< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/06/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ طلاق المخالف
 مسألة ( 1434 ) ( اذا طلق المخالف زوجته طلاقا بدعيا جاز لنا تزويجها الزاما لها بما الزم به نفسه ولو طلقها ثلاثا بانت منه فلا يجوز له مراجعتها . نعم اذا تبصر بعد الطلاق جرى عليه حكم المتبصر )
 تعرض السيد الماتن في هذه المسألة الى امرين :
 الأمر الاول: ان الطلاق الواقع من المخالف غير المستوفي للشروط وان كان فاسدا عندنا يجوز لنا ترتيب اثار الصحة عليه من تزويج امرأته بعد الاعتداد والزام المخالف بصحة الطلاق وكذلك وطلق ثلاثا بأحد الصورتين فإننا نلزمه بعدم جواز الرجوع اليها الا بعد التحليل ويجوز لنا تزويجها .
 الامر الثاني: ان المخالف اذا استبصر بعد ما طلق الطلاق المزبور يطبق في حقه ما يطبق في حقنا فيما لو وقع منا من بطلان الطلاق ومن وقوعه واحدة في الثلاث اذا كان مستوفيا للشرائط الاخرى اذا كان هناك مجال للتطبيق كما لو استبصر وهي في العدة فتبقى زوجته فلا يجوز لغيره ان يتزوجها او بعد الانتهاء قبل ان تتزوج.
 اما الامر الاول: اجمع الفقهاء في كل العصور على ترتيب الاثار الوضعية على غير اهل الحق مما يعتقدون به ويدينون به متى كان ذلك لغير صالحهم وكان مخالفا لمذهب الحق كإلزامهم بالطلاق وغيره من العقود والايقاعات المخالفة لمذهب اهل الحق ويسمى هذا بقاعدة الالزام وهي من القواعد المشهورة بل المجمع عليها فهي قانون للتعامل مع اهل الخلاف في معاملاتهم ومعاشرتهم في مختلف ابواب المعاملات بمعناها الاعم الشامل للنكاح والطلاق والميراث وغيرها ولا سيما في ابواب الضمانات .
 واول من افتى بمضمون هذه القاعدة وتمسك بنصوصها الشيخ الطوسي في الاستبصار حيث عنون بابا لذلك قال: ( باب أن المخالف إذا طلق امرأته ثلاثا وان لم يستوف شرائط الطلاق كان ذلك واقعا ) [1]
 وقال في النهاية في من طلق ثلاثا: ( وإذا جمعت الشرائط كلها ، فإن كان المطلق مخالفا ، وكان ممن يعتقد وقوع الثلاث ، لزمه ذلك ، ووقعت الفرقة به . وإنما لا يقع الفرقة ، إذا كان الرجل معتقدا للحق ) [2]
 وتبعه في السرائر فقال: ( وقد روى أصحابنا روايات متظاهرة بينهم ، متناصرة ، وأجمعوا عليها قولا وعملا ، أنه إن كان المطلق مخالفا ، وكان ممن يعتقد وقوع الطلاق الثلاث ، لزمه ذلك ، ووقعت الفرقة به ) [3]
 وفي الدروس أفتى الشهيد الأوّل بمضمون هذه القاعدة وتمسّك بنصوصها فيما إذا حكم القاضي من أهل العامّة بنفع الشيعي على طبق رأيهم ، وكان ذلك الحكم باطلا عندنا . واستدلّ لذلك بقوله : « لقولهم ( عليهم السلام ) : أمضوا في أحكامهم ، ومن دان بدين قوم لزمه حكمه
 ثمّ بعده الشهيد الثاني في مسألة الطلاق الثلاث فيما إذا كان المطلّق مخالفاً ; حيث قال: لو كان المطلّق مخالفاً يعتقد الثلاث لزمته » ، ثمّ تمسّك ببعض نصوص هذه القاعدة
 هذا وقد عبر عن هذه القاعدة صاحب الجواهر بقاعدة الالزام حين قال: ( إن من كان عليه الحد مخالفا وكان حده القتل في مذهبهم يجوز قتله وإن لم يصل إلى حد الاكراه ، لقاعدة إلزامهم بما ألزموا به أنفسهم وغيرها ) [4]
 والحاصل ان هذه القاعدة تفيد جواز الزام المخالف على ما جاء في مذهبه بمعنى ان ما جاء من الاحكام في مذهب العامة والتزم به المخالفون يجوز للمؤمن العمل به وترتيب الاثر عليه فيما اذا كان بضررهم وبنفع المؤمن ولو امتنع المخالف عن الاجراء يجوز للشيعي المراجعة الى حاكم الشرع وللحاكم اجبار المخالف على العمل بذلك الحكم طبق مذهبه .
 فمثلا لو ان شخصا من اهل الخلاف طلق بلا اشهاد فهو صحيح عندهم فاسد عندنا فيجوز لنا التزويج بمطلقته من باب الالزام او تزوج من غير اشهاد فان الزواج من غير اشهاد باطل عندهم صحيح عندنا فيجوز لنا التزويج بالمرأة التي تزوج منها المخالف بلا اشهاد من باب الالزام وقس على ذلك في غير الطلاق والزواج . ونحن سنتكلم عن القاعدة بما يخص المقام
 دليل القاعدة
 استدل على القاعدة
 أولا: بالإجماع وفيه انه معلوم المدرك
 وثانيا: بانها من القواعد التسهيلية النظامية في جميع الملل والاديان فتعتبر ما لم يردع عنها الشرع فاذا دفع اهل ملة الى ملة اخرى مالا وقال الدافع ان ديني يقتضي ان ادفع اليك المال يقبل منه وهذا في الجملة من المسلمات فان العملاء يتعاملون مع اتباع كل دين بحسب ما يدينون وحيث لم يردع الشارع عن ذلك امكن العمل على طبقها ولازم ذلك الاقتصار على المتقين لأنها من الادلة اللبية والقدر المتيقن بلحاظ حفظ النظام والمصالح العامة وعدم لزوم الحرج والهرج والمرج .
 وثالثا: بالأخبار الواردة في المقام.
 منها: صحيح محمد بن مسلم عن ابي جعفر عليه السلام قال: ( سألته عن الاحكام قال : تجوز على أهل كل ذوي دين ما يستحلون .) [5]
 منها: صحيح ابن سنان
 عن محمد بن زياد ، عن عبد الله بن سنان ، قال : ( سألته عن رجل طلق امرأته لغير عدة ثم أمسك عنها حتى انقضت عدتها هل يصلح لي أن أتزوجها ؟ قال : نعم لا تترك المرأة بغير زوج ) [6]
 منها: عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن جعفر بن سماعة والحسن ابن عديس جميعا ، عن أبان ، عن عبد الرحمن البصري ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( قلت له : امرأة طلقت على غير السنة ، فقال : يتزوج هذه المرأة لا تترك بغير زوج ) [7]
 منها: وباسناده عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: ( سألت الرضا عليه السلام عن ميت ترك أمه وإخوة وأخوات فقسم هؤلاء ميراثه فأعطوا الام السدس وأعطوا الإخوة والأخوات ما بقي ، فمات الأخوات فأصابني من ميراثه فأحببت أن أسألك هل يجوز لي أن آخذ ما أصابني من ميراثها على هذه القسمة
 أم لا ؟ فقال : بلى ، فقلت : إن أم الميت فيما بلغني قد دخلت في هذا الامر أعني الدين فسكت قليلا ثم قال: خذه ) [8]
 منها: محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: ( كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام مع بعض أصحابنا فأتاني الجواب بخطه : فهمت ما ذكرت من أمر ابنتك وزوجها " إلى أن قال : " ومن حنثه بطلاقها غير مرة فانظر فإن كان ممن يتولانا ويقول بقولنا فلا طلاق عليه لأنه لم يأت أمرا جهله ، وإن كان ممن لا يتولانا ولا يقول بقولنا فاختلعها منه فإنه إنما نوى الفراق بعينه ) [9]
 منها: خبر على بن ابي حمزة
 فعن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن عبد الله بن جبلة ، عن عدة من أصحاب علي ولا أعلم سليمان إلا أخبرني به وعلي بن عبد الله ، عن سليمان أيضا عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: ( ألزموهم بما ألزموا أنفسهم ) [10]
 منها: محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة ، عن عبد الله بن محرز قال: ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل ترك ابنته وأخته لأبيه وأمه فقال : المال كله لابنته وليس للأخت من الأب والام شئ ، فقلت : فانا قد احتجنا إلى هذا والميت رجل من هؤلاء الناس وأخته مؤمنة عارفة قال : فخذ لها النصف خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنتهم وقضاياهم قال ابن أذينة : فذكرت ذلك لزرارة فقال : إن على ما جاء به ابن محرز لنورا ) [11]
 منها: وعنه ، عن محمد بن الوليد والعباس بن عامر جميعا ، عن يونس بن يعقوب عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ( سألته عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا قال : إن كان مستخفا بالطلاق ألزمته ذلك ) [12]
 منها: وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن جعفر ابن محمد بن عبد الله العلوي ، عن أبيه ، قال: ( سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن تزويج المطلقات ثلاثا فقال لي : إن طلاقكم " الثلاث " لا يحل لغيركم ، وطلاقهم يحل لكم لأنكم لا ترون الثلاث شيئا وهم يوجبونها ) [13]
 منها: مرسل الصدوق عن الرضا ع: ( من كان يدين بدين قوم لزمته أحكامهم ) [14]
 منها: عن الحسين بن أحمد المالكي ، عن عبد الله بن طاووس قال: ( قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام : إن لي ابن أخ زوجته ابنتي وهو يشرب الشراب ويكثر ذكر الطلاق ، فقال : إن كان من إخوانك فلا شئ عليه ، وإن كان من هؤلاء فأبنها منه فإنه عنى الفراق ، قال : قلت : أليس قد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : إياكم والمطلقات ثلاثا في مجلس فإنهن ذوات الأزواج فقال : ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء ، إنه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم ) [15]
 


[1] - الاستبصار " الطوسي " ج 3 ص 291
[2] - النهاية " الطوسي " ص 512
[3] - السرائر " ابن ادريس " ج 2 ص 685
[4] - جواهر الكلام " الشيخ الجواهري " ج 21 ص 393
[5] - وسائل باب 4 من ابواب ميراث الاخوة ح4
[6] - وسائل باب 30 من ابواب الطلاق ومقدماته ح4
[7] - وسائل باب 30 من ابواب الطلاق ومقدماته ح3
[8] - وسائل باب 4 من ابواب ميراث الاخوة ح6
[9] - وسائل باب 30 من ابواب الطلاق ومقدماته ح1
[10] - وسائل باب 4 من ابواب ميراث الاخوة ح5
[11] - وسائل باب 4 من ابواب ميراث الاخوة ح1
[12] - وسائل باب 30 من ابواب الطلاق ومقدماته ح7
[13] - وسائل باب 30 من ابواب الطلاق ومقدماته ح9
[14] - وسائل باب 30 من ابواب الطلاق ومقدماته ح10
[15] - وسائل باب 30 من ابواب الطلاق ومقدماته ح11

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo