< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ تعيين المطلقة
 كان الكلام في نقل كلام السيد الخوئي قدس سره المانع من جريان البراءة الشرعية في الاحكام الوضعية في خصوص الاسباب يعني كلما يشك في شرطية شيء في المعاملات لا يكون مجرى للبراءة وانما يكون مجرى استصحاب عدم ترتب الأثر وذكرنا تقسيمه للأحكام الوضعية وانها على ثلاثة أقسام الى ان قال:
 ( وإذا عرفت ما تلوناه عليك اتضح لك عدم جريان البراءة في الشرطية والسببية والمانعية والجزئية لعدم كونها مجعولة بالذات بل هي مجعولة بتبع منشأ انتزاعها ، وعليه فهي غير قابلة للوضع بنفسها ، فلا تكون قابلة للرفع أيضا ، سواء أقلنا بشمول حديث الرفع للأحكام الوضعية أم لم نقل بذلك .)
 يعني إذا قلنا ان ادلة البراءة تشمل الاحكام الوضعية فهي مختصة بالأحكام الوضعية القابلة للجعل مثل الملكية ونحوها دون الأحكام الوضعية غير القابلة للجعل مثل الشرطية وإذا قلنا بأن أدلة البراءة لا تشمل الأحكام الوضعية فالمجعولة بالجعل الاستقبالي لا تجري البراءة فيها وعلى كلا الحالتين لا تجري البراءة عن خصوص الجزئية ونحوها فهو يؤسس قاعدة أولية فالأصل العملي البراءتي في باب متعلقات الأوامر يمكن جريانه عن الأمر بالمركب لا عن الجزئية ونحوها
 ( نعم ترتفع هذه الأمور باجراء البراءة في مناشئ انتزاعها ، ضرورة أنها كما تثبت تبعا لثبوت مناشئها كذلك ترتفع بارتفاع مناشئها ، وهذا ظاهر لا خفاء فيه .
 وعليه فإذا شك في شرطية شئ للمأمور به كان ذلك بعينه شكا في تعلق الأمر بالمقيد به فيدفع بأصالة البراءة ، وأما الأقل - أعني به الطبيعي الجامع بين المطلق والمقيد - فهو مأمور به قطعا ، أما إذا شك في شرطية شئ لصحة عقد أو ايقاع انعكس الأمر لأن ترتب الأثر كالملكية أو براءة الذمة على العقد أو الايقاع الواجد لذلك الشرط معلوم وترتبه على الفاقد مجهول ، فيدفع بالأصل . وهذا هو الفارق بين الشك في شرطية شئ للمأمور به وبين الشك في شرطيته للعقد أو الايقاع )
 وقد قال بعضهم إن جريان أصالة الفساد منوطة بأمور
 الأول: عدم جريان البراءة في الجزئية والشرطية والسببية والمانعية إما لعدم تأصلها في الجعل وإما لاعتبار كون مجرى البراءة حكما إلزاميا حتى توجب مخالفته استحقاق العقاب ومن المعلوم أن الحكم الوضعي لا يوجب استحقاق العقوبة فلا تجري فيه البراءة
 ثانيها: عدم تسبب أحد الشكين - أعني الشك في الفساد - عن الآخر ، وهو الشك في الشرطية .
 ثالثها: عدم حكومة الأصل السببي على المسببي .
 رابعها: أنّ أصالة البراءة لا تثبت كون الفاقد لمشكوك الدخل موضوعا للأثر المترتب على الاعتبار النفساني المبرز إلَّا على القول بالأصل المثبت
 فلو شككنا في دخل التعيين في صحة الطلاق وترتب أثره من إزالة قيد الزواج فنفي اعتبار التعيين لا يثبت سببية الايقاع الطلاقي المجرد عن التعيين لإزالة قيد النكاح إلا بناء على الأصل المثبت والذي لا يكون حجة
 ثم ناقش في الكل فقال: لكن الكل كما ترى
 أما الأوّل: فبأنّ أصالة البراءة تجري في الوضعيات كجريانها في التكليفيّات ، لوجود المناط وهو كون المشكوك فيه قابلا للوضع والرفع التشريعيين في الوضعيات كوجوده في التكليفيّات .
 ودعوى اعتبار كون مجرى البراءة متأصّلا في الجعل ممّا لا شاهد له ، بل الشاهد على خلافها ، حيث إنّ الرفع في مثل حديثه لمّا كان تشريعيّا كان من الضروري صحّة إسناد الرفع إلى ما له شأنيّة التشريع ، والرجوع فيه إلى الشارع بحيث لا يكون المرجع فيه إلَّا الشارع ، فاعتبار تأصّله في الجعل قيد زائد ينفى بإطلاق أدلة البراءة . فلا فرق في مورد البراءة بين المتأصّل في الجعل وغيره .
 وعلى هذا فتجري البراءة في الحكم الوضعي مطلقا سواء أكان متأصّلا في الجعل كالملكية والزوجية ونحوهما ، أم منتزعا عن حكم تكليفي كالجزئية التي تنتزع عن الأمر المتعلَّق بعدّة أمور بنحو الارتباطيّة بأن كانت تلك الأمور مؤثّرة في ملاك واحد . أو عن دخل شيء في موضوع الحكم كدخل الاستطاعة في موضوع وجوب الحج ، فإذا شككنا في دخل الرجوع إلى الكفاية في وجوبه أيضا ، فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن الدخل ، فنفي شرطية الرجوع إلى الكفاية يمكن بالبراءة ، لأجل كون منشأ انتزاعها دخل الشارع ذلك في وجوب الحج . كما يمكن بإطلاق الدليل لو كان لفظيّا أو مقاميّا .
 ولو لم يكن هذا الدخل شرعيّا لما جاز التمسك لنفيه بالإطلاق ، إذ لا فرق بين الدليل والأصل في كون موردهما ممّا يقبل التشريع . فشرطيّة مثل الرجوع إلى الكفاية لوجوب الحج منتزعة عن دخل الشارع له في موضوع وجوبه .
 لكن الحق عدم جريان البراءة في دخل الرجوع إلى الكفاية في وجوب الحج ، لفقدان الامتنان الذي هو شرط لجريان البراءة ، لا لعدم المجعولية .
 ودعوى الفرق - كما في تقرير السيد الخويي تبعا لشيخ المشايخ المحقق النائيني قدّس سرّهما - بين متعلَّق التكليف كالصلاة إذا شكّ في شرطية أو جزئية أو مانعية شيء لها ، وبين الأسباب كالشكّ في شرطية شيء كالماضوية للعقد « بجريان البراءة في الأوّل لكونه شكَّا في تعلق الأمر بالمقيّد به ، فيدفع بأصالة البراءة ، وأمّا الأقل أعني به الطبيعي الجامع بين المطلق والمقيد فهو مأمور به قطعا . وعدم جريانها في الأسباب كالشك في شرطية شيء لصحة عقد أو إيقاع ، لانعكاس الأمر فيها ، حيث إنّ ترتب الأثر كالملكية أو براءة الذمة على العقد أو الإيقاع الواجد لذلك الشرط معلوم ، وترتّبه على الفاقد مجهول ، فيدفع بالأصل . وهذا هو الفارق بين الشك في شرطية شيء للمأمور به ، وبين الشك في شرطيّته للعقد أو الإيقاع » خالية عن البيّنة إذ مناط البراءة وهو الشك في الحكم الشرعي موجود في كلّ من متعلَّقات التكاليف والأسباب .
 وأمّا دعوى : « العلم بترتب الأثر في العقد والإيقاع على الواجد لمشكوك الشرطية والجهل بترتبه على الفاقد له ، بخلاف متعلَّق التكليف ، حيث إنّ الأقل معلوم الوجوب ، فتجري البراءة في الزائد المشكوك فيه » .
 ففيها : أنّ منشأ العلم بحدود متعلَّق التكليف وسببية العقد إنّما هو الأدلة البيانية المبيّنة لما له دخل في متعلق التكليف وفي ترتب الأثر على العقد ، فحينئذ نقول : نعلم بدخل ما قامت عليه الأدلة ، مثلا نعلم بدخل عشرة أشياء في متعلق التكليف كالصلاة ، وبدخل أمور خمسة مثلا في سببيّة العقد للأثر المقصود ، ونشك فيما زاد على العشرة في المتعلَّق ، وعلى الخمسة في العقد ، فالشكّ في دخل الزائد شرعا مشترك بين المتعلَّقات والأسباب ، حيث إنّا نعلم بتعلق التكليف بالعشرة وبدخل الخمسة في سببية العقد ، ونشك في الزائد ، فينفى بالأصل .
 والعلم بترتب الأثر على العقد الواجد لمشكوك الدخل شرعا إنما هو من باب القدر المتيقن ، لا لأجل العلم بكون الواجد بخصوصيته سببا لترتب الأثر .
 وإلَّا فمقتضى البرهان ترتب الأثر على ما علم دخله في السببيّة بعد نفي مشكوك الشرطية بالأصل ، والعلم بترتب الأثر من باب القدر المتيقن كالعلم بفراغ الذمة عن التكليف كذلك إذا أتى بالأكثر المشكوك فيه في متعلقات التكاليف .
 فجعل باب الأسباب على عكس باب متعلَّقات التكاليف في غاية الغموض
 وفي الثاني: أنّ إنكار تسبّب الشك في الفساد عن الشك في شرطية شيء للعقد مساوق لإنكار البديهي .
 وفي الثالث:
 أوّلا: ما قرّر في محلَّه من حكومة الأصل السببي على المسببي ، وعدم الوجه في منع الحكومة .
 وثانيا: أنّه - بعد تسليم عدم الحكومة - لا تجري أصالة الفساد أيضا ، لمعارضة أصالة البراءة لها ، فتصل النوبة إلى القرعة أو الصلح القهري ، لقاعدة العدل والإنصاف ، كما لا يخفى .
 وفي الرابع: أنّ مثبتيّة البراءة الجارية في متعلَّقات التكاليف - التي هي المركبات الارتباطية وفي الأسباب المركَّبة كالعقود - منوطة بكون التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل التضاد ، إذ يلزم حينئذ إثبات أحد الضدين بنفي الضّد الآخر . وهذا من أوضح مصاديق الأصل المثبت . بخلاف ما إذا كان التقابل بينهما تقابل العدم والملكة - كما هو الحق المحقّق في محله - فلا يلزم إشكال الإثبات أصلا ، لأنّ الإطلاق على هذا أمر عدمي ، لأنّه عبارة عن عدم تقييد ما من شأنه أن يقيّد . مثلا إذا جرت أصالة البراءة في الاستعاذة ، فمقتضاها عدم تقيّد الصلاة بها وكون أجزائها مطلقة غير مقيّدة بالاستعاذة .
 وكذا الحال في جريان البراءة في مشكوك الجزئية أو الشرطية في باب الأسباب ، فإذا جرت في نفي شرطية الماضوية في عقد البيع مثلا فمقتضاها عدم شرطية الماضوية في سببية العقد للملكية ، وعدم كون العقد مقيّدا بالماضوية .
 ويرد عليه ان ما ذكره في الرد على السيد الخوئي من أن الأكثر دائما مشكوك سواء كان في متعلقات التكاليف أو في الأسباب كما مثل له من أن العشرة معلومة الوجوب في باب المأمور به والحادي عشر مشكوك الوجوب وهو الأكثر وأن الخمسة يعلم ترتب الأثر عليها من بيان الدليل الدال على ما له دخل في التأثير والسادس مشكوك كما في متعلقات الأوامر
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo