< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/12/03

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: مستثنيات زكاة الغلات ـ المؤن

  قال السيد الماتن قدس سره:

(مسألة 16): الأقوى اعتبار خروج المؤن جميعها من غير فرق بين المؤن السابقة على زمان التعلق واللاحقة ....

  هل المخارج التي صرفت لتحصيل الزرع قد استثنيت من الزكاة و تجب الزكاة في الحصة الباقية في يد الزارع أم لم تستثن هذه المؤن بل تجب زكاة كل ما يبقى في يد الزارع؟

  هذه المسألة كثيرة الابتلاء في عصرنا الحاضر أيضا فهنا ثلاثة أقوال:

  الأول و هو المشهور بين القدماء كالصدوق في المقنع و المفيد في المقنعة[1]

[2] و صاحب المراسم[3] و الوسيلة و صاحب الغنية و صاحب السرائر و كثير من القدماء القائلين بأن الزكاة بعد إخراج المؤن. و هذا هو المشهور بين القدماء حتي العلامة في الخراج لم يقل بذلك و لكن في كتاب المنتهى قائل بأن كل المؤن قد خرج عن وجوب الزكاة و كذلك صاحب الشرايع. و نحن بعد الفحص لم أجد قائلا بعدم استثناء مؤن غير الشيخ في المبسوط إلى زمن العلامة كما هو في الموسوعة الفقهية.

  نعم بعد العلامة شاعت هذه المسألة و القول بأن المؤن لم يستثن من وجوب الزكاة مثل صاحب الذخيرة و صاحب المدارك و صاحب المسالك و الفيض في المفاتيح و قريب عشرين نفرا من محشين العروة في زمننا الآن خلافا للسيد.

  و يمكن أن يقال في مقام الاستحسان أيضا أن الله تبارك و تعالى هو الذي أرسل الماء من السماء و أجريها على الأرض و نوّر الشمس و تهيّأ سائر الأسباب حتى يحصل الزرع. فقال سبحانه في كتابه: «أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون»(الواقعة:64) و قال أمير المومنين عليه السلام: بل أنت يا رب بل أنت يا رب بل أنت يا رب.[4] فهذا الرب جلّ و على لو قال يجب عليك إخراج عشر أو نصف العشر للفقراء ليس للزارع أن يقول إني صرفت المؤن لتحصيل الزرع حتى لم تجب عليه زكاتها.

  و بهذا المعنى أشار السيد الخويي قدس سره في كتاب الزكاة ج1 ص 352:

ولعلّه بإزاء ما أعدّه سبحانه في سبيل تحصيل الغلّة من إشراق الشمس والماء والهواء ، ونحو ذلك من المعدّات نظير المزارعة المصطلحة الواقعة بين الزارع وصاحب الأرض بنسبة معيّنة من الغلّة من نصف أو ثلث ونحوهما ، التي هي بمثابة الاُجرة للأرض ، فهل ترى أنّ الزارع لو كثرت مؤونته المصروفة في سبيل النتاج ولو لعارض خارجي من أخذ جائر ونحوه بحيث استوعب النفع المترقب من الزرع في حصّته أفيؤثّر ذلك في سقوط ما يستحقّه صاحب الأرض بدعوى عدم حصول الربح ؟!

  و القول الثالث هو التفصيل بين المؤن قبل تعلق الزكاة (أي بدو الصلاح) و بعده. و هنا أيضا قولان: بعض قائل بأن المؤن قبل تعلق الزكاة لم تجب فيها الزكاة و لكن كثير منهم أفتوا على العكس من أن المؤن قبل تعلق الزكاة لم يستثن من وجوب الزكاة كما قال به السيد الخويي قدس سره. و سيجئ هذا البحث إنشاء الله تعالى.

  أما أدلة قول السيد الخويي و الميلاني و نحوهما من عدم خروج المؤن عديدة:

  منها ـ إطلاق الروايات التي فيها ثبوت الزكاة فيما سقته السماء أو الدلاء من العشر و نصف العشر؛ فمقتضى الإطلاق عدم الاستثناء مما يحصل من الأرض.

  و منها ـ الأدلة التي وردت في المقاسمة و هي و إن كانت في مقام بيان المستثنيات و لكن قد استثني من الزكاة حق السلطان و الخراج فقط و لم يسم فيها عن المؤن، مع أن المولى في مقام البيان و اكتفى بخصوص حق السلطان أو حق المقاسمة فهو دليل على أن المؤن لم يستثن من الوجوب.

  و هنا بعض أشار إلى نكتة: و هي إن الله تعالى وجب العشر فيما إذا لم يكن للزارع في تحصيل زرعه مؤونة السقاية و أوجب نصف العشر لو كان على عهدته سقاية زرعه و مؤونتها فعلى هذا لو استثنى ما سواها أيضا لم يبق لأداء الزكاة شيء معتد به لكفاية الفقراء.

  هذا، و في قبال هذا القول الأول هو القول بالاستثناء و أشار بعض المعاصرين إلى خمسة عشر دليلا له:

  منها ما كان في فقه الرضا:

وليس في الحنطة والشعير شئ إلى أن يبلغ خمسة أوسق . والوسق ستون صاعا ، والصاع أربعة أمداد ، والمد مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف . فإذا بلغ ذلك وحصل بغير خراج السلطان ، ومؤنة العمارة للقرية ، أخرج منه العشر إن كان سقي بماء المطر أو كان بعلا ، وإن كان سقي بالدلاء والغرب ففيه نصف العشر .

  المراد من مؤونة القرية هي مؤونة الزراعة و السقاية. و لعل المراد منها هي استعمار القرية بتوسط عوامل السلطان مثل إيجاد الأنهار و أخذ المال بإزائها كما قال بعض.

  هذا، و لكن كما مر كرارا ليس لنا سند لفقه الرضا. مع ذلك ليس لنا رد قول القدماء بسبب ضعف السند لأن الأصول كانت عند القدماء و كثيرا ما كان من ديدنهم أن أفتوا بما كان في متون الروايات و أول من حدث بالفروعات هو الشيخ في المبسوط و لكن الشيخ في النهاية سلك ما سلك القدماء و لكن في المبسوط في القسم الثاني من الفقه أي التفريعات الفقهية أحدث بالفروعات. و هذا الدأب إلى زمن المحقق و هو الذي أخرج الأصول الفقهية و قواعدها من الروايات و أخرج الفروعات من الأصول. و على هذا كله لم يكن لنا جرأة رد القدماء على سهل.

[1] ) المقنع ص 156: فإذا بلغ ذلك ( خمسة أوساق ) وحصل بعد خراج السلطان ومؤنة القرية، أخرج منه العشر إن كان سقي بماء المطر....

[2] المقنعة ص 239: وكذلك لا زكاة على غلة حتى تبلغ حد ما تجب فيه الزكاة بعد الخرص والجذاذ والحصاد....

[3] ) المراسم العلوية لسلار بن عبد العزيز ص 132: أحدهما : ما سقي بماء السماء والسيح ، وفيه العشر ، بعد إخراج المؤن . والآخر : ما سقي بماء الدوالي والنواضح والقرب ، وفيه نصف العشر .

[4] ) كما جاء بهذا المعنى في روايات باب ما يقال عند الزرع في الكافي ج 5 ص 263 .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo