< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

40/07/11

بسم الله الرحمن الرحیم

«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ»

موضوع: فقه الطهارة

تلخیص البحث فی المسألة الرابعة عشر و هی تتمیم الماء النجس کرّاً

قد عرفت أنّ الأقوال فی المسألة ثلاثة:

1. نجاسة الکرّ مطلق سواء تمم القلیل المتنجس بالماء النجس أو الطاهر و هو المشهور عند أصحابنا

2. نجاسته سواء تمم بالطاهر أو النجس کما حکاه فی المستمسک عن رسیات السید المرتضی رحمه‌الله‌تعالی و المراسم و جواهر القاضی رحمه‌الله‌تعالی و هو صریح إبن إدریس رحمه‌الله‌تعالی فی السرائر.

3. الفرق بین التتمیم بالطاهر کما عن الوسیلة و نسبه المبسوط بعض الأصحاب و قال أنّه قوی و التتمیم بالنجس و هو نجس و نفی الشکّ فی نجاسته الشیخ رحمه‌الله‌تعالی فی المبسوط.

و عمدة الدلیل علی طهارة المتمّم النجس حتی صار کرّاً ما رواه فی السرائر: قال رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله المجمع علیه عند المخالف و المؤالف: «اذا بلغ الماء كرّاً لم يحمل خبثاً»[1] .

مضافاً إلی نقل الإجماع علیه بعد تفسیر قوله (لم یحمل) أی لا یتصف بالخباثة و النجاسة فیدلّ علی رفع النجاسة الثانیة فیه قبل الکرّیة کدفع النجاسة العارضة علیه بملاقاة النجس.

و إستدلّ السید المرتضی رحمه‌الله‌تعالی فی کفایة التتمیم بالطاهر بوجهین:

الأول: أنّ بلوغ الماء کرّاً یوجب إستهلاک النجاسة الطارئة علیه و إنعدامها بلا فرق فی ذلک بین سبق الکرّیة علی طرو النجاسة و لحوقها.

الثانی: أنّ العلماء أجمعوا علی طهارة الکرّ الذی فیه شیء من أعیان النجاسات بالفعل مع إحتمال ان تکون النجاسة طارئة علیه قبل کرّیته فلولا کفایة بلوغ الماء کرّاً مطلق فی الحکم بطهارته لما أمکن الحکم بطهارة الماء المذکور.

و قد یستدلّ لذلک -علی ما ذکره شیخنا الحلّی رحمه‌الله‌تعالی- بعموم قوله «إذا کان الماء قدر کرّ لم‌ینجسه شیء»[2] بتقریب أنّ الماء القلیل النجس صار کرّاً بالإتمام فلا ینجسه النجاسة الحاصلة بالإتمام.

و أجیب عن الإستدلال بالحدیث النبوی أولاً: بضعف السند فإنّ المحقّق قدس‌سره دفع الخبر بقوله علی ما حکاه جمع منهم صاحب الحدائق رحمه‌الله‌تعالی إنّا لم نروه مسنداً و الذی رواه المرتضی رحمه‌الله‌تعالی مرسلاً و الشیخ أبوجعفر رحمه‌الله‌تعالی و آحاد ممن جاء بعده و الخبر المرسل لا یعمل به و کتب الحدیث عن الأئمة خالیة منه أصلاً و أما الخالفون فلم أعرف به عاملاً سوی ما یحکی عن إبن حیّ و هو زیدی منقطع المذهب و ما رأیت أعجب ممن یدعی الإجماع المخالف و المؤالف فیما لا یوجد إلّا نادراً فإذن الروایة ساقطة و أما أصحابنا فرووا عن الأئمة «إذا کان الماء قدر کرّ لم‌ینجسه شیء» و ثانیاً بضعف الدلالة.

قال المحقّق الهمدانی رحمه‌الله‌تعالی: (لأنّ المتبادر إلی الذهن من الروایة أنّه إذا بلغ الماء قدر کرّ لا یتجدّد فیه حمل الخبث لا أنّه لا یکون حاملاً للخبث نظیر قولک (إذا بلغ الماء قدر کرّ لم یحمل لون الدم) فإنّ المتبادر منه أنّ کثرته تعصمه عن الاستقذار لا أنّه لو کان قذراً یرفعه عن نفسه، و إن أبیت إلّا عن ذلک فأعرض الروایة علی العرف ثم سلهم عن حکم الماء المتمم بالبول أو المیاه النجسة المجتمعة).

و ذکر شیخنا الحلّی رحمه‌الله‌تعالی: تصریح اللغویین بأنّ کلمة (لم یحمل) لم ترد للرفع بل مسوقة بالدفع.

أقول: و یؤیّده سایر الأخبار الواردة فی حکم الماء الکرّ الظاهرة فی ثبوت العاصمیة للماء الذی بلغ حدّ الکرّ بعد وحدة الحکم فی کلام الرسول صلی‌الله‌علیه‌وآله مع أوصیائه الکرام علیهم‌السلام. نعم قد عرفت دعوی الشیخ الوالد و سیدنا الأستاد رحمهماالله‌تعالی فی ظهور قوله (لم یحمل) فی الأعم من الرفع و الدفع.

و اما الجواب عن الإستدلال السید المرتضی رحمه‌الله‌تعالی فبأنّه مصادرة محضة إذ أیّ مانع فی التفرقة بین ما إذا بلغ الماء حدّ الکرّ ثم الحکم علیه بالعاصمیة دون ما لم یبلغ حدّه ثم بلغ فیحکم علیه بعدم العاصمیة فکلامه مصادرة.

و أما ما ذکره من إجماع العلماء علی طهارة الماء الذی فیه عین النجاسة فلعلّهم استندوا فی ذلک إلی استصحاب عدم وقوعها إلی بعد ما وصل إلی حدّ الکرّیة و مجرد هذا الإحتمال کاف فی الردع.

و أما الجواب عن روایات الکرّ و عدم تنجسه بشیء، فلأنّ الظاهر من الجملة الشرطیة تفریع الجزاء علی الشرط ولو رتبة کما هو الحال فی کلّ قضیة متکفلة لبیان الموضوع و الحکم فشمول الروایات لما إذا سبق النجاسة علی الکرّیة بعید جداً و خلاف ظاهر الجمل القانونیة.

هذا مضافاً إلی ظهور أدلة انفعال الماء القلیل بملاقاته للنجس و یشمل ذلک ما إذا لاقی القلیل الطاهر الوارد علی الماء النجس.

أضف إلی هذا ما ورد من النهی عن التوضّی و الاغتسال بماء غسالة الحمام الذی أغسل فیه الیهودی و النصرانی و الناصبی و هو أنجسهم مع کون المجتمع من الغسالة فی الحمامات أکثر من الکرّ عادتاً.

ثم إذا لم یتمّ الاستدلال بالأدلة الاجتهادیة لنجاسة الماء القلیل النجس المتمَم کرّاً تصل التوبة إلی الأدلة الفقاهیة و هی الأصول العملیة و قد عرفت ظهور الاستصحاب فی بقاء النجاسة و عدم رافعیة الکرّ للنجاسة الثانیة فی الماء قبل وصوله إلی حدّ الکرّ فتدبّر. والحمد لله رب العالمین هذا آخر ما أردنا بیانه فی العام 1397 الشمسیة و صلی الله علی محمد و آله الطاهرین.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo