< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/04/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ صيغة الطلاق \ طلاق الأخرس
 كان الكلام في طلاق الأخرس ونقلنا قول الفقهاء قديما وحديثا وأما الدليل على صحة طلاق الأخرس بالإشارة أو بالكتابة مهما كانت الإشارة
 فقد يقال: ولا شك ولا ريب إن العاجز عن النطق لا يكلف بإيقاع الطلاق به لعدم المقدورية وبما أن التوكيل يكون بالإشارة وأن التوكيل في الطلاق يكون واقعا وصحيحا وعليه فلا يقع منه طلاق إلا بأن يوكل الأخرس القادر على النطق لإيقاع الطلاق بمقتضى حصر الطلاق بصيغة أنت طالق وإذا لم يتمكن حتى من التوكيل جاز له إيقاع الطلاق بأي شيء يفهم منه إنشاء الطلاق ولو لخصوص الشاهدين والحاضرين في مجلس الطلاق
 وفيه: أن الوكالة عقد يحتاج إلى اللفظ والأخرس عاجز عنه فلو اكتفى في عقد الوكالة الصادر عنه فليكتف بعقده الآخر الذي يراد أن يوكل فيه وإيقاعه فالقول بكفاية الإشارة منه في عقد الوكالة وعدم الاكتفاء بها في سائر العقود والإيقاعات قول بلا دليل
 وكيف كان فقد وردت عدة أخبار دلت على صحة طلاق الأخرس بالكتابة أو بالإشارة المفهمة فاللازم ذكر تلك الأخبار ليبنى على الشيء مقتضاه
 الخبر الأول: محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ( أنه سأل أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل تكون عنده المرأة يصمت ولا يتكلم قال : أخرس هو ؟ قلت : نعم ، ويعلم منه بغض لامرأته وكراهة لها أيجوز أن يطلق عنه وليه ؟ قال : لا ولكن يكتب ويشهد على ذلك ، قلت : فإنه لا يكتب ولا يسمع كيف يطلقها ؟ قال : بالذي يعرف به من أفعاله مثل ما ذكرت من كراهته وبغضه لها ) [1] ورواه الشيخ باسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أحمد بن أشيم ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر مثله .
 ورواها محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام وذكر مثله .
 الرواية رويت بثلاثة طرق طريقان منهما صحيحان والدلالة واضحة
 الخبر الثاني: الكليني عن علي ابن ابراهيم عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، ( قال : طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها ويضعها على رأسها ويعتزلها ) [2]
 ورواه الشيخ بإسناده عن الصفار عن إبراهيم بن هاشم مثله .
 والرواية من حيث الدلالة تامة بوقوع الطلاق بالإشارة ولو بالإشارة الخاصة بوضع القناع لكنها ضعيفة السند بالنوفلي
 الخبر الثالث: الكليني عن علي ابن ابراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ( في رجل أخرس
 كتب في الأرض بطلاق امرأته قال : إذا فعل في قبل الطهر بشهود وفهم عنه كما يفهم عن مثله ويريد الطلاق جاز طلاقه على السنة ) [3]
 والدلالة أيضا واضحة لكن اسماعيل بن مرار لم يرد فيه توثيق
 الخبر الرابع: الشيخ بإسناده عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( طلاق الأخرس أن يأخذ مقنعتها ويضعها على رأسها ثم يعتزلها ) [4]
 من حيث الدلالة دالة على الفعل الخاص ومن حيث السند ضعيفة بالنوفلي
 الخبر الخامس: الكليني عن علي ابن ابراهيم عن أبيه ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر بن بشير ، عن أبان بن عثمان قال: ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن طلاق الخرساء قال : يلف قناعها على رأسها ويجذبه ) [5]
 هذه الرواية من جهة المتن وردت الخرساء ولا معنى لها نعم وردت بصيغة الخرس وتصح هنا
 ومن جهة الدلالة واضحة ولكن من جهة السند يوجد مشكلة صالح بن السندي لم يوثق
 والعجيب من السيد الكلبايكاني فقد ذكر صحيح ابي حمزة في الروايات التي استدل بها على صحة طلاق الغائب بالكتابة واعتبرها من أدلة طلاق الأخرس بالكتابة مع ان فيها دلالة على أن المطلق ليس بأخرس
 والمتحصل أن الأخبار ضعاف ما عدا صحيحة البزنطي التي دلت على صحة الكتابة والإشارة في طلاق الأخرس هذا من جهة أصل المطلب
 أما من جهة تقديم الكتابة على الإشارة فالفقهاء اختلفوا في ذلك فبعضهم قدم الإشارة على الكتابة كالشيخ كاشف الغطاء في شرح القواعد وعلل ذلك بكون الإشارة أصرح من الكتابة ولكن ما في الرواية يخالف ما ذهب إليه وذهب بعضهم الى تقديم الكتابة على الإشارة كابن ادريس لكونها أضبط مع أن الأضبطية أمر استحساني
 قال السيد الخوئي: ( ولكن أشباه هذه الوجوه أمور استحسانية فلا يمكن الاعتماد عليها في استنباط الحكم الشرعي ، إذ لو سلمنا أصرحية الإشارة أو أضبطية الكتابة إلا أنه لا دليل على تقديم أحدهما على الآخر ويضاف إلى ذلك أنه لو كانت أضبطية الكتابة موجبة لتقديمها على الإشارة لكانت موجبة لتقديمها على اللفظ أيضا ، ولم يلتزم الفقهاء بذلك وإذن فمقتضى القاعدة هو الاكتفاء في الانشاء بكل ما يصلح لابراز ما في النفس من الاعتبار واظهاره بمبرز خارجي ، وإن كان بعض المبرزات أصرح من بعضها الآخر أو أضبط ، إلا إذا ورد دليل خاص على تقديم بعضها على بعض ، كما يظهر ذلك من بعض الروايات الواردة في طلاق الأخرس ، فإن الظاهر من ذلك أن الكتابة تتقدم على الإشارة ) [6]
 لكنه في المنهاج أفتى بعدم التقديم بخلاف بحثه هنا
 وقال أيضا: ( نعم في خصوص الطلاق يستفاد تقدّم الكتابة على الإشارة من النصّ ، ولكنّه مختصّ بمورده ولا يتعدّى عنه . ولا وجه لما ذكره السيّد في الحاشية من إمكان الخدشة في دلالته على الترتيب وأنّه لبيان طرق الإفادة وأنّ منها الكتابة ومنها غيرها من سائر الأفعال ، وذلك لأنّ ظهوره في الترتيب غير قابل للإنكار ) [7]
 وقال الإمام الخميني قد : ( ثمّ إنّ في تقدّم إشارة الأخرس على كتابته أو العكس ، كلاماً ، ربّما يستشعر
 تقدّم الكتابة من صحيحة البزنطي ويمكن تقريبه : بأنّ الطلاق لمّا لم يقع إلاّ بلفظ خاصّ هو « أنتِ طالق »
 والكتابة واجدة للصيغة ، فاقدة للتلفّظ بها ، والإشارة ونحوها فاقدة لكليهما ، ولعلّه صار موجباً لأمر أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) في صحيحة البزنطي بالكتابة أوّلاً ، ومع فرض العذر أمر بغيرها ، وبهذه المناسبة يمكن فهم تقديم الكتابة عليها ) [8]


[1] - الوسائل باب 9 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 1
[2] - الوسائل باب 9 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 3
[3] - الوسائل باب 9 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 4
[4] - الوسائل باب 9 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 5
[5] - الوسائل باب 9 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 2
[6] - مصباح الفقاهة " الخوئي " ج 2 ص 279
[7] - التنقيح " الخوئي " ص 184
[8] - كتاب البيع " الإمام الخميني " ج 1 ص 311

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo