< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

40/04/30

بسم الله الرحمن الرحیم

«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ»

موضوع: (فقه الطهارة)

کان الکلام فی جریان استصحاب العدم الأزلی و تکمیل الموضوع بضمه إلی الوجدان لإثبات الحکم ففی المقام «الماء القلیل إذا لم یکن متصلاً بالمادة ینفعل بملاقاة النجس» فمع الشک فی حالة الماء القلیل الموجود من حیث اتصافه بالاتصال بالمادة نجری استصحاب عدم اتصافه بالاتصال قبل آن وجوده و بضم هذا الأصل إلی الماء الموجود القلیل یتحقّق موضوع الانفعال و هو الماء القلیل الذی لم یکن متصفاً بالاتصال بالمادة و الموضوع مرکب من جزئین أحدهما وجود الماء و الثانی عدم الاتصاف بالاتصال بالمادة و الأول وجدانی و الثانی ثابت بالأصل و بذلک یتمّ موضوع انفعال الماء.

و قد عرفت دعوی جماعة من أنّ الباقی تحت العام هو الماء المتصف بعدم الاتصال بالمادة لا الماء الذی لم یکن متصفاً بالاتصال فإنّه علی الأول یکون الموضوع الماء المقید بعدم الاتصال و العدم الأزلی لا یثبت التقید والاتصاف بعدم الاتصال فإنّ العدم الأزلی لا یثبت العدم النعتی و فی قبال هذا القول دعوی أنّ الباقی تحت العام هو الماء مع عدم اتصافه بالاتصال بالمادة علی نحو العدم الأزلی علی ما أفاده صاحب الکفایة-رحمه‌الله- من أنّ العام لا یتعنون بعد التخصیص بعنوان خاص بل هو بکلّ عنوان غیر عنوان المخصّص یشمله الحکم الثابت و استصحاب العدم الأزلی کاف لنفی عنوان المخصّص. فالآن نرجع أولاً إلی ما أفاده المحقّق النایینی-قدس‌سره- من منع جریان إستصحاب العدم الأزلی و ذلک لکون الباقی بعد التخصیص هو العام المعنون بعدم المخصص علی نحو العدم النعتی.

فنقول: ذکر الأستاد-قدس‌سره- أنّ المحقّق النائینی-رحمه‌الله- بنی مختاره علی مقدمات ثلاث:

المقدمة الأولی: أنّ تخصیص العام بالمخصّص یوجب تعنون العام بعنوان غیر عنوان الخاص فإذا کان الخاص عنواناً وجودیاً یصیر العام معنوناً بعنوان عدمی و الوجه فیه واضح فإنّ الحاکم الملتفت إلی موضوع حکمه (کالعالم) الذی قسمان عادل و فاسق فلا محالة إما أن یری دخالة إحدی الخصوصیتین فی حکمه بوجوب الإکرام فلامحالة یخرج الموضوع عن‌الإطلاق سواء کانت الخصوصیة عنواناً وجودیاً أو عدمیاً فإذا أخرج الفاسق من موضوع وجوب الإکرام فلا إطلاق لمناقضة الموجبة الکلیة للسالبة الجزئیة فلا محالة یکون موضوع الإکرام القسم الآخر یعنی العالم الذی لا یکون فاسقاً و حینئذ یمتنع معه وجوب إکرام مطلق العالم و لا العالم الفاسق بل ینحصر وجوب الإکرام فی عالم قیّد بالعدالة أو بعدم کونه فاسقاً و هذا معنی انّ تخصیص العالم بعنوان وجودی یستلزم تقییده بأمر عدمی.

المقدمة الثانیة: أنّ موضوع العام إذا کان مرکباً من العرض و محله کأخذ الکرّیة للماء فی موضوع الاعتصام فلا مناص من أخذ العرض فی‌الموضوع علی نحو الوجود النعتی لا الوجود المحمولی فإنّ انقسام الشیء باعتبار أوصافه و نعوته فی مرتبة سابقة علی انقسامه باعتبار مقارناته و علیه فإذا کان التخصیص موجباً لتقیید موضوع العام رافعاً لإطلاقه فلا محالة یرجع ذلک إلی تقیید العام بلحاظ الانقسام الأولی أعنی تقیید الموضوع بالوجود النعتی و العدم النعتی المعبّر عنها بمفاد کان أو لیس الناقصتین و إما رجوع ذلک إلی مقارنه بلحاظ الإنقسام الثانوی أی الإنقسام إلی مقارناته المعبّر عنه بمفاد کان أو لیس التامتین فلاسبیل إلیه، فإنّ الموضوع حین التقیید بالعرض إما أن یبقی علی إطلاقه یعنی کون العام «فی قوله أکرم العلماء» سواء کانوا عدولاً أو لم یکونوا عدولاً فهو مستحیل إذ کیف یمکن تقیید العالم بعدم الفسق ومع ذلک فالعام علی إطلاقه و هل هو إلّا تهاتف و إما أن‌یبقی مقیّداً بقید العدالة أو عدمها

مقارناً فلا إشکال فی غنی التقیید بالعرض عن التقیید بالمقارن أو إستلزامه للتناقض علی فرض التقیید بعدم العدالة و یترتّب علی ذلک أنّه لا مناص من کون موضوع العام مرکباً من العرض و محله أو مرکباً من عدم العرض و محله کما إذا کان القید فی الموضوع أمراً وجودیاً و ذلک لإتحاد مرتبة النقیضین أی وجود العرض و عدمه فکما أنّ وجوده قید الموضوع فکذلک عدمه.

المقدمة الثالثة: أنّ العدم الأزلی و إن کان حقاً و ثابتاً لأنّ کل ممکن مسبوق بالعدم لا محالة فکما أنّ المرأة حادثة مسبوقة بالعدم فکذلک قرشیة المرأة لم تکن فی وقت بل هی مسبوقة بالعدم إلّا هذا العدم عدم محمولی لانعت للمرأة الموجودة فإنّها لم تکن موجودة حتی تتصف بالقرشیة أو عدمها فالعدم الأزلی محمولی دائماً لانعتی أصلاً لأنّ العدم النعتی کالوجود النعتی یحتاج إلی وجود الموضوع لا محالة بخلاف الوجود و العدم المحمولین فإنّ التقابل بینهما تقابل الإیجاب و السلب فلا یعتبر فیهما وجود الموضوع و یترتب علی هذه المقدمات أنّ التخصیص بعنوان وجودی یقتضی تعنون العام بعنوان عدمی یقتضی المقدمة الأولی و إنّ العدم المأخوذ فی الموضوع عدم نعتی بمقتضی المقدمة الثانیة و إنّ العدم النعتی کالوجود النعتی یحتاج إلی وجود الموضوع لا محالة و إن التقابل بینهما تقابل العدم و الملکة و علی ذلک لا یجری استصحاب العدم النعتی إذ المفروض الشک فی الحالة السابقة و أما العدم الأزلی فهو و إن کان متیقناً إلّا أنّه لایثبت التقیید أعنی العدم النعتی للموضوع إلّا بالأصل المثبت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo