< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

40/01/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: (فقه الطهارة)

ذکر صاحب الحدائق()[1] فی الجواب عن الإستدلال الصدوق() بروایة یونس المتقدمة بوجوه:

(منها) ما عن التهذیب (أنّه خبر شاذ شدید الشذوذ و إن تکرّر فی الکتب و الأصول فإنّما أصله یونس بن عبدالرحمن عن أبی الحسن() و لم یروه غیره و قد إجتمعت العصابة علی ترک العمل بظاهره، و ما یکون هذا حکمه لا یعمل به، ولو سلّم لإحتمل أن یکون أراد به الوضوء الذی هو التحسین و قد بیّنا فیما تقدم أنّ ذلک یسمّی وضوءً) ثم قال الشیخ(): (و لیس لأحد أن یقال: أنّ فی الخبر أنّه سأله عن ماء الورد یتوضّأ به للصلاة، لأنّ ذلک لا ینافی ما قلناه، لأنّه یجوز أن یستعمل للتحسین و مع هذا یقصد به الدخول فی الصلاة من حیث أنّه متی إستعمل الرائحة الطیبة لدخوله فی الصلاة و لمناجاة ربّه کان أفضل من أن یقصد به التلذّذ دون وجه الله) ثم إحتمل الشیخ() إرادة الماء الذی وقع فیه الورد، لأنّ کلّ شیء جاور غیره فإنّه یکسبه إسم الإضافة إلیه و أشار بقوله (قد بیّنا فیما تقدم أنّ ذلک یسمّی وضوءً) إلی موثّقة عبید بن زرارة سألت أباعبدالله() عن الدقیق یتوضّأ به؟ قال: لا بأس بأن یتوضّأ به و ینتفع به[2] حیث قال الشیخ() بعد نقل الخبر (معناه أن یجوز التمسّح به و التوضّأ الذی هو التحسین دون الوضوء للصلاة).

و (منها) قوله سبحانه فلم تجدوا ماءً فتیمّموا حیث أوجب التیمّم عند فقد الماء و لا خلاف فی أنّ إطلاق الماء لا ینصرف إلی المضاف ولو کان الوضوء جائزاً لم یجب التیمّم.

و (منها) روایة أبی بصیر عن أبی عبدالله() سألته عن الرجل یکون معه اللبن یتوضّأ منه للصلاة؟ فقال: لا إنّما هو الماء و الصعید[3] .

و (منها) روایة عبدالله بن المغیرة عن بعض الصادقین إذا کان الرجل لا یقدر علی الماء و هو یقدر علی اللبن فلا یتوضّأ باللبن إنّما هو الماء أو التیمّم ....[4] حیث حصر طهارة الوضوء فی الماء و الصعید حیث حصر طهارة الوضوء فی الماء و الصعید و إما ما یوهم خلاف ذلک فی ذیل الخبر فإن لم یقدر علی الماء و کان نبیذاً فإنّی سمعت حریزاً یذکر فی حدیث أنّ النبی(صلی‌الله علیه و آله) قد توضّأ بالنبیذ و لم یقدر علی الماء فمحمول علی التقیة و یحتمل حمل النبیذ علی ما ینبذ فیه تمر لکسر مرارة کما کان یستعمل سابقاً لکن علی وجه لا یخرج

بالماء علی الإطلاق کما تضمنه حدیث الکلبی النائبة[5] .

و (منها) أنّ الحدث المانع من الدخول فی الصلاة معنی مستفاد من الشرع فیجب إستمراره بعد وجود سببه إلی ثبوت رافع شرعی و الذی ثبت فی الشرع هو الماء المطلق.

و (منها) قوله تعالی و أنزلنا من السماء ماءً طهوراً فإنّه تعالی ذکر الماء هنا فی معرض الإمتنان فلو حصل الطهارة بغیره لکان الإمتنان بالأعم أولی.

ثم قال صاحب الحدائق()[6] و لم أقف علی موافق للصدوق() إلّا ما یظهر من کلام المحدّث الکاشانی() فی مفاتیحه و وافیه فذکر فی الأول (یحتمل قویاً الجواز لصدق الماء علی ماء الورد لأنّ الإضافة لیست إلّا لمجرد اللفظ کماء السماء دون المعنی کماء الزعفران و الحناء و الخلیط بغیره مع تأیّد الخبر بعمل الصدوق() و ضمانه صحة ما رواه فی الفقیه و عدم المعارض الناص) و قال فی الثانی بعد خبر یونس (و أفتی بمضمونه فی الفقیه و نسبه فی التهذبین إلی الشذوذ ثم حمله علی التحسین و التطییب للصلاة دون رفع الحدث مستدلّاً بما فی الخبر الآتی (إنّما هو الماء و الصعید) أقول: هذا الإستدلال غیر صحیح، إذ لا منافاة بین الحدیثین فإنّ ماء الورد إستخرج من الورد. إنتهی کلام الکاشانی() فی الوافی.

و ذکر فی الحدائق: رجوع هذا الکلام من الوافی إلی أنّ الماء المضاف الذی یخرج بالإضافة عن کونه مطلق إنّما هو ما إذا أضیف المطلق إلی جسم من الأجسام علی وجه یغیّره و یسلبه الإطلاق و إما ما إتخذ من الورد فهو ماء مطلق قد تصاعد حتی تکونت منه تلک الأجسام ثم إستخرج منها فأضافته للورد لفظیة کماء السماء و إن کان قد إکتسب بسبب ذلک تغیّراً فی الأوصاف إذ لا یخرج بذلک عما کان علیه من الإطلاق.

أقول: هذا عجیب لو أرید به نفس الماء المستخرج من الورد فإنّ حاله حال ماء الرمان و ماء البطیخ، إلّا أن یرید الکاشانی() ما ذکرناه فی الأمس فی الخلیط بالورد.ثم أورد علیه الحدائق بوجوه خمسة:

الأول: جریان کلام الکاشانی() فی مثل ماء الرمان و الصب المعصر منها. الثانی: عدم الخلاف بین کافة الناس فی أنّ إطلاق الماء لا یشمل هذه المیاه بخلاف ماء السماء و ماء البئر. الثالث: إنّما تکونت منه تلک الثمار قد إستحال عن حقیقته الأولی إلی حقیقة الأخری و إلّا لکان البول أولی بعدم الخروج عن إطلاق الماء. الرابع: لیس الصدوق() معصوماً و من فقه الکاشانی() و غیره معه أکثر من أن یحصی علی أنّ کلامه فی الفقیه نقل لمتن الخبر و هو قابل للإحتمال إیضاً و ضمانه صحة ما یرویه فی الکتاب المذکور لا تأیید فیه لأنّه یکفینا فی المقام تأویل الخبر بأحد الوجوه التی ذکرها شیخنا الطوسی() من غیر ضرورة إلی ردّه و طرحه. الخامس: فلم ذکره فی الکتاب الفقه الرضوی حیث قال() کلّ ماء مضاف أو مضاف إلیه فلا یجوز التطهیر به و یجوز شربه مثل ماء الورد و ماء القرع و ماء الزعفران و ماء الخلوق و غیره مما یشبهها کلّ ذلک لا یجوز إستعماله إلّا الماء القراح و التراب. إنتهی حاصل ما فی الحدائق.

الکلام فی حدیث عبدالله بن المغیرة المذیل بقول حریز فی حدیثه أنّ النبی(صلی‌الله علیه و آله) قد توضّأ بنبیذ و لم یقدر علی الماء حیث إستدلّ إبن أبی عقیل بجواز التوضّی به عند الضرورة.

و ذکر صاحب الجواهر()[7] لتوجیه الروایة أنّ المراد من النبیذ: الماء الذی فیه بعض التمیرات من دون أن یتغیّر إسمه و لم یبلغ حدّ الإضافة و مثلها مرسلة الصدوق(): لا بأس بالنبیذ لأنّ النبی(صلی‌الله علیه و آله) قد توضّأ به[8] .

لکن یرد علیه أنّ النبیذ بالوصف المذکور لم یخرج عن الماء المطلق فلا مانع من التوضّی به حتی عند القدرة علی ماء مطلق آخر.

أقول: لا ریب فی حسن التحرّز عنه مع وجود ماء مطلق آخر.

لکن الأستاد() أورد علی التمسک بالحدیث أولا أنّه من المحتمل إرادة غیر الإمام المعصوم() من قوله (بعض الصادقین) لعدم تعارف التعبیر عنهم بمثل هذه الکلمة. ثالثاً بأنّ ذیل الروایة فی إلنقل عن النبی(صلی‌الله علیه و آله) أنّه قد توضّأ بنبیذ و لم یقدر علی الماء لم یکن من کلام الإمام() لبعد إسناد الإمام() الحکم إلی السماع من شخص آخر ینقل عن النبی(صلی‌الله علیه و آله). ثالثاً إحتمل التقیة لموافقها لأشهر مذاهب العامة.

و أما المقام الثانی و هو رفع الخبث بالماء المضاف فجعل السید الأستاد() البحث فی هذا المقام فی أمرین: الأول: أنّه هل یعتبر الغسل فی تطهیر المتنجّس أو یکفی مجرد زوال عین النجاسة ولو بغیر الماء کالمسح بالخرقة. الثانی: هل یعتبر فی الغسل الماء المطلق أو یکفی المضاف.

أما الکلام فی الأول فالمشهور بل المجمع علیه إعتبار الغسل و عدم کفایة مجرد زوال العین إلّا فی جسم الحیوان غیر الإنسان و بواطن الإنسان.

لکن عن السید المرتضی() فی الأجسام الصقیلة کفایة زوال النجاسة و ذکر الکاشانی() الإکتقاء بمجرد زوال العین إلّا فیما ورد النصّ فیه بالغسل کالثوب و البدن. و ذکر فی المفاتیح: (یشترط فی الإزالة إطلاق الماء علی المشهور خلافاً للسید() و المفید() و جوّزا بالمضاف، بل جوّز السید() تطهیر الأجسام الصقیلة بالمسح بحیث یزول العین لزوال العلة و لا یخلو من قوة، إذ غایة ما یستفاد من الشرع وجوب إجتناب أعیان النجاسات أما وجوب غسلها بالماء عن کلّ جسم فلا، فکلی علم زوال النجاسة عنه قطعاً حکم بتطهیره إلّا ما خرج بدلیل حیث إقتضی فیه إشتراط الماء کالثوب و البدن و من هنا یظهر طهارة البواطن کلّها بزوال العین مضافاً إلی نفی الحرج و یدلّ علیه الموثّق و کذا أعضاء الحیوان المتنجّسة غیر الآدمی کما یستفاد من الصحاح) إنتهی.

و الظاهر أنّه أراد من الموثّق، موثّق عمار کلّ شیء نظیف حتی تعلم أنّه قذر[9]

أورد علیه: بأنّ ظاهر الأمر بالغسل عن النجاسة الوارد فی کثیر من الروایات عند بیان کیفیة تطهیر النجاسات و التنجسات حتی غیر الثوب و البدن کالأوانی و الفرش و البسط و الأرض التی لم تصبها الشمس و نحو ذلک هو الإرشاد إلی أنّ المعتبر فی طهارتها شرعاً إنّما هو الغسل و عدم کفایة مجرد زوال عین النجاسة بل فی بعضها التصریح بالغسل بالماء کالروایات الواردة بغسل إناء ولوغ الکلب و الخنزیر و الخمر و موت الطارة و غیر ذلک مع إمکان زوال العین بالمسح و التعفیر بالتراب و نحو ذلک و إما الإکتفاء بزوال العین فی البواطن الإنسان و جسم الحیوان فهو لدلیل خاص و لا یجوز القیاس و الشاهد علی عموم وجوب الغسل فی کلّ ما أصابه الماء الذی وقعت فیه الفارة مع عدم وجود عین النجس فیما أصابه ذلک الماء ما رواه عمار بن موسی الساباطی عن أبی عبدالله() [10] و سیأتی ما یمکن الإستدلال للقول بالکفایة زوال العین فی الطهارة فی الأمر الثانی.

و ذکر فی الحدائق[11] بعد أن نقل عن المفاتیح تقویة ما حکاه عن السید المرتضی() من تطهیر الأجسام الصقیلة بالمسح بحیث تزول العین لزوال العلة، أنّه لا یخلو عن قوة إذ غایة ما یستفاد من الشرع وجوب إجتناب الأعیان النجسة إما وجوب غسلها بالماء عن کلّ نجس فلا، فکلّ ما علم زوال النجاسة عنه قطعاً حکم بتطهیره إلّا خرج بدلیل.

قال فی الحدائق بعد ذلک: و هو منظور فیه من وجوه:

(أحدها) أنّ الطهارة و النجاسة حکمان شرعیان متوقّفان علی التوقیف و الرسم من صاحب الشریعة فی تعیین ما یجعله نجاساً أو طاهراً أو متنجّساً أو مطهّراً و لم یعلم منه أنّ مجرد الإزالة أحد المطهّرات الشرعیة مطلقاً و قوله: أنّه لم یعلم من الشرع وجوب غسل النجاسة بالماء عن کلّ جسم بل کلّ ما علم زوال النجاسة عنه قطعاً حکم بتطهیره إلّا الثوب و البدن، مردود بأنّ المعلوم من الشرع خلافه و إلّا لکان الأمر بتطهیر الأوانی من ولوغ الکلب و الخنزیر و الکلب و حرت الفارة و نحو ذلک عبثاً محضاً، لإمکان زوال العین بدونه من تمسیح و نحوه مع أنّه فی إناء الولوغ ورد الأمر بغسله بالماء بعد تعفیره. و لا ریب أنّه مع فرض وصول لعاب من الکلب فی الإناء فإنّه یزول بالتعفیر .... و کذا المواضع المأمور فیها بالتعدّد ثلاثاً أو سبعاً فإنّ زوال العین – لو کان ثمة عین – یحصل بأول مرّة فما الوجوب للتعدّد لو لم یکن المحل باقیاً عن النجاسة .....

(ثانیها) أنّ ما إدعاه من کلیة ما علم زوال النجاسة عنه فی غیر الفردین المذکورین دعوی بلا دلیل بل للحضم أن یقلب ذلک علیه و

یقول أنّ کلّ متنجّس بحسب تطهیره بالماء إلّا ما خرج بدلیل .....

(ثالثها) أنّه قد أختار فی مسألة الأرض و البواری و نحوها إذا جففتها الشمس بعد زوال عین النجاسة، عدم الطهارة بل حکم بالعفو خاصة مع بقاء النجاسة و عدم طهرها إلّا بالماء مع أنّه مما یدخل تحت هذه القاعدة التی إدعاها هنا مع أنّه حکم بالنجاسة مستدلّاً بالروایات و من حملتها صحیحة إبن بزیع .... قال کیف یطهر من غیر ماء[12] .


[1] . جلد 1 – صفحة 394.
[2] . وسائل الشیعة – باب7 من أبواب التیمم.
[3] . وسائل الشیعة – باب1 من أبواب الماء المضاف.
[4] . وسائل الشیعة – باب1 من أبواب الماء المضاف.
[5] . وسائل الشیعة – باب2 من أبواب الماء المضاف.
[6] . جلد 1 – صفحة 397.
[7] . جلد 1 – صفحة 314.
[8] . وسائل الشیعة – باب2 من أبواب الماء المضاف – حدیث 3.
[9] . وسائل الشیعة – باب27 من أبواب النجاسات.
[10] . وسائل الشیعة – باب4 من أبواب الماء المطلق – حدیث 1.
[11] . جلد 1 – صفحات 406 و 407.
[12] . وسائل الشیعة – باب29 من أبواب النجاسات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo