< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ تعيين المطلقة
 قلنا بأن بعض الأعلام ناقش في المنع عن جريان البراءة عن الشرطية في باب الأسباب بأنه هذا الأصل ليس بمثبت كما قيل باعتبار أن التقابل بين الاطلاق والتقييد هو تقابل الملكة وعدمها فنفس أصالة عدم التقييد Iهوالاطلاق والاطلاق يعني السببية وليس هناك ملازمة عقلية بين المنفي وهو عدم التقييد والاطلاق.
 هذا الكلام ليس في محله: وذلك لأنه وان كان صحيحا أن التقابل بين الاطلاق والتقييد تقابل الملكة وعدمها في مقام الاثبات لكن في مقام الثبوت يوجد خلاف والفرق بين تقابل الضدين والعدم والملكة أن عدم الملكة عدم خاص أي له ثبوت متحصل من الملكة وعدمها فحينما تقول الجاهل هو عدم العلم من شأنه أن يعلم فهذا عدم خاص لا بد من ملاحظته وهذا اللحاظ يثبت بالملازمة إذا مع جعل المقابلة من باب الملكة وعدمها تبقى الملازمة ويبقى الأصل مثبتا فيكون عدم نفي الشرطية أي نفي التقييد لإثبات أن المولى لاحظ العدم الخاص وهو الاطلاق غيرحجة
 وما ذكره ردا على السيد الخوئي: القائل بأن الأكثر دائما مشكوك سواء كان في متعلقات التكاليف أو في الأسباب كما مثل له من أن العشرة معلومة الوجوب في باب المأمور به والحادي عشر مشكوك الوجوب وهو الأكثر وأن الخمسة يعلم ترتب الأثر عليها من بيان الدليل الدال على ما له دخل في التأثير والسادس مشكوك كما في متعلقات الأوامر
 فقد يجاب عليه
 أولا: إذا علمنا بدخالة الأقل من الأدلة المبينة للدخل فلا معنى للشك حينئذ في مدخلية الزائد لأن الشك في مدخلية الزائد يعني الشك في كفاية ترتب الأثر على الفاقد فمن أين حصل العلم
 ثانيا: إن المدار على الفعلية في المعلومية لا على المفروض في الذهن فنحن في مقام العمل نعلم بترتب الأثر على الواجد للمشكوك قطعا إذ ضم المشكوك به إذا لم يكن له دخالة في التأثير وليس بمانع عن تأثير الاقل بضمه إليه وأما الفاقد للقيد فهو مشكوك المدخلية لوحده بدون ضمه إلى المشكوك دخالته فحينئذ لا معنى لجريان البراءة عن ما هو معلوم دخالته ولا عن أصل الايقاع للعلم بلا بديته في ترتب الأثر وأما المشكوك وهو الفاقد فالبراءة عنه توجب الضيق على المكلف لأنها تؤدي إلى لزوم الاتيان بالأكثر وهذا خلاف الامتنان الذي هو شرط في جريان البراءة
 وقد أوضح السيد الحكيم المطلب: بعدما بنى على أن الأصل في الشك في ترتب الأثر عدمه بقوله: ( نعم قد يدعى : أن الأصل في المقام عدم الشرطية أو المانعية المشكوكتين ومقتضاه صحة الجعل والسبب ، وهو حاكم على الأصل المتقدم ، لأنه أصل سببي ، وذلك الأصل مسببي .
 وفيه : أن أصالة عدم الشرطية أو المانعية سواء أكانت راجعة إلى استصحاب عدمهما ، أم إلى أصالة البراءة منهما ، كما هو مضمون حديث : ( رفع ما لا يعلمون . . . ) لا تصلح لاثبات السببية التامة للواجد لمشكوك المانعية ، أو الفاقد لمشكوك الشرطية ، إلا بناء على الأصل المثبت لأن ثبوت السببية التامة للواجد فرع ملاحظته مطلقا شاملا للواجد ، وهذا ليس من آثار عدم المانعية للمشكوك بل ملازم لها ، من جهة العلم الاجمالي بالجعل على أحد النحوين ، إما مطلقا أو مقيدا بالعدم . وكذا يقرر ذلك بالإضافة إلى الفاقد لمشكوك الشرطية .
 فإن قلت : ما الفرق بين المقام ومقام تردد الواجب بين الأقل والأكثر ؟ فإن المشهور هناك : الرجوع إلى البراءة الشرعية في نفي وجوب الجزء المشكوك أو الشرط ، مع جريان الاشكال المذكور فيه .
 قلت : مبنى الرجوع إلى البراءة الشرعية هناك هو إمكان التفكيك بين الوجوبات الضمنية في التنجز وعدمه ، فلو أمكن - أيضا - التفكيك بين السببية الضمنية فيهما أمكن الرجوع إلى البراءة الشرعية هنا . لكنه غير ظاهر . ولذا وقع القائلون بالبراءة في مقام دفع شبهة الغرض في حيص وبيص ، مع أنها من قبيل ما نحن فيه .
 ولم يكتفوا في دفع تلك الشبهة بالرجوع إلى البراءة الشرعية ، بل التزموا في دفعها بوجوه أخرى مذكورة في محالها . وقد عد من الواضحات وجوب الاحتياط عند الشك في جزئية شئ أو شرطيته للوضوء أو الغسل أو التيمم
 إذا كان الموضوع هو الطهارة الحاصلة من أحدها ، ولم يكتف في البناء على حصولها بالرجوع إلى البراءة الشرعية في نفي الجزئية أو الشرطية المشكوكة
 والوجه فيه : ما أشرنا إليه من عدم إمكان التفكيك بين الأحكام الوضعية الضمنية في التنجز وعدمه ، بخلاف الأحكام التكليفية . فتأمل جيدا . وهذا هو العمدة في الاشكال على جريان الأصل المذكور ) [1]
 والحاصل ان البراءة في متعلقات الاوامر انما تجري عن الوجوب الضمني للتفكيك بين الوجوبات الضمنية ويكفي ذلك للاقتصار على الاقل واما في باب الأسباب حيث لا تفكيك فاما ان يكون سببا اولا فجريان البراءة عن التعيين لا يثبت ان الاقل هو سبب تام الا على القول بالاصل المثبت اذ ترتب السببية التامة للفاقد على نفي التعيين ليس شرعيا فإذا استصحاب عدم ترتب أثر مع عدم التعيين تام فلا بد من شرطية التعيين


[1] - مستمسك العروة " السيد الحكيم" ج 7 ص 217

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo