< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/05/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ عدالة الشاهدين
 كان الكلام فيما ذكر في الرواية من الصفات وقلنا أن كل ما ذكر ليست من الصفات النفسانية ووصل بنا الكلام إلى الكف
 وأما الكف: فكونه من الافعال الخارجية امر ظاهر لا خفاء فيه وما نقلناه عن الشيخ الانصاري بانه يكون عن حالة فهو قد رجع عنه في بحث امام الجماعة والتزم بان الكف مساوق للاجتناب ومع ذلك نقول انه لا يلزم ان تكون الحالة المحققة للكف هي الملكة بل يمكن تحققه مع حالة الخوف ولو لم تكن هناك ملكة .
 واما ما ذكر من الاشكال: في لو كان السؤال عن الكاشف والطريق بانه لا معنى لذكر الطريق الاخص مع ذكر الطريق الاعم مرة اخرى بقوله والدلالة على ذلك ان يكون ساترا لجميع عيوبه الشرعية ..
 فالجواب عنه كما قال السيد الخوئي قدس سره: ( وحيث أن معرفة كون المكلف معروفا بالعفاف يتوقف على الصحبة وطول المعاشرة فقد جعل - ع - الاجتناب عن الكبائر التي أوعد الله عليها النار طريقا وكاشفا عن المعروفية بترك المحرمات والآتيان بالواجبات وذلك بداعي التسهيل للمكلفين .
 ثم إن كونه مجتنبا عن الكبائر لما لم يكن أمرا ظاهرا في نفسه وكان محتاجا إلى طول المعاشرة ، لأن المكلف قد يجتنب عن المفطرات - مثلا - وبذلك يحسبه الناس صائما وغير مرتكب للمحرم ، إلا أنه يمكن أن لا ينوي الصوم أصلا أو يأتي به رياء ليكون تاركا للواجب وآتيا بالمحرم من دون أن يلتفت الناس إليه احتاج ذلك أيضا إلى طريق كاشف عنه بالسهولة ولو بالتعبد . وقد جعل - ع - الكاشف عن ذلك كون الرجل ساترا لجميع عيوبه وهذا هو المعبر عنه بحسن الظاهر في كلماتهم بأن لا يكذب عندهم ، ولا يغتاب ، ولا يعامل معاملة ربوية ، ويتحفظ على جميع عيوبه ، ولا يرتكب المحرمات في مجامع المسلمين ومنظرهم ) [1]
 وأما الواجبات: فلم تعتبر الرواية الاتيان بها لدى الناس طريقا معرفا الى ذلك الا الصلاة حيث دلت على ان الاتيان بالفرائض في المجامع علنا وبمرء ومنظر من المسلمين امر لابد منه وانه كاشف تعبدي عن ان فاعلها مجتنب عن المحرمات بحيث لو لم يتعاهد الفرائض في المجامع لم يحكم بعدالته لاحتمال انه لم يصل اصلا ولازم الرواية أن حمل فعل المسلم على الصحة لا يأتي في مثلها لأنها عمود الدين ولا خير فيمن لا صلاة له .
 وعلى الجملة دلتنا الرواية على ان الرجل متى تعاهد الاتيان بالفرائض في المجامع العامة وكان ساترا لجميع عيوبه المعبر عنه بحسن الظاهر حكم بعدالته ولا دلالة لها على اعتبار الملكة بوجه اذا العدالة هي الاستقامة العملية في جادة الشرعية ..
 نعم لابد وان تكون الاستقامة مستمرة وكالطبيعة الثانوية للإنسان حتى يصدق انه مستقيم فإن الاستقامة في وقت دون اخر لا يوجب صدق الاستقامة فاذا احتملنا ان القائل بالملكة اراد هذا المعنى فحينئذ ترتفع المخاصمة وتقع المصالحة بين الطرفين والذي يسهل الخطب ان الرواية ضعيفة السند .
 فصل في اقسام الطلاق
 الطلاق قسمان : بدعة وسنة
 قال المصنف: ( مسألة 1433 ) : ( الطلاق بدعة هو طلاق الحائض الحائل أو النفساء حال حضور الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته كذلك أو قبل المدة المعتبرة والطلاق في طهر المواقعة مع عدم اليأس والصغر والحمل وطلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر وطلاق الثلاث إما مرسلا بأن يقول : هي طالق ثلاثا وإما ولاءا بأن يقول هي طالق ، هي طالق ، هي طالق ، والكل باطل عدا طلاق الثلاث فإن فيه تصح واحدة ويبطل الزائد )
 ذكر السيد اقسام الطلاق باعتبار لفظه الذي يقع على الأعم من الصحيح والفاسد لغة وعرفا وشرعا والا فالطلاق البدعي لا يكون صحيحا اصلا كما ان الطلاق البدعي ما أنشئ بعنوان المشروعية والا فلا يكون محرما فالمحرم هو البدعة اي اسناد ما ليس من الشرع الى الشرع ولذا لا تسري الحرمة الى نفس الطلاق كما لا يخفى .
 ومن هنا اتضح قول الماتن ان الطلاق البدعي هو طلاق باطل لا يترتب عليه اي اثر من حيث الوضع والجامع لما ذكره في المتن هو الطلاق غير الجامع للشرائط المتقدمة في المطلقة من وقوع الطلاق في طهر لم يواقعها فيه الا ما استثني ومن وقوعه في حال الحيض والنفساء الا ما استثني ومن وقوعه قبل تربص ثلاثة اشهر في المسترابة ومن وقوعه قبل مضي المدة المعتبرة في الغائب ومن وقوعه ثلاثا بالطلاق الثلاث مطلقا من دون رجوع بينها .
 وهذا الامر متفق عليه بين الاعلام قديما وحديثا نعم الطلاق الباطل اعم من البدعي فان طلاق من لم يشهد عليه شاهدين باطل او الطلاق الكنائي ولكنه ليس بدعة بحسب كلماتهم كما لا يخفى على من راجع
 اقول: لا يخفى ان في بعض الاخبار المتقدمة في الصيغة قد وصف الطلاق بغير انت طالق بأنه بدعة وعليه يمكن ان يكون كل طلاق باطل واقعا واسند صحته الى الشرع هو من الطلاق البدعي بحسب الاطلاق للفظ البدعي
 اللهم الا اذا اريد منهم مصطلح خاص بلحاظ ان العامة اطلقوا على طلاق الحائض والنفساء وفي طهر المواقعة بانه طلاق بدعة وان كان عندهم صحيحا . وكيف كان فلا اثر في هذه التقسيمات طالما ان كل طلاق بدعي هو طلاق باطل بل كل طلاق لم يشتمل على الشرائط المتقدمة سواء في المطلق او في المطلقة او في الصيغة والاشهاد هو طلاق باطل سواء اطلق عليه طلاق البدعة او لم يطلق فليتأمل .
 ثم نبه على ان الطلاق الثلاث سواء كان مرسلا او متواليا بدون رجعة بينها لا يبطل من راس وانما يبطل من حيث ارادة الثلاث التي يترتب عليها البينونة وعدم التزويج بها الا بعد التحليل ولكن يقع الطلاق وتحسب واحدة ويلغى الزائد .
 ومن هنا نقول ان الطلاق الثلاث يقسم الى بدعي وسني فالبدعي بالإضافة الى الثلاثة المقصودة الباطلة والسني بالإضافة الى الواحدة الصحيحة غير المقصودة .


[1] - كتاب الاجتهاد والتقليد " الخوئي " ص 269

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo