< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/05/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ عدالة الشاهدين
 الامر الرابع: عدالة الشاهدين
 نحن لسنا في صدد اثبات العدالة في كل ما يحتاج إلى الشهادة فهناك ابواب كثيرة في الفقه تحتاج إلى شهادة رجلين فكل باب في محله يبحث وإن كان البحث العام في باب الشهادات ولكن في خصوص الطلاق لورود كلمة العدل في الآية نبحث حول هذه العدالة
 أولا: معنى العدالة
 وهناك عدة تعريفات للعدالة
 منها: هي استقامة نفسانية باعثة على ملازمة التقوى أو عليها مع المروة وهو المشهور بين الأصحاب . وقد عبر عنها بعبارات مختلفة كالهيئة والكيفية والملكة والحالة كما نسب إلى المشهور والى العلماء والى الفقهاء والى الموافق والمخالف والى المتأخرين والى المشهور بين العلامة ومن تأخر عنه .
 منها :استقامة فعلية بترك المعاصي كلها ولو لا عن ملكة
 منها: هي ترك المعاصي الكبيرة وعدم الاصرار على الصغيرة .
 منها: هي استقامة دينية بان يكون الاسلام دينه مع عدم ظهور الفسق
 منها: هي استقامة ظاهرية بحسب الظاهر لعدم ارتكاب القبيح ظاهرا وعليه اكثر القدماء الا ان يرجع الى ان حسن الظاهر طريق الى العدالة لا ان العدالة هي كذلك
 والمشهور بين الاصحاب هو القول الأول ويأتي الكلام فيه بعد اثبات شرطية العدالة
 ثم إن الشيخ الطوسي في النهاية والقطب الراوندي والشهيد الثاني وسبطه والكاشاني قالوا بعدم اشتراط العدالة وأنه يكفي الاسلام
 قال في النهاية: ( ومتى طلق ، ولم يشهد شاهدين ممن ظاهره الإسلام ، كان طلاقه غير واقع . فإن أشهد رجلين واحدا بعد الآخر ، ولم يشهدهما في مكان واحد ، لم يقع أيضا طلاقه ، فإن طلق بمحضر من رجلين مسلمين ولم يقل لهما : إشهدا ، وقع طلاقه ، وجاز لهما أن يشهدا بذلك ) [1]
 وان حاول بعض الاعلام ان يظهر ان كلام الشيخ ظاهر في ان الاسلام وعدم ظهور الفسق من طرق معرفة العدالة لانه احتج في الخلاف عند الجهل بعدالة الشاهدين بانه يحكم ولا يتوقف لان الاصل في المسلم العدالة والفسق طارئ يحتاج الى دليل ولان البحث عن العدالةلم يكن في ايام النبي وانما شئ احدثه القاضي شريكبن عبدالله.
 أما المشهور بين الأصحاب فهو اعتبار العدالة في الشاهدين في باب الطلاق وكذلك عامة فقهاء العصر ذهبوا الى اعتبار العدالة في الشاهدين على انشاء الطلاق .
 استدل المشهور على الشرطية بالكتاب والسنة المتضافرة
 اما الكتاب: فبقوله تعالى : " واشهدوا ذوي عدل منكم "
 وتقريب الاستدلال: ان المخاطب هو المسلمون المستفاد من كلمة منكم والعدالة امر زائد على الاسلام اذ لو كان الاسلام كافيا لما قيد بالعدالة مع وجود كلمة منكم ولان الاسلام اقرار باللسان مع اذعان وتصديق والعدالة صفة زائدة يثبتها العمل بعد الاتصاف بالإيمان ونفيها الفسق والاعتقاد غير العمل .
 واما الاخبار: فقد مرت سابقا ولا باس بذكر بعضها للتذكير.
 منها: صحيح العقلاء
 وعنه ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ومحمد بن مسلم وبكير وبريد وفضيل وإسماعيل الأزرق ومعمر بن يحيى ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في حديث أنه قال : ( وإن طلقها في استقبال عدتها طاهرا من غير جماع ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه إياها بطلاق ) [2]
 منها: ما روي عن سهل ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سماعة عن عمر بن يزيد ، عن محمد بن مسلم قال : ( قدم رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة فقال : إني طلقت امرأتي بعد ما طهرت من محيضها قبل أن أجامعها ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أشهدت رجلين ذوي عدل كما أمرك الله ؟ فقال : لا فقال : اذهب فإن طلاقك ليس بشئ ) [3]
 منها: عبد الله بن جعفر في ( قرب الإسناد ) عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الرضا عليه السلام قال : ( سألته عن رجل طلق امرأته بعد ما غشيها بشاهدين عدلين ، قال : ليس هذا طلاقا ، فقلت له : فكيف طلاق السنة فقال : يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين ) [4]
 منها: عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن بكير بن أعين وغيره ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال: ( إن طلقها للعدة أكثر من واحدة فليس الفضل على الواحدة بطلاق ، وإن طلقها للعدة بغير شاهدي عدل فليس طلاقه بطلاق ، ولا يجوز فيه شهادة النساء ) [5]
 وفي قبال هذه الاخبار عدة أخبار
 منها: صحيح البزنطي
 وعنه ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل طلق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين قال: ( ليس هذا طلاقا ، قلت : فكيف طلاق السنة ؟ فقال : يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين إلى أن قال - قلت : فان أشهد رجلين ناصبيين على الطلاق أيكون طلاقا ؟ فقال : من ولد على الفطرة أجيزت شهادته على الطلاق بعد أن يعرف منه خير ) [6]
 منها: صحيح عبد الله بن المغيرة
 عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن السياري ، عن عبد الله ابن المغيرة قال: ( قلت للرضا عليه السلام: رجل طلق امرأته وأشهد شاهدين ناصبيين قال: كل من ولد على الفطرة وعرف بصلاح في نفسه جازت شهادته ) [7]
  [8] قال الشهيد الثاني: ( وهذه الرواية واضحة الاسناد والدلالة على الاكتفاء بشهادة المسلم في الطلاق . ولا يرد أن قوله : " بعد أن تعرف منه خيرا " ينافي ذلك ، لأن الخير قد يعرف من المؤمن وغيره ، وهو نكرة في سياق الاثبات لا يقتضي العموم ، فلا ينافيه - مع معرفة الخير منه بالذي أظهره من الشهادتين والصلاة والصيام وغيرها من أركان الاسلام - أن يعلم منه ما يخالف الاعتقاد الصحيح ، لصدق معرفة الخير منه معه . وفي الخبر - مع تصديره باشتراط شهادة عدلين ثم اكتفاؤه بما ذكر - تنبيه على أن العدالة هي الاسلام ، فإذا أضيف إلى ذلك أن لا يظهر الفسق كان أولى ) [9]
 وقال صاحب الحدائق بعد ذكر كلام الشهيد الثاني: ( واقتفاه في هذه المقالة سبطه السيد السند في شرح النافع فقال بعد نقل كلامه المذكور وذكر الرواية الأولى ما صورته : وهو جيد والرواية الأولى مع صحة سندها دالة على ذلك أيضا فإن الظاهر أن التعريف في قوله ( عليه السلام ) فيها " وعرف بالصلاح في نفسه " للجنس لا للاستغراق ، وهاتان الروايتان مع صحتهما سالمتان عن المعارض فيتجه العمل بهما ) [10]
 وتبعهما في ذلك المحدث الكاشاني في المفاتيح والفاضل الخراساني كما هي عادتهما غالبا .


[1] - النهاية " الطوسي " ص 51
[2] - الوسائل باب 10 من ابواب مقدمات الطلاق ح3
[3] - الوسائل باب 10 من ابواب مقدمات الطلاق ح7
[4] - الوسائل باب 8 من ابواب مقدمات الطلاق ح 13
[5] - الوسائل باب 10 من ابواب مقدمات الطلاق ح2
[6] - الوسائل باب 10 من ابواب مقدمات الطلاق ح4
[7] - الوسائل باب 42 من ابواب مقدمات الطلاق ح4
[8] - الوسائل باب 42 من ابواب الشهادات ح 21
[9] - مسالك الأفهام ج 9 ص 114
[10] - الحدائق الناضرة ج 10 ص 41

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo