< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد اشرفی

88/11/04

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:

أدلة صاحب الحدائق على عدم تكليف الكافر

مر كلام صاحب الحدائق من أن تكليف الكافر تكليفا بما لا يطاق و فصّله في المقدمة الخامسة.[1] فأشار هناك بأن الغرض من التكليف هو انبعاث العبد نحو العمل أو الترك و هو لا يحصل من الجاهل و ذكر بهذا المطلب كلمات المحقق الأردبيلي و غيره في عذر الجاهلين سيما البسطاء من الناس و النساء و من جانب آخر لو لم يتوجه إلى الجاهل معناه أن التكليف مختص بالعالم و هو مخالف لتسالم الأصحاب بل الروايات. ثم أشار إلى الروايات فبعض منها دلت على أن الجهل ليس بعذر و في قبالها روايات أخر بأن الجاهل معذور ثم جمع بينهما :

ويمكن الجمع بين هذه الأخبار بوجوه : ( أظهرها ) أن يقال : إن الجاهل - كما يطلق على الغافل عن الحكم بالكلية - يطلق أيضا على غير العالم بالحكم وإن كان شاكا أو ظانا ، والمفهوم من الأخبار أن الجاهل بالحكم الشرعي على المعنى الثاني غير معذور بل الواجب عليه الفحص والتفتيش عن الأدلة أو السؤال ، ومع تعذر الوقوف على الحكم ففرضه التوقف عن الحكم والفتوى والوقوف على جادة الاحتياط في العمل ، وأن الحكم بالنسبة إليه من الشبهات المشار إليها في قولهم ( عليهم السلام ) : " حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك " و على هذا الفرد تحمل الأخبار الدالة على عدم معذورية الجاهل ووجوب التفقه والعلم والسؤال.وأما الجاهل بالمعنى الأول فلا ريب في معذوريته ، لأن تكليف الغافل الذاهل مما منعت منه الأدلة العقلية وأيدتها الأدلة النقلية ، وإلى ذلك يشير قوله ( عليه السلام ) في صحيحة عبد الرحمن المتقدمة في سابق هذه المقدمة الواردة في التزويج في العدة في تعليل أن الجاهل بالتحريم أعذر من الجاهل بكونها في عدة : " وذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها " بمعنى أنه مع جهله بأن الله حرم عليه التزويج في العدة لا يقدر على الاحتياط بالترك ، لعدم تصور الحكم بالكلية ، بخلاف الظان أو الشاك فإنه يقدر على ذلك لو تعذر عليه العلم وعلى هذا تحمل الأخبار الأخيرة الدالة على المعذورية.فعلى هذا كله لو كان الجاهل الغافل معذورا و غير مكلف بالحكم فبطريق أولى لا معنى للقول بأن الكفار مكلفون بالفروو نظير هذا التقريب قول بعض آخر على وجه آخر كالأستاذ الميلاني قدس سره:تكليفهم غير صحيح لأن أعمالهم في حال الكفر باطل و مع الإسلام أيضا لا تكليف لهم لأن قضاء الأعمال بصريح « الإسلام يجبّ ما قبله » ساقط فلا معنى لهذا التكليف لأن أدائها غير قابل للامتثال و قضائها ساقط.و أيضا جاء في الروايات بأن التكليف بحسب العقل و المعرفة يتوجه إلى العباد فمن لا معرفة له لا يتوجه إليه التكليف. و مؤيد ذلك ما ورد في روايات متعددة من أن للإيمان درجات و لا ينبغي لمن هو في الدرجة الأولى أن يحمل شيئا على من هو دونه.و من أدلة صاحب الحدائق كما أشار إليه السيد الأستاذ الخويي قدس سره:(الرابع)- الأخبار الدالة على وجوب طلب العلم كقولهم ( عليهم السلام ) : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " فإن موردها المسلم دون مجرد البالغ العاقل .و منها :(الخامس)- أنه كما لم يعلم منه ( صلى الله عليه وآله ) أنه أمر أحدا ممن دخل في الاسلام بقضاء صلواته كذلك لم يعلم منه أنه أمر أحدا منهم بالغسل من الجنابة بعد الاسلام مع أنه قلما ينفك أحد منهم من الجنابة في تلك الأزمنة المتطاولة ، ولو أمر بذلك لنقل وصار معلوما كغيره ، وأما ما رواه في المنتهى عن قيس بن عاصم وأسيد ابن حصين - مما يدل على أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالغسل لمن أراد الدخول في الاسلام فخبر عامي لا ينهض حجة .و السيد الخويي أيضا أشار إلى ذلك أن الكفار الموجودين في بلاد المسلمين لا ينهونهم عن المنكر و لا يأمرونهم بالمعروف فلا يؤمرون بالصلاة مثلا أو لا ينهون عن شرب الخمر نعم من جهة حفظ الشعائر الإسلامية لايؤذن لهم بالتجاهر بذلك. و هو شاهد آخر بعدم تكليفهم.أما ما احتج به العلامة في المنتهى فقد مر الجواب عنه.و لكن مر كلام العلامة أيضا فهو في عباراته المقصورة أشار إلى جواب بعض هذه الإشكالات فإن الويل ليس مختصا بالمورد بل لترك اتباع الأوصياء أيضا. و بعبارة أخرى لا موجب لرفع اليد عن ظاهر الآية بما ورد في الرواية من تأويلها بمورد خاص كما وردت تأويل ليلة القدر بالفاطمة سلام الله عليها و كذلك الكوثر في سورة الكوثر فإنهما لا يوجب رفع اليد عن ظاهر الآية في سورة القدر و الكوثر و كذلك في المقام لا ينافي ثبوت الويل لمن ترك اتباع الأوصياء مع ثبوته لتارك الصلاة.و أما إشكال تكليف بما لا يطاق أيضا منتف بأن كثير من التكاليف ناش من المصالح و المفاسد التي كانت في متعلقاتها و تحصيل الملاكات في الواجبات و احتراز المفاسد في المحرمات أمر عقلي فلذا قالوا: الواجبات الشرعية ألطاف في الواجبات العقلية. فالتكليف في الحقيقة إعلام مصلحة أو مفسدة في متعلقه فحسن التكليف ليس من جهة إتيان الواجبات و ترك المحرمات بل من جهة الإعلام إلى المصالح و المفاسد إتماما للحجة على العباد. فتكليف الكافر صحيح و إن كان إتيانه منه لم يصح مادام هو في كفره. على أنه يمكن إتيانه بترك كفره. نعم سقوط القضاء من جهة التساهل و التسامح.و الصحيح عند الأستاذ حفظه الله تعالى ما قال به العلامة لعدم التنافي بين الوجوب و عدم الصحة من الكافر.

[1]حدائقالناضرة:77/1المقدمةالخامسةفي حكم الجاهل بالأحكام: ...فإنه متى قام العذر للجاهل بمجرد جهله وصحت صلاته كصلاة الفقيه بجميع شروطها وواجباتها ووسعه البقاء على جهله ، لزم سقوط التكليف . فما الغرض من أمر الشارع بهذه الأحكام والفصل فيها بين الحلال والحرام ؟ وإلى من تتوجه هذه الأوامر ؟ وإلى من أرسلت الرسل وأنزلت الكتب ؟ إذا وسع الجاهل البقاء على جهله وصحت جميع أفعاله وأعماله الواقعة كذلك ، وفي هذا من الشناعة ما لا يلتزمه من له أدنى قدم في التحصيل.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo