< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

39/12/17

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: حقن المرأة بالسائل المنوی لرجل آخر غیر الزوج

حیث أنّ عدة الدراسة فی هذه الأیام المنتهیة بعطلة محرم الحرام سنه 1440 قصیرة صار بنائنا علی طرح بعض المسائل المستحدثة المبتلی بها مما لا یطول البحث فیها.

فمنها حقن المرأة بالسائل المنوی لرجل آخر غیر الزوج لعقم الزوج بما فیه من العلّة أو لرغبة المرأة فی الإنجاب من دون أن یکون لها زوج. و قد إلتجأ الغرب إلی ذلک إحیاناً بشروط خاصة. و للمسألة صور بإعتبار کون المرأة خلیة عن الزوج أو غیر خلیة، مع رضا الزوج أو بدون ذلک، و کون صاحب المنی من محارم المرأة بنسب أو رضاع أو مصاهرة ممن یحرم علیها مؤبداً أو موقتاً و غیر ذلک. و ینبغی لنا البحث بما یمکن أن یستند إلیه فی المنع بما یعمّ جمیع الصور تکلیفاً و سیأتی البحث فی الحکم الوضعی إنشاءالله.

و الوجوه العامة تشتمل علی عدد من الآیات و الروایات.

فمنها: قوله تعالی قل للمؤمنات یغضضن من أبصارهنّ و یحفظن فروجهنّ[1] .

تقریب الإستدلال بالآیة: إنّ الفرج کما هو الآلة الرئیسة لممارسة الجنس، کذلک هو الآلة الإعتیادیة للإستیلاد و الأنجاب ولذا ورد فی معتبرة شعیب الحدّاد (أنّ أمر الفرج شدید و منه یکون ولد)[2] و جاء فی بعض الأدعیة المرویة عنهم() عصیتک بفرجی ولو شئت لعقمتنی[3] و فی توحید المفضّل فی عداد وظائف الأعضاء و الفروج لإقامة النسل[4] .

و حینئذ دلت الآیة الکریمة علی وجوب حفظ الفرج علی المرأة کما دلّ قوله تعالی قل للمؤمنین یغضّوا من أبصارهم و یحفظوا فروجهم علی وجوب حفظ الفرج علی الرجل. و حیث لم تخصص جانباً معیّناً بالذکر کان مقتضی إطلاقها لزوم الحفظ من الجانبین، فحال الآیة حال وجوب حفظ الدین، فإنّه یشمل جانب المعتقدات و الأعمال الجوانحیة کما یشمل جانب التکالیف الخارجیة و الأعمال الجوارحیة.و لما کان إدخال منی غیر الزوج فی فرج المرأة منافیاً عرفاً لحفظ المرأة فرجها و کان مقتضی الآیة لزوم التجنب عنه.

و نوقش فی الإستدلال بالآیة: بما روی فی المعتبرة عن أبی بصیر عن الصادق() قال: کلّ آیة فی القرآن فی ذکر الفروج فهی من

الزناء إلّا هذه الآیة فإنّها من النظر[5] و مثلها بعض الروایات الأخری غیر نقیة السند و قد ذهب إلی هذا التفسیر جمع من مفسّری

الجمهور کالطبری و رواه عن أبی العالیة، لکن ناقشه الفخر الرازی بأنّ التخصیص خال عن الدلیل. و ربّما یدعی حصول الإطمینان بصدور الروایة بملاحظة إعتضادها بروایات أخری مشارکة لها فی المضمون. هذا مع قطع النظر عن القول بإعتبار روایات تفسیر القمی.

و قد یقال: مقارنة حفظ الفرج بغضّ البصر ظاهر فی إرادة ستره من الغیر فلا إطلاق فی الآیة. و ذکر المحسنی فی کتابه[6] أنّه إذا لوحظت الآیة مع المرتکز عند المتشرعة و إستنکارهم للعمل المذکور یکفی للحکم بالتحریم. و لا بأس به، حیث أنّه لیس المقصود بالحفظ هنا الصون عن الإعتداء و نحوه لیقال أنّه لا معنی للصون عن النفس، بل هو کنایة عن عدم إستخدام الفرج فیما لا یلیق به و فیما یشینه. و یظهر ذلک بمقایسته مع حفظ اللسان و الید فکما أنّ حفظ اللسان هو عدم التکلم به بما لا ینبغی و إن لم یکن مع الغیر کالتفوّه بکلمة الکفر کذلک مضی حفظ الفرج عدم إستخدامه فیما لا ینبغی. هذا مضافاً إلی أنّ السائل المنوی لغیر الزوج یعد من توابع الغیر و شؤونه الممنوع لغیر الزوج بقوله تعالی إلّا علی أزواجهم.

و بالجملة لیس المایز بین الحفظ عن الغیر (غیر الزوج) و عدمه، عند حقن المرأة بمنیّ الغیر، کون المباشر لحقن المرأة نفسها أو شخصاً آخر، بل المایز کون السائل المنوی للزوج أو لغیره. فلو باشرت الطبیبة حقن منی الزوج فی مهبل المرأة لم یکن ذلک منافیاً لحفظ فرجها عن غیر الزوج بخلاف ما لو باشرت الطبیبة بل الزوج حقنها بالسائل المنوی لغیره.

نعم لو قیل بکون المقصود بالحفظ عن الغیر هو الحفظ عن فعل الغیر من نظر أو لمس أو مقاربة لم یشمل مفروض البحث لکنّه لا وجه لهذا التخصیص.

لا یقال: ظهور الآیة فی الکنایة عن الفقه – کما نصّ علیه الراغب الإصفهانی – و حیث إن أبرز مهام الفرج کونه آلة لممارسة غریزة الجنس فالمتبادر من حفظه هو إرادة صونه عن الممارسات الجنسیة غیر اللائفة فغیر الممارسات الجنسیة ککشفه بمرأی الناظر المحترم أو إستخدام الفرج بغیر الممارسة الجنسیة لا ینافی مع حفظ الفرج.

فإنّه یقال: هذا خلاف مقتضی إطلاق لفظ الحفظ و خلاف المرتکز عند المتشرعة فإنّ الإطلاق یقتضی الشمول لکلّ ما ینبغی التحرّز عنه مما یتعلّق بالفرج و إن لم یکن له صلة بما جعل آلة له کالتعرد فیه للنظر المحرم فضلاً عما یکون کذلک کالأنجاب و الإستیلاء.


[1] . سورة نور – آیة 31.
[2] . الوسائل الشیعة – جلد 14 – صفحة 193 – حدیث 1.
[3] . بحار الأنوار – جلد 98 – صفحة 231.
[4] . بحار الأنوار – جلد 3 – صفحة 67.
[5] . تفسیر القمی – جلد 2 – صفحة 101.
[6] . الفقه و مسائل طبیة – صفحة 98.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo