرر و یعزم علی العمل به او جعله، وهکذا الشارع، فهذه الامور التکوینیة التی تکون من مبادی ذاک العمل لا دخل لها بالتشریع و الإعتبار بل انها مقدمات ذاک العمل و سببا له ولایکون مجعولا مستقلا أو منتزعا من الحکم.

فمقدمات ایجاب صلاة الجمعة مثلا لیست اعتباریات بل أمور تکوینیة مستدعیة لخصوصیة داعیة الی اعتبار وجوب الصلاة، لادخل لها بالجعل التشریعی ولکن الشارع دائما یلاحظ قیودا للمجعول بالجعل التشریعی و إنها تارة تکون قیود متعلق التکلیف و أخری قیود مرتبطة بنفس المکلف ففی صلاة الجمعة قراءة الفاتحة و السورة الکاملة و القنوت قبل الرکوع فی الرکعة الاولی و بعد الرکوع فی الرکعة الثانیة و الاستقبال، تعد قیود متعلق التکلیف أعنی الصلاة و کون المکلف حاضرا غیر مسافر و کون الیوم، یوم الجمعة و طهارتها من الحیض قیود الموضوع أعنی المکلف.

و قد مضی ان القسم الاول من القیود یکون مجعولا بالتبع و لکن الکلام فی القسم الثانی و هنا محل الخلاف بین الآخوند و الاستاذ.

فالظاهر من کلام الآخوند کونه خارجا من دائرة الجعل و التشریع و لکن الاستاذ یراه داخلا فیها بالتبع اذ أصل الأمر و إن کان خارجا من الإختیار و لکن إیقاع الفعل فی ذاک الموقع الخاص یکون بید المکلف. فإن دلوک الشمس و ان کان خارجا من ید المکلف ولکن اتیان الصلاة بعد الدلوک یکون بیده.

وهکذا بالنسبة الی صلاة الجمعة فإن المجیء بیوم الجمعة و ان کان خارجا من ید المکلف و لکن بإمکانه، الاتیان بصلاة الجمعة فی ذاک الظرف؛ و لذلک یصح الخطاب بالنسبة الی المکلف فیعقل القول بان الدلوک سبب لوجوب لصلاة الظهر او یوم الجمعة شرط او سبب لوجوب صلاة الجمعة بتبع ایجاب صلاة الظهر او الجمعة.

فلا یقال: ان وجوب الحج یکون بعد الاستطاعة التکوینیة فلایعقل جعل شرطیتها حتی تبعا.

لانه یقال: ان الاستطاعة و إن کانت تکوینیة و لکن الاتیان بالحج بعد الاستطاعة فعل اختیاری للمکلف وللشارع جعل وجوب الحج مطلقا أو مشروطا بالاستطاعة فحینئذ یصح القول بان الإستطاعة شرط مجعول بالتبع کالجزئیة و الشرطیة فی الصلاة .

بهذا یتم البحث فی الاقسام الثلاثة من الاحکام الوضعیة و سیأتی البحث فی بعض الصغریات بعد عطلة المحرم .

      و الحمد لله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo