< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ اجتماع الشاهدين
 الجهة الأولى: لابد من اجتماع الشاهدين ولا يصح الطلاق لو شهد عدل واحد ثم شهد الاخر الايقاع مرة ثانيةمع عدم وجود عدل اخر .
 قال في الجواهر: ( هذا ولا ريب في أن ظاهر الكتاب العزيز والسنة وصريح الفتاوى بل الظاهر الاتفاق عليه اعتبار اجتماع العدلين في حضور إنشاء الطلاق ، بل هو صريح حسن البزنطي ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل طلق امرأته من غير جماع وأشهد اليوم رجلا ثم مكث خمسة أيام ثم أشهد آخر ، فقال : إنما أمر أن يشهدا جميعا ) [1] ) [2]
 وفي كتاب الفقه الرضوي: ( إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته ، يتربص بها حتى تحيض و تطهر ، ثم يطلقها تطليقة واحدة في قبل عدتها ، بشاهدين عدلين ، في مجلس واحد . فإن أشهد على الطلاق رجلا واحدا ، ثم أشهد بعد ذلك برجل آخر ، لم يجز ذلك الطلاق ، إلا أن يشهدهما جميعا في مجلس واحد بلفظ واحد ) [3]
 وفي قبال ذلك: روى التهذيب في الصحيح عن محمد ابن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال: ( سألته عن تفريق الشاهدين في الطلاق فقال : نعم وتعتد من أول الشاهدين وقال : لا يجوز حتى يشهدا جميعا ) [4]
 فالصدر يدل على جواز التفريق والعجز يدل على الاجتماع وهذا تناقض واضح مضافا الى ان الصدر ينافي ما تقدم في الخبرين الدالين على عدم صحة الطلاق مع التفريق
 ومن هنا اجاب الشيخ في التهذيب بما يرفع التهافت في نفس الخبر ورفع التنافي بين الاخبار قال: ( فلا تنافي بين هذا الخبر والخبر الأول لان قوله عليه السلام حين سأله عن جواز تفريق الشاهدين في الطلاق ليس في ظاهره انه يجوز ذلك في الاشهاد أو في الاستشهاد واذا لم يكن ذلك في ظاهره حملناه على انه يجوز ذلك في الاستشهاد ) [5]
 ولذا قال في المسالك: ( لأن هذا محمول على تفريقهما في أداء الشهادة لا في تحملها جمعا . ويؤيده قوله : " وتعتد من أول الشاهدين " لأنه يكون قد وقع بهما ، فإذا شهد أولهما بوقت كان الآخر شاهدا به كذلك وإن تأخر في الأداء . وقوله : " لا يجوز حتى يشهدا جميعا " يجوز أن يريد به ما ذكرناه من الإشارة إلى أن الشرط تحملهما الشهادة جميعا أي : مجتمعين في وقت واحد ، فيكون ذلك استدراكا لما يتوهم من خلافه في
 أول الكلام . وهذا هو الظاهر ) [6]
 ثم احتمل ان يكون العجز كذلك ناظر الى الاداء وانه لا يكفي حتى يشهدا جميعا بوقوعه منه لان الطلاق لا يثبت الا بشاهدين .
 اقول: لا شك في ان صدره وارد في اداء الشهادة بقرينة الاعتداد من اول الشاهدين اذ لو كان واردا في التحمل لكان الاعتداد بعد الشاهد الثاني لان به يتحقق حصول الطلاق ويتوقف التزويج عليه واقعا .
 بل حتى العجز كذلك وارد في الاداء باعتبار ان الامام كما قال تعتد من اول الشاهدين فقد يفهم ان العدة بدأت فلو لم يشهد الاخر فالاعتداد باق فرفع ذلك بقوله عليه السلام لا حتى يشهدا جميعا لان الطلاق لا يثبت الا بشهادة عدلين ولكن المرأة تعتد من الزمان الذي شهدا بوقوعه فيه .
 والمراد بأول الشاهدين بلحاظ الاخبار عن الزمان الذي يشهد بوقوع الطلاق فيه لا من زمان اول اداء الشهادة وانه ليس بحاجة للانتظار الى شهادة الاخر ولو كانت معتبرة في الثبوت نهائيا .
 وعليه فلا وجه لما قيل كما عن بعضهم: بان توجيه الصحيح بالنحو المذكور فيه اشكال فان السائل لم يسأل عن كيفية اداء الشهادة بل الظاهر ان سؤاله عن تفريق الشاهدين في الشهادة المعتبرة في صحة الطلاق ولا اقل من كونه المتيقن من سؤاله ثم ان الاعتداد من زمان وقوع الطلاق لا من زمان اداء الشهادة
 وذلك كما عرفت من صحة التوجيه بحيث لا ينافي الصدر العجز وان كل الرواية واردة في مطلب واحد ولا ينافي ما تقدم من الخبرين الدالين على اعتبار الاجتماع في تحمل الشهادة وان الشهادة المعتبرة حال انشاء الطلاق هو اجتماع الشاهدين في مجلس واحد للطلاق .
 ويؤيد ذلك: ما ذكره القوم من حضور مجلس الطلاق للشاهدين لان هذا يلازم عدم التفريق .
 الجهة الثالثة: في اعتبار الرجولية في الشهود فلا يكتفي بالنساء منفردات ولا منضمات وهذا متفق عليه في الاشهاد على الايقاع دون الاخبار بالوقوع .
 استدل له مضافا الى ظاهر الآية والاجماع:
 بصحيح البزنطي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : ( سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل طلق امرأته بعد ما غشيها بشهادة عدلين قال : ليس هذا طلاقا ، قلت : فكيف طلاق السنة ؟ فقال : يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل أن يغشيها بشاهدين عدلين كما قال الله عز وجل في كتابه فان خالف ذلك رد إلى كتاب الله قلت : فان طلق على طهر من غير جماع بشاهد وامرأتين ، قال : لا تجوز شهادة النساء في الطلاق ، وقد تجوز شهادتهن مع غيرهن في الدم إذا حضرنه ) [7]
 وخبر داوود بن الحصين: عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد وعلي بن حديد ، عن علي بن النعمان ، عن داود بن الحصين ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( سألته عن شهادة النساء في النكاح بلا رجل معهن إذا كانت المرأة منكرة ، فقال : لا بأس به ، ثم قال : ما يقول في ذلك فقهاؤكم ؟ قلت : يقولون : لا تجوز إلا شهادة رجلين عدلين ، فقال : كذبوا لعنهم الله هونوا واستخفوا بعزائم الله وفرائضه ، وشددوا وعظموا ما هون الله ، إن الله أمر في الطلاق بشهادة رجلين عدلين ، فأجازوا الطلاق بلا شاهد واحد ، والنكاح لم يجئ عن الله في تحريمه [ عزيمة ] ، فسن رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك الشاهدين تأديبا ونظرا لئلا ينكر الولد والميراث ، وقد ثبتت عقدة النكاح واستحل الفروج ولا أن يشهد ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يجيز شهادة المرأتين في النكاح عند الانكار ، ولا يجيز في الطلاق إلا شاهدين عدلين ) [8]
 وخبر ابن مسلم المتقدم: ( اشهدت رجلين ذوي عدل كما امر الله فقال لا فقال عليه السلام اذهب فان طلاقك ليس بشيء )
 وبصحيح الحلبي: عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام ( أنه سئل عن شهادة النساء في النكاح فقال : تجوز إذا كان معهن رجل ، وكان علي عليه السلام يقول : لا أجيزها في الطلاق ) [9]
 ما نقل عن الشيخ في المبسوط والعماني والاسكافي قبول شهادتهن مع الرجال مرادهم الشهادة في باب القضاء لا حال انشاء الطلاق
 الجهة الرابعة تأتي
 
 


[1] - مستدرك ج15 ص297
[2] - جواهر الكلام ج 32 ص 113
[3] - فقه الرضا ص 241
[4] - الوسائل باب 20 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 2
[5] - تهذيب الأحكام ج 8 ص 51
[6] - مسالك الأفهام ج 9 ص 117
[7] - الوسائل باب 10 من ابواب الطلاق ومقدماته ح4
[8] - الوسائل باب 24 من ابواب الشهادات ح35
[9] - الوسائل باب 24 من ابواب الشهادات ح2

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo