< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/12/15

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: تقدم المؤونة أو تأخرها عن النصاب

  هنا نكات أصولية لابد من التوجه إليها لإيضاح الموضوع:

  قال الأصوليون أن عموم العام ثابت لو لم تكن حجة في قباله فلو ورد أكرم العالم ثم ورد لا تكرم العالم الفاسق و الفاسق مردد في المرتكب الكبيرة و الصغيرة فهذا العام صار مجملا من جهة الخاص أي مرتكب الصغيرة و القدر المتيقن و هو الأخص أي مرتكب الكبيرة قد خرج عن عموم العام. فظهور إطلاق اللفظ و عمومه حجة و لذا يجب إكرام كل عالم بلا فرق بين الفاسق و العادل و في الفاسق بلا فرق بين مرتكب الكبيرة و الصغيرة و لكن بعد ورود الخاص الذي هو حجة في خصوص الكبيرة قد خرج عن عموم العام و في مرتكب الصغيرة نحن نشك هل الخاص يشمله أم لا؟ فلا يكون الخاص حجة في مرتكب الصغيرة فلا يمكن رفع اليد من عموم العام بالنسبة إليه.

  النكتة الثانية: لو ورد على العام مخصصان و نشك أيهما مقدم على الآخر مثلما ورد أكرم كل عالم ثم في مخصص جاء: لا تكرم العالم الفاسق و في مخصص آخر لا تكرم النحاة. فأي من المخصصين يقدم على العام و يخصصه بما سواه فهل العالم يخصص بالفاسق فصار المعنى أكرم العالم غير الفاسق ثم هذا العام يخصص بالعالم النحوي و بالنتيجة العالم العادل الذي كان نحويا لم يكن إكرامه واجبا أو كان على العكس أي يخصص العام بالنحوي أي أكرم العالم غير النحوي ثم يخصص هذا بالفاسق؟

  و الكلام أيضا في أنه هل المخصصان كلاهما معا يخصصان العام أم يخصص العام بواحد منهما ثم العام المقيد بأحدهما يخصص بالآخر؟

  النكتة الثالثة: لو وردت قضية حقيقية مثل «الماء كله طاهر». ثم ورد المخصص المنفصل عليه: «إذا لم يبلغ الماء كرا لم يكن مطهرا»، فهل هذا المخصص الذي ورد على القضية الحقيقية يوجب تقييد الحكم أم يوجب تقييد الموضوع؟ فلو كان موجبا لتقييد الموضوع فالمعنى هو أن الماء الذي كان كرا كان طهورا فالماء الذي لم يبلغ الكر لم يكن محكوما بالطهارة. فالقيد يوجب تقييد موضوع القضية الحقيقية و لكن الحكم مطلق فمعنى المثال هو ان الماء الذي بلغ كرا كان طهورا مطلقا. و أما لو كان قيدا للحكم لا الموضوع فصار المعنى: الماء مطلقا طهورا و طهارته إذا بلغ الكر.

  فعلى هذا الأساس هنا بحث طويل بين الأعاظم في معنى «الماء كله طاهر...» و «الشيء حلال ما لم تعلم....» فهل هذه القيود قيود الحكم حتى تكون دليلا للاستصحاب أم قيود الموضوع حتى تكون دليلا لقاعدة الحلية أو الطهارة.

  فهذه الأبحاث كلها تبحث عنها في الأصول.

  على هذه المقدمات الثلاثة نرجع إلى ما نحن فيه: «ما سقته السماء ففيه العشر و ما سقته الدلاء ففيه نصف العشر» فالديلان كلاهما مطلقان. و ثم لنا دليلان آخران كلاهما مقيدان: الأول أن ما أنبتته الأرض لابد أن يكون على حد النصاب حتى تجب الزكاة و نتيجة ذلك أن ما سقته السماء و بلغ النصاب ففيه العشر أو نصف العشر.

  و الثاني دليل إستثناء المؤن من أنها خرجت مما أنبتته الأرض أو ما سقته الدلاء على المبنى.

  و نتيجة ذلك أن لنا في المقام عام دل على وجوب الزكاة في الغلات ثم ورد عليه مقيدان منفصلان و هما قيد النصاب و قيد استثناء المؤونة. و لا شك بأن قيد النصاب هو قيد الموضوع أعني ما أنبتته الأرض و بلغ خمسة أوساق ففيه العشر فالموضوع أي ما أنبتته الأرض مقيد ببلوغ النصاب. و لكن قيد الثاني أي المؤونة هل هو أيضا قيد الموضوع أو قيد الحكم؟ فلو كان استثناء المؤونة أيضا قيدا للموضوع صار المعنى: ما أنبتته الأرض و بلغ النصاب و استثني المؤونة ففيه العشر و على هذا تجب الزكاة فيما إذا كان النصاب بعد المؤونة لأن الوجوب مطلق و لكن موضوع الوجوب هو الزرع الذي استثني منه المؤن و بلغ خمسة أوساق. و لكن لو كان الموضوع مقيدا بالنصاب فقط و كان قيد استثناء المؤن قيدا للحكم صار المعنى أن النصاب يجب زكاته بعد المؤونة أي بعد حد النصاب جاء الوجوب و لكن تجب الزكاة ما بعد المؤونة. فمن كان له خمسة أوساق و وسق منها مؤونة تجب عليه الزكاة و لكن عشر أربعة أوساق لا خمسة أوساق.

  ثم أن الشيخ الأنصاري قدس سره ذكر في كتاب زكاته أن قيد استثناء المؤن قيد الموضوع و إطلاق دليل الحكم باق على حاله. أعني في أدلة العشر و نصف العشر لم يجيء قيد حتى يقيد الحكم فلذا يأخذ بإطلاق العشر و نصف العشر نعم بعد العلم بالمقيد المنفصل أي خروج المؤونة فهذا المقيد رجع إلى الموضوع كما هو كذلك في النصاب فهو أيضا مقيد منفصل. فلو كان كلاهما قيدان للموضوع صار المعنى أن ما أنبتته الأرض ببلوغ النصاب و إخراج المؤن ففيه العشر.

  و خلاصة كلام الشيخ أن أدلة العشر و نصف العشر و الأدلة الثانية التي مرت لم يقيد الحكم. و سنشير إلى نص كلامه قدس سره.

  و المحقق الهمداني قدس سره ذكر أنه لا معنى لبقاء إطلاق الحكم و قيد استثناء المؤن كان قيدا للموضوع؟! فلو خلي و طبعه كان الحكم و الموضوع كلاهما مطلقان فالمقيد المنفصل يمكن أن يقيد الموضوع أي «ما أنبتته الأرض» أو يقيد الحكم أعني «ففيه العشر». فلا موجب لتقدم تقييد الموضوع على تقييد الحكم.

  و السيد الحكيم قدس سره قال: أنه لو كان القيد قيدا للحكم فبالطبع صار الموضوع أيضا مقيدا و لكن لو كان مقيدا للموضوع فليس معنى ذلك تقييد الحكم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo