< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

39/12/22

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: (فقه المرأة السائل المنوی)

إلی هنا إنتهی کلامنا إلی ثلاثة وجوه إستدلّ بها لعدم جواز حقن المرأة الأجنبیة السائل المنوی للرجل الأجنبی.

و أما الوجه الرابع: فحاصله دعوی إرتکاز حرمة هذا العمل و قبحه شرعاً مع دعوی إتصال هذا الإرتکاز إلی عصر النبی و الأئمة() و بهذا یمکن إستکشاف الحکم الشرعی و الشاهد علیه أنّ من سیر الأحادیث الواردة بشأن المرأة و کیفیة تعاملها مع الرجال الأجانب لا یجد فیها ما یناسب الترخص لها فی إستقبال منی غیر زوجها لفرض الإنجاب بل یجدها تناسب عکس ذلک.

کیف و قد ورد فی الکتاب العزیز لا یخضعن بالقول فیطمع الذی فی قلبه مرض و قوله تعالی قل للمؤمنات یغضضن من أبصارهنّ و قوله تعالی و لا یبدین زینتهنّ إلّا لبعولتهنّ .... و قوله تعالی و قرن فی بیوتکنّ و لا تبرّجن تبرّج الجاهلیة الأولی و قوله تعالی و القواعد من لنساء اللاتی لا یرجون نکاحهنّ فلیس علیهنّ أن یضعن ثیابهن و ما ورد من وجوب الغیرة علی الرجل و الأبواب التی جمعها صاحب جامع الأحادیث() من صفحة 276 إلی 318 فراجع (منها) النهی عن تکلم المرأة عند غیر ذی محرم و محادثتها و کراهة إبتداء الرجال النساء بالسلام و دعائهنّ إلی الکلام و النهی عن جلوس الرجل مجلس المرأة حتی برّد و حرمة الخلوة بالأجنبیة إلی غیر ذلک مما لا یشکّ متأمل فی کون إدخال منی الأجنبی فی فرج المرأة الأجنبیة من الممنوعات فی الشریعة الإسلامیة أشدّ المنع مع ما یترتّب علی مثل هذا الحمل المحرم من آثار الولد الحرام و ما نقله التاریخ من مقبولیة حمل المرأة من منی غیر زوجها فی الجاهلیة، قد عارضه الدین الحنیف و المآثر الإسلامیة بأشدّ المعارضة.

الوجه الخامس: إصالة الإحتیاط و تقریبه من وجهین: الأول: ما أفاده المحقّق النایینی() فی موضع من تعلیقته علی العروة من أنّه متی ما کان الحکم الترخیض– من الوصفی و التکلیفی – مطلقاً علی أمر وجودی فنفس التعلیق یدلّ بالدلالة الإلتزامیة العرفیة علی إناطة الرخصة و الجواز بإحراز ذلک الأمر الوجودی و عدم جواز الإقتحام عند الشکّ فیه و علی هذا الأساس بنی() إنقلاب الأصل فی النفوس و الفروج و الأموال إلی الحرمة فی کلّ من الشبهات الحکمیة و الموضوعیة.

و أورد علیه أولاً: بأنّ المشکوک لیس عنوان الزوج أو الزوجة أو ملک الیمین بل المشکوک هو کون عدم تلقیح المرئة بمنی غیر الزوج هل هو من مقتضیات حفظ الفرج. و فیه ما لا یخفی بعد ما عرفت من ثبوت کون ذلک من مقتضیات حفظ الفرج و ثانیاً بعدم مسلمیّة الکبری مجری الإستصحاب عند الشکّ فی طرو الرضاع المحرم و نحوه من الشبهات الموضوعیة.

و فیه أنّه عند الإستصحاب الذی هو أصل محرز، یحرز الموضوع لیخرج عن مورد الکلام.

الثانی من وجهی إصالة الإحتیاط مجموعة من الروایات:

(منها) معتبرة شعیب الحداد قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع رَجُلٌ مِنْ مَوَالِيكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ قَدْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَ قَدْ وَافَقَتْهُ وَ أَعْجَبَهُ بَعْضُ

شَأْنِهَا وَ قَدْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ فَطَلَّقَهَا عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ وَ قَدْ كَرِهَ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى تَزْوِيجِهَا حَتَّى يَسْتَأْمِرَكَ فَتَكُونَ أَنْتَ تَأْمُرُهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْفَرْجُ وَ أَمْرُ الْفَرْجِ شَدِيدٌ وَ مِنْهُ يَكُونُ الْوَلَدُ وَ نَحْنُ نَحْتَاطُ فَلَا يَتَزَوَّجْهَا [1] .

و دلالتها علی المنع بمجرد إحتمال الحرمة-خلافاً لجمهور أهل السنة-واضح سیّمامع إضافة قوله (ومنه الولد)حیث دلّ علی لزوم الإحتیاط الأکثر من حیث إحتمال حرمة الإستیلاد و إنجاب ولد من الحرامفتخصّص بالروایة المعتبرة عمومات أدلة البرائة فی الشبهات التحریمیة.

و قد أورد علی الإستدلال بأنّ الطلاق علی غیر السنة باطل کما فی صحیحة الحلبی سألت أباعبدالله() عن رجل طلّق إمرأته و هی حائض فقال: الطلاق لغیر السنة باطل[2] .

و قد حذّر الإمام() عن الزواج بمثل هولاء المطلّقات قائلاً إیاکم و ذوات الأزواج المطلّقات علی غیر السنة[3] .

نعم إستثنی من ذلک ما إذا کان المطلّق من أهل السنة و حینئذ یجوز للإمامی التزویج بزوجته المطلّقة إقراراً له علی مذهبه کما دلّ علیه خبر علی بن أبی حمزة عن أبی الحسن()فی المطلّقة علی غیر السنة أ یتزوّجها الرجل؟ فقال: ألزموهم من ذلک بما ألزموه أنفسهم و تزوّجوهنّ فلا بأس بذلک[4] .

و علیه حملت معتبرة عبدالرحمن البصری عن أبی عبدالله() قلت له إمرأة طلّقت علی غیر السنة؟ فقال:یتزوّج هذه المرأة، لا تترک بغیر زوج[5] .

و علیه تحمل معتبرة شعیب علی فرض کون المطلق إمامیّاً و حینئذ لا وجه للإحتیاط بل اللازم الترک جزماً لبطلان الطلاق و کان ذکر الإحتیاط تقیةً و إن کان المطلّق غیر الإمامی فالأمر بالإحتیاط محمول علی الندب لجواز التزویج بمطلقات أهل السنة إذا صدر الطلاق علی منهجهم فی الروایات و علی کلّ حال لا دلالة لها علی المقام.

أقول: المدار فی الإستدلال علی قوله()(هو الفرج و أمر الفرج شدید)و لا ینافی ورود الحدیث فی مقام التقیة کما ثبت ذلک فی محله. و (منها) خبر علاء بن سیّابه الوارد فی توکیل المرأة رجلاً تزویجها من الغیر غرلها للوکیل من دون علم الوکیل بالغرل فردّ الإمام() حکم القاضی من أهل السنة بقوله() سبحان الله ما أجوز هذا الحکم و أفسده أنّ النکاح أحری و أحری أن یحتاط فیه و هو فرج و منه

یکون الولد[6]

أقول: وجه الدلالة جعل الإحتیاط فی الفرج و النکاح أحری و أحری و هو کاف فی إثبات المدعی فلا مجال لبعض المناقشات فی المقام. سوی ما قبل من عدم توفیق علاء بن سیابه و یمکن دفعه بروایة إبن أبی عمیر عنه.

 


[1] . مستدرک الوسائل – جلد 14 – صفحة 193 – حدیث 1.
[2] . مستدرک الوسائل – جلد 15 – صفحة 277 – حدیث 2.
[3] . مستدرک الوسائل – جلد 14 – صفحة 382 – حدیث 2.
[4] . مستدرک الوسائل – جلد 15 – صفحة 321 – حدیث 5.
[5] . مستدرک الوسائل – جلد 15 – صفحة 320 – حدیث 3.
[6] . مستدرک الوسائل – جلد 13 – صفحة 286 – حدیث 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo