< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/06/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ طلاق المخالف
 قلنا بأن قاعدة الإلزام كقاعدة أول من عبر عنها بالقاعدة صاحب الجواهر وذكرنا الروايات في المقام
 وحيث كان اكثر هذه الاخبار ضعيفة السند
 قال السيد البجنوردي: ( اما سند الرواية المشتملة على هذه الجملة فلا ينبغي البحث عنه لكمال الوثوق بصدورها عنهم ( ع ) وتكررها في جملة من الموارد كمورد اخذ المال منهم بالتعصيب وأيضا في مورد تزويج الزوجة المطلقة على غير السنة وغير ذلك مما تقدم ) [1]
 بل في القواعد الفقهية للشيخ ناصر ان ضعف النصوص لا يضر فإنها متكاثرة متضافرة .
 بل لا يبقى للفقيه بملاحظة الاخبار ريب ولا شك في صدور القاعدة عنهم كما عن الشيخ اللنكراني .
 قال في نهاية المرام بعد نقل الاخبار في مسالة الطلاق الفاقد للشروط وفي معنى هذه الروايات روايات كثيرة مؤيدة يعمل الناس على ذلك من زمان الائمة عليهم السلام الى زماننا هذا من غير نكير .
 هذا ولكن بعض الاعلام في عصرنا انكر ثبوت القاعدة كالسيد السيستاني قال في المنهاج: ( هناك مسائل تتعلق بأحكام العقود والايقاعات والحقوق ، تختلف فيها آراء علماء الإمامية عن آراء غيرهم من أرباب المذاهب الاسلامية كلا أو بعضا فيسأل عن كيفية تعامل الإمامي مع غيره في موارد تلك المسائل وقد تعارف لدى فقهائنا المتأخرين رضوان الله عليهم تخريج هذه المسائل على قاعدة الالزام ، أي إلزام غير الإمامي بأحكام نحلته ولكن حيث إن هذه القاعدة لم تثبت عندنا بطريق معتبر ، فلا بد من تطبيق تلك المسائل على القواعد البديلة لقاعدة الالزام ، كقاعدة المقاصة النوعية ( خذوا منهم كما يأخذون منكم في سننهم وقضاياهم ) وقاعدة الاقرار أي إقرار غير الإمامي على مذهبه ومعاملته بموجب أحكامه ) [2]
 والحاصل ان الروايات بعد ضم بعضها الى بعض القدر المتيقن من دلالتها مع اختلاف في تعابيرها وصيغها هو جواز الاخذ ممن دان بدين بمقتضى ما التزم به في خصوص المقام لا سيما المخالف وهذا لا كلام فيه إنما الكلام هو أن ترتيب الصحة على الطلاق غير المستجمع للشروط عندنا على المخالف مناف للأدلة الواقعية الدالة على بطلان هكذا طلاق فكيف يمكن ان يتزوج من يعتقد بطلان الطلاق المرأة التي هي زوجة واقعا لأنه يكون قد تزويج بذات بعل ومن هنا وقع الخلاف في كيفية الجمع بين مفاد هذه الاخبار وادلة الاحكام الاولية الدالة على البطلان ولا سيما ملاحظة التعارض فيما لو كان احد الزوجين مخالفا والآخر موافقا فان المخالف يدين بصحة الطلاق والموافق يدين ببطلانه ولا يمكن الجمع بين الحكمين اي الصحة والفساد من جهتين ومن هنا قال بعضهم بان مفاد الاخبار هو جعل الحكم الواقعي الثانوي فيتبدل الواقع من البطلان الاولي الى الصحة الثانوية بسبب اعتقاد المخالف بينما اخرون قالوا بان الحكم بالبطلان باق على ما هو عليه ولا يتبدل بسبب اعتقاد المخالف غاية الامر ان الشارع رخص واباح لنا تزويج الزوجة واقعا اذا كان المطلق مخالفا .
 قال الشيخ حسين الحلي: ( هذه الأخبار وان اختلف التعبير فيها إلا أنها تشترك جميعا في ضابط واحد وهو جواز الأخذ ممن دان بدين بمقتضى ما التزم به في دينه وصراحة هذه الأخبار في هذا المقدار من جواز الأخذ لا غبار عليها ، ولا توقف فيها . ولكن الخلاف في أن ما تدل عليه هذه الأخبار الشريفة هل هو الحكم الواقعي أو الإباحة الصرفة ؟ والفرق بين هذين واضح فان القول بأن ما تفيده القاعدة هو الحكم الواقعي معناه التصويب فمثلا : لو طلق السني زوجته طلاقا صحيحا عندهم باطلا عندنا فان اعتقاده بصحة الطلاق يكون موجبا لجعل الصحة واقعا في حقه ، ويكون هذا العنوان عنوانا ثانويا موجبا لانقلاب الحكم الواقعي في حقه نظير الانقلاب في موارد الاضطرار فلو اضطر الإنسان إلى شرب الخمر - مثلا - فان الاضطرار المذكور يوجب حليته له واقعا .
 وأما القول بالإباحة فإن الواقع لا يتبدل في حق - الشخص السني - بواسطة اعتقاده بصحة ما أوقعه من ذلك الطلاق بل يكون الطلاق فاسدا بالنسبة إليه وتكون الزوجة باقية بعد طلاقه المذكور على الزوجية وأقصى ما في البين أن الشارع المقدس أباح لنا التزويج بتلك المرأة التي وقع عليها ذلك الطلاق ) [3]
 ويظهر من الشيخ في الاستبصار والتهذيب وصاحب السرائر بل ادعى عليه الاجماع على حصول الفرقة اذا كان المطلق مخالفا وعدم وقوعه اذا كان المطلق معتقدا للحق . وقد فهم بعضهم من ذلك القول بتبدل الحكم الواقعي تبعا للعنوان الثانوي وهو اعتقاد المخالف ويظهر من صاحب الجواهر ان غاية ما تدل عليه قاعدة الالزام هو مشروعية الالزام والاباحة حيث قال : وغير ذلك من النصوص الدالة على التوسعة لنا في امرهم وامر غيرهم من اهل الاديان .
 مع احتمال ان يراد ولو بقرينة وامر غيرهم من اهل الاديان انه وان كان مقتضى الدليل الاولي فساده ولكن الشارع منة وتوسعة جعل حكم الصحة
 وممن اختار القول بالإباحة المرحوم الشيخ حسن آل كاشف الغطاء في كتابه أنوار الفقاهة - حسبما نقل عنه المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي في رسالته فقال: ( فظهر مما ذكرنا أن طلاق المخالفين يمضي عليهم ، وإن كان فاسدا عندنا وهذا الحكم عام لكل صور الطلاق على غير السنة سواء تعلق بمؤمنة ، أو بمخالفة فإنه يحكم بوقوعه على وفق مذهبه بالنسبة إلينا ، وإن كان فاسدا في الواقع ، وكذا بالنسبة إليهم ، ولا منافاة بين البطلان وبين اجراء حكم الصحة بالنسبة إلينا لطفا منه فهي وإن كانت زوجة لهم ولكنه حلال لنا ، وحرام عليهم ، أو يقال هو صحيح من وجه ، وفاسد من وجه آخر ولو استبصر جرت عليه الأحكام الماضية ، كما تجري علينا ، ولا يلزم إعادة ما نقله من العقود والإيقاعات الباطلة بالنسبة إلينا )
 وفي المستمسك قال: ( ومن المعلوم أن جواز الالزام أو وجوبه لا يدل على صحة الطلاق المذكور ، وإنما يدل على مشروعية الالزام بما ألزم به نفسه الى أن قال - فإن الأمر بالتزويج ، والاختلاع ، والإبانة ، والأخذ ، لا يدل على الصحة ، بل من الجائز تشريع تزويج زوجة المخالف ، فتخرج عن الزوجية بذلك ، نظير استرقاق الكافر الذي هو حر قبل الاسترقاق ، وحيازة المباح الموجبة لملكية المباح قبل الحيازة ، واسترقاق زوجة الكافر ، فتكون أم ولد للمسترق ، وإن كانت قبل ذلك زوجة للكافر . ومن المعلوم أن ارتكاب ذلك في مقام الجمع بين الأدلة أهون من البناء على صحة الاطلاق الفاقد للشرائط ) [4]
 وفي القواعد الفقهية للبجنوردي: ( وذلك من جهة ان الحكومة - على أدلة اشتراط الطلاق بالشرائط المذكورة في باب الطلاق - معناها صحة هذا الطلاق ، وهذا مخالف للضرورة في مذهب الشيعة حيث إن الفقهاء كلهم متفقون على بطلان هذا الطلاق ولم يقل أحد منهم بصحته ولو بالعنوان الثانوي ) [5]


[1] - القواعد الفقهية " البجنوردي " ج 3 ص 181
[2] - منهاج الصالحين " السيستاني " ج 1 ص 453
[3] - بحوث فقهية " الشيخ حسين الحلي " ص 275
[4] - مستمسك العروة " الحكيم " ج 14 ص 525
[5] - القواعد الفقهية " البجنوردي " ج 3 ص 190

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo