< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/04/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ صيغة الطلاق \ انحصارها بهيئة طالق
 من الأخبار التي استدل بها على صحة الطلاق بنعم بعد سؤاله هل طلقت امرأتك؟
 منها: صحيح حفص
 محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن حفص بن البختري ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام ( في رجل يريد تزويج امرأة قد طلقت ثلاثا كيف يصنع فيها ؟ قال : يدعها حتى تحيض وتطهر ثم يأتي زوجها ومعه رجلان فيقول له : قد طلقت فلانة ؟ فإذا قال : نعم تركها حتى تمضي ثلاثة أشهر ثم خطبها إلى نفسه ) [1]
 منها: محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ( إياكم وذوات الأزواج المطلقات على غير السنة قال : قلت له : فرجل طلق امرأة من هؤلاء ولى بها حاجة قال : فيلقاه بعدما طلقها وانقضت عدتها عند صاحبها فيقول له : أطلقت فلانة ؟ فإذا قال : نعم فقد صارت تطليقة على طهر فدعها من حين طلقها تلك التطليقة حتى تنقضي عدتها ثم تزوجها وقد صارت تطليقة باينة ) [2]
 والخبر الأول ضعيف سندا من جهة بنان بن محمد ودلالة من جهة أنه غير ظاهر في إرادة الإنشاء بذلك وإنما يدل على أن الإقرار بالطلاق ملزم له ولا أقل من الاحتمال فلا يصلح للاستدلال
 وأما الأخبار الثلاثة الأخيرة فهي ظاهرة في وقوع الطلاق بقوله نعم بقرينة قوله يدعها حتى تحيض وتطهر وقوله ومعه رجلان شاهدان فإن ذلك لرعاية حضور العدلين وقوله تركها ثلاثة أشهر ثم يخطبها لنفسه
 ولكن مع ذلك أجاب صاحب الجواهر: عنها بما معناه أن التحقيق عدم وقوع الطلاق لضعف خبر السكوني وعدم الجابر له بل المضعف موجود وهو إعراض الأصحاب عنه لكون هذه النصوص ظاهرة بالحكم بالطلاق للإقرار لا أنه إنشاء للطلاق ضرورة ظهورها أجمع أو صراحتها في الإخبار عن طلاق سابق من قوله نعم ومثله لا يصح إجماعا لاعتبار الانشاء في وقوعه ولذا لم يستدل بها أحد في المقام فمن الغريب ما في الحدائق من التزام الطلاق به حتى مع قصد الإخبار رادا على الأصحاب بهذه النصوص التي يجب حملها على الإشهاد على إقراره والترك ثلاثة أشهر للاستظهار من حين الإقرار لكونه من المخالفين
 قال بعضهم: إن خبر عثمان بن عيسى مرسل لا اعتبار به وأما الخبران الثاني والثالث فلماذا لا يحملان على إنشائه الطلاق بقوله نعم للإجماع على عدم صحة الطلاق ما لو قصد الإخبار طالما أن الظاهر منهما هو ترتيب العدة على قوله نعم ويحمل على كون المطلق من المؤالف وقد طلقها سابقا طلاقا باطلا وإلا فما معنى قوله ع يدعها حتى تحيض وتطهر أليس لأجل أن يقع الطلاق في طهر غير طهر المواقعة المشروط عند الشيعة لا عند العامة ثم لو كان مخالفا فطلاقه صحيح فلماذا ينتظر العدة بعد قوله نعم ؟
 وعليه فلا مانع من الالتزام به ولا سيما مع افتاء الشيخ وجماعة على طبقها
 وفيه: إن الأخبار كلها صريحة في الإخبار لأن قوله نعم جواب عن السؤال هل طلقت زوجتك فهو إقرار والإقرار إخبار ولا يدري القائل نعم ما فعله السائل حتى يقصد الإنشاء ومع النصوصية والصراحة لا معنى لحمله على خلافه وهذا مما يدل على أن معظم الأصحاب قد أعرضوا عنها لمخالفتها للإجماع وإن ذهب إليه الشيخ وجماعة إلى وقوعه بنعم فيما لو قصد الإنشاء فتأمل
 ويشهد لذلك أن الأصحاب اكتفوا بذكر رواية السكوني دليلا واحدا لقول الشيخ.
 ( مسألة 1430 ) : ( لا يقع الطلاق بالكتابة ولا بالإشارة للقادر على النطق ويقع بهما للعاجز عنه ولو خير زوجته وقصد تفويض الطلاق إليها فاختارت نفسها بقصد الطلاق قيل يقع الطلاق رجعيا وقيل لا يقع أصلا وهو الأقوى ، ولو قيل له : هل طلقت زوجتك فلانة ؟ فقال : نعم ، بقصد إنشاء الطلاق قيل يقع الطلاق بذلك وقيل لا وهو الأقوى )
 تعرض السيد الماتن في هذه المسألة إلى عدم وقوع الطلاق بالكتابة ولا بالإشارة المفهمة للطلاق إذا كان الشخص قادرا على النطق وصحته كذلك إذا كان الشخص المطلق عاجزا عن النطق
 وكذلك تعرض لعدم صحة الطلاق بالتخيير إذا اختارت المرأة نفسها قاصدة بذلك إنشاء الطلاق
 وعدم صحته بقوله نعم ولو قصد الإنشاء فيما لو وقع لفظ نعم في جواب السؤال هل طلقت زوجتك وقد تقدم الكلام فيها سابقا
 فالكلام يقع في جهات ثلاثة
 الجهة الأولى: عدم وقوع الطلاق بالكتابة والإشارة للقادر على النطق
 الجهة الثانية: في صحة الطلاق بالكتابة والإشارة للعاجز عن النطق كالأخرس
 الجهة الثالثة: في عدم صحة الطلاق بتخيير المرأة ولو قصدت باختيارها إنشاء الطلاق
 الجهة الأولى:
 اتفق الأصحاب على عدم وقوع الطلاق بالكتابة فضلا عن الإشارة للحاضر القادر على النطق واختلفوا في وقوعه بالكتابة دون الإشارة من الغائب ولو كان قادرا على النطق
 فالمشهور بين الأصحاب العدم وهو مذهب الشيخ في المبسوط والخلاف مدعيا عليه الاجماع
 وذهب الشيخ في النهاية إلى وقوعه بالكتابة من الغائب القادر فضلا عن العاجز وتبعه على ذلك ابن حمزة وابن البراج وبعض متأخري المتأخرين كالشهيد الثاني في المسالك والفاضل الخرساني والمحدث الكاشاني وتوقف في ذلك صاحب الحدائق
 وأما العامة فذهب أكثرهم إلى صحة وقوعه بالكتابة قال ابن قدامة في المغني : ج 4 / ص423 ( الموضع الثاني : إذا كتب الطلاق فان نواه طلقت زوجته وبهذا قال الشعبي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك وهو المنصوص عن الشافعي ، وذكر بعض أصحابه قولا أخر انه لا يقع لأنه فعل من قادر على التطليق فلم يقع به الطلاق كالإشارة » ولكن من ذهب إلى وقوع الطلاق به قال : « ان الكتابة حروف يفهم منها الطلاق فإذا أتى منها بالطلاق ، وفهم فيها ، ونواه وقع كاللفظ ، ولأن الكتابة تقوم مقام قول الكاتب بدلالة أن النبي - ص - كان مأمورا بتبليغ رسالته فحصل ذلك في حق البعض بالقول وفي حق آخرين بالكتابة إلى ملوك الأطراف )
 وأما علماء العصر فذهب جميعهم إلى عدم وقوع الطلاق بالكتابة ولا بالإشارة من القادر على النطق سواء كان المطلق حاضرا أو غائبا


[1] - الوسائل كتاب الطلاق باب 31 من أبواب مقدماته وشرائطه ح 2
[2] - الوسائل كتاب النكاح باب 36 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ح 2

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo