< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ عدم التعليق
 كان الكلام في الوجه السابع موثق ابي اسامة وصحيح الحلبي
 موثق أبي اسامة
 محمد بن الحسن بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن جعفر بن بشير ، عن أبي أسامة الشحام قال : ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن لي قريبا لي أو صهرا لي حلف إن خرجت امرأته من الباب فهي طالق ثلاثا ، فخرجت فقد دخل صاحبها منها ما شاء الله من المشقة فأمرني أن أسألك فأصغى إلي ، فقال : مره فليمسكها فليس بشئ ، ثم التفت إلى القوم فقال : سبحان الله يأمرونها أن تتزوج ولها زوج ) [1]
 دلالتها على عدم صحة الطلاق واضحة و ظاهر الطلاق أنه معلق
 وصحيح الحلبي المتقدّم
 محمد بن علي بن الحسين بإسناده ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ( أنه سئل عن رجل قال لامرأته : إن تزوجت عليك أو بت عنك فأنت طالق ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من شرط لامرأته شرطا سوى كتاب الله عز وجل لم يجز ذلك عليه ولا له ) [2]
 
 والجواب
 أما الرواية الأولى: البطلان ليس من حيث أنه طلاق مشروط بل من حيث أنه يمين بالطلاق فالتعليق تارة يكون بعنوان اليمين وتارة لا يوجد يمين ويعبر عن التعليق باليمين بالتعليق القسمي وبغير اليمين بالتعليق الشرطي واليمين بالطلاق عندنا لا يصح سواء اشترطنا تجريد الصيغة من التعليق أم لا فبكلا الحالتين الطلاق باطل لأنه لا يصح الحلف بغير اسماء الله عز وجل
 وأما الرواية الثانية: فلأنه في مقام بيان حكم الشرط وأنه غير تام وغيرملزم لكونه شرطا ابتدائيا أو فاسدا لكون شرط الطلاق اخذ بنحو شرط النتيجة المخالف للكتاب والسنة وأين هذا من حكم الطلاق المشروط
 هذه الوجوه السبعة لم تتم ولأنها محتمل أن تكون مدرك للإجماع فالإجماع غير حجة 0
 كيف تكون هذه الوجوه مدرك للإجماع نرجع إلى ما قبل العلامة الحلي مثل السيد المرتضى ونحوه وقد أتينا بعبارتبن
 الأولى: للسيد المرتضى قال: ( ومما انفردت به الإمامية القول : بأن الطلاق لا يقع مشروطا وإن وجد شرطه ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك وأوقعوا الطلاق عند وقوع شرطه الذي علقه المتلفظ به والدليل على صحة ما ذهبنا إليه : بعد إجماع الطائفة أن تعليق الطلاق بالشرط غير مسنون والمشروع في كيفية الطلاق غيره فيجب أن لا يتعلق به حكم الفرقة ، لأن الفرقة حكم شرعي ، والشرع هو الطريق إليه ، وإذا انتفى الدليل الشرعي انتفى الحكم الشرعي .
 فإن قيل: وما الدليل على أن الطلاق المشروط غير مشروع ؟
 قلنا: لا شبهة في أن الله تعالى ما شرع لمريد الطلاق أن يعلقه بشرط ربما حصل ذلك وربما لم يحصل وهو من ثبوته وفقده على غرر وكيف يسوغ لقاصد إلى أمر فعل ما لا يطابق غرضه وما يجوز معه أن لا يحصل مراده إلى أن قال- على أن ثبوت الزوجية متيقن فلا ينتقل عنه إلى التحريم إلا بيقين ، ولا يقين في الطلاق المشروط )
 هذا الذي ذكر هو نفسه أحد الوجوه التي ذكرت وهو محتمل كونه مدركا للإجماع
 الثانية: ما يفهم من كلام ابن البراج في جواهر الفقه من أن الأسباب الشرعية توقيفية فغنه استدل في باب المضاربة على عدم صحة المضاربة بغير الدرهم والدينار بأن الأسباب الشرعية توقيفية والتوقيفي إنما يثبت في خصوص الدرهم والدينار دون غيرهما فيكون باطلا
 مضافا إلى أن الاجماع فيه مشكلة كما يقول السيد الماتن
 قال السيد الماتن: ( الاجماع المدّعى في المقام . ولكنّه لا يمكن الاعتماد عليه لأنّه لا يفيد القطع برأي المعصوم ( عليه السلام ) خصوصاً بعد التعليلات المذكورة في كلماتهم هذا كلّه مضافاً إلى أنّ كلمات المجمعين غير متطابقة على مطلب واحد ، وذلك لأنّ بعضهم ذكر اعتبار التنجيز في العقود وعلّله بأنّه لا يحصل بدونه الجزم في الانشاء ، ولازمه صحّة تعليق العقد على أمر معلوم الحصول في المستقبل لأنّه لا ينافي الجزم ، وبعضهم ذكر أنّ المعتبر في صحّة العقود هو عدم التعليق تعبّداً ، ولازمه بطلان العقد فيما إذا علّق على ما يتوقّف صحّة العقد عليه عقلا أو شرعاً ، كما إذا قال : بعتك هذا إن قبلته أو إن كنت بالغاً ، لأنّه معلّق في مقام الاثبات وهو موجب للبطلان ، ومن أجل ذلك احتاط شيخنا الأنصاري بذكر العقد على صورة الجزم وإن كان في الواقع معلّقاً ، ومع هذا الاختلاف كيف يصحّ دعوى القطع برضا الإمام ( عليه السلام ) ) [3]
 ولأجل ذلك قال بأن التنجيز غير معتبر في العقود وإن كان الاحتياط مما لا ينبغي تركه سيما في النكاح
 ويؤيد وقوع الطلاق المشروط مرفوعة السياري: عن أبي الحسن عليه السلام رفعه قال: ( جاء رجل إلى عمر فقال : إن امرأته نازعته فقالت له : يا سفلة فقال لها : إن كان سفله فهي طالق ، فقال له عمر : إن كنت ممن يتبع القصاص ويمشي في غير حاجة ويأتي أبواب السلطان فقد بانت منك ، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ليس كما قلت إلي فقال له عمر : إيته فاستمع ما يفتيك ، فأتاه فقال له : إن كنت لا تبالي ما قلت وما قيل لك فأنت سفلة وإلا فلا شئ عليك ) [4]
 وجه التايد إذا كان ظاهر الرواية الطلاق مشروطا إذ يحتمل ان يكون من باب التعليق اليميني ولذا يحمل على التقية لعدم صحة الطلاق باليمين
 وكيف كان فبما أنه لم يفت أحد جازما بصحة الطلاق المشروط ولو من باب أن الشك في إزالة قيد النكاح بالطلاق مشروطا يستصحب بقاء العلقة حيث أنه لا يمكن نفي المانعية بالإطلاق لما ذكرنا في باب الطلاق من أنه من كثرة ما ورد عليه من قيود فكأنه أصبح مخترعا شرعيا فلا يمكن التمسك بالإطلاق لنفي المانعية كما لا يمكن التمسك بالبراءة لنفي المانعية لما ذكرنا سابقا من عدم جريان البراءة في مثل الايقاعات وبالتالي فلا يوجد أصل سببي حاكم على استصحاب بقاء الزوجية ولأجل ذلك والإجماع المدعى فالاحتياط باب النجاة والله العالم
 ثم إن الأصحاب استثنوا من بطلان الطلاق المشروط فيما إذا كان الشرط معلوم الحصول فعلا لعدم حصول التعليق المنافي للتنجيز والمشروط لأن الشرط ليس مبطلا من حيث كونه تعليقا على الشرط وإنما ابطل الإيقاع من حيث عدم التنجيز وايقاعه في الحال ومطلق الشرط لا ينافيه وإنما الذي ينافيه الشرط الذي لا يعلم وقوعه حال الطلاق
 وكذلك يمكن استثناء الطلاق المعلق على أمر معلوم الحصول في المستقبل لكن على نحو الواجب المشروط بالشرط المتأخر كما لو علق الطلاق على حصول النهار غدا والوجه فيه أن اعتبار الطلاق حاصل من دون تعليق على شيء باعتبار أن المعلق عليه حاصل ومعلوم بالوجدان ولا يحتمل تحقق الإجماع على البطلان فيه
 وكذلك يمكن استثناء الطلاق المعلق على أمر مقوم له وإن لم يعلمه الموقع لأن الإنشاء بطبيعته معلقا عليه وغاية ما فعل أنه أظهره في اللفظ فلم يأتي بشيء جديد ولا يحتمل انعقاد الإجماع على بطلانه


[1] - وسائل الشيعة باب 18 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 3
[2] - وسائل الشيعة باب 13 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 1
[3] - التنقيح في شرح المكاسب البيع " الخوئي" ص 218
[4] - وسائل باب 18 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 4

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo