< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

40/07/06

بسم الله الرحمن الرحیم

«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ»

موضوع: فقه الطهارة

لقد أجاد سیدنا الحکیم رحمه‌الله‌تعالی فی فقه الحدیثین «إذا کان الماء قدر کرّ لم‌ینجسه شیء»[1] و «اذا بلغ الماء كرّاً لم يحمل خبثاً»[2] بعد أن ناقش فی صدور الحدیث الثانی فذکر أولاً و بدواً (أن یراد من الحدیث الثانی تشریع اعتصام الکرّ عن حدوث النجاسة و انفعال ما دونه فیکون مفاده منطوقاً و مفهوماً بمفاد الحدیث الأول) ثم احتمل ثانیاً أن یراد من الحدیث الثانی الرفع، یعنی إذا بلغ الماء النجس کرّاً ارتفعت عنه النجاسة الثانیة له قبل البلوغ فیکون مفهومه دالّاً علی انحصار مطهریة الماء النجس بالبلوغ کرّاً و بقاء النجاسة للماء بدون بلوغه کرّاً فیکون حجة علی بقاء نجاسته مهما شکّ فی ارتفاعها لطرو أمر غیر الکرّیة فلا مجال للرجوع إلی الاستصحاب مع هذا الدلیل الاجتهادی و علیه یکون الحدیث الثانی فی مقام تشریع البقاء و الارتفاع المترتب علی تشریع الحدوث و العدم الذی هو مفاد الروایة الأولی (الحدیث الأول)

و بالجملة علی هذا المعنی یکون قد صدر من الشارع تشریعان:

(أحدهما) تشریع الإنفعال و عدمه منوطین بقلة الماء و کثرته و هو مفاد الحدیث الأول.

(ثانیهما) تشریع بقاء الإنفعال و إرتفاعه منوطین بطرو الکرّیة و عدمه و هذان التشریعان مترتبان لترتب البقاء و الإرتقاع علی الحدوث و تفرعهما علیه فیکون کلّ من منطوق القضیة الشرطیة علی المعنی الثانی (المستفاد من الحدیث الثانی) متفرعاً علی مفهومها بالمعنی الأول (المستفاد من الحدیث الأول) و لأجل ذلک یمتنع عرفاً أن یکون قوله (لم یحمل خبثاً) فی مقام إنشاء حکمین یعنی أنّه ان کان کرّاً لم‌ینفعل وإلّا انفعل و إنّه إن کان کرّاً لم یبق فیه الانفعال وإلّا بقی الانفعال فیه فحمل الحدیث الثانی علی إنشاء حکمین متعذر و حینئذ یدور الأمر بین حمله علی الحدیث الأول و هو الدفع فیتحد الحدیثان فی المفاد و بین حمله علی الرفع فیخالف الثانی الأول و یکون متضمناً للتشریع الثانی و الأظهر الحمل علی الأول لأنّ الحمل علی الثانی یتوقف علی تقیید الماء بالماء النجس قبل بلوغه کرّاً و العبارة المناسبة له أن یقال (إذا بلغ الماء النجس کرّاً طهر) لا مثل العبارة المذکورة فی الحدیث الثانی و من ذلک ظهر عدم صلاحیة الحدیث المذکور لإثبات طهارة المتمّم کرّاً بطاهر فضلاً عن المتمّم بالنجس و التفصیل بین الطاهر المتمّم و النجس المتمّم ضعیف إذ لو تمت دلالته لم یکن فرق بین الفرضین کما أختاره الحلّی رحمه‌الله‌تعالی. اللهم إلّا أن‌یفرق بینهما لأجل الإجماع کما یظهر عن المبسوط.

ثم ذکر الحکیم قدس ‌سره تعارض الحدیث الثانی تارة بأدلة انفعال الماء القلیل بملاقاة النجاسة و أخری بروایات غسالة الحمام الدالة علی نجاستها مع اغتسال الیهودی و الناصبی.

فذکر فی توضیح تعارض أدلة الانفعال أنّها مقتضیة لتنجس الطاهر المتمّم للقلیل النجس و الحدیث الثانی مقتض لطهارة هذا المتمّم و من الظاهر إمتناع الحکم بالطهارة و النجاسة لموضوع واحد فی زمان واحد. و مجرد اختلاف مفاد الدلیلین من أجل کون أحدهما فی مقام الدفع و الآخر فی مقام الرفع لایجدی فی رفع المنافاة.

و أجاب عنه بإمکان الجمع بین الدلیلین بحمل الثانی علی مجرد الاقتضاء دون الفعلیة فلا ینافی فعلیة الطهارة و یکون نظیر الجمع بین دلیلی العنوان الأولی و الثانوی و هذا الجمع أقرب من غیره من وجوه الجمع.

و ذکر فی توضیح تعارض أدلة غسالة الحمام مع إمکان وصولها إلی حدّ الکرّ، بأنّها مجملة من حیث المراد من الغسالة لأنّ موردها من قبیل قضایا الأحوال بقرینة ذکر الیهودی و إخوته، و من الجائز أن یکون مورد السؤال ما لا یبلغ الکرّ مع ما یأتی من الإشکال فی العمل بهذه الروایات.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo