< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

33/02/14

بسم الله الرحمن الرحیم

اشتراط عدم صرف الدین فی المعصیةقال الماتن ره:«و يشترط أن لا يكون الدين مصروفا في المعصية و إلّا لم يقض من هذا السهم وان جاز اعطاوه من سهم الفقراء.»

ظاهر عبارة المتن عدم جواز اعطاء هذا السهم لمن صرف فی المعصیة بلا فرق بین توبته وعدمه وهو الظاهر من اطلاق عبارات کثیر من الفقهاء بل صرح الشیخ بعدم الفرق فیما حکی عنه فی قسمة الصدقات من الخلاف مساله 2، قال:« «إذا أنفقه في معصية ثم تاب منها لا يجب أن يقضى عنه من سهم الصدقة. و للشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه. و الثاني يقضى عنه. دليلنا إجماع الفرقة و أخبارهم، و هي عامّة في أنه لا يقضى عنه إذا أنفقه في معصية و لم يفصلوا حال التوبة من غيرها» وذکر بعض ان المراد من عدم الوجوب عدم الجواز اذ لو جاز الاداء من الصدقة لوجب علی الامام وقد وردت الروایة بانه لو لم یود الامام کان الوزر والاثم علیه. لکن عن المعتبر جواز اعطائه من سهم الغارمین واختاره صاحب المدارک وبه قال جمع من العامة.

وباالجملة الکلام یقع فی ثلاثة مقام : الاول فی عدم جواز اعطاء الصدقة من سهم الغارمین لمن استدان وصرف الدین فی معصیة من دون توبة وفی الجواهر :«لااجد فیه خلافا بل عن الخلاف والمنتهی والتذکرة الاجماع علی منع الاعطاء من سهم الغارمین فی الدین المنفق فی معصیة» (15/357) و به قال علماء العامة واستدل له بعد الاجماع بان الزکاة معونة وارفاق علی وجه القربة فلا تناسب المعصیة بل یکون الوفاء منها اغراء بالقبیح ، وباخبار قد بلغت حد الاستفاضة،منها ما رواه القمی فی تفسیره عن العالم :« و الغارمين قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة اللّه من غير إسراف، فيجب على الإمام أن يقضي عنهم و يفكّهم من مال الصدقات» (ب1من المستحقین ح6)

ومنها ما تقدم من خبر محمد بن سلیمان عن الرضا علیه السلام« نعم، ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام فيقضي عنه ما عليه من الدين من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة اللّه- عزّ و جلّ-، فإن كان أنفقه في معصية اللّه- عزّ و جلّ- فلا شي‌ء له على الإمام. الحديث.»(ب9من ابواب الدین والقرض ح3)

ونقل فی الحدائق عن المدارک :«انا لم نقف علیها مستندة فی شیی من الاصول ثم اعترض علیه بانها موجودة فی الکافی» وتبعه المحقق الهمدانی قائلا لیس لنا اصل اوثق من الکافی ...(الحدائق12/191)و (المصباح 13/560)

ومنها خبر صباح بن سیابه عن الصادق علیه السلام:« قال: قال رسول اللّه «ص»: «أيما مؤمن أو مسلم مات و ترك دينا لم يكن في فساد و لا إسراف فعلى الإمام أن يقضيه، فإن لم يقضه فعليه إثم ذلك. إن اللّه- تبارك و تعالى- يقول: «إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ» الآية. فهو من الغارمين و له سهم عند الإمام، فإن حبسه فإثمه عليه.»

ومنها ما فی الکافی فی الباب المتقدم ح9 مسندا الی رجل من طبرستان یقال له محمد :« قال:سمعت علي بن موسى ع یقول: المغرم إذا تدين أو استدان في حق- الوهم من‌معاوية- أجّل سنة؛ فإن اتسع و إلّا قضى عنه الإمام من بيت المال.»

وناقش الاستاد قده فی هذه الروایات بضعف السند للارسال او جهالة الراوی.

ومنها صحیح عبد الرحمن بن الحجاج:« سألت أبا الحسن «ع» عن رجل فاضل توفّي و ترك عليه دينا قد ابتلي به لم يكن بمفسد و لا بمسرف و لا معروف بالمسألة، هل يقضى عنه من الزكاة الألف و الألفان؟ قال: «نعم.»(ب46من المستحقین ح1)

ویظهر منه مفروغیة اعتبار عدم الصرف فی المعصیة فی ذهن السائل لکن ناقش فیه الاستاد قده بان القیود وقعت فی کلام السائل لا الامام علیه السلام ویعضده ان منها «الفضل» مع انه غیر مشروط فی الغارم قطعا.

ومنها موثقة حسین بن علوان عن جعفر، عن أبيه أن عليا «ع» كان يقول: «يعطى المستدينون من الصدقة و الزكاة دينهم كل ما بلغ إذا استدانوا في غير سرف. الحديث.»

والروایة من حیث السند معتبر وان کان الحسین عامیا ذکره النجاشی وقال فی ترجمته :«الحسین بن علوان الکلبی مولاهم کوفی عامی واخوه الحسن یکنی ابا محمد ثقة »بناء علی کون (ثقة) صفه الحسین لا الحسن لکون الکلام مسوقا فی احوال الحسین مع ان الکشی مدحه فی ضمن جملة من رجال العامة . فثبت بذلک عدم جواز اعطاء الزکاة للغارم فی المعصیة اذا لم یتب .

المقام الثانی: بالنسبة الی التائب فنقول: لم یرد فی اسثنائه دلیل فاطلاق الادلة المتقدمة حاکمة علی اطلاق الغارمین فی آیة الصدقة وما حذا حذوها لان اطلاق الخاص مقدم علی اطلاق العام –علی ما ثبت فی الاصول-لکن عرفت القول بجواز ذلک من المعتبر وتبعه المدارک وان التائب من الذنب کمن لا ذنب له.

ویدفعه ان الادلة المانعة صرحت بالمنع من اعطاء الزکاة لمن صرف الدین فی المعصیة والشیی لا ینقلب عما وقع علیه ویعضده ما فی روایة محمد بن سلیمان عن الرضا علیه السلام بعد ان ساله بقوله :

«قلت :فما لهذا الرجل الذی ائتمنه وهو لا یعلم فیما انفقه ،فی طاعة الله ام فی معصیته، قال یسعی له فیما له فیرده علیه وهو صاغر.»

ولذا قال الحدائق بعد ما نقل کلام المدارک فی المقام :« إنا لا نعتمد على هذه التعليلات الواهية، و إنما العلة هي النصوص المذكورة، و التوبة لا مدخل لها في ذلك، لأن الظاهر أن إيجاب الشارع القضاء عليه من غير أن يعطى من هذا السهم ما يقضي به عن نفسه إنما وقع عقوبة له فيما فعل من صرف ما استدانه في المعصية كما ينادي به قول الرضا «ع» في الرواية الأولى: يسعى له فيما له و يرده عليه و هو صاغر.»(الحدائق 12/192)

المقام الثالث: جواز اعطاء المدیون من سهم الفقراء وان لم یتب اذا لم نشترط العدالة فی الفقر هکذا افتی الماتن قدس سره تبعا للجواهر(15/359)وبه قال المحقق فی المعتبر والشرایع – علی ما حکی عنهما- وعن الشیخ فی المبسوط:« و إن كان فقيرا نظر، فإن كان مقيما على المعصية لم يعطه لأنه إعانة على المعصية، و إن تاب فإنه يجوز أن يعطى من سهم الفقراء و لا يعطى من سهم الغارمين»

واستشکل فیه فی المسالک بقوله :«و في المسألة إشكال و هو أنه مع صرف المال في المعصية إن لم يجز وفاؤه من سهم الغارمين لم يجز من سهم الفقراء و إن تاب لأن الدين لا يدخل في سهم الفقراء و إلّا لم يكن الغرم قسيما للفقر بل قسما منه. بل إما أن يكون التوبة مسوّغة للدفع إليه من سهم الغارمين أو سهم سبيل اللّه و إما أن لا يجوز الدفع إليه لوفاء دين المعصية مطلقا» (المسالک 1/60) والاستاد قده منع من ذلک لما استشکله الشهید فی المسالک ...

وللکلام تتمة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo